يقول بونابرت : الصين مارد نائم فدعوه نائما لانه اذا استيقظ هز العالم في تلك الأيام لم يعِ الكثيرون ما يقصده ، توقع الكثير ان منبع هذا الخوف هو هاجس عسكري ، ومع مرور الأيام بدأ هذا المارد يستفيق شيئا فشئيا إلى أن اصبح قوة لا يستهان بها على مختلف الأصعدة .
اقتصاديا ، لم يترك الصينيون شاردة ولا واردة إلا وصدروها إلى جميع دول العالم ، ساعدهم في ذلك كثافتهم السكانية وانخفاض اجر الأيدي العاملة ، هذه العوامل جعلت الأسواق العالمية هدفا للمنتجات الصينية بمختلف انواعها ، هذا وسيظل السوق السعودي على قائمة هذه الاسواق ، فالمتابع للحركة الاقتصادية في المملكة يلاحظ النمو الكبير في الصادرات الصينية ، فلا يكاد يخلو محل من منتج صيني حتى ان بعض المحال اصبحت متخصصة في هذا النوع من المنتجات ، السلع الصينية وجدت لها مكانا قويا فيما يعرف ب «محلات ابو ريالين « ، هذه المحلات أصبحت في الغالب تكتظ بهذه المنتجات .
الصينيون وفور دخولهم إلى أي سوق يبدؤون في التكيف مع عاداته وتقاليده وثقافته ، بل الأمر يتعدى ذلك لدراسة كيفية الاستفادة المادية القصوى من هذا السوق الجديد بالنسبة لهم ، فالزائر لمحلات « أبو ريالين « تلفت نظره قطعة صغيرة تظهر وكأنها ساعة الكترونية صغيرة أطلق عليها باللغة العربية «خاتم التسبيح» ، حيث توضع على الأصبع ، ثم يعد الشخص عدد تسبيحاته ، في أوقات الصلاة أو غيرها .
انتشار مثل هذه السلع ، يجعلنا نستغرب غائب مصانعنا الوطنية، عن تقديم منتجات منافسة وسلع تغطي الاحتياجات اليومية لحياتنا ، ونستغرب عدم وجود التنوع في السلع المحلية ، والمبادرة بطرح الجديد ، الذي يواكب الحاجات اليومية ، نحن في هذا الصدد ، لا نتحدث عن سلع الكترونية معقدة ، أو عن صناعات ثقيلة من سيارات أو نحوها ، بل عن سلع استهلاكية بسيطة ، تحتاج من المسوقين زيارات « أبو ريالين « والاستفادة من الدروس الصينية العملية والمجانية ، ومحاكاة صناعاتهم ، ومنافساتهم بالجودة أو بالسعر ، فالمستهلك السعودي وحتى المقيم ، لديه وعي ومقارنة في الجودة ، والسعر .
من المؤكد أن هناك عوائق أمام الصناعة المحلية ، ولكن أيضا من المؤكد أن لدينا فرص استثمار ضائعة وشعباً مستهلِكاً ومستهدفاً من عشرات الدول ، في ظل سوق مفتوحة ، واقتصاد حر يخضع للعرض والطلب .