حليمة.. اسم له من الدلالات ما يدفعنا للوقوف أمامه كثيرًا، فـ(حليمة السعدية) غذّى لبنها سيِّد الخلق صلى الله عليه وسلم، وانتقلت قبيلتها من عسر إلى يسر لما حل المولود (محمد) ضيفًا عليهم، فنالت (حليمة السعدية) البركة والفخار، وسجلت اسمها في التاريخ الإنساني بحروف من نور، وستظل البشرية تردد اسم (حليمة السعدية) كلما رددت سيرة النبي الهادي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
أما (حليمة الكشميرية) فقد عجزت منظمات حقوق الإنسان، الدولية والإقليمية، إنصافها وتلبية طلبها المشروع، لا لشيء إلا لأنها مسلمة تعيش تحت الاحتلال الهندي في ولاية كشمير المحتلة.
وقصة (حليمة) كقصص آلاف النساء في ولاية جامو وكشمير، اللاتي يعانين فقدان أزواجهن، إما بالاعتقال أو القتل من جانب القوات الهندوسية، وأصبحن أنصاف أرامل في طيّ النسيان.
(حليمة الكشميرية) سحقتها الحياة وقسوة ظروفها، فمأساتها كبيرة، ففي صباح يوم من أيام كشمير منذ خمس سنوات خرج زوجها للعمل صباحًا، ولم يعد منذ ذلك الحين، وحدتها جعلتها حانقة على الحياة، وتعمل حتى تنفق على أولادها الثلاثة وتعليمهم بعدما تركها زوجها مرغمًا بلا مال.
وبعد مرور خمسة أعوام منذ اختفاء زوجها يئست (حليمة) من تتبع أثره في معسكرات الجيش الهندي، أو مراكز الشرطة التي يتعامل أفرادها وضباطها بكثير من الاستفزاز والضغوط والترهيب مع كل امرأة تتوجه إليهم بحثًا عن زوجها.
وأمام العالم كله وعلى مرأى ومسمع من حكومات العالم الإسلامي التي تقيم علاقات صداقة مع الهند، غير عابئة بإحصائيات وأرقام المفقودين من شباب كشمير؛ فطبقًا لأرقام جمعية (أهالي المفقودين) المستقلة في كشمير، بلغ عدد المفقودين منذ 1989م أكثر من 10 آلاف بينهم 2000 شاب من المتزوجين حديثًا اعتقلتهم قوات الأمن الهندية!!
ومنذ أكثر من عقدين وبعد أن تصاعدت حدة العنف ولغة السلاح في نزاع كشمير يتعرض الشعب الكشميري لحملة واسعة النطاق من الانتهاكات اليومية التي تشمل القتل والتعذيب واغتصاب النساء، أسفرت عن مئات الآلاف من الجرحى والمعاقين والمعتقلين من جانب القوات الهندية. يقول خبراء: إن السلطات الهندية تدرك جيدًا مدى تمسك الشعب الكشميري بديانته وثقافته الإسلامية التي تشدد على صون المرأة وحمايتها، ومع ذلك تلجأ إلى سلاح الاغتصاب ضد النساء لإذلال الشعب الكشميري بشكل عام! وابتزازهن لمعرفة المعلومات عن أزواجهن وذويهن ممن يرفعون السلاح لمقاومة احتلال تلك القوات لكشمير.
والسؤال الذي يلح على كل ذي لُب: هل يمكن لأمة تترك نساءها لمن لا دين لهم، يفعلون بهن الأفاعيل.. هل لأمة بهذا الشكل أن تعود لسابق مجدها؟!
الإجابة الحاضرة: لا لن تعود. وحتى تعود لا بد أن تعود النخوة إلى حكامها، ويكونون جميعًا كالمعتصم، التي علا صوت إحدى النساء المسلمات مرددًا وامعتصماه، فإذا بالناصر المعين ينصر مسلمة استغاثت به.
فإذا نادت امرأة مسلمة مضطهدة الآن وقالت: وامحمداه! واإسلاماه! ووجدت من يغيثها، أيًّا كان مكانها.. هنا فقط سيعلم العالم الطاغي أننا عائدون.
المصدر: جريدة الرحمة، العدد (21).