فلسطين - زياد حلبي
"إفشال قافلة التضامن الدولية الجوية مع الفلسطينيين"، قد يكون العنوان الإسرائيلي، الذي يلخص يوماً طويلاً في مطار بن غوريون شرق تل أبيب، حيث انتشر أكثر من 650 رجل أمن بعضهم بملابس مدنية، لمنع ناشطي سلام أجانب من دخول إسرائيل وصولا إلى بيت لحم للمشاركة في إقامة أول مدرسة دولية هناك، في إطار حملة تضامن، تحت عنوان: "أهلا بكم في فلسطين".
سلطة الهجرة الإسرائيلية المزودة بقائمة سوداء اسمية، شرعت منذ ساعات الصباح بتحديد المشتبه في "تضامنهم" مع الفلسطينيين وتسليمهم إلى قوى الأمن بعد تسليمهم رسالة تقول إن إسرائيل هي "الديمقراطية الوحيدة التي ترعى حقوق الإنسان في المنطقة"، عدد المتضامنين الذين نجحوا في الوصول إلى مطار تل أبيب، كان أقل من 100 ناشط، حيث تم توقيفهم ونقل نحو 50 منهم إلى معتقل "جبعون" غير البعيد عن المطار، لترحيلهم لاحقا، حيث يحمل معظمهم الجنسية الفرنسية، فيما تم ترحيل 14 ناشطا آخرين إلى بلدانهم.
الحملة الجوية أجهضت قبل أن تبدأ
نجاح إسرائيل في منع وصول الأعداد التي كانت متوقعة من المتضامنين الدوليين، والتي قدرت بـ500-1200، تأتي بعد ضغوط مكثفة مارستها الحكومة الإسرائيلية على الحكومات الأوروبية، على شركات الطيران الدولية التي أبلغت بأنها ستضطر إلى إعادة "الممنوعين" من دخول إسرائيل على نفقتها الخاصة، ومن هنا ألغت شركات الطيران تذاكر سفر نحو 90%من المتضامنين وأبقتهم في بلادهم ولاسيما شركة "لوفتهانزا" الألمانية و"إير فرنس" الفرنسية، هذه الاستجابة والتعاون الذي أبدته حكومات أوروبية وحتى الحكومة التركية التي منعت ناشطين أجانب وأتراك من مغادرة أنقرة، أثلج صدر إسرائيل.
مفتش عام الشرطة الإسرائيلية اعتبر أن الإجراءات الأمنية، نجحت في منع مظاهر استفزاز وإخلال بالنظام العام من قبل المتضامنين الدوليين وسمحت لنحو 50 ألفاً من استخدام المطار الدولي بدون أحداث تذكر، باستثناء لربما محاولة متواضعة من ناشطي يسار إسرائيليين لتنظيم تظاهرة تأييد للحملة الدولية انتهت سريعا بتوقيفهم على ذمة التحقيق.
نتنياهو: "اذهبوا إلى سوريا وإيران وغزة"
المسؤولون الإسرائيليون يتهمون ناشطي السلام الدوليين - الذين تتعقبهم أجهزة الأمن الإسرائيلية حول العالم - بقيادة حملة منهجية ضد إسرائيل "للنيل من شرعيتها دولياً"، واتهمهم نائب وزير الخارجية داني أيالون بمحاولة تعطيل مطار بن غوريون والمس بسيادة إسرائيل، فيما شكر وزير الأمن الداخلي أهرنوفيتش دول الاتحاد الأوروبي على حسن تعاونها مع إسرائيل لإجهاض قافلة التضامن الجوية.
أما رئيس الوزراء بنيامين ننتياهو فتطرق إلى الموضوع بالقول: "لماذا يأتون إلى إسرائيل الديمقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة، إن كانوا حريصين على حقوق الإنسان، فليذهبوا إلى سوريا ما قد يساعد في إنقاذ ذبح الآلاف أو إلى إيران حيث ترجم النساء بالحجارة أو إلى غزة، حيث يستخدم الأطفال دروعا بشرية للإرهابيين وهم يستهدفون مواطني إسرائيل"، على حد تعبيره.
أين الطريق إلى بيت لحم و"هستيريا" إسرائيلية
من المفارقات التي شهدها الحدث في مطار بن غوريون، كان نجاح ثلاث ناشطات بتجاوز الدوائر الأمنية والخروج من المطار وصولاً إلى بيت لحم، بعد أكثر من عملية استجواب وتحقيق، لكن أحد الناشطين الذي وجد نفسه خارج المطار سارع إلى سؤال أحد الإسرائيليين عن كيفية الوصول إلى بيت لحم، لكن حظه العاثر أدى إلى اعتقاله فالإسرائيلي كان شرطيا بزي مدني.
كما اتضح أن دبلوماسيين فرنسيين اثنين وجدا أن اسميهما قد أدرجا على القائمة الإسرائيلية السوداء ولم يسمح لهما بمغادرة مطار تشارلز ديغول، إلى إسرائيل، إلا بعد اتصالات دبلوماسية حثيثة بين باريس وتل أبيب.
وعلى الرغم من حديث الإسرائيليين عن نجاح إفشال الحملة الجوية قال أحد الوزراء الإسرائيليين، رافضاً الإفصاح عن هويته، إن سلوك إسرائيل قد يؤتي نتيجة عكسية، فبدلا من أن نواكب هؤلاء الناشطين من المطار حتى مشارف بيت لحم، وفرنا لهم "المشهد الذي أرادوه، كرد فعل "هستيري" على عبارة "أتينا لزيارة فلسطين".