السؤال
ذهبت إلى العمرة منذ ثلاث مع زوجي وأمي وعند الطواف طفنا عددا من الأشواط، وقلنا أنا وأمي لزوجي، هذه أربعة أشواط، قال لا هذه خمسة أشواط وهو متأكد من ذلك لأنه يقول ذكرا معينا في كل شوط، وهو في الخامس، فطفنا شوطين لنكمل سبعة أشواط حسب كلام زوجي وعندما انتهينا، قلت له أنا وأمي استرح أنت والأولاد ونحن سنطوف شوطا احتياطيا خوفا منا ألا نكون لم نتم الطواف، فرفض زوجي وقال هو متأكد أننا طفنا سبعة أشواط، فهل هذه العمرة تامة بإذن الله وهل علي هدي أو صيام أو إطعام، وإذا كان علي هدي هل لا بد أن يكون في الحرم، وهل يمكن إخراج ثمنه في مصر، وهل يمكن إرسال قيمته مع أي شخص أثق فيه يكون ذاهبا إلى السعودية، أفيدوني أفادكم الله، وإذا كان صياما فكم من يوم علي صيامه؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت أنت وأمك قد شككتما في عدد أشواط الطواف أثناء القيام به فكان عليكما أن تبنيا على اليقين وتأتيا بالشوط المشكوك فيه، لأن الشك فى نقص العبادة أثناءها كاليقين، لكن إذا كان زوجك عدلا فيكفيكما ـ عند بعض أهل العلم كالحنابلة والمالكية خلافا للشافعية ـ إخباره بكمال طوافكما، ولكما الأخذ بهذا القول.
قال ابن قدامة فى المغني وهو حنبلي: وإن شك في عدد الطواف, بنى على اليقين. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك. ولأنها عبادة فمتى شك فيها وهو فيها, بنى على اليقين كالصلاة. وإن أخبره ثقة عن عدد طوافه, رجع إليه إذا كان عدلا. انتهى.
وفى المجموع للنووي الشافعي : قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن من شك في عدد طوافه بنى على اليقين, قال: ولو اختلف الطائفان في عدد الطواف, قال عطاء بن أبي رباح والفضيل بن عياض: يأخذ بقول صاحبه الذي لا يشك. وقال مالك: أرجو أن يكون فيه سعة. قال -هكذا هي في الكتاب ولعل صوابها- وأما الشافعي: فمذهبه أنه لا يجزئه إلا علم نفسه لا يقبل قول غيره. قال ابن المنذر: وبه أقول. انتهى.
وقال الباجي في المنتقى وهو مالكي: ومن شك في طوافه فأخبره من يطوف معه أنه قد أتم طوافه، قال مالك: أرجو أن يكون في ذلك بعض السعة، قال الشيخ أبو بكر: هذا استحسان من مالك, والقياس أن يبني على يقينه ولا يلتفت إلى قول غيره كما يفعل ذلك في الصلاة، وما قاله الشيخ أبو بكر فيه نظر، ولقول مالك وجه صحيح من النظر, وذلك أن المكلف لا يرجع في الصلاة إلى قول من ليس معه في العبادة، لأنها عبادة شرعت لها الجماعة، وأما العبادة التي لم تشرع فيها الجماعة فإنه يعتبر فيها من ليس معه في العبادة كالطهارة والصوم. انتهى.
وأما على القول بأن إخبار الزوج المذكور لا يفيد فعمرتكما ناقصة، وأمسكا عن محظورات الإحرام، فأنتما باقيتان على إحرامكما حتى ترجعا إلى مكة وتقوما بالشوط الباقي ثم بالسعي بعد ذلك ثم تتحللان من العمرة، وما حصل من محظورات الإحرام قبل تحللكما، فما كان منه من قبيل الترفه كلبس المخيط واستعمال الطيب فلا شيء فيه، وما كان من قبيل الإتلاف كحلق الشعر وقص الأظافر ففي كل جنس منه فدية واحدة ولو تكرر كثيرا، كما أن الجماع نسيانا أو جهلا لا يبطل العمرة، ولا يترتب عليه شيء عند بعض أهل العلم وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية كما تقدم في الفتوى رقم: 14023 .
وإن عجزتما عن الرجوع إلى مكة لمرض أو قلة نفقة أو غير ذلك من الموانع الشرعية فتتحللان تحلل المحصر وذلك بذبح هدي عن كل منكما بنية التحلل مع قص شيء من الشعر، وهذا الهدي أقله شاة تذبح في الحرم وتوزع على الفقراء من أهله، وبالإمكان إرسال مبلغ لمن يقوم بذلك نيابة عنكما.
والله أعلم.