أكدت صحيفة "الاخبار" اللبنانية أن فوز الإسلاميين بمنصب الرئاسة فى مصر وانتزاع هذا الفريق شرعية تمثيله في انتخابات تمثل نقطة تحول في عالمنا العربي، والعنوان المضيء للانتفاضات العربية القائمة منذ عامين إلى الآن، وكل من لا يعجبه حكم الإسلاميين، عليه أن يقلب الصورة ويتخيل ردة فعله لو أنه هو الحاكم، وقرر خصومه عدم الإقرار بشرعية تمثيله.
واقرت الصحيفة فى عددها الصادراليوم الإثنين أنه علينا جميعا التصرف من الآن فصاعدا على أاساس أن الاسلاميين يسيطرون على الحكم في أكبر دولة عربية وبانتظار تبيان ملامح أولويات هذا الفريق المبعد والمنفي عن السياسة والحكم منذ عقود طويلة، فإن الأفضل عدم البحث من الآن في كيفية الانقلاب عليهم، ولا في تقديم شروحات تفيد بأنهم سوف يفشلون في ادارة البلاد لأن من فعل ذلك في أماكن اخرى، لم يحصد سوى الفشل والانعزال والخسارة تلو الخسارة.
ورأت الصحيفة أنه من الأجدي الانطلاق من واقع أن هذه الفئة من الإسلاميين هي التي تسيطر على الشارع العربي عمومًا، وعلى مصر ودول في شمال أفريقيا على وجه الخصوص. وثمة نزاع كبير في الجزيرة العربية وبلاد الشام لتحقيق نفوذ شبيه بالأمر الذي يتطلب مواجهات ومعارك من نوع مختلف.
وذكرت الصحيفة أن مصر تحتاج إلى انطلاقة تعيد الاعتبار إلى موقعها في المنطقة، مشيرة إلى أن الدور المصري لن يكون محل ترحيب داخلي أو خارجي إن هو اعتمد جانب الحياد بحجة الانشغال بالوضع الداخلي بل على العكس، فإن هذا الحكم سيجد نفسه مرة جديدة في مواجهة حالات رفض داخلية وفي مواجهة تحديات خارجية كبيرة.
وأضافت الصحيفة أن مصر تحتاج أيضا إلى ثورة تعيد الاعتبار إلى دور الدولة، وتفرض القيود الحقيقية على الفلتان في السياسة الاقتصادية، الذي جعل "البزنس" مسيطرًا على مفاتيح الحياة، وهذا يعني ادخال تغييرات جوهرية تدفع بإتجاه تعزيز الإنتاج المصري الذي يحفظ استقلاليته، ويساعد على مواجهة البطالة.
ومن جانبها أكدت صحيفة "السفير"اللبنانية أن مصر كرست يوم أمس، نمطا ديمقراطيا جديدا في العالم العربي، بعدما اختتمت بسلام أول انتخابات رئاسية تجرى بعد "ثورة 25 يناير"، واشارت الصحيفة إلى انها انتخابات اكتسبت طابعا تاريخيا بجدارة، سواء من ناحية الشكل السلمي والهادئ والمنضبط بأحكام القانون، أو لجهة النتائج وما تترتب عليه بالنسبة إلى المستقبل الذي يلي تنحية الرئيس السابق حسني مبارك.
ولفتت الصحيفة إلى أنه لعل الوجه الديمقراطي المضيء في هذه الانتخابات، قد تبدى في مجموعة من الظواهر التي تكاد تجعل الانتخابات المصرية تقترب من ذلك النمط الذي تتميز به الانتخابات في الديمقراطيات الغربية، ومن بينها أنه لم يكن متاحا للمصريين أن يعلموا بهوية رئيسهم الجديد سوى في اللحظة التي نطق بها رئيس اللجنة العليا للانتخابات بالنتيجة النهائية.
ونوهت الصحيفة فى افتتاحيتها أن الأهم في هذا المشهد الديمقراطي أن المرشح الخاسر، قد سارع بدوره إلى الاعتراف بانتصار غريمه، لا بل تقدم منه بالتهنئة، فيما كان مناصروه يكبتون مشاعر الغضب والحزن التي تبدت على وجوههم لحظة إعلان النتيجة، وقد ساعد على ذلك أن مناصري "الإخوان" قد احتفلوا بانتصارهم من دون استفزاز الفريق الآخر، لتتلاشى بذلك المخاوف من انفلات أمني ظل كابوسا يؤرق المصريين طوال الأيام الأخيرة.
وأكدت الصحيفة أن الانتخابات المصرية ترتدي طابعا تاريخيا أيضا، بعدما أتت إلى قصر العروبة بمرشح لا ينتمي إلى المؤسسة العسكرية، في سابقة لم يعرفها تاريخ الجمهورية المصرية، والأهم أن الرئيس الجديد قد أتى من جماعة ظلت محظورة طوال العهود الماضية، قبل أن تتحول إلى جماعة محظوظة تحت شمس ثورة الخامس والعشرين من يناير.
واشارت الصحيفة إلى تعهد مرسي بتحقيق أهداف كل من شاركوا في الثورة، مؤكدا أن "الثورة مستمرة حتى تتحقق كل أهدافها"، وأن "مصر الوطن ومصر الشعب في حاجة الآن إلى توحيد الصفوف وجمع الكلمة حتى يجني هذا الشعب العظيم ثمار تضحياته" المتمثلة في "الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وهي الشعارات الأساسية للثورة والتي لا تزال حناجر المصريين تعلنها قوية في كل منابر الثورة، وإلى دعوة مرسي الشعب المصري إلى تعزيز الوحدة الوطنية للخروج من المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد.