النصيحة اليسيرة والأسلوب الإرشادي العفوي يقعان موقعا يُحمد في قلب المتلقي، وربما كان لهما أثر كبير على حياته المستقبلية.
نهفو إلى النصيحة حين تكون في موقعها الصحيح، وتطرب آذاننا لسماعها وترق لها قلوبنا, وهي أجمل ما تكون في تهدئة النفوس، وإثارة مشاعر الحب، أو على الأقل نسعى فيها إلى إيقاف التخاصم والقطيعة.
نحتاجها في تقويم علاقاتنا الأسرية التي يجب أن تقوم أولا على أساس متين من المودة والرحمة.
بعض الناس وللأسف لا يتورع عن التفريق بين أفراد العائلة حين يطلق جزافا نصائح ـ كما يظن ـ ويهدم بها أسرة ويفرق شملها, فربما نصح صاحب صاحبه أن يطلق زوجته, أو ربما نصحت صاحبة صاحبتها أن تنفصل عن زوجها، فتشتت أسرة لأجل نصيحة من شخص غير مخول للنصيحة.
والنصيحة لا يُشترط فيها العلم حتى تُؤتي أُكلها، بل هي فن يسير بمهارات يسيرة لإيصال الفكرة.
وقد برع فيها كثير من الناس على اختلاف مستوياتهم وتفكيرهم.
أذكر لكم قصة امرأة مسنة (أم خالد) ذكرتها لي شفويا:
قبل ما يقارب من ثلاثين عاما ذهبت لزيارة جارة لنا, ووافق زيارتي وجود امرأة من أقارب تلك الجارة وهي عندهم من الليلة السابقة أثر خلاف بينها وبين زوجها.
أخبرتها أن الواجب عليها عدم خروجها من بيتها وترك أطفالها، وأن تصلح بيتها وشأنها وتستعين بالله لحل مشاكلها, وما إلى ذلك.
في اليوم التالي جاءت الجارة الثانية لزيارة (أم خالد) وأخبرتها أن المرأة التي في بيتهم قد اتصلت على زوجها وعادت مباشرة لبيتها بعد حديث أم خالد معها.
وبعد ما يقارب من خمس سنوات التقت أم خالد بالمرأة الأخرى في بيت الجارة، فحيتها الثانية تحية تقدير وحب وأخذت تسألها عن أحوالها و فقالت لها أم خالد: أتعرفينني من قبل؟
فأجبتها بنعم، فأنت التي صالحتني على زوجي قبل خمس سنين، ومن وقتها إلى اليوم لم يحدث بيننا مشكلات فجزاك الله خيرا عنا.