إن وقوفي على الحد الفاصل بين حزني وسعادتي مجازفة كمن يأخذ قبلة من شوكة استوائية.. هكذا هي أقداري تبدو من كمنظار فلكي عجوز.. مجموعة أسئلة تولد شيئا فشيئا ثم تختفي كما يختفي شهاب في زحمة النجوم السماوية.. كنت مذهول حين رأيت الأشياء تتغير هكذا من حولي.. حزن فسعادة، ثم سعادة فحزن.. وأشخاص يموتون وآخرون يقاسموني أجزاء مهمة في جسدي.. في أي نقطة سأضع نفسي؟
أفي خانة الأشياء الغير عادية التي لا تحدث كمصادفة؟ أم في سرادق منصوبة للعزاء؟
ولكني بين الموت والحياة ما زلت أمارس كتابتي أيضا.. وأمارس حزناً ضاقت به مسارب الروح، فخانتني اللغة من أجل حياة أكثر جدوى.. تتقاطع نظرات حائرة على الطريق.. تتبعها موجة تساءل: ما المسافة إذن ؟ فتأخذ الإجابة منحى آخر..
أنا المجنون الوحيد في هذه الحكاية..
وأنا الرجل الذي قرر أن يلعب دور غير دوره، يخرق كل ما هو مألوف عن عاداته من أجل روح قابعة في التغيير، لهذا أكره الحزن عندما يكون إقامة جبرية.. في تلك الحالة المشحونة بالتناقضات يأتي صوت من الأعماق مرددا.. لك أن تختار خطوتك الأولى في خرق المألوف وقتله.. وداخلي رجل تمرد ونسى تعاليم القبيلة.. فكانت رحلتي أكثر جنونا ودهشة وأكثر استغرابا أيضاً، أنها اللا مألوف كما تستحق أن توصف..
أنا العاشق الذي دمره الحب وحول حياته إلى جحيم..
أنا العاشق الذي يبكي بصمت ويبتسم بصمت..
نعم.. إنه الحب المجنون..
إنها الحب...
منحتني أجمل الأحاسيس وأرقها..
روحاً سكنت روحي..
إذا سعدتُ...تبتسم شفتيها قبل شفتي وترتسم على شفتيها ضحكاتي.. وإن حزنتُ.. أداري حزني وأخفيه كل لا أؤلمها.. ولكنها تسبقني إلى الدمعة.. فتقول لي أنا هنا كي أمسح دمعك، لأن حزنك في قلبي يشعل نيراناً بلهيب لا ينطفئ.. وكأنني أمامها أرق من زجاجة يرى ما بداخلها..
حبيبتي أنت أقرب مني إلي.. بل أنت كل نفسي.. وأنت الحب المستحيل..
فهل فأنا الذي يطلب المستحيل؟ أم انه مر الحب وأعذبه وأصعبه؟
هي تسكن في ثنايا روحي.. وهي أشجاري وأنهاري وهي جنتي..
وهبتني وجوداً... و أملاً.. وصدقاً.. وحباً.. وهبتني بسمات وألوان الحب.. وهبتني سعادة وفرحا لأرى الدنيا حزينة دونها..
أحبها.. لا لأني أريد ذلك..
بل لأنه لولاها ما عرفت الحب..
أحبها.. لأنها نفسي.. ومن ذا الذي لا يحب نفسه..
أحبها.. لأن عيني تعانق عينيها دون أن تراها..
حبيبتي.. الحب بدونك يفقد معناه وقيمته..
حبيبتي.. أنت لحن حياتي.. وأنت صباحي الجديد..
أنت الأمل الذي أراه حين أرى ابتسامتك الصافية.. ونفسك الطاهرة..
فأنت بلسم الروح..
فالأحلام ما أجملها وما أروعها وأنت بجواري..
فالخوف لا أعرفه إلا خوف فراقك..
أنا الرجل الذي لا يملك سوى تلك الغيمة البعيدة، ولا يجيد العزف إلا على هذه الأضلاع..
وهي بحبها دوما جميلة.. بها شيء أيقظ الملائكة داخلي، ولا أعرف قبلها حبا يستحق الذكر.. معها فقط بدأت حكايتي ومعها ستنتهي..
أيها الحب..
رفقا بهذا العاشق..
فأجمل قدر كان قدرها..
وكذلك هو حبها أيضا..
وأنا ذلك المدمن على الحب الشاهق للخوف والتلاشي..
أشعلت معابدي بالشوق..
سألوني عنها فغمر الدمع عيني..
فأدركت حينها بأني العاشق الحزين..
كيف لا أكون العاشق الحزين..
فببعدي عنها يزداد الحنين..
فأنا كالتائه في الصحراء سنين..
وبينما اللهفة لها تغمرني..
فتسرح أفكاري وتستظل في حبها..
ففي كل يوم يزداد حبي..
وشوقي فأنا على يقين..
بأن العالم من حولي أصبح مجهولا..
وهي فيه ملكتي.. ويستمر الحلم الجميل
لكني أنا من عاش بين الدموع أسير..
وأنا من أظلم في وجه القمر المنير..
وأنا من وضع قلبه في نعش التعساء..
وأنا من ألقى بمشاعره في مقبرة البؤساء..
فأجابني القدر اخضع لي فقد حكمت عليك أن تكون حزين..
لكني سوف أحمل حبها في قلبي..
و أبحر.. و أبحر..
وسط بحار ألم..
وسط بحار خوف..
وسط بحار الغربة..
بدون عودة..
بدون رجوع..
سوف أدخل سجن ذكريات..
ولأن أعود..
وسأبقى أرسم ملامحها..
أرقبها من السماء كل ليلة..
وقلبي لها..
وقلبــي لهـا..
أحبهـا.. أحبهـا.. أحبهـا إلى أن أمـوت..
ولن أتخلى عنـها..
المصدر: