وبعيدا
عن عادات أوروبا القرون الوسطى وبالعودة إلى الزمن المعاصر أي بعد 14 قرنا
من زواج نبي الإسلام بعائشة سنجد أن سن التوافق الجنسي لا يزال منخفضا في
مناطق عديدة . لقد أوردت منظمة أفورت avert وهي منظمة خيرية عالمية تهتم بمرض متلازمة فيروس نقص المناعة البشرية hiv/aids
ومقرها المملكة المتحدة والتي تعمل من أجل تجنب هذا المرض عبر كافة أنحاء
العالم، أوردت في جدول مفصل على موقعها الالكتروني يتعلق بسن التوافق
الجنسي عبر العالم[5]، وهو السن القانوني للسماح بممارسة الجنس في دول
العالم، أي السن الذي تعتبره الدول والحكومات مقبولا من اجل القيام
بالعلاقة الجنسية. وتقول ‘أفورت’
أنه يمكن لليابانيين أن يمارسوا الجنس ممارس قانونية في سن الثالثة عشر
وفي الأرجنتين يسمح بممارسة الجنس في سن الثالثة عشر، وأما في كندا وحتى
سنة 1890 كانت السن المسموح بها هي الثانية عشرة[6]، والشيء نفسه في
المكسيك، فالسن المسموح بها لممارسة الجنس هي الثانية عشر ، وفي بنما
والفلبين يمكن للأشخاص ممارسة الجنس في سن الثانية عشر وفي إسبانيا[7]
وقبرص[8] وكوريا الجنوبية في سن الثالثة عشر، وأما في بوليفيا فإن سن
التوافق الجنسي محددة بسن البلوغ[9].
* إذا كان هذا هو الحال في القرن الحادي والعشرين ، فلماذا لا يقبلونه ؟
يحدث
كل هذا وفقا للقانون بعد أربعة عشر قرنا من زواج النبي محمد صلى الله عليه
وسلم بعائشة ! يمكننا كذلك ملاحظة أن هذه البلدان المختلفة تختلف باختلاف
المناطق والخلفيات الثقافية وتسمح بممارسة الجنس في سن مبكرة، إذا فلماذا
يرفض بعض الأشخاص احترام خيار أمة عاشت قبل 14 قرنا؟ إنه ليس من الممكن ولا
من الواقعي إجبار أمم أخرى على إتباع الفكر الغربي أو الأمريكي فيما يتعلق
بما هو مقبول أو مرفوض! وخاصة قبل 14 قرنا، وحسب الجدول نفسه على الموقع
الالكتروني لمنظمة ‘أفورت’، فإن السن القانونية للتوافق الجنسي يختلف من ولاية إلى
أخرى داخل أمريكا نفسها، فالسن المسموح بها في ولاية إيوا وميسوري
وكارولاينا الجنوبية هو الرابعة عشر وأما في ولاية أريزونا وكاليفورنيا
وداكوتا الشمالية وأوريغون وتينيسي وويسكنسون فالسن المسموح به لا يقل عن الثامنة عشر.
وهذا يعني أنه من غير المعقول ولا المنطقي أن يتم نقد الأمم الأخرى بسبب اختلافها مع الغرب أو مع أمريكا في سن السماح بالزواج، ففي أمريكا نفسها تختلف الولايات الأمريكية في تحديد هذه السن، وبالتالي فإنه من السخيف وغير المنطقي نقد زواج في سن مبكر حصل قبل 14 قرنا من يومنا هذا. تجدر الإشارة هنا أنه في الغرب نفسه تحركت جهات عدة من أجل معارضة رفع ( سن التوافق الجنسي ) the age of consent، ففي كندا مثلا تعمل هذه الجهات على مراسلة أعضاء البرلمان عن طريق الانترنت ومطالبتهم برفض هذا المشروع منبهين من آثاره الخطيرة [10] وجاء في إحدى هذه الرسائل :
"إلى عضو البرلمان العزيز،
إنني أكتب لكم لأعبر عن موقفي تجاه السن المتزايدة للتوافق الجنسي والذي تزايد في كندا من سن الرابعة عشر إلى سن السادسة عشر...إن سن التوافق الجنسي المتزايدة هي انتقال تراجعي وخطير ويمكن له أن يعرض الشباب إلى خطر ممارسة رغباتهم بعيدا عن الأنظار." .
وبالعودة إلى تاريخ السن القانونية التي تؤهل الفتاة لقبول أو رفض العلاقة الجنسية أو الزواج في أمريكا والغرب، سنكتشف أن الأعمار من عشرة إلى ثلاثة عشر سنة كانت مثالية ومقبولة في منتصف القرن التاسع عشر [11].
فضلا
عن كل هذا على الأمريكيين أن يعلموا أن السن القانونية لممارسة الجنس كانت
في حدود سن العاشرة في بريطانيا و أمريكا نفسها قبل سنة 1885، أي سنة واحدة اكبر من سن عائشة عندما تزوجت النبي محمد قبل 13 قرنا من ذلك التاريخ. وقد كتب ستيفن روبرتسون عن ذلك: "في سنة 1885 وبعد الفضيحة التي حدثت عقب صدور كتاب the maiden tribute of modern babylon حيث
كشف الكاتب الانجليزي ستيد الاتجار بالفتيات الصغيرات في لندن، أصبحت هذه
الحملات جزء من الحرب التي تم شنها ضد ظاهرة الدعارة في الولايات المتحدة.
حثت هذه الفضيحة البرلمان البريطاني على رفع التوافق الجنسي من سن العاشرة
إلى سن السادسة عشر وهو انتقال لفت انتباه المصلحين الأمريكيين إلى وضعية
القانون في بلدهم"[12].
وينبغي على الغربيين والأمريكيين أن يتعرفوا على حملة اتحاد النساء المسيحيات لمكافحة الكحول (wctu) 1885-1990 من أجل أن ترفع الولايات الأمريكية من سن التوافق الجنسي. وحتى ذلك الوقت وفي معظم الولايات الأمريكية وعقب القانون العام تم تحديد السن بعشر سنوات، في حين أنه كان سبع سنوات فقط في ولاية ديلاوير[13].
لقد كان سن التوافق الجنسي في إحدى الولايات الأمريكية سبع سنوات وهذا منذ ما يقارب 120
سنة فقط من وقتنا هذا ! وهذا ما لا يعرفه الغربيون ولهذا فإن العديد منهم
يلومون الإسلام والمسلمين وينتقدونهم بسبب زواج النبي بعائشة وهي في سن
التاسعة قبل 1400 سنة.
وعلى كل حال حدثت في زمننا المعاصر وفي بداية القرن الواحد والعشرين زيجات مبكرة في أوروبا نفسها، ففي رومانيا مثلا، حيث السن القانونية للزواج هي 16 سنة، تزوجت الطفلة أميرة 'روما غيسبي' (the roma gypsy princess) آنّا ماريا (ana maria ) ذات الإثني عشر؟ ربيعا بالطفل بيريتا ميهاي (birita mihai) ذو الخمس عشر سنة. وقد قال roma king florin cioaba والد العروس للصحفيين:
حقيقة فإن هذا اليوم هو يوم سعيد بالنسبة للبيت الملكي، أحد أسعد أيام
حياتي ...إنه من الأفضل أن يتزوج الأطفال في سن مبكرة ". وقال فاسيل
إيونسكو من مركز روما للسياسات العامة:" إن زواج الأميرة لم يكن بالقوة "
وأضاف : " إنها قرة عين الملك ولن يقوم بأي شيء ضد رغبتها. يجب أن نحافظ
على تقاليدنا من أجل الحفاظ على سلامة هويتنا وكذا من أجل البقاء. يعد أمرا
لا أخلاقيا وخطيرا أن نقوم بحضر العادات والتقاليد وليس لأحد الحق في فعل
ذلك"[14].