السؤال
عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَاتٍ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ. هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةَ. أخرجه البيهقي (9/260 ، رقم 18789) . وأخرجه أيضًا : أحمد (4/215 ، رقم 17920) ، وأبو داود (3/93 ، رقم 2788) والترمذي (4/99 ، رقم 1518) والنسائي (7/167 ، رقم 4224) وابن ماجه (2/1045 ، رقم 3125). وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي ، رقم 1518). قال فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله معلقاً على هذا الحديث: و العتيرة: الذبيحة في رجب, و هذه الذبيحة قال أهل العلم منسوخة و الرّاجح أنّ نسخ الوجوب فقط و ليس نسخ الأصل, فمن السّنة أنّ كلّ أهل بيت يذبحون ذبيحة في رجب, وهذه سُنّة مهجورة. من السّنة ذبْح ذبيحة في رجب. (درس فجر السبت 25-10-2008. نشكر الأخ الدكتور رياض الذي أرسل لنا هذه الرسالة.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يذكر السائل الكريم موضع استفساره، وعلى أية حال، فالقول باستحباب العتيرة هو مذهب الشافعي رحمه الله. قال النووي في المجموع: الصحيح الذي نص عليه الشافعي واقتضته الأحاديث أنهما- يعني الفرع والعتيرة- لا يكرهان بل يستحبان، هذا مذهبنا. اهـ.
وأما جمهور العلماء فعندهم أن العتيرة منسوخة وأنها لا تسن. قال ابن قدامة في المغني: وهو قول علماء الأمصار سوى ابن سيرين. اهـ. وقال ابن رجب في لطائف المعارف: العتيرة اختلف العلماء في حكمها في الإسلام، فالأكثرون على أن الإسلام أبطلها، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا فرع ولا عتيرة. ومنهم من قال: بل هي مستحبة. منهم ابن سيرين، وحكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة، ورجحه طائفة من أهل الحديث المتأخرين، ونقل حنبل عن أحمد نحوه. اهـ. وأورد المجد ابن تيمية في المنتقى عدة أحاديث في مشروعية العتيرة. فقال الشوكاني في نيل الأوطار: قد اختلف في الجمع بين الأحاديث المذكورة، والأحاديث الآتية القاضية بالمنع من الفرع والعتيرة، فقيل: إنه يجمع بينها بحمل هذا الأحاديث على الندب وحمل الأحاديث الآتية على عدم الوجوب. ذكر ذلك جماعة منهم الشافعي، والبيهقي وغيرهما، فيكون المراد بقوله: لا فرع ولا عتيرة. أي لا فرع واجب، ولا عتيرة واجبة. اهـ.
ولعل الراجح هو القول بنسخ الوجوب وتخصيص ذلك بشهر رجب، مع بقاء المشروعية أو الاستحباب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 124541.
والله أعلم.