بتـــــاريخ : 10/6/2011 7:58:42 AM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 2021 0


    الرياض تستنسخ و تسعود التجربة السياسية في إيران.. ولكن!

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : سمير عبيد | المصدر : www.middle-east-online.com

    كلمات مفتاحية  :

    تمهيد ضروري
    لا نريد الغوص في البحث التاريخي، ولكن يجب أن نؤشر اليه، ولو بعبارات بسيطة عن سياق تأسيس النظام السياسي في المملكة العربية السعودية، وهو الاسم الرسمي بعد تحقيق الانتصار بتوحيد أرض نجد والحجاز تحت قيادة آل سعود بزعامة الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود، وهو الانتصار الذي تحقق بحد السيف، وبقوة التحالفات البراغماتية بين القبائل والمساجد ودور الكتّاب وبالعكس، لأنه لم يتحقق إلا بعد أن تحالفت القبائل مع رجال الدين، أي بسلاح الفتوى والسيف، أي بين الشرائح القبلية والشرائح الدينية والعقائدية، والذي أسس نظاما سياسيا مشتركا بين القبائل بزعامة آل سعود والذي أصبح لهم الحق برسم سياسة الدولة، وإدارة الثروة، ورعاية العلاقات الدولية، وبين رموز الشرائح الدينية والتي أخذت على عاتقها أمور المجتمع والدين والثورة العقائدية في المملكة، مع الاعتراف بأن الملك هو ولي الأمر الأعلى.
    وهنا نتعجب أحيانا من النقد السعودي والخليجي اللاذع الى تركيبة النظام الإيراني وموقع المرشد الأعلى "الولي الفقيه". فالحقيقة هناك تشابه بين النظام السياسي في السعودية وإيران، ولكن باختلافات بسيطة "سياسية ومذهبية وعقائدية". ففي إيران هناك القاعدة الرئيسية التي يستند عليها النظام الإيراني وهي القاعدة الدينية والقومية، وفي السعودية هناك القاعدة الرئيسية التي يستند عليها النظام السعودي وهي القاعدة القبلية والدينية، ففي إيران هناك ولي أمر المسلمين أي ولي الأمر وهو آية الله السيد علي الخامنئي، وقبله كان الراحل آية الله السيد روح الله الخميني، وفي السعودية هناك ولي الأمر وهو العاهل السعودي الحالي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وقبله كانت هناك سلسلة من الأسماء وصولا لولي الأمر الراحل ومؤسس المملكة الملك عبدالعزيز آل سعود، والأختلاف فقط في التسمية وطريقة الأداء!
    ولقد بدأ صراعا خفيا بين طهران والرياض على قيادة العالم الإسلامي وخصوصا في الجانب السياسي، وكانت هناك حربا خفية بين الجانبين "إعلامية وأستخبارية وعقائدية ونفسية"، وتحديدا بعد انتصار الثورة الإيرانية الإسلامية في إيران عام 1979، ولقد سيطرت السعودية على قيادة العالم الإسلامي ولعقود حتى تاريخ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والتي غيرت جميع المواقع والمفاهيم في العالم، وحتى في العالمين الإسلامي والعربي، خصوصا وأن معظم الذي نفذوا ذلك الحدث الجلل ـ وحسب الرواية الأميركيةـ هم من السعودية، وهو الحدث الذي أرّخ لبروز "تنظيم القاعدة" بزعامة السعودي أسامة بن لادن، فحينها تقهقرت الزعامة السعودية على العالم الإسلامي شيئا فشيئا، خصوصا عندما برز اللاعب التركي الذي بشر بـ "الإسلام الليبرالي" والذي نجح بمزاوجة العلمانية مع الفكر الإسلامي وبالعكس.
    هنا شعرت السعودية بأنها أصبحت بين عملاقين صاعدين بقوة، وبينهما تنافس شديد على تقسيم العالم العربي، وهما العملاق الإيراني والعملاق التركي، والأول والثاني يشكلان خطرا على تركيبة النظام السياسي في المملكة أولا، وعلى زعامة وموقع السعودية إسلاميا وعربيا وهذا ثانيا، خصوصا عندما تدهورت العلاقة بين الرياض وإسلام آباد ولصالح طهران بعد اغتيال بناظير بوتو، وجلوس زوجها زرداري ورفيقه جيلاني على سدة الحكم، وهما الشيعيان اللذان لبسا القناع لخداع واشنطن والرياض والغرب وغيرهم، ولقد لعبا دورا كبيرا في تقريب وجهات النظر بين إسلام آباد وطهران وبالعكس، فلقد خسرت الرياض حلفاء لا يمكن تعويضهم، وأبرزهم نظام صدام حسين، والأمير القطري الأب، ونظام طالبان، ونظام باكستان بزعامة الجنرال برويز مشرف وقبله بزعامة نواز شريف والحركة الإسلامية، ووفيق الحريري في لبنان، وصولا الى فقدانها الحليف القوي والثمين وهو الرئيس المصري حسني مبارك، وسوف تفقد مسمار الأمان الإستراتيجي بالنسبة لها وهو الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، ولقد جاءت خسائرها دعما وقوة الى إيران ومن بعدها تركيا وخصمها دولة قطر، فيما لو تحدثنا عن نتائج الربيع العربي الذي لازال مستمرا، وعلى الرغم من دخولنا في مرحلة الخريف.
    الرياض في حيرة من أمرها!
    فمهما فعلت الرياض التي تعتبر أكبر مصدّر للبترول في العالم سوف يطالها التغيير، أي ستطالها موجة الحراك الشعبي والطائفي، وربما على مراحل وبطرق لا تروق للحليف الديني والعقائدي، قبل الحليف السياسي والقبلي في المملكة.
    فالسعودية التي تعتمد على النفط بالدرجة ألاولى تقف أمام تحديات خطيرة للغاية، فأن أكثر من 90 بالمائة من الصادرات، وحوالي 75 بالمائة من إيرادات الحكومة التي يحركها النفط، وتمتلك المملكة العربية السعودية 260 مليار برميل من احتياطات النفط الرسمية مما يمثل 24 بالمائة من الاحتياطيات العالمية، وقد أعلنت عن ميزانيتها للعام 2010، وهي الأكبر في تاريخها بإنفاق يبلغ 144 مليار دولار أميركي وإيرادات تبلغ 125 مليار دولار. وبناء على ملخص الميزانية يخصص 48 بالمائة من ميزانية المملكة للعام 2010 "حوالي 69 مليار دولار" لمشاريع الاستثمارات الرأسمالية، بينما يخصص 25 بالمائة للتعليم والتدريب "36,7 مليار دولار، وتشكل الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية 11 بالمائة من الإنفاق "16,3 مليار دولار أميركي"، ولكن كل هذا لا يتناسب مع ما يطالب به الشباب السعودي الذي يعاني من البطالة وقلة التوظيف ونقص الحريات، فالتركيبة السكانية للمملكة ومن خلال البعد التنموي والإستراتيجي تعتبر شابة، فحوالي 48 بالمائة من المواطنين السعوديين تحت سن العشرين، وهذا بحد ذاته يشكل خطرا حقيقيا لتركيبة النظام السياسي في المملكة لأنه لا توجد هناك خطط تنموية تحول هذا العدد من الشباب الى نواة لعملقة السعودية مثلما فعلت الدول التي أصبحت شعوبها بأكثرية شابة، خصوصا وأن السعودية تفتقر لمؤسسات الدولة الحقيقية، ونقصد المؤسسات الديمقراطية الحقيقية، فالنظام السعودي يستند على تحالف القبيلة مع رجال الدين والذي بقي دون تجديد، وهذا بحد ذاته صنع فجوة فكرية وثقافية كبيرة بين الأجيال الجديدة التي تشكيل ما نسبته 48% وبين آبائهم وأجدادهم وأمهاتهم، فأصبح داخل السعودية مجتمعان متضادان ثقافيا، وأن ما كتب ونشر عن التجديد والإصلاح لا يتلائم مع هذه النسبة، ويبقى مجرد إصلاحات سطحية "بهارات" غايتها الإعلام فقط، وتشير التقديرات أن نحو 500- 600 ألف من الخريجين الجدد سينضمون إلى القوة العاملة خلال السنوات الخمس القادمة، وتتوقع التقديرات السكانية أن عدد السكان الحالي البالغ 27,5 مليون نسمة سيصل إلى 33 مليون نسمة بحلول 2020 مقابل أنخفاض منسوب النفط وقلة الأعتماد عليه، وهذه كلها تحديات خطيرة جدا لم تستعد لها المملكة بالشكل الصحيح، خصوصا وأن هناك فجوة كبيرة في طريقة المعالجة بين الذكور والأناث، فلقد أهتمت المملكة نوعا ما بمشكلة الشباب الرجال، ولكنها نست أوتناست مشكلة توظيف وتنمية قطاع النساء، فالنساء يشكلن 60 بالمائة تقريباً من الطلاب في الجامعات السعودية، ويشجع الملك زيادة توظيف النساء اللواتي يشكلن حالياً 15 بالمائة فقط من القوة العاملة ولكن دعم العاهل السعودي يصطدم عادة بآراء وسياسة السلطات الدينية في المملكة، خصوصا وهناك ربيع نسائي حقيقي في المملكة، أي أن هناك ثورة نسائية ناعمة للمطالبة بحقوقهن بقيادة السيارة والدخول في ميادين العمل المحتكرة من قبل الرجال، ولقد سندت هذه الثورة من قبل الغرب والولايات المتحدة والمنظمات النسائية والحقوقية والإعلامية في العالم، فصار هذا الأمر تحديا حقيقيا للنظام السعودي مما أضطر العاهل السعودي للإعلان بتعيين المرأة في مجلس الشورى ومنحها حق الترشح والانتخاب للمجلس البلدي أنطلاقا من العام 2015 والذي أعتبره البعض بأنه مجرد وعود سطحية وعلى الرغم من ذلك فلقد سارعت المرجعيات الدينية للاعتراض وجاء على لسان الشيخ صالح اللحيدان والذي قال "إن الملك عبدالله لم يستشر هيئة كبار العلماء قبل إصداره ذلك القرار.. متمنياً على جلالة الملك أن يتقي الله في هذه المسألة" وهذا يعني من وجهة نظر اللحيدان والمدرسة التي ينتمي لها نوعا من التمرد والخروج عن الاتفاق التاريخي بين السلطة السياسية والسلطة الدينية، لا أعتبره تحديا للمؤسسة الدينية.
    وهناك تحد أخر وهو موضوع الجفاف الذي ضرب السعودية أسوة ببعض دول المنطقة مثل إيران والعراق وسوريا وغيرها بسبب قلّة الماء فلجأت السعودية لإستيراد القمح وللمرة الأولى منذ حوالي عشرين عاماً، ويتوقع أن تصبح أسترالياً مورّداً أساسياً حسب طاقة البلاد للتصدير نظراً لزيادة الطلب على قمحها الصلب، ناهيك عن التحدي الخطير والذي أستنزف الخزينة السعودية وهو المنظمات والخلايا الإرهابية في المملكة، والتي لها قاعدة واسعة تشتر أفكار وثقافة تنظيم القاعدة والحركات السلفية المتشددة، والتي يتشاطر معها الحراك الليبرالي والإصلاحي داخل المملكة والذي يطالب بتقليل الهيمنة الدينية، وإعطاء مساحة أكبر الى الإصلاح والتنوير والفكر الليبرالي والمشاركة في أتخاذ القرار، وهناك من يطالب بالملكية الدستورية أيضا، مما دفع بالسلطات السعودية لتضييق الخناق على أصحاب هذا الرأي، بل أعتقلت قسما منهم وهم من الكتاب والفكرين والمدونين، لذا راحت السلطات السعودية للتفكير بخارطة طريق عاجلة، وقبل أن تصل الحرائق المشتعلة في المنطقة الى داخل المملكة، وأن هكذا خارطة تتطلب المزيد من التضحيات والتنازلات، وحتى الصدام مع بعض الجهات المهمة داخل المملكة، وبالمختصر لن تستطيع المملكة المضي قدما بنفس الثنائية السابقة " القبلية والدينية"، ويبدو أنها أقتنعت لا حل إلا بـ " سعودة" التجربة الإيرانية لأنها قريبة من مكونات الشعب السعودي وثقافته، وقطعا لن "تسعود" التجربة التركية التي تُشعرها بالخطر لا بالإنقلاب الذي يشبه الزلزال..
    خارطة طريق سعودية للتغيير
    1- الخارطة الجيوسياسية والعسكرية والإستراتيجية
    لقد شعرت المملكة السعودية بالخطر الحقيقي عندما فقدت أوراقها في لبنان وباكستان، وعندما سقط حليفها نظام الرئيس مبارك، وكذلك عندما دخلت اليمن في حراك خطير للغاية، فاصبحت اليمن أمام مفترق طرق خطير فأما الذهاب للحالة المصرية بعد مبارك، أو الى الحالة الليبية، أو نحو الحرب الأهلية والمناطقية، وبالتالي شعرت السعودية ولأول مرة بأنها بدون ظهير قوي، لا بل بدون ظهير يُعتمد عليه، وهنا شعرت بخسارتها للعراق ولأول مرة، خصوصا وأن الرياض في حالة أستنفار دائم من الخطر الإيراني الذي أصبح أكثر وأشد من السابق، فشعرت السعودية بأنها أصبحت وجه لوجه مع إيران، لا بل شعرت بأن السعودية لها يد بتقوية إيران عندما أشتركت في عملية أسقاط نظام طالبان وأسقاط النظام العراقي ودعم الولايات المتحدة في المنطقة، وأنها تشعر بالألم كون إيران تجني مئات الملايين من الدولارات ويوميا نتيجة أرتفاع أسعار النفط، فسارعت لإتخاذ قرارها بدخول البحرين من باب الهجوم خير وسيلة للدفاع، فأرادت السعودية تأسيس مصد تعطيلي دفاعا عن المنطقة الشرقية الغنية بالنفط والتي يسكنها الشيعة الذي ينقسم ولائهم بين طهران والنجف، وكل ذلك بحجة دعم الحكومة والنظام السياسي في البحرين، ولكن البحرين أصبحت أمام واقع جديد، فأما التقسيم، أو التدويل، أو الأنزلاق في الحالة المصرية أو الليبية أو التونسية، وبالتالي حصول التغيير، ولكن هذا الأمر ومن وجهة نظر النظام السعودي مجرد تكتيك وليس أستراتيجية ثابتة ودائمة، خصوصا وأن هناك تناقض في المواقف الخليجية بالنسبة لإيران، ناهيك عن الكيل بمكيالين بالنسبة للغرب والولايات المتحدة بالنسبة لإيران أيضا، والتي أصبحت شبه مهيمنة على الوضع العراقي وشريك رئيسي في لبنان وعلى علاقة قوية مع دولة قطر.
    فلقد قرأت الرياض مستقبل المنطقة بشكل عام، ومستقبل العلاقة مع إيران فوجدت نفسها بحاجة ماسة لتعويض فقدانها للعراق وجيشه القوي والمجرّب، فراحت فأقنعت الدول الخليجية بقبول عضوية الأردن والمغرب والتفاوض مع مصر الجديدة للغرض نفسه، والهدف هو الإستفادة من جيوش هذه الدول لصالح الدول الخليجية بشكل عام ولصالح السعودية بشكل خاص، أي تعويض الجيش العراقي الذي صمد لثمانية أعوام بوجه إيران، وتأسيس جبهة لوجستية وعسكرية وأستراتيجية وبشكل أستباقي والهدف هو ردع إيران، فالمملكة تفكر بتحصين حدودها من خلال مصدات "مخالب" وهو أستنساخ متأخر للإستراتيجية الإيرانية التي أعتمدت على صنع المخالب في الدول العربية وفي أفريقيا وفي بعض دول القوقاز وغيرها فراحت لتستعملها أوراقا تفاوضية وأستراتيجية، ونتيجة ذلك أندفعت السعودية ونجحت بصنع المخلب في البحرين، وتحاول بصنع مخلب أخر في الأردن من خلال التفاهم مع الأردن أو من خلال الإستعداد الإستباقي لما سيحصل للأردن بسبب تكالب المخططات عليها والتي جميعها تقود الى تقسيم الأردن، وراحت من هناك لتحاول صنع علاقة أستراتيجية ومتميزه مع مصر لكي تتفرغ الى ما سيحدث في اليمن والذي تعتبره المعركة المصيرية الأولى والتي تسبق المعركة المصيرية الثانية والتي هي مع إيران، وهناك أستراتيجية "سرية" أيضا لدى بعض الدوائر السعودية أيضا ولكنها غير معلنة وتنتظر نتيجة الحراك في سوريا فأن سقط النظام الحالي في دمشق، وحل محله نظاما "سنيا" فسوف تتواصل معه السعودية بشكل لوجستي وأستراتيجي من خلال أستغلال المنطقة الغربية في العراق "إقليم الأنبار" والذي يوصلها مباشرة نحو العمق السوري، وفي نفس الوقت تطوق إيران بشكل أستباقي داخل العراق.
    2- الخارطة الداخلية من خلال "سعودة" التجربة الإيرانية
    بالعودة الى المقدمة "التمهيد" شعرت السعودية بأن نظامها يتشابه نوعا ما مع النظام الإيراني الذي جدد نفسه بنفسه، وعندما نجحت طهران بتبيئة النظام السياسي في الولايات المتحدة محليا، وعندما نجحت بأفراز جبهة المحافظين "أستنادا للحزب الجمهوري الأميركي"، وجبهة الإصلاحيين "أستنادا للحزب الديمقراطي الأميركي" وصار النظام السياسي برأسين متميزين أضافة للرؤوس الصغيرة التي تدور في فلكيهما، وبهذا سيطر المرشد الأعلى " ولي الأمر" على خيوط اللعبة في إيران، خصوصا عندما نجح بتقوية الحرس الثوري الذي جعل مهمته حراسة النظام السياسي والمرشد، أما الجيش الإيراني فمهمته حماية البلاد والمدن والإستعداد للدفاع عنها من المخاطر الخارجية، وصار الحراك الديمقراطي اخل إيران من المنتج الإيراني، من هنا راحت السعودية فوجدت بأنها قادرة على أنتاج ديمقراطية سعودية ومن المطبخ السعودية ولكن لابد من التضحيات، فقطعت شوطا مهما في "سعودة" هذه التجرية، ولكن على حذر من ردات فعل المؤسسة الدينية في المملكة، ومن خلال قرارات متلاحقة لتحسين قطاع الشباب والنساء، وتنمية ثقافة الأنفتاح بشكل تدريجي وحذر، فأستطاع النظام السياسي السعودي من كسر حاجز الخوف نوعا ما مع المؤسسة الدينية وعلى الأقل من خلال الإعلام والأنفتاح السياسي المقنن، والهدف من وراء ذلك تأسيس خط " ثالث" في المملكة يقوي الجانب السياسي من المعادلة، وهو جانب القبيلة بقيادة آل سعود ويقلل من هيمنة رجال الدين والمؤسسة الدينية، خصوصا عندما نجحت المملكة من شق صفهم، وعندما أصبحت هناك جبهة دينية منفتحة وتدور مع العولمة وهي جبهة "شيوخ الفضائيات والمؤتمرات" والإعلام، وجبهة متشددة وأصولية ترفض الخروج عن الهوية السعودية "الوهابية" والتي أصبحت لا تتلائم مع الجبهة السياسية وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي، هنا أصبحت الرياض حائرة بكيفية جمع " خلط" عينات الخط الثالث لكي يتم أطلاقه تحت يافطة التغيير والإصلاح، فهل ستجمع حراك النساء والشباب ورجال الدين المتعولمين ومعهم التيارات الليبرالية، أم تجمع التيارات اللليبرالية وحراك النساء والشباب بجبهة واحدة، وتيار رجال الدين المتعولمين بجبهة أخرى ثم يتم الأئتلاف بينهما ليصار الى ولادة "الخط الثالث" والذي سيستولي على مساحة واسعة من مساحة السلطات الدينية المهيمنة ولكن السؤال المهم " هل ستتنازل السطات السياسية بقيادة آل سعود عن جزء من مساحتها ونفوذها الى الخط الثالث؟" فنحن نعتقد بضرورة التنازل لأنه لا حلول أخرى أمام النظام السعودي فعليه أن يقبل بالتضحية وحذاري من الخديعة لأن أدوات اللعبة قد تغيرت ولن تستحمل الخداع والمكر والدهاء السياسي، لهذا لابد أن تقتنع الرياض بأن "الخط الثالث" أصبح ضرورة قصوى لا تقبل التأخير والذي ورائه أستحقاقات تحتم من خلالها قبول إشراك أنصار الخط الثالث في النظام السياسي وفي مجلس الشورى وفي البعثات الخارجية وداخل المؤسسات المدنية والعسكرية وغيرها، وهنا يكون هناك مدخلا للحراك السياسي أسوة بإيران، ولكن يجب أيضا تعديل العلاقة بين ولي الأمر والخطوط الجديدة التي سيعتمد عليها النظام في السعودية إن نجحت السعودية بدمقرطة نفسها وقبل وصول العواصف الشديدة!
    التحديات
    هناك تحديات لتعويق برنامج "سعودة" التجربة الإيرانية، وأهمها من رجال الدين المتشددين في المملكة الرافضين للتجديد وفقدان النفوذ، وكذلك من أركان النظام السياسي أي من الأمراء الراديكاليين الذين يرفضون الإصلاح والتجديد ويصرون على المسكنات والحلول الترقيعية، ناهيك أن هناك جبهة واسعة تسمى "جبهة الأمراء الشباب الأكاديميين" أي الذين درسوا في أميركا والغرب والذين ينقسمون بين جبهة تقر الأعتماد على المساعدة الأميركية والغربية بكل شيء، وبين جبهة الذين يدعمون الإصلاح والتغيير، ولكن على المستوى الخليجي فهناك تحديات أخرى وأهمها عدم الأنسجام بين الأنظمة السياسية في دول الخليج، ناهيك عن التغريد القطري المعروف خارج السرب الخليجي، أما على المستوى العربي فهناك تحدي الأنظمة الجديدة التي لا زالت مجهولة الهوية من ناحية التفكير والتعاطي مع المملكة، ويبقى التحدي الإقليمي والمتمثل بالصعود التركي الزاحف نحو مصر وتونس ولبنان وسوريا وليبيا والصومال والخليج وحتى نحو العراق تحديا مخيفا للملكة التي ترفض فقدان دورها العربي والخليجي والإقليمي، لهذا أندفعت الرياض نحو القاهرة والأردن وتونس لكي لا تترك المنطقة الى الأتراك ومن ثم للإيرانيين، وتحت شعار لن نقبل بالتقزيم والوقوف في الطابور، ولكن سيبقى العامل الاقتصادي هو الآخر تحديا قلقا!.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()