يثبت الاعتداء الانتحاري الاكثر دموية في السنوات الاخيرة في مقديشو والذي اسفر عن اكثر من سبعين قتيلا الثلاثاء، ان القدرة التخريبية لدى حركة الشباب الاسلامية ما زالت سليمة على رغم انسحاب عناصرها من العاصمة الصومالية، كما يقول المحللون.
واعتبر جي. بيتر فام من مركز اتلانتيك كاونسل الاميركي للدراسات، ان الهجوم بشاحنة مفخخة على مجمع وزاري "جرس انذار للصوماليين والمجموعة الدولية".
واضاف هذا الخبير ان الهجوم "يذكرهم بأنه اذا كانت حركة الشباب قد اضعفت في الاشهر الاخيرة كما يبدو واضحا، جراء ندرة مواردها المالية والخلافات الداخلية وفقدان الشرعية السياسية، وتصفية عدد من قادتها الكبار، فان زوالها ليس بالضرورة حتميا".
وقد انسحبت حركة الشباب مطلع آب/اغسطس من مقديشو على اثر هجوم شنته قوات موالية للحكومة ومدعومة من قوة الاتحاد الافريقي (اميصوم).
واذا كانت حركة الشباب التي اعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة العام الماضي ما زالت تسيطر على القسم الاكبر من جنوب البلاد ووسطها، فقد اضطرت ايضا الى التنازل عن بعض المواقع في هذه المنطقة.
وكان الرئيس الصومالي شريف شيخ احمد الذي تحظى حكومته الانتقالية بدعم المجموعة الدولية، وعد بعد انسحاب حركة الشباب من مقديشو "بتحرير بقية انحاء البلاد ايضا عما قريب".
وقال رشيد عبدي من "انترناشونال كرايزس غروب" ان "الهجوم حقق ابرز اهدافه المتمثلة بتقليص الاعتداد بالنفس والمبالغة في الثقة لدى الحكومة الانتقالية، وليس ترهيب" المواطنين.
واذا كانت هذه الحكومة التي مدد لها المانحون الدوليون عاما في آب/اغسطس الماضي، قد استضافت مؤتمرا رفيع المستوى وشارك فيه عدد كبير من الشخصيات منهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، يبقى نفوذها في مقديشو محدودا جدا، وكذلك في بقية انحاء البلاد.
واذا كان من المبكر معرفة ما اذا كانت تتوافر لحركة الشباب الوسائل لشن حملة ترهيب وعد بها الاربعاء المتحدث باسمهم، يؤكد اعتداء الثلاثاء "فشل الحكومة في ملء الفراغ" الذي خلفه انسحابها من مقديشو، كما يقول بيتر فام.
وحركة الشباب التي تستعيد تكتيكا تقليديا يقوم على التحرش والمناوشات، تعترف ضمنا بأن المعركة المباشرة في مقديشو كانت خطأ.
وقال جايسون موسلي المحلل في مركز اوكسفورد اناليتيكا ان "اعتداء الثلاثاء لم يشكل مفاجأة ابدا، فهو يذكر بالاساليب التي تستخدمها حركة الشباب والتنظيمات الاخرى المعارضة للاجتياح الاثيوبي للصومال من 2007 حتى مطلع 2009".
واضاف الخبير الاخر في الملف الصومالي الاميركي كين منكاوس استاذ العلوم السياسية في دافيدسون كوليدج ان "حركة الشباب لا تحتاج الى ان تحقق فوزا في مقديشو، وهي تفضل التعادل السلبي من خلال سعيها الى استمرار عجز الحكومة وتقويض معنوياتها".
ولم تعرف بعد عواقب الهجوم على المساعدة الدولية التي تبذل المنظمات الانسانية جهودا مضنية لايصالها الى اربعة ملايين صومالي يواجهون نقصا غذائيا بسبب موجة الجفاف الواسعة النطاق.
وارفقت حركة الشباب التي ترفض وصول معظم وكالات الامم المتحدة الى مناطقها، اعلان مسؤوليتها عن الاعتداء بتهديدات الى "الاجانب الذين يأتون الى الصومال تحت رايات عدة لسرقة ثرواتنا وتقسيم شعبنا"، كما تقول.
واعتبر موسلي "اذا كان الهجوم قد اخرج كبرى المنظمات الانسانية من مقديشو واوقف ارسال عاملين في المجال الانساني، فستنجم عن ذلك عواقب كبيرة على الحكومة الصومالية".
وبدلا من ان يؤدي الهجوم الى المطالبة بانسحاب قوة الاتحاد الافريقي، سيعزز حجج الذين يطالبون بزيادة عناصر هذا الجيش الذي يبلغ عديده تسعة الاف رجل، حتى لو ان الخبراء ما زالوا يشككون في فعالية قرار كهذا.