مراكش، المغرب (CNN) / طغى هاجس استرداد الأموال العامة المنهوبة من قبل القادة والرؤساء المخلوعين على أشغال الدورة الرابعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الذي ينعقد بمدينة مراكش المغربية.
وفرض موضوع استعادة أموال الشعوب التي حولت إلى حسابات رؤساء وكبار مسؤولين خصوصا في الدول النامية نفسه كموضوع نقاش رئيس على خلفية تطورات الربيع العربي التي كشفت عن حجم تغول الفساد المالي في أنظمة مستبدة وتحويل الأصول العامة إلى أرصدة خاصة.
وقال يوري فيدوتوف المدير التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة خلال المؤتمر، الذي يشارك فيه نحو 1500 شخص ينتمون لنحو 150 دولة إضافة إلى المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بمحاربة الفساد، إن “ملايين المواطنين الذين صنعوا الربيع العربي باتوا مصدر إلهام للعالم أجمع وبرهنوا عن الرفض الشعبي للفساد والمفسدين.”
واعتبر فيدوتوف أن “الحركات الشعبية الأخيرة عكست حجم الغضب داخل كل شرائح المجتمع ضد الفقر والظلم الناجم عن الفساد،” مطالبا بمزيد من مصادقة الدول على الاتفاقية الدولية التي وقعت عليها 155 دولة، ودعم الإطار التشريعي الزاجر لاستغلال النفوذ وملاحقة المجرمين وإعادة الأموال العامة وتنشيط دور الإعلام في التوعية وفضح الفساد.
وأجمع المشاركون في المؤتمر على ضرورة تفعيل المادة 57 من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد والمتعلقة بتعزيز التعاون القانوني والأمني في مجال ضبط واسترجاع الأموال العامة المحولة إلى الخارج بطرق غير شرعية.
ويقول خبراء إن الأموال المنهوبة “نزيف خطير يحرم المجتمعات النامية أساسا من مقدرات هائلة للإنفاق في مجال البنيات الأساسية والقطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة والإسكان وتحقيق أهداف الألفية للتنمية المتمثلة أساسا في محاربة الفقر والهشاشة.”
يشار إلى أن تقديرات البنك العالمي تفيد بأن نحو مليار إلى مليار و600 مليون دولار يتم تحويلها سنويا خارج الحدود من أموال متأتية عبر الرشوة أو التهرب الضريبي أو غيرها من المعاملات غير الشرعية، أما القادة الفاسدون فيحولون سنويا ثروات تصل إلى 40 مليار دولار ويودعونها في ملاذات مالية آمنة.
وقد بينت حالات عديدة من قبيل دكتاتور زايير السابق موبوتو سيسيسيكو ورئيس هايتي الأسبق جون كلود دوفالييه صعوبة استرداد هذه الأموال المحولة. كما يؤكد هذه الصعوبة مسلسل تعقب أصول الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي.
ويشير تقرير مشترك للبنك العالمي ومنظمة الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إلى أن استرجاع هذه الأموال “الهاربة من خزينة الدولة،” من شأنه أن يوفر إمكانيات هائلة لتمويل برامج اجتماعية وبنى أساسية.
فاسترجاع 100 مليون دولار مثلا من شأنه، حسب التقرير، تمويل برنامج متكامل لتلقيح أربعة ملايين طفل وإيصال قنوات الماء لنحو 250 ألف أسرة أو تمويل علاج أزيد من 600 ألف مصاب بالسيدا خلال عام كامل.
وقد سبق انعقاد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية مكافحة الفساد صدور “إعلان مراكش” عن المؤتمر السنوي الخامس للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد والذي دعا إلى توثيق الشراكة الدولية لمكافحة الرشوة وإرساء آليات ناجعة لاسترجاع الأموال العامة المهربة.
وأكد المشاركون في المؤتمر على أهمية الاستثمار بقوة في تأهيل الموارد البشرية المعنية بضبط ورصد الأموال العامة المهربة وملاحقة المجرمين في هذا الصدد ومراقبة حركات الأموال المشبوهة.