بتـــــاريخ : 3/7/2012 4:01:40 PM
الفــــــــئة
  • اســــــــلاميات
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 708 0


    يحكي مغسل الاموات

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : تائبة الى الله | المصدر : dreamsahlam.jeeran.com

    كلمات مفتاحية  :
    يحكي مغسل الاموات
     

     

     

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اتصل بي أحد الإخوة صباح يوم الخميس وقال لي : يا شيخ نريدك أن تغسل أبانا انتقل إلى رحمة الله صباح يوم الخميس
    قلت متى سوف تصلون عليه ؟ قال : إن شاء الله على صلاة الظهر
    فتوجهتُ إلى منزله قبل أن يصل جثمانه من المستشفى وقمت بتجهيز لوازم الغسل انتظاراً لوصول هذا الرجل .. فعندما أحضروه قمنا بإدخاله إلى مكان الغسل وكان مكان الغسل ليس مهيأ لذلك لعدم وجود تهوية وعدم وجود إضاءة وكان مكان الغسل تحت سلم المنزل .. فكانت الإضاءة عكسية من الناحية الأخرى قلت لابنه : إنما مكان الغسل غير جيد ! فقال لي : يا شيخ نريد أن نصل عليه لصلاة الظهر وليس هناك مكان أحسن من ذلك .. فقمنا بوضع الميت على خشبة الغسل وكما ذكرت أنه لا يوجد إضاءة كافية ولا يوجد تهوية وكان الميت ملفوف بملابس المستشفى فقمت بالبدء في تجريد ملابسه بدءاً من رأسه وعندما كشفت عن وجهه فأجد تلك الإضاءة المشرقة تشع من وجهه .. نور يشع من وجهه لدرجة أنني شاهدت جسده كامل من ذلك النور الذي يشع من وجهه .. فأردت أن أتأكد أن هذه الإضاءة أو هذا النور أو هذا الشعاع ظاهراً من وجه الميت فقمت بوضع قطعة من القماش على وجهه ليحجب الضوء لأعمل ظل للتأكد من هذه الإضاءة وسبحان الله عندما وضعت القماش على وجهه كانت الإضاءة أكثر مما سبق بالرغم من وجود حاجز بينهم وبين الإضاءة هذه أول كرامة وجدتها في هذا الرجل وهو ميت .. ثم وضعت السترة على جسده من منتصف صدره إلى منتصف ساقيه والماء من تحت السترة ثم وضعت قطعة من القماش على يدي اليسرى وبدأت في تنجية هذا الميت بالضغط براحة يدي اليسرى من أسفل السرة ضغطا خفيفا لإخراج القابل أو المائع القابل للخروج ثم أجلست هذا الميت بزاوية ليس إجلاساً كاملاً إنما إجلاس بزاوية وبدأت في ضغط على بطنه براحة يدي اليسرى وقمت بتنجيته وأخرجت يدي فلم يخرج منه مائع لا بول ولا غائط ولا براز وعادة يا إخوان عندما يحضر لي جنازة أو أقوم بالذهاب إلى منزل الميت لتغسيل جنازة يكون له أكثر من ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر داخل المستشفى أو داخل المنزل تحت العناية المركزة لا يتناول سوى المغذيات عن طريق الوريد وهو مقعد إقعاد كامل عند موته وأقوم بتجريده من ملابسه أجد أكرمكم الله البول أو البراز من أسفل الرقبة حتى أسفل الركبتين وأنا كما ذكرت لكم أنه له أكثر من ثلاث أو أربع أشهر داخل المستشفى أو المنزل لكن هذا الرجل الذي قمت بغسله لم يخرج منه مثل ذلك .. ثم قمت بغسل هذا الرجل بالماء لتليين مفاصله كاملاً وبدأت في توضئة هذا الميت وضوء الصلاة .. عندما رفعت عن يده اليمنى لتوضئته ماذا وجدت يا إخوان ؟! ماذا وجدت في هذا الرجل ؟! .. وجدته ناطق بالشهادة .. ناطق بالشهادة بإصبعه .. فحاولت أن أقوم بثني هذا الإصبع ليس لسبب ما إنما سوف يعيقني عند تكفينه وذلك عند وضع يده اليمنى على يده اليسرى فسوف يعتقد كل من يصلي على هذا الرجل داخل المسجد أن هذه الجنازة لامرأة لاختلاف شكل الكفن .. فقمت بتوضئته وهو مسبل يديه وقد حاول معي أحد الإخوة أن نثني هذا الإصبع فلم نستطيع لم نستطيع ثني هذا الإصبع بكل ما أوتينا من قوة ! وهذه هي الكرامة الثالثة التي وجدتها في هذا الرجل .. ثم بعد الانتهاء من الغسل أردنا حمله من خشبة الغسل أو دكّة الغسل إلى النعش أو مكان تكفين الرجل فعند إنزاله إلى دكّة التكفين عادة بعد وضع الميت على الأكفان يقوم أقرب الناس إليه بدهن ميتهم بعطر العود أو أي عطر يقوموا بدهن مواضع السجود التي كان يسجد فيها الميت في المسجد لكن عند إنزال هذا الرجل يا إخوان إلى دكّة التكفين وقبل أن نضع عليه أي طيب صدرت من هذا الميت ريح لم أشتمها في حياتي .. لا هي ريحة عود ولا مسك لا عنبر ولو اختلطوا جميعا مع بعض .. فأردت التأكد أن هذه الريح صادرة من هذا الميت فقمت بمسح عن جبينه واشتميت هذه الريح جهة أنفي فوجدت أن هذه الريح عالقة في أنفي لم تزول لأكثر من ثلاث أيام حتى اغتسلت من جنابة .. وأردت التأكد من ذلك فقلت : يمكن هذه الريح صادرة من أحد الإخوة أو أحد الأبناء الذين حضروا معانا الغسل ، فقلت في نفسي بعد الانتهاء من تكفين هذا الرجل أطلب من أحد الإخوة من هذه الريح قليلا لكي نصلي على هذا الميت في المسجد
    فلم نتأكد يا إخوان أن هذه الريح صادرة من هذا الميت إلا بعد أن أدخلنا هذا الرجل للصلاة عليه في المسجد .. عند وضع الجنازة للصلاة عليه في المسجد فكل من كان في الصفوف الأولى يشتم هذه الريح عن يمينه وعن يساره لا يعلم مصدرها ، حتى إمام المسجد يشتم عن يمينه وعن يساره ولا يعلم من أين هذه الريح ..
    ثم احتملنا هذا الرجل إلى المقبرة وأنتم كما تعلمون أن المقبرة غرفة ضيقة ليس لها مكان تهوية سوى فتحة في الأعلى نقوم بإنزال الميت من جهة رجل القبر وننزل الميت من جهة رأسه سلاًّ إلى القبر ثم نقوم بوضعه على جنبه الأيمن باتجاه القبلة ثم نقوم بحل الأربطة .. وعند إنزال هذا الرجل إلى داخل القبر كانت الريح يا إخوان أشد مما سبق في غرفة الغسل وفي المسجد لماذا ؟!! لأن القبر مكان ضيق ولا يوجد هناك تهوية فكانت الريح شديدة كل من كان داخل القبر اشتم هذه الريح من هذا الميت ! فأردت أن أقوم بوضع قليل من التراب على ظهره لإسناده ناحية القبلة أو باتجاه القبلة فلم أستطيع لمّ هذا التراب إلى ظهره يا إخوان ، لماذا ؟! لأن يدي تشنّجت ليست من حرارة القبر ! وكان وقت الدفن بعد صلاة الظهر في عز الصيف وفي يوم الخميس ! تشنجت يدي بسبب أن هذا الرمل كان بارد لدرجة أبرد من الثلج ! كأنني أردت أن أحفّه بالثلج ناحية ظهره فلم أستطيع ذلك فتشجنت يدي اليمنى فقمت بلفها بشماغي وقمت بلم هذا التراب ناحية ظهر هذا الميت ..
    بعد الانتهاء من دفن هذا الرجل قام الحاضرين بحث التراب على هذا القبر ثم توجهوا إلى القبلة وقاموا بالدعاء والسؤال لهذا الميت بالثبات ...
    ففي نفس اليوم ذهبت للصلاة في المسجد القريب من منزله وهو الذي صلينا على هذا الرجل فيه .. فقمت بالسؤال عن هذا الرجل وكيف مات ؟! .. فكلما سألت عن يميني وعن يساري لم يذكر لي إلا شيئا واحداً وهو أنه لا يعرفون هذا الرجل سوى أنهم يشاهدونه فقط في المسجد فعند صلاة العشاء حضر جميع المعزين لهذا الرجل إلى المسجد وبعد الانتهاء من الصلاة قام الإمام يا إخوان قام إمام المسجد يزكّي على هذا الرجل يزكي على هذا الميت ويقول يا إخوان اليوم فقدنا نور من أنوار الله في المسجد هذا .. يقول الإمام منذ افتتاح هذا المسجد وأنا أصلي جميع الفروض الخمسة لم أحضر يوم من الأيام وسلمت عن يميني وعن يساري إلا وأجد هذا الرجل في الصف الأول في المسجد إما عن يميني وإما عن يساري حتى مؤذن المسجد يا إخوان يقول في هذا الرجل: يا إخوان أنا أتي لصلاة العشاء وصلاة الفجر فأحضر إلى المسجد وأجد هذا الرجل جالس على عتبة المسجد يقرأ القرآن ينتظر الآذان .. حتى عامل النظافة يا إخوان عامل نظافة المسجد يقول في هذا الرجل : أنه بعد صلاة العشاء وبعد صلاة الفجر يريد أن يقفل المسجد للذهاب إلى النوم يقول إن هذا الرجل لا يُخرِج رجله اليسرى من باب المسجد إلا أن تكون آخر رجل خرجت من هذا المسجد .. حتى عامل النظافة يخرجه من المسجد قبله ثم يخرج هذا الرجل من المسجد .. فمات يا إخوان .. مات هذا الرجل وقلبه متعلق بالمسجد .. مات هذا الرجل وهو صائم .. مات هذا الرجل وهو ناطق بالشهادة بإصبعه .. مات هذا الرجل يوم الخميس وهي من الأيام المباركة فقمت بسؤال ابنه احك لي كيف مات أبوك ؟! فقال عن لسان والدته قال : يا شيخ أرادت والدتي أن توقظه لصيام يوم الخميس بتناول وجبة خفيفة فعندما أرادت أن توقظه بدأ ينهرها ويقول لها : ابعدي عني ابعدي عني ابعدي عني إني أحس وأشعر بسعادة لم أشعر بها من قبل لا أريد أن آكل لا أريد أن أشرب دعيني لوحدي دعيني لوحدي ! .. فجلست في القرب منه تقرأ القرآن حتى نام .. ثم عند الساعة الواحدة صباحاً بدأ ملك الموت ينتزع روح ذلك الرجل من رجليه فبدأ ينتفض وتبرد رجليه فأحست زوجته أن هذا البرود غير طبيعي عن بقية جسده فأيقظت أبناءها وقالت لهم إن أباكم ليس بخير اذهبوا به إلى المستشفى .. فذهبوا به إلى المستشفى وأدخلوه إلى العناية المركزة وقام الأطباء بوضع جهاز الأكسجين على وجهه والمغذيات على يده اليسرى وجهاز القلب على صدره ثم خرج وقال لأبنائه وزوجته اذهبوا إلى المنزل وتعالوا غداً إن شاء الله ليكون والدكم بأحسن حال .. وكانت إرادة الله أسرع .. يقول الممرض الذي كان بجانبه يقرأ القرآن يقول شاهدت هذا الرجل وهو يرفع يده اليمنى وأصبعه إلى أعلى أكثر من مرة ! وليس ذلك بغريب فقد شاهدت ذلك مراراً لكن الغريب يا إخوان أن يده ترتفع بالشهادة وجهاز القلب واقف ! وجهاز ضربات القلب واقف ! فقام بسرعة باستدعاء الطبيب لعمل الصدمات الكهربائية له لضربات القلب وقبل أن يضع الجهاز إلى صدره وجد هذا الرجل يرفع يده لأكثر من مرة ناطق بالشهادة ! فعُمل له الصدمات لكن كانت إرادة الله أسرع .. كانت إرادة الله أسرع .. توفي هذا الرجل يوم الخميس وهي من الأيام التي تعرض فيها الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى .. وقمت بتنجية هذا الميت ولم يخرج منه كبقية الأموات لماذا ؟! لأنه كان صائما .. مات وهو صائم ويده ناطقة بالشهادة عند تنجيته وتوضئته لماذا ؟! لأنه لم يستطيع نطقها وأجهزة المستشفى على وجهه فنطقها بإصبعه .. وأنتم كما تعلمون يا إخوان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( من كان آخر كلامه من الدنيا لا اله إلا الله دخل الجنة ) وهذا النور يا إخوان وهذا النور الذي سطع من وجهه نور الإيمان نور الإيمان وهذه الريح الطيبة ريح طيبة ليست كأرياح الدنيا أسأل الله لي ولكم يا إخوان أسأل الله لي ولكم أن يحسن لنا خاتمتنا ..

     

     
    طلب مني أحد أئمة المساجد في ساعة متأخرة من الليل اتصل بي وقال لي يا شيخ أريدك أن تغسل أبي انتقل إلى رحمة الله تعالى في يوم الاثنين
    فقلت له : كيف أنت إمام مسجد ولا تستطيع أن تغسل أباك ؟!
    فقال لي يا شيخ أرجوك أن تحضر .. فذهبت يا إخوان إلى منطقة كانت وعرة جداً وكان يصعب الدخول إليها بالسيارة فدخلت باتجاه واحد في مكان ضيق ووسط أزقة صغيرة ثم أوقفنا السيارة ونزلت راجلاً ومشينا مسافة ثم عندما حضرنا إلى المنزل ذكرت لابنه أين والدكم ؟! هل هو في المنزل أو في المستشفى ؟! فقال لي لا يا شيخ إنه موجود في ملحق في الدور الثاني .. وكما ذكرت لكم أن هذا البيت شعبي فطلعنا إلى دور الثاني ثم إلى الملحق ودخلت على والد الإمام فوجدته مستلقياً على سرير من خشب في مكان غسل ضيق إنما كان هناك مكيف وكان إضاءة كافية لغسل هذا الرجل فبدأت بمساعدته بتجريد هذا الرجل من ملابسه وقمنا بتغطيته بالسترة وبدأنا في تنجيته ثم توضئته ثم غسله كاملاً .. في الغريب يا إخوان أنني لا أعرف عن هذا الميت سوى أنه والد هذا الإمام والأغرب من ذلك أنني كلما حركت جزء من جسد هذا الرجل لأغسله كانت رقبته غير طبيعية ، كيف ذلك ؟! كان طول الرقبة أكثر مما هو طبيعي ! .. استغربت في طول هذا الرقبة ! .. بعد الانتهاء من غسل هذا الرجل كان في العقد الرابع من العمر قمنا بتكفينه وقبل إنزال هذا الرجل من بيته إلى المسجد للصلاة عليه سمعت من ولده يقول لبعض الإخوة اذهبوا إلى المسجد فلان والمسجد فلان والمسجد فلان وقولوا لهم أن الصلاة على فلان سوف يكون في المسجد الرئيسي في الشارع العام
    فقلت لابنه ماذا يعمل أبوك ؟! فقال : لا تعلم يا شيخ ! .. قلت له لا أعلم لماذا أرسلت الإخوة للتنبيه للمصلين في هذه المساجد الصغيرة بأن صلاة على والدكم سوف يكون في هذا المسجد الكبير ؟! .. فقال لي : يا شيخ إن أبي مؤذن لأحد هذه المساجد الصغيرة منذ أكثر من ثلاثين سنة .. عندها علمت أن هذه الرقبة في الغسل كانت غير طبيعية لأن هذا الرجل كان ينادي للصلاة في المسجد .. أنزلنا هذا الرجل يا خوان من هذا المكان الضيق وهذه الأماكن القديمة ثم ذهبنا به إلى المسجد في أول الشارع ، عند إدخال هذا الرجل في المسجد لم يكن الحضور يتعدى الصف الواحد لكن يا إخوان كنت أقرأ القرآن وأوذن لصلاة الفجر وقمنا بالصلاة وبعد الانتهاء أحضروا هذا الرجل أو هذا المؤذن للصلاة عليه وبعد الانتهاء من الصلاة على هذا الرجل التفت عن يميني وعن شمالي ومن ورائي فلم أجد مكان للخروج من هذا المسجد لدرجة أن المصلين أقفلوا الشارع العام ! كثرة المصلين على هذا الرجل تعدى حدود المسجد إلى الشارع العام فتبعت الجنازة حتى إدخالها السيارة ثم انطلقنا به إلى المقبرة وقبل وصولي إلى المقبرة وجدت الكثير من الإخوة ! اعتقدت أنهم منتظرين هذا الرجل فقاموا بإتباعي حتى باب المقبرة وقمنا بإنزال هذا الرجل إلى المقبرة ودفنه ثم الدعاء له وعند ذلك وجدت أن جنازة أخرى قد حضرت وكان أكثر الحاضرين لهذه الجنازة التي قمت بغسلها ، توجهوا إلى هذا الرجل الميت الآخر لماذا ؟! لأنهم في الأصل حضروا إلى هذه المقبرة انتظاراً لهذا الرجل كان يصلي عليه في أحد المساجد القريبة من المقبرة لكن الذي قمت بغسله كان في حي بعيد ووصلت جنازته إلى المقبرة قبل وصول هذا الرجل المهم الذي كان جميع الناس في انتظاره ، لذلك كسب الميت الذي قمت في غسله أجر جميع الحاضرين في هذه المقبرة بالدعاء له ثم انتقلوا إلى الميت الآخر .. فكانت بشرى خير لهذا الرجل فسألت ابنه كيف مات ؟! فقال : يا شيخ عادة من أبي قبل أن ينزل لأذان الفجر من كل يوم يقوم باكراً ويقرأ القرآن في هذا الملحق وفي ذلك اليوم ذهب لقراءة القرآن0في هذا الملحق وعادة ينزل إلينا ويستأذن أنه ذاهب إلى المسجد للأذان فلم ينزل كالمعتاد فطلعنا إليه فوجدناه ممداً باتجاه القبلة وقد انتقل إلى رحمة الله تعالى .. فأسأل الله أن يتغدمه بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
    وكان هذا الرجل يا إخوان وكما ذكرت في العقد الرابع من عمره وكان يؤذن منذ ثلاثين سنة أي كان يؤذن وهو عمره عشر سنوات وهو في حلقات التحفيظ في القرآن ، كان المؤذن هو أستاذه الذي يعلمه القرآن كان من جمال صوته أن يسمح له برفع الأذان .. ثلاثين سنة يا إخوان وهو يؤذن وهو عمره عشر سنوات وهو يؤذن ومات بهذه الطريقة ورقبته كما ذكرت أثناء الغسل والتكفين ليست طبيعية ..

    ( لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب ما كان حديثًا يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدىً ورحمة لقومٍ يؤمنون )

     

     
    كنت جالس داخل مكتبي في أحد المقابر التي عينت فيها كمتطوع بدون أجر أراجع بعض الأوراق فدخل علي شاب وعليه علامات الغضب والحزن وقال لي يا شيخ إن أخي توفي ونريد تجهيزه لصلاة الظهر، فقلت أين أخاك ؟! فقال لي داخل السيارة يا شيخ .. قلت : قم بإنزاله داخل المغسلة وضعوه على دكّة الغسل حتى أبدل ملابسي . فدخلت على هذا الشاب وكان في العقد الثالث في العمر وكان داخل المغسلة اثنين من أقاربه وأخاه وأحد أصدقائه ، كان هذا الشاب بملابسه لأنه توفي داخل المنزل فقمت بالبدء بتجريده من ملابسه بواسطة المقص بدءاً من كمه الأيمن حتى الرقبة ثم نزولاً من الرقبة حتى رجليه .. إنما وجدت في هذا الشاب أنه كان ملفوف الرأس بشماغه لفة غير طبيعية كأنه مشنوق فقمت بنزع هذا الشماغ بصعوبة من وجهه وليتني لم أفعل ! عندما كشفت عن وجه هذا الشاب ليتني لم أفعل يا إخوان ! كأنني كشفت عن فتحة مجاري للمياه لماذا يا إخوان ؟! لأنه هناك ريح صدرت من فم هذا الشاب لم أستطيع تحملها ، ريح نتنة ريح عفنة ريح نافذة قوية لم يستطيع أقربائه تحمل هذه الريح فخرجوا من داخل المغسلة .. بقيت أنا وأخاه وأحد زملائه فلم أستغرب من أخاه وزميله أنهم تأثروا من هذه الريح لماذا ؟! لأنني وجدت هذه الريح تصدر منهم أيضا .. أتعلمون يا إخوان ما كانت هذه الريح التي تفوح من فم هذا الميت ؟! كانت ريح الدخان والعياذ بالله .. كأن هذا الميت مات وهو يشرب الدخان .. ريح نتنة تصدر من هذا الميت بدرجة أنني فقدت توازني فقمت بوضع قطعة من القطن عليها قليل من الطيب داخل أنفي لتغيير هذه الريح ولم يتأثر أخاه وزميله من هذه الريح لماذا ؟! كما ذكرت لأنني وجدت علبة الدخان في جيب أخيه فقمت بتجهيز وغسل هذا الشاب وأنزلناه إلى النعش لنكفينه ثم أردت أن أضع بعض الطيب على أماكن السجود التي كان يسجد فيها لله في المسجد ولتخفيف هذه الريح عنه فقمت بدهن جميع مواضع السجود وقمت بدهن جسده كاملاً بهذا الطيب ومع ذلك يا إخوان لم أستطيع أن أخفف ريحة هذا الدخان من جسده ، وبعد تكفينه قمت بوضع زجاجة أخرى من هذا الطيب إلى الكفن لدرجة أن أي واحد يشاهد هذا الميت وهو مكفن وعليه علامات خارج الكفن من البقع يظن أن المغسل لم يحسن الغسل ! إن هذه البقعة كانت من الطيب لتخفيف ريحة الدخان التي تصدر من هذا الميت ومع ذلك لم أستطيع تخفيف هذه الريح .. ثم وضعنا عليه الغطاء الأخير ووضعت فوق الغطاء بعض الطيب ولا زال ريحة الدخان تملأ هذه الغرفة ! .. العبرة ليست هنا يا إخوان العبرة عندما خرجت من باب المغسلة للتوجه لدورات المياه للاستحمام كان خارج المغسلة الكثير من الإخوة منتظرين بعض الجنائز لتجهيزها بالمقبرة فكان في ذلك اليوم أكثر من أربعة جنائز منها جنازة لامرأة وجنازة لرجلين وجنازة هذا الشاب الذي قمت بغسله .. وعند خروجي وجدت أحد الإخوة يصرخ في الحاضرين ويقول أمام الناس: ألم يجدوا غير هذا الشيخ المدخن ليغسل موتانا ! وقالها أكثر من مرة ولم أعيره أي انتباه وذهبت إلى دورات المياه ثم عدت ثانية فوجدت هذا الرجل يقف في وسط المدخل ويشير إلي ويقول لي : يا شيخ ألا تتقي الله تغسل موتانا وأنت تدخن ! اتقِ الله يا شيخ ! كيف تغسل موتانا وأنت تدخن ! .. فمسكت من يده ثم قمت بإدخاله إلى داخل المغسلة ثم كشفت عن وجه هذا الشاب وقلت له : جزاك الله خيرا يا أخي لقد قمت بالصراخ علي أمام الناس واتهمتني بهذه الريح النتنة أنها صادرة مني إنما هي من هذا الميت الذي قمت بإحضاره إلى المقبرة ! .. فقال كيف يا شيخ ؟!! .. قلت له : هذا هو الشاب أمامك وهذه الريح لا زالت في الغرفة .. فاقترب من هذا الشاب واشتم هذا الريح فلم يستطيع تحمل هذا الريح ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله فقال لي يا شيخ الآن سوف أخرج وأقول للحاضرين أن هذه الريح ليست من الشيخ .. فقلت له لا ، لا تفعل ذلك لأنك لو خرجت وقلت ذلك سوف تفضح هذا الشاب إنما أنا أتحمله لأن كل الموجودين في الخارج لن يصدقوا أن هذه الريح من مغسل الأموات لكن لي طلب عندك ؟! .. قال أبشر يا شيخ .. قلت ميتك هذا لا نستطيع الصلاة عليه ، قال كيف يا شيخ إن هذا الشاب مسلم وشرب الدخان معصية والله هو الذي سوف يحاسبه على هذه المعصية . فقلت له نعم لكن أنت كما تعلم أن الملائكة تتأذى من رائحة البصل والثوم والكراث في المسجد فكيف بهذه الريح النتنة التي تصدر من هذا الميت ! ولا تنسى أن هناك أكثر من جنازة سوف يصلون عليها في هذا المسجد فلو أحضرنا هذا الشاب إلى هذا المسجد للصلاة عليه سوف يعتقد ويظن الكثير من المصلين أن هذه الريح صادرة من نفس الميت الذي حضروا للصلاة عليه .. فقال لي وهو غاضب : لا يا شيخ لابد لنا أن نصلي على هذا الشاب في المسجد . فقلت له إن الحكم بيني وبينك إمام المسجد فدعنا نذهب إليه سوياً فذهبنا إلى إمام المسجد وقلت له في عجالة ما حصل لهذا الشاب وهذه الريح النتنة التي تصدر منه فقال لي الإمام : هل أحسنت غسله يا شيخ ؟ قلت نعم ، غسلته ثلاثا ثن خمسة ثم سبعة ثم طيبته ولم أستطيع تخفيف هذه الريح . فأراد الإمام أن يحضر وذلك لمزيد من التأكيد فقبل أن يفتح باب المغسلة وإذا بهذه الريح تخرج من هذه الغرفة إلى وجه هذا الإمام فلم يستطيع الإمام الدخول فقام بإقفال باب المغسلة وقال لمرافقه لا نستطيع الصلاة عليه في المسجد صلوا عليه داخل المقبرة .. فقام غاضباً هذا الرجل وذكر له مثل ما ذكر لي إلا أن الإمام أصرّ على أنه لا يصلى على هذا الرجل داخل المسجد .. فلكم أن تتخيلوا يا إخوان أخرجنا هذا الشاب من المغسلة ووضعناه للصلاة عليه في ممر المدخل وطلبت من الإخوة الحاضرين لأكثر من مرة يا إخوان يا مسلمين دعونا نصلي على هذا الشاب لنقوم بدفنه . فلكم أن تتخيلوا يا إخوان بعد أن قلت لهم وطلبت منهم أن يشاركوني في الصلاة على هذا الشاب لم يقم ولا أحد من الإخوة الحاضرين داخل هذه المغسلة للصلاة على هذا الشاب ! .. قام أحد الإخوة وقال لي لاختصار الوقت قال لي اسمع يا شيخ نحن حضرنا ولدينا جنائز هنا للصلاة عليها فنحن أولى بالصلاة على الجنائز التي حضرنا لأجلها صلّ على هذا الشاب يا شيخ وأسرع بدفنه .. فقمت أنا والعاملين بالمقبرة وبعض مرافقي البعض فقط ، البعض الآخر رفض الصلاة على هذا الشاب . لم نتعد أصابع اليدين يا إخوان في الصلاة على هذا الشاب ثم قمنا برفعه والذهاب به إلى القبر وهنا كانت العبرة يا إخوان أنتم كما تعلمون عند إنزال الميت إلى داخل القبر نقوم بإنزاله وندخل الميت من جهة رأسه سل ثم نقوم بوضعه على جنبه الأيمن باتجاه القبلة ثم نقوم بحل الأربطة وعندما أنزلنا هذا الشاب .. يا إخوان كانت العبرة داخل القبر ! كان من حضر معاي الغسل أخاه وأحد أصدقائه واثنان من أقربائه كانوا داخل القبر فعند توجيه هذا الشاب إلى القبلة وبدأت بحل الأربطة فوجدت شيئا يتحرك من جهة رأسه فعندما إلتفت عن يميني وجدت وجهه إلى عكس القبلة ! فأردت أن أتأكد أن ذلك لم يكن مقصوداً فحاولت توجيه وجهه إلى القبلة مرة أخرى وقمت بحل عقدة من الأربطة إنما وجدت للمرة الثانية أن وجهه على عكس القبلة لدرجة أن أخاه انهار داخل القبر وأصابه شلل مؤقت من منتصف رجليه فقال لي : يا شيخ دعني أحاول توجيه أخي إلى القبلة . فقلت له تفضل ثم خرجت من القبر واتصلت بأحد المشائخ جزاه الله خيرا وشرحت له ما حصل لي منذ بداية غسل هذا الشاب .. فتوقعوا يا إخوان ماذا قال لي الشيخ ؟! .. ماذا قال لي الشيخ ؟! .. قال لي وهو يبكي : أتريد أن تعصي الله يا شيخ ! أتريد أن تعصي الله ، الشيخ ينهرني ويقول لي أتريد أن تعصي الله ! فقلت له : كيف يا شيخ ؟! قال : ألم تكتفي بما وجدته من هذه الريح النتنة أثناء الغسل ومن رفض بقية الإخوة للصلاة عليه ثم إنزاله للقبر وقمت بتوجيهه للقبلة مرة ومرتين ولم يتوجه إلى القبلة وتريد أن تعصي الله وتريد أن توجهه إلى القبلة عنوة وبالقوة ! ادفنوا هكذا ادفنوا هكذا وأقفل الخط ! .. فنزلت لأخرج من كان داخل القبر فوجدت أن أخاه قد انهار كلياً من محاولته لتوجيه أخاه باتجاه القبلة حتى أنني وجدت شكل الكفن من ناحية الرأس ليس طبيعياً من محاولته لتوجيه أخاه للقبلة فقمنا بإخراج أخاه من القبر وهو محمول على الأكتاف لأنه انهار جداً ولا يستطيع المشي أو الوقوف بسبب ثقل رجليه من هول المنظر الذي رآه .. قمنا بإدخال هذا الأخ إلى داخل المكتب عندي ثم أخرجت من كان بالمكتب وأقفلت المكتب ثم قلت له : كيف مات أخوك ؟! .. فقال لي يا شيخ كما هو موضح لديك بتصريح الدفن وتبليغ الوفاة . قلت أنت شاهدت بنفسك ماذا حصل لأخاك داخل المقبرة فأخذ يبكي ويقول لي استر أخي الله يسترك ! استر أخي يا شيخ الله يسترك ! قلت له: قل لي .. فقال لا أستطيع .. قلت له إن لم تذكر لي سوف أخرج من هذا المكتب وأذكر لكل الموجودين داخل المغسلة ماذا حصل لأخيك داخل هذا القبر ! وأنا لا أعني ذلك يا إخوان منذ بدايتي لهذا العمل النبيل منذ أكثر من أربعة عشر سنة لم أقوم بفضح أي ميت أو أذكر محاسنه أو عيوبه أو أذكر اسمه أو جنسيته أو مكان دفنه إنما أردت أن أخوفه بذلك .. فعندما أردت فتح باب المكتب قام أخوه وأخذ يقبل رأسي ويقول لي يا شيخ استر أخي الله يسترك استر أخي الله يسترك .. فقلت له احك ماذا رأيت في القبر؟! ومن الذي جعلك بهذا المنظر ؟! فقال يا شيخ إن سبب انهياري داخل القبر ليست من ريحة الدخان التي صدرت من أخي أثناء الغسل وليست من رفض الإخوة أن يصلوا عليه إنما لهول المنظر الذي رأيته داخل القبر .. قلت ماذا ؟! قال من منظر وأنت تريد توجيه أخي إلى القبلة ثم عند حلك للأربطة نجد أن وجهه اتجه إلى عكس القبلة فأصابني الانهيار لقد تذكرت أن أخي كان لا يوجه وجهه للقبلة في المسجد فأراد الله أن يفضحه داخل القبر ولا يريد توجيهه إلى القبلة فأصابني هذا الانهيار لقد أنهرت يا شيخ عندما تذكرت أن أخي لا يصلي لم يوجه وجهه للقبلة ! فكيف له وهو ميت أن يتوجه وجهه للقبلة ! .. فقلت له لماذا لم تذكر لي ذلك أثناء الغسل ؟! فقال لي يا شيخ إن أخي يصلي إنما كان يصلي رياء ونفاق فكان يجمع ويقصر دون سبب لذلك وإذا كانت هناك مناسبات فإنه يجمع جميع الفروض دفعة واحدة وفي بعض الأيام وبعض الرحلات لا يصلي هذا اليوم كله ..

    وقد ظهر المغطّى من قبيح المعاصي *** وانـجـلاء عـنــه الـغـطـاء
    كتبـت صحائفـي ذنـبـاً وإثـمـاً *** فهل يجدي لـدى المـوت العـزاء
    وهـل يجـدي النحيـب إذا تمـادت *** هـي السكـرات أو حـلّ الـبـلاء
    وأبصرت الطريـق وكنـت أعمـى *** وما يجـدي وقـد حـان الجـزاء

     

    في المقبرة بعد صلاة العشاء قال إنه سوف يحضرون بعد لحظات أو بعد دقائق إنما أنا حضرت قبلهم حتى لا تقفلوا المقبرة ثم أحضروا هذا الشاب في سيارة خاصة وأدخلوه إلى المغسلة ثم بدأت بتجريد ملابسه كان هذا الشاب قد أحضروه من ثلاجة المستشفى وبدأت بتجريد ملابسه وعندما كشفت عن وجهه وجدت والعياذ بالله أن لون وجهه يختلف عن بقية جسده من منبت شعر الرأس حتى أسفل الذقن ومن شحمة أذنه اليمنى حتى شحمة أذنه اليسرى أسود مثل الفحم وكان تغير الوجه ليس طبيعياً ! وذلك بأن وجهه كان كأنه مشوي على النار أما بقية جسده فكان في حالة طبيعية .. فذكرت لمن كان معي هل مات هذا الشاب في حادث ؟! فقالوا نعم .. لكن عندما انتهيت من غسل هذا الشاب وكان يا إخوان كلما أردت تحريك عضو من عضو هذا الشاب لغسله أجد صعوبة في قلبه إلى جنبه الأيمن وإلى جنبه الأيسر أجد صعوبة في رفع يديه أجد صعوبة في رجليه والأكثر صعوبة والعبرة في ذلك أن وجهه عند غسله كان في عكس الاتجاه للقبلة في دكّة الغسل .. نحن في دكة الغسل عملت خصيصاً إلى القبلة لكن هذا الشاب وفي أثناء غسله كان ينحرف في الغسل عن القبلة .. بالنسبة لي المنظر كان ليس طبيعياً إنما من كان حاضر في هذا الغسل كان الأمر له طبيعي .. عندما انتهينا من غسل هذا الشاب قام أحد الإخوة باستدراجي داخل المغسلة وقال لي يا شيخ اللهم قد بلغت اللهم فاشهد لقد كذب من كان في رفقته ولم أستطيع تحمل ذلك . وقلت كيف ؟! قال يا شيخ هذا الشاب لا يصلي ولا عمره صلى ركعة لله تعالى ولم يمت هذا الشاب كما ذكر لك الإخوة أنه مات في حادث لقد مات موتة طبيعية يا شيخ وجدناه في منزله وهو ميت إنما كان لا يصلي يا شيخ ولو مرة أو يوم من الأيام في المسجد .. فجهزت هذا الشاب وعند إخراجه خارج المغسلة للصلاة عليه طلب مني من كان برفقته أن أصلي هذا الشاب فرفضت ذلك وقلت لهم صلوا على ميتكم صلوا على ميتكم وقوموا بدفنه مع الإخوة العاملين بالمقبرة .. أسأل الله تعالى أن يحسن لنا خاتمتنا يا إخوان .........

    أيغني الدمع أم يجدي البكاء *** إذا ما حل بالروح القضـاء
    وحانت ساعة السكرات حقاً *** ولاح الموت ليس به خفاء

     

    أما القصة الثانية التي أرويها لكم حصلت لشاب في الثلاثينات من العمر أحضروه إلى المغسلة وكان برفقته بعض معارفه وإخوانه فوجدت من أحد الإخوة يقوموا بإخراج جميع من كانوا موجودين في المغسلة من ضمن الذين أخرجهم والد الميت فافتكرت أنه هو الولي أو الأخ الأكبر لهذا المتوفي .. فعندما بدأت في تجريد ملابسه فوجدت الأخ هذا يبكي بحرقة شديدة ليبكي بصوت فاستغربت في ذلك فحاولت أن أركز في عملي إنما من شدة بكاء الشاب هذا دعاني إلى سؤاله فقلت له الله يجزاك خير أدعو لأخوك بالرحمة والشفقة فهو الآن في وضع الرحمة والشفقة فقال لي وهو يبكي : إنه ليس أخي إنه ليس أخي ! فاستغربت كيف ليس أخوه ويقوم بإخراج أبوه ووالده وإخوانه من مكان الغسل ويبقى هو لوحده !
    حاولت أن أستدرجه في الكلام علشان أخفف بكاءه فقال لي يا شيخ هذا أكثر من أخي هذا أكثر من أخي وأبي ,, فقت له كيف الله يجزيك خير .. قال لي يا شيخ درسنا الابتدائية سوى ودرسنا المتوسطة سوى ودرسنا الثانوية سوى وتخرجنا سوى وعينّا الاثنين سوى في دائرة حكومية سوى وتزوجوا أختين سوى وربنا رزق كل واحد ولد وبنت وساكنين في عمارة سوى كل واحد آخذ شقة قبال الثاني كل يوم يروح للشغل عملهم بسيارة واليوم الثاني يروح بسيارة الأخ الثاني إذا فطر مع صديقه هذا فالعشاء في البيت الثاني والغداء في بيت صديقه الآخر . فيقول لي أسألك بالله يا شيخ هل مر لك إخوان شغفا بالطريقة هذه ؟!! فقلت لا والله .. وأنا أسأكم بالله هل مر عليكم هذا الأمر ؟! .. قلت له أخي شقيقي أنا يعمل لا أشاهده إلا في المناسبات فقلت له ادع له الله يتغمده برحمته وقمنا بالصلاة عليه ودفنه بعد صلاة الظهر .. العبرة ليست هنا يا إخوان .. العبرة أنه في المقبرة يوجد في الصف الواحد بما يساوي ثلاثين قبر ومن النادر جداً إذا صليت على جنازة الصبح في المقبرة كمثال رقم 17 وحضرت لصلاة العشاء تجد أن القبر وصل لرقم 22 أو 23 فمن النادر جداً إنه ما ندفن في هذه المقبرة في أوقات الصلاة الحكمة هنا يا إخوان،، ثاني يوم العصر جابوا لي صاحبه ميت ! ثاني يوم جابوا لي صاحبه الذي كان يغسل صديقه ويناولني المقص والشاش أحضروه لي وهو ميت ! فعندما كشفت عن وجهه تذكرت فقلت لوالده : إن هذا الوجه ليس بغريب علي ! فقال لي : كيف يا شيخ هذا كان أمس معك يغسل صديقه فقلت له ما سبب وفاته ؟ قال أرادت زوجته أن توقظه لطعام الغداء فقال لا سبيني أنام شوي حتى صلاة العصر وأقوم لتجهيز العزاء لصاحبه لليوم الثاني فعندما جاءت لتوقظه للصلاة وجدته ميتاً .. أحضروه وقمت بتغسيله ودموعي على صدري لم أكن أتصور وأتخيل هذا الرجل كان بالأمس يقف معي يساعدني في غسل زميله والآن نقوم بغسله والعبرة في أكثر من ذلك يا إخوان سبحان الله أنني قمت بدفنه في القبر المجاور لصديقه ما ليس بينه وبين صديقه غير الحاجز الجدار وهذه نادراً ما تحدث ! وسبحان الله كانوا في الدنيا سوى وفي الآخرة سوى .. أسأل الله لي ولكم الثبات في الدنيا والآخرة وأسأل للأخوين هذا والصديقين أقول لهم الأخوين لأنهم أكثر من أخوين أن يتغدمهم الله برحمته ..

     


    كلمات مفتاحية  :
    يحكي مغسل الاموات

    تعليقات الزوار ()