يقول العلماء، إنّه أحياناً يكون للغضب تأثيرات ينتج عنها بعض المشاعر الإيجابية التي تمنح الإنسان الحافز للقيام بأشياء يحبها. فهل فعلاً من الممكن أن يكون للشعور بالغضب تأثيرات إيجابية؟ لا يمكن في الواقع الإجابة عن هذا السؤال بشكل واضح، ذلك أنّه غالباً ما تم وصف الغضب كمشاعر سلبية، على العكس من عمليات مسح المخ بالأشعة، التي تشير إلى أنّ المخ يستقبل الغضب كجزء من المعلومات الإيجابية.
وكانت بعض الدراسات الحديثة، وصفت السِّمات الإيجابية للغضب، لكن بعض العلماء من الأخصائيين الذين اعتمدوا على تجارب عملية، أرادوا التحقيق بشكل أكثر توسُّعاً في هذا الموضوع.
ففي دراسة حديثة نُشرت في مجلة "العلم النفسي"، تم عرض صور إلكترونية من خلال الكمبيوتر لأشياء متنوعة، على أكثر من 200 متطوع، مثل الأقلام، والزجاجات، بينما تومض وجوه غاضبة، خائفة، أو خالية من التعبير على زوايا الشاشات. ثمّ طُرح سؤال على المشتركين بالتجربة عمّا إذا كانوا يرغبون في وضع الأشياء على شاشة الكمبيوتر، وطُلب منهم الضغط على مقبض بأقصى ما يستطيعون، لأنّهم سيقدرون على ذلك لو فعلوه.
وأوضحت النتائج، أنّ المشتركين لم يَميلوا إلى الأشياء التي ارتبطت بالوجوه الخائفة، حيث مَنحت النتيجة المتوقعة الطبيعة السلبية لهذا الشعور. أمّا بالنسبة إلى الأشخاص الذين تعرضوا لأضواء الوجوه الغاضبة، فقد مالوا إليها بشكل زائد وقاموا بالضغط على المقابض بقوة أكثر، مُعلنين إستعدادهم لبذل الجُهد للحصول على تلك الأشياء.
ويقول العلماء، إنّ النتائج كانت مثيرة للدّهشة، حيث إنّه في العادة يكون الغضب مُصاحباً للخوف. فالغضب يجعل الناس يشعرون بالخوف. لكن في التجربة انفصل الشعوران، وأصبح لكل منهما تأثيرات مختلفة بحسب إختلاف الأهداف.
وتوصّلت الدراسة، إلى أنّ الغضب شعور إيجابي وحافز قوي قادر على منح قوة الدفع إلى الإنسان، حتى يُحقّق ما يرغَب.
ومن فوائد الغضب أيضاً، أنّه يرتبط بالأداء الأفضل. كما أن تفريغ المشاعر أفضل للصحة العقلية من تركها مغلقة أو مدفونة، ويزيد من عملية تدفق الدم إلى أجزاء من المخ ترتبط بالمشاعر السعيدة. ففي حالة الغضب، يعمل الجانب الأيسر من المخ بشكل أكثر تحفيزاً، وهي المنطقة التي تشمل أيضاً المشاعر الإيجابية.
ويقول الخبراء، إنّ الغضب يقود التغيُّرات الأساسية في الجسم البشري، التي تتحكّم بدورها في عمل القلب والهرمونات، ويُنبّهنا إلى أننا سنتعرض لمشاعر سلبية، مثل الإكتئاب والقلق. بالتالي، يحاول إبعادنا عن الضرر، فإنّ الغضب الصحي يُعلمنا كيف نحل مشكلاتنا بدلاً من توجيه اللوم.