بتـــــاريخ : 2/3/2013 5:20:11 AM
الفــــــــئة
  • الاقتصـــــــــاد
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1537 0


    أفكار للإنقاذ الاقتصادى

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : علي السلمي | المصدر : watan2.sarmady.net

    كلمات مفتاحية  :
    أفكار إنقاذ الاقتصاد

    مر عامان إلا أياماً قليلة ومصر مثقلة بجروح وهموم شغلت المصريين عن أهداف ثورتهم المجيدة، وحالت بينهم وبين الاستقرار والتفرغ لبناء اقتصادهم الوطنى فى جو من الديمقراطية وسيادة القانون وقيم المواطنة الحقة. ورغم المرارة التى يشعر بها المصريون واكتشافهم أن ثورتهم قد سُرقت منهم، فإنهم مطالبون بالعمل والكفاح من أجل صنع مستقبل أفضل لهم وللأجيال القادمة بالتغلب على العقبات الحالية فى طريق التنمية الاقتصادية والمجتمعية وإقامة بناء دستورى سليم وتحول ديمقراطى حقيقى.

    ونطرح فى هذا المقال أفكاراً يمكن أن تمثل إطاراً لمشروع وطنى للإنقاذ الاقتصادى، ونرى أن تسهم أحزاب المعارضة والقوى السياسية والمجتمعية فى تطويره وتفصيله وممارسة الضغط الشعبى على الرئاسة والحكومة لمناقشته وتفعيله إلى جانب ما تزعم أنها بصدد تنفيذه كخطة وطنية للتنمية والإصلاح المالى والاقتصادى.

    إن النظام الاقتصادى الديمقراطى المستهدف يجب أن يسمح بإطلاق قوى السوق لتسيير الاقتصاد الوطنى بمساهمات إيجابية وفعالة للقطاع الخاص الوطنى والاستثمارات والمشاركات الأجنبية مع مراعاة للأبعاد الاجتماعية وتأكيد مسئولية الدولة عن تحقيق العدالة الاجتماعية. ومن ناحية أخرى مطلوب إعادة هيكلة مؤسسات الاقتصاد الوطنى بما يحقق زيادة الإنتاج من السلع والخدمات ويخلق فرص العمل الحقيقية، ويعالج مشكلة تضخم الدين المحلى العام والدين الخارجى وتآكل احتياطى النقد الأجنبى وتخفيض الاعتماد على المعونات الأجنبية والقروض.

    ولا شك أن المشكلة الأساس فى مصر هى العجز المتنامى فى الموازنة العامة، والذى ينشأ بسبب زيادة الإنفاق الحكومى عن موارد الدولة. وتتجه الحلول التقليدية لمشكلة العجز إما إلى زيادة الموارد من خلال فرض ضرائب أو رسوم أو بيع الأصول المملوكة للدولة، أو تقليص الإنفاق بفرض قيود على الجهاز الإدارى للدولة فى الشراء أو الإنفاق، وتقييد الإنفاق الاستثمارى ومنع شراء أصول معينة. والحل العملى -العلمى فى الوقت ذاته- هو اتباع أسلوب لإقامة علاقة متوازنة وصحية بين الإنفاق الحكومى والغايات المستهدفة منه، وربط الإنفاق بالأداء وتحقيق أهداف محددة قابلة للقياس، من خلال تطبيق نظام موازنة البرامج والأداء الذى يحقق الربط المباشر والدقيق بين خطط الأداء وبرامج العمل فى كل قطاع بالدولة واحتساب الإنفاق المتناسب مع متطلبات تحقيق هذا الأداء، ومن ثم تكون هناك علاقة مستمرة ومتوازنة بين ما تنفقه الدولة وما يتحقق عن هذا الإنفاق من عائد يمثل فى حقيقته مصدر تمويل النشاط.

    كذلك هناك ضرورة لمراجعة شاملة لأوضاع الجهاز المصرفى بهدف تحديد الحدود الآمنة التى لا يجب تعديها فى بيع البنوك المصرية لغير المصريين، وتأكيد الدور الرقابى والإشرافى للبنك المركزى المصرى على جميع البنوك العاملة فى مصر، وتحديد الحد الآمن لمدى نفاذ رأس المال الأجنبى (والعربى) فى ملكية القطاع المصرفى المصرى، ومراجعة الضوابط المنظمة لعمل القطاع من حيث نسبة الاحتياطى، ونسبة السيولة، ومعيار كفاية رأس المال، والحد الأقصى للتمويل الممنوح للعميل الواحد، والضوابط المتعلقة بتمويل بعض أفرع النشاط أو طبقاً لنوع العملة، والحد الأقصى لنسبة المساهمة فى المشروعات.

    إن الانطلاقة المستهدفة لمصر يجب أن تستهدف إحداث تغيير هيكلى فى الاقتصاد الوطنى لزيادة مساهمة الصناعة فى توليد الناتج القومى الإجمالى، وزيادة قدرتها على خلق فرص العمل وتشغيل المزيد من الأيدى العاملة المتعطلة، وتطوير الصناعات وتقنيات الإنتاج القائمة، وتحديث أسس تنظيم النشاط الصناعى فى المجتمع، وإرساء أسس وآليات التطوير المستمر للوحدات الصناعية ليشمل كافة جوانبها التقنية والإدارية والتمويلية والتسويقية، والاهتمام الجاد بالصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتوفير مصادر التمويل والمساندة التقنية لها.

    ومن المهم إعادة تأهيل الصناعات المصرية التى لمصر فيها ميزات تنافسية ومنها صناعات الغزل والنسيج والصباغة والتجهيز، وصناعة الملبوسات الجاهزة، والصناعات الغذائية. كما ينبغى البحث فى أسباب انهيار الميزات التنافسية التى كانت صناعات الأثاث والصناعات الجلدية تتمتع بها والعمل على استعادة قدراتها التنافسية. ولا يمكن أن توضع استراتيجية جديدة للتنمية الصناعية من دون وضع برنامج حاسم لتخليص الصناعة المصرية من ضرورة الاعتماد على إدخال مكوّنات إسرائيلية فى منتجاتها حتى تستطيع التأهل للدخول إلى الأسواق الأمريكية معفاة من الضرائب. كذلك ضرورة الاهتمام بتطوير مشروعات التصنيع الزراعى، ومواجهة منافسة الواردات الأجنبية من السلع الغذائية ذات الأصل الزراعى.

    كذلك نرى ضرورة تطوير برنامج وطنى للتنمية الزراعية يستهدف تنمية وتحسين الإنتاج الزراعى من أجل الوفاء باحتياجات الاستهلاك المحلى وكذلك للتصدير، وفى نفس الوقت زيادة القيمة المضافة وفرص العمل بالتوسع فى أنشطة إنتاجية تستند إلى الزراعة فى مجالات التصنيع الزراعى. يتضمن برنامج تطوير الزراعة مراجعة برامج استصلاح الأراضى الجديدة فى سيناء وجنوب الوادى، واستكمال خطة استغلال الموارد الأرضية البالغ مساحتها 1.5 مليون فدان بمحافظات جنوب مصر، والحسم فى مواجهة الاستقطاعات من الأراضى المنزرعة فعلاً لأغراض غير زراعية، واستثمار وتوظيف الطاقات العلمية والموارد البحثية المصرية فى مجالات الزراعة، وتطوير برنامج وطنى لمعالجة مشكلة تفتت الملكية والحيازة الزراعية وآثارها السالبة على الإنتاج الزراعى وتطوره.

    وتتضمن خطة الإنقاذ الاقتصادى ضرورة تطوير قطاع الأعمال العام وإحياء دوره، وهذا لا يتعارض مع التوجه نحو إعمال آليات السوق والاعتماد بصفة أساسية على القطاع الخاص ليكون هو أداة الدولة فى تنفيذ مشروعاتها الاستراتيجية وتحقيق ضبط وتوازن الاقتصاد الوطنى والسيطرة على جموح الأسعار، فضلاً عن تنفيذ برامجها المتعلقة بتحقيق التنمية فى مناطق البلاد المحرومة والأقل نمواً والتى قد لا يقدم القطاع الخاص على الاستثمار فيها.

    كذلك فالمطلوب تطوير نمط الهيئة العامة (أو الهيئة القومية) ونرى ضرورة إصدار قانون جديد للهيئات العامة يتضمن المبادئ والأسس والضمانات التى تكفل تحقيق استقلال الهيئات العامة مالياً وإدارياً، ويوفر لها الضمانات الحقيقية لتمكينها من تحقيق أهدافها فى نطاق خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية، ويضع المعايير والآليات المناسبة لمتابعة أدائها وتقويم إنجازاتها.

    هذه فى عجالة بعض الأفكار لاختراق عنق الزجاجة الاقتصادى والانطلاق إلى تنمية وطنية حقيقية تحاكى ما فعلته دول أخرى كالبرازيل.. وهو موضوع المقال القادم.

    كلمات مفتاحية  :
    أفكار إنقاذ الاقتصاد

    تعليقات الزوار ()