نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالا للكاتب مروان المعشر و هو نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. وكان وزير خارجية الأردن في الفترة من 2002 إلى 2004 ونائب رئيس مجلس الوزراء من 2004 إلى 2005, اورد فيه ان مرشح الإخوان المسلمين للرئاسة من مصر انتقل إلى جولة ثانية من التصويت.
بتصاعد الخوف أكثر من صعود الاسلاميين، هناك حنين للعالم العربي القديم بين العديد , داخل وخارج المنطقة. يبدأ البعض في دفع الحجة القائلة بأن الأنظمة السابقة قيدت الحريات الشخصية، وخنق التنمية الاقتصادية ولكن على الأقل كنا نعرف مع من كنا نتعامل , و اين وقفنا. و لم يكن هناك فوضى في الاختيار.
اليوم، لمحة سريعة على عناوين الصحف في أنحاء العالم, تقود المرء للاعتقاد بأن الإسلام يحرض ضد العلمانية في المعركة من أجل السيطرة على العالم العربي الجديد. صعود الاسلاميين يزيد بوضوح مخاوف الغرب، و يزيد شوقهم للايام الجميلة القديمة.
"لا تشتري هذه الضجة." هذا التفكير يتجاهل الواقع. هذا تمويه لمشاكل الماضي، ويعكس توقعات غير واقعية لتحولات سياسية فورية في أعقاب الثورات. هذا ليس صداما بين الإسلام وبقية العالم - بل معركة من أجل التعددية. ويضع هذا السباق المؤمنين في التعددية من كلا المعسكرين العلماني والاسلامي ضد أولئك الذين يتمسكون بأفكار عفا عليها الزمن من الاقصاء أو التفوق ويصر على حرمان الآخرين.
للفوز في هذه المعركة، لا يمكننا أن نتجاهل ثلاثة دروس حاسمة نابعة من رماد العالم العربي القديم.
أولا، لا يمكن تجنب السياسة التأسيسية فهي ضرورية. الإصلاحات المفروضة من اعلي ليست كافية لتحقيق النضج السياسي. كل الجماعات والأحزاب بحاجة إلى تحويل التروس والمشاركة في الحياة السياسية على أرض الواقع لتحقيق رغبات وحاجات المجتمع.
ولعل هذا هو الدرس الأهم، على ما يبدو أن الاسلاميين ادركوا هذا منذ عقود. يحتاج المرء فقط إلى أن يشير لنجاح الإخوان المسلمين في مصر. بعض العلمانيين، من ناحية أخرى، ادي تفكيرهم الي بقاء الكثير منهم بعيدا و يفتقروا إلى شبكات كافية على الارض لتكون ناجحة. علي المدى القصير، هذا هو الخبر السار بالنسبة للإسلاميين، ولكن السياسة التأسيسية هي السبيل الوحيد للدفاع عن الحريات الفردية وحماية الحقوق السياسية.
ثانيا، اعتماد بعض الجماعات أو الأقليات علي الأنظمة الديكتاتورية لحماية حقوقهم وضمان طريقتهم في الحياة - في حين ان اغتصاب حقوق مواطنيهم - لا يمكن الدفاع عنههم بكل بساطة. على سبيل المثال، دافع النظام السابق في تونس عن حقوق المرأة لكنها تجاهلت حقوق أخرى كثيرة. ودعمت العديد من المسيحيين السوريين حكومة بشار الأسد، والتي أسفرت عن مقتل الالاف على مدى العام الماضي، وذلك لأن مجرد نظام الأسد العلوي حمي حقوقهم الدينية.
هذه المساومات غير مقبولة و لا يمكن تحملها. بدلا من تجاهل وسوء معاملة الآخرين، ينبغي للمجموعات الكفاح من اجل حقوق الجميع، بغض النظر عن انتماءاتهم. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن النظر بها إليهم كمواطنين وليس كأقليات.
ثالثا، خسر الإسلاميون قداستهم في اللحظة التي دخلوا فيها عالم السياسة. سواء كانت جماعات دينية أو علمانية، أو المحافظة المتطرفة، في الحكومة أو خارجها، لم يعد جميع الذين يدخلون المعترك السياسي قادرين علي تبني نهج أقدس مما كانت عليه.
اصبح الميدان في بلدان مثل مصر وتونس والمغرب وليبيا وغيرها , مفتوح الآن للجميع، والشعب وحده هو المصدر الحقيقي للسلطة. اصبح لدي المجتمع الحق في رفع أو إزالة أي شخص من السلطة. لا يمكن للأحزاب الدينية الاختباء وراء الدين أو الانغماس في الذرائع المقدسة - شعارات مثل "الإسلام هو الحل" لن تنجح من دون أن ترافقها إجراءات. لا يستطيع العلمانيين منع الاسلاميين من العمل السياسي بحجة أن هذا الأخير غير ملتزم بالتعددية.
وهذا يعني أنه يجب علي الجميع العمل معا للدفاع عن الحقوق الأساسية والانتقال إلى الديمقراطية الحقيقية. يجب أن تفسح سياسات الإقصاء المجال للإدراج. يستطيع ائتلاف التعدديون فقط النجاح في بناء مجتمع ديمقراطي تحكمه القواعد الأغلبية، وتحترم فيها حقوق الأقليات، و الحقوق الفردية فيها تكون آمنة وسيادة القانون تنطبق على الجميع دون محاباة.
وبدأت المعركة من أجل التعددية.