في أول ذكرى لوالدها بعد وصول «الإخوان» للحكم في مصر، أعربت الدكتورة استشهاد حسن البنا عن تخوفها من ثقل الأمانة والمسؤولية في عنق «الإخوان» قائلة، إن الجماعة لم تسع للسلطة. وأضافت ابنة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في حوار مع «الشرق الأوسط» أن أخطاء الجماعة وكوادرها أحد أسباب زيادة حدة الهجوم على «الإخوان» في مصر، معترفة بتأثير ذلك سلبيا على شعبيتهم في الشارع المصري.
وولدت الدكتورة استشهاد البنا بعد مقتل والدها حسن البنا وعانت كثيرا من المطاردات الأمنية والحرمان من استكمال الدراسات العليا والتدريس في الجامعات المصرية. وعندما عادت لمصر قبل الثورة المصرية بفترة لم يكن مسموحا لها بالحديث ولا الظهور الإعلامي حتى قامت ثورة يناير ووصل «الإخوان» للسلطة.
وبمناسبة حلول الذكرى 64 لرحيل والدها مؤسس جماعة الإخوان المسلمين متواكبة مع وصول الجماعة للسلطة لأول مرة في تاريخها كان من المهم أن نتوقف مع الدكتور استشهاد البنا عند بعض القضايا المتعلقة بالإخوان وما تثيره الجماعة من جدل على الساحة السياسية.
وتتذكر السيدة استشهاد مقولة لوالدها في أحد المؤتمرات بمناسبة انتشار فروع الجماعة في مصر، بعد ست سنوات من إنشاء الجماعة، حين قال: «أنتم تفرحون وأنا أخاف»، مشيرة إلى أن هذا الشعور انتابها لحظة نجاح الدكتور محمد مرسي وتوليه الحكم في مصر. وإلى أهم ما جاء في الحوار..
* ما الذي يجول بخاطرك الآن في الذكرى الرابعة والستين على رحيل والدك مؤسس جماعة الإخوان المسلمين بعد وصول «الإخوان» للسلطة؟
- لا شك أن ذكرى والدي حسن البنا هذه المرة تأتي بخصوصية مختلفة بعد تولي الرئيس مرسي. ولقد قرأت مقولة للوالد منذ سنوات طويلة في مؤتمر أجراه ببورسعيد عام 1934 بمناسبة انتشار فروع الجماعة في مصر وذلك بعد ست سنوات من إنشاء الجماعة وأذكر أنه قال عبارة في هذا المؤتمر دائما ما تمر بذهني في الفترة الحالية عندما قال: «أنتم تفرحون وأنا أخاف». وبالفعل هذا الشعور انتابني لحظة نجاح الدكتور محمد مرسي أي الفرحة الممزوجة بالخوف وهي نفس المشاعر التي تنتابني حاليا في ذكراه.
* وما سبب تخوفك والمفروض أن تكوني سعيدة بما تم من إنجاز؟
- بالطبع، هناك فرحة لوصول التيار الإسلامي للحكم بما يعني انتصارا لفكر الإمام البنا، ولكن بجانب هذه الفرحة يأتي الخوف والقلق بسبب الشعور بالمسؤولية وثقل الأمانة المحمولة والخوف من التقصير في أدائها. وكنت أتمنى أن تتكاتف كل التيارات الإسلامية معا لأنني أشفق عليهم وعلى نفسي من الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتق هذا التيار، لأن الأمر الآن يعد فرصة وهذه الفرصة قد لا تأتي وكل شيء في علم الغيب وأخشى عليهم من المؤامرات من الداخل والخارج. والحقيقة أن هذا الشعور يلازمني منذ لحظة إعلان نجاح الدكتور مرسي في انتخابات الرئاسة.
* هل تشعرين أن «الإخوان» الآن هم نفس إخوان حسن البنا أم أنهم انحرفوا عن مسيرته؟
- من الصعب المقارنة بين هؤلاء وأولئك، فلا بد أن نأخذ بعين الاعتبار تغيرات الظروف والأوقات وتعرض الجماعة للمعتقلات لفترات طويلة. صحيح هناك بعض الأخطاء في الممارسات الحالية، لكنها ستعدل مع ضوء الحرية، لكني لا أظن أن أحدا خرج عن منهج البنا، وحتى الذين انشقوا عن الجماعة ما زالوا على منهج الإمام حسن البنا، ولا توجد مشكلة، وهذا أمر يطمئنني جدا، لأن مبادئ الإمام البنا في الفقه ما زالوا متمسكين بها، وإن شاء الله سيعودون.
* المثير في الأمر أن المنشقين أنفسهم ينتقدون الجماعة بضراوة ويكشفون عن أسرار خطيرة لأسباب انشقاقهم تعد دليل إدانة للإخوان؟
- لست موافقة على هذا الأسلوب من قبل بعض المنشقين، لأنه من ضمن التعاليم عدم التعرض للهيئات ولا الأشخاص بالسباب وخلافه، وكان «الإخوان» معتادين أن تحل تلك الخلافات فيما بينهم داخل الجماعة، وأعتقد أنه في ظل جماعة بهذا العدد فإنني أعتقد أن كل تلك الأمور ستتغير وآمل أن تنصلح الظروف بإذن الله وعندها ستحدث تغيرات وتعديلات كثيرة جدا، لكنها تحتاج لبعض الوقت.
* وما ردك على تصريحات بعض المنشقين بأنهم تركوا الجماعة لخروجها عن مسار حسن البنا أو لعدم رضاهم عن مسلكها الحالي؟
- من أي ناحية؟
* يعني بسبب سعي «الإخوان» للسلطة ورجوعهم عن وعودهم في هذا الموضوع وغيره من التصرفات المنتقدة للجماعة؟
- الإخوان المسلمون لم يسعوا للسلطة، بل إن السلطة هي التي سعت لهم، وهم قد يكونون أجبروا على هذه السلطة في ظل الظروف المحيطة. وبصراحة كنت أتمنى أن نظل فترة دون تولي سلطة - كجماعة إخوان – وننتظر لإعطاء فرصة لنشر مبادئ «الإخوان» كي تسود ويتعلم فيها الشعب كيف يؤثر المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهذا ما كان ينادي به الوالد، رحمه الله، فكان يقول إن «الإخوان» أحكم وأعقل من أن يتقدموا لمهمة الحكم وهو ما نمر به الآن.
* من واقع هذا الشعور ما تقييمك لتجربة «الإخوان» السياسية بعد عامين تقريبا من الثورة المصرية؟
- لا يمكن الآن أن نقيم أي شيء، فالظروف في مصر لا تمكن من ذلك، لأن المجتمع لم يهدأ بعد وأي تقييم لحزب الحرية والعدالة أو للدكتور مرسي يكون غير صالح حاليا في ظل الاضطرابات الحالية، ولكن هذا التقييم يمكن إجراؤه بعد اكتمال مؤسسات الدولة من برلمان ووزارة مستقرة، عندئذ يمكن أن نقيم ونراقب ونحاسب.
* ما رأيك في ازدياد حدة نبرة الهجوم على «الإخوان» في مصر؟
- هناك عدة أسباب لهذا الهجوم ضد «الإخوان» أولها المنافسة الحزبية وأيضا هناك بعض أخطاء وقع فيها «الإخوان» ولا نستطيع إنكارها، وهناك مثلا بعض التصريحات لم يكن يصح أن تصدر، وكذلك لم يكن هناك توفيق في بعض الجوانب، هذا بالإضافة لسبب آخر يتعلق بوجود عدد كبير من الذين يرفضون سيادة تيار إسلامي، ناهيك بوجود أطراف داخلية وخارجية تحارب «الإخوان» لأن من مصلحتها أن يزولوا.
* لكن هل أنت راضية عن أداء الدكتور مرسي بشكل عام؟
- حرام أن أقيم أي شخص في الفترة الحالية، لأنه سيكون تقييما غير موضوعي وغير دقيق. ولا بد أن ننتظر حتى يحدث الاستقرار.
* معنى ذلك أننا سنظل في دائرة مغلقة، فهناك اضطرابات بسبب عدم الرضا عن أداء الرئيس مرسي، ومن ناحية أخرى تطالبين بالهدوء والاستقرار حتى يمكن تقييم أدائه فكيف نخرج منها؟
- رغم ذلك ستهدأ الأمور وتهدأ تلك المشكلات التي تواجه الرئيس مرسي، خاصة أننا نعرف أن أمورا كثيرة منها هي مخططة ومدبرة ولا يمكن أن تتم كلها معا في وقت واحد بهذه الصورة دون أن تكون مخططة.
* هل تعتقدين أن شعبية «الإخوان» في الشارع المصري ما زالت قوية كما كانت في بداية الثورة؟
- لا، بالطبع هذه الأحداث ستؤثر على شعبية «الإخوان» ولكن لو هدأت الأمور وجاء مجلس شعب وبدأت المشروعات الاقتصادية واتجه الناس للعمل فحتما سيختلف وضع البلد.
* ما تفسيرك لانقلاب السلفيين على الدكتور مرسي وانتقادهم له بعد أن كانوا حلفاءه من قبل؟
- النقد في حد ذاته لو كان موضوعيا وبناء فأهلا به، بل بالعكس كلما كانت هناك معارضة قوية فإن كل الأمور تصبح في مصلحة الشعب وفي مصلحة الدكتور مرسي نفسه أكثر، لأن المعارضة هي التي تكشف له السلبيات ليتجنبها.
* كمواطنة مصرية وليس كابنة لحسن البنا ما أهم السلبيات التي تلمسينها في حكم الرئيس مرسي؟
- بالطبع، هناك سلبيات كثيرة جدا منها مثلا الوزارة الموجودة حاليا، فلم يكن متوقعا منها هذا الأداء ولكن أعود وألتمس لها العذر في ظل الاضطرابات الموجودة حاليا، وهناك أشياء كثيرة غير موفقة مع التأكيد أن أي شخص كان جاء للحكم غير الدكتور مرسي في هذه المرحلة كان سيحدث معه نفس الشيء، لأننا ظللنا أكثر من ستين سنة نعاني، كما أن كم الفساد رهيب ولا أحد كان يتخيل هذا الكم بجانب التجريف الذي حدث للبلد خلال السنوات الماضية.