السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في يوم من الأيام حلفت وقلت: علي الحرام أني ما أسوي (وذكرت شيئاً) مع العلم أني متزوج ما كفارة هذا الحلف؟
مشكورين وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن حلف على تحريم الحلال، فإما أن يحلف على شيء معين كأن يقول: هذا الشيء حرام عليّ إن فعلت كذا.
فإذا كان هذا الشيء غير الزوجة فهو لغو، ولا يلزمه شيء، وهذا مذهب مالك والشافعي.
وقال غيرهما هو مخيَّر إن شاء ترك ما حرمَّه على نفسه، وإن شاء كفرَّ، كفارة يمين.
أما إن حلف بالتحريم وأطلق، كأن قال: ما أحلَّ الله عليَّ حرام إن فعلت كذا وكذا، أو الحرام يلزمني لا أفعل كذا، وكان له زوجة، فقالت المالكية إن الطلاق يلزمه، إلا أن يستثني زوجته بلسانه أو نيته.
جاء في المدونة: قلت: أرأيت إن قال كل حلال عليَّ حرام. قال: قال مالك: تدخل امرأته في ذلك إلا أن يحاشيها بقلبه فيكون له ذلك.
وذهب الحنابلة إلى أنه ظهار تلزمه فيه كفارة الظهار إن نوى تحريم المرأة، وقال بعضهم هو كناية، فيكون طلاقاً بالنية.
جاء في كشاف القناع: ولو قال: عليّ الحرام، أو يلزمني الحرام... فلغو لا شيء فيه مع الإطلاق، لأنه لا يقتضي تحريم شيء مباح بعينه، ومع نية تحريم الزوجة، أو قرينة تدل على إرادة ذلك فهو ظهار.
قال في تصحيح الفروع: الصواب أنه يكون طلاقاً إن نوى به طلاقاً. ا.هـ
أما الحنفية، فذهبوا إلى أن من قال: كل حِلَّ عليَّ حرام، أنه لا تدخل زوجته في هذا التحريم إلا بالنية، فإن نوى طلاقاً كان طلاقاً، لكن إن تعارف الناس على أن هذا اللفظ طلاق فهو طلاق، وإن زعم أنه لم ينو طلاقاً.
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن اللازم له هو كفارة يمين، ولو كفر كفارة ظهار كان أحسن، قال في فتاويه: وأما إذا حلف بالحرام، فقال: الحرام يلزمني لا أفعل كذا، أو الحِلّ عليَّ حرام لا أفعل كذا... وله زوجة، ففي هذه المسألة نزاع مشهور بين السلف والخلف، لكن القول الراجح أن هذه يمين لا يلزمه بها طلاق، ولو قصد بذلك الحلف بالطلاق.
ثم ذكر في موضع ثانٍ: فإذا قال: الحلال عليّ حرام لا أفعل كذا... أجزأه في ذلك كفارة يمين، فإن كفر كفارة ظهار فهو أحسن. ا.هـ
ولعل هذا القول الأخير هو الأقرب إلى الصواب.
والله أعلم.