إستراتيجية الإفصاح عن المشاعر
 
عبّر عن مشاعرك.. دفئاً للأسرة لا حريقاً

تحدث عن مشاعرك وحسب
التقنية التي نود الحديث عنها اليوم هي أن تتحدث عن مشاعرك، وتعبّر عنها أمام السلوك المزعج دون الحديث عن صاحب السلوك أو مصدر السلوك. وهذا الأسلوب يبعد المربي عن التعليقات السلبية التي تهدم ولا تبني. وتباعد بين النفوس ولا تقرّب. من مثل: أنت دائماً عنيد... ما رأيت فوضوياً مثلك. وهذه التعليقات – كما سبق ورأينا – تعدّ من الإيحاءات السلبية التي تبرمج الولد سلبياً وتقنعه بهذه الأوصاف على المدى البعيد.

أمثلة إيجابية لإبراز المشاعر:
1- لدي إحساس أنك تحاول إثارة غضبي.. (قلها وأنت هادئ مبتسم)
2- كيف يمكنني مساعدتك لتساعد نفسك على...؟
3- لقد تألمت وأنا أرى سلوكك بهذا الأسلوب...
4- إنني أحبك لدرجة أنني أود قضاء أكبر وقت معك...
5- إنني أجد رميك للأغراض على البلاط وبشكل فوضوي أمراً مزعجاً يقلقني.. كيف يمكنني مساعدتك لتنظيم أغراضك وترتيبها؟!
إن الهدف الأساس لهذا التعبير الإيجابيّ عن المشاعر، وهذه التقنية والأسلوب في التعامل مع السلوكيات المرفوضة أن توصل الرسالة الحقيقية لمصدر التلقي أو المستقبل (ابنك) دون المساس بعلاقتك معه أو بشخصه. والهدف النهائي هو أن يعدّل سلوكه وهو متيقن أنك تحبّه دائماً وأن مشاعرك تجاهه لم تتغير.

ثمان خطوات تساعد بها ابنك في تفهّم مشاعره:
هذه تقنية مكملة للتي سبقتها. فالمربي الإيجابي هو من يحسن الحديث، والتعبير عن مشاعره في المواقف الحرجة والمثيرة. وهو كذلك من يملك مهارة مساعدة ابنه في تفهّم مشاعر نفسه.
1- توجيه المشاعر إيجابياً:
حين ترى ابنك في حالة انزعاج وتوتر ومبالغة في تضخيم بعض قضاياه. فدورك أن تقوم بإبعاد هذه المشاعر السلبية، وإحلال مشاعر إيجابية محلَّها. ادعه للتبسم، وأدخل عليه البهجة والسرور من خلال ما تتقنه من أساليب.
2- النصيحة الخفيفة:
قدّم نصائح لابنك دون الإكثار والتطويل في تقديمها، وساعده من خلال نصائحك ليفهم مشاعره بصورة أفضل.
3- اسأل أسئلة مفتوحة:
اطرح أسئلة على ابنك تخرجه من دوامة المشاعر السلبية وتساعده على إيجاد مشاعر بديلة. وتكون الأسئلة – غالباً – من النمط الذي يزرع التفاؤل ويبني أنموذجاً من التفكير الإيجابي.
4- تعاطف مع ابنك:
عبّر له عن تعاطفك معه من خلال إبداء مشاعرك التي تحرك مشاعره وعواطفه.
5- أحسن الإنصات ودعه يتكلم:
الإنصات باهتمام يزرع لديه شعوراً بقيمته، وتعاطفك معه واهتمامك به. وهذا يحيي المشاعر الإيجابية بداخله.
6- عبّر عن تجاوبك:
تجاوب مع كلامه من خلال ملامح وجهك، وحركات رأسك وكلامك بالموافقة (نعم...) والاستحسان (ممتاز! حسن...).
7- أعط أسماء لمشاعره:
ساعده في التعبير عن مشاعره من خلال تسمية مشاعره وإعطائها نعوتاً وأوصافاً.
8- ساعده على الخيال الحر:
وسّع مدارك خياله الحر من خلال توجيه تقنية (ماذا لو تحققت أحلامك وأمنياتك؟).. فإنك بهذا الأسلوب تنقل ابنك لمشاعر إيجابية. فضلاً عن كون هذا الأسلوب (توجيه الخيال الحر) أحد أهم الأساليب التي تنمي الإبداع لدى الأطفال من خلال مشاعر يستمتعون بها بخيالهم الحر الواسع.
قوة التغيير تبدأ من قناعتك بضرورة اكتساب مهارات وأساليب إيجابية، والتخلص من سلبيات التعامل مع أبنائك. وهذا التغيير بحاجة لإعادة برمجة السلوك الأبوي. ورأينا معاً بعض خطوات هذه البرمجة الإيجابية، والتي تبدأ بالاقتناع بضرورة التغيير والتركيز على حلول المشكلة، ثم التحدث عن مشاعرك. وفي الوقفة التالية نتحدث عن الخطوة الجديدة وهي التفكير الإيجابي.

كن إيجابيّاً.. فكّر وتصرّف إيجابيّاً
مما لا يختلف حوله اثنان أن أي سلوك إنساني ينطلق من قاعدة فكرية، وقناعات ومعتقدات. ولعل الإسلام كان أول من أسس قواعد هذه الحقيقة العلمية، وهو يركّز على العقيدة الصحيحة لكونها المولِّد الرئيس للسلوك الحسن، والعمل الصالح. ولم يكن غريباً أن يركّز النبي صلى الله عليه وسلّم في بداية الدعوة ولمدة ثلاث عشرة سنة على بناء النفوس وإصلاح العقيدة وتمتين المعتقدات، وتنقية الفكر مما التصق به من جاهلية ومعتقدات وسلبيات غير صحيحة.
إن المربّي الذي يلجأ لأساليب سلبية في التعامل مع أبنائه هو في الواقع ينطلق من أفكار سلبية، ويتحكم في سلوكه تفكير سلبي. وتغيير الأساليب السلبية يحتاج إلى تغيير نمط التفكير السلبي. قل لي كيف تفكر أخبرك بنوع السلوك الذي يصدر عنك. فالتعبير عن المشكلة جزء من الصورة التي بداخلك عن هذه المشكلة.
وفيما يلي أمثلة للتفكير السلبي وبدائل عنها:

أمثلة التفكير السلبي والبدائل من أمثلة التفكير الإيجابي
1- أكاد أجن من كثرة حركة ابني! - ابني – ما شاء الله – كثير الحركة، كيف يمكنني تحويل هذه الطاقة إلى موهبة؟
2- لقد عجزت ويئست من إصلاح ابني...- كيف يمكنني مساعدة ابني لإصلاح سلوكه؟
3- أفقد صوابي إن لم أجد مكاناً أرتاح فيه داخل بيتي! - بإمكاني تنظيم حياة أسرتي بشكل يحقق لي الهدوء والراحة
4- المشكلات كلها بسبب هذا الابن! - لكل مشكلة سبب. علي اكتشاف هذا السبب..
5- المشكلات كلها بسببي أنا..- بإمكاني تغيير أسلوبي لتفادي المشكلات..
6- مع الأسف المشكلات لا تنتهي مع أبنائي. - بإمكاني التحكم في هذه المشكلات والاستفادة منها...
7- عناد ابني يزعجني ويخيفني! - ابني يصرّ على استقلاليته، وتعجبني محاولاته للاعتماد على نفسه...
8- ابني يحرجني، ويزعجني بكثرة أسئلته... - مدارك ابني – ما شاء الله – تتفتح، وهو طموح ويحب التعلّم...
إن أول خطوة لتغيير التفكير السلبي أن تركّز على تقييم الأخطاء الناجمة عن هذا النمط من التفكير. كما إنّ من سنن الله في الكون أن تركيز الإنسان عن السلبيات يجعل عقله وتفكيره وسلوكه منصباً حول الواقع السلبي.
إن من سلبيات التفكير السلبي أنه غالباً ما يكون غير منطقي، وينطلق من ردود أفعال ويخلق ردود أفعال ويهدم أكثر مما يبني، إضافة إلى كونه يفرز الشخصية المتشائمة التي لا تبني ولا تسعد ولا تَسعد من حولها.
والإسلام دين تفاؤل وتفكير إيجابي فهو الذي يوصي أبناءه بحسن الظن بالله (أحسنوا الظن بالله). ويفتح أبواب المغفرة والتوبة على مصاريعها. وبتبديل السيئات حسنات. ويتيح مجالات واسعة تحقق الشخصية المتفائلة. وتجعل المسلم إيجابياً وتفكيره إيجابياً.

من قوانين النجاح
1- قانون العقل:
- كل المسبّبات ذهنية، أفكارك تصبح واقعك.
إن أفكارك خلاقة. ستصبح ما تفكر فيه معظم الوقت. داوم على التفكير في الأشياء التي تريدها بالفعل، وارفض التفكير فيما لا تريده.
2- قانون الاعتقاد:
- إن كل ما تؤمن به – بصدق – يصبح واقعك، فأنت لا تعتقد بما تراه، ولكنك ترى ما اخترت بالفعل اعتقاده.
- يجب عليك أن تحدد معتقداتك السلبية، ثم تتخلص منها.
3- قانون القيم:
- إنك دائماً تتصرف بطريقة تتوافق مع قيمك، ومعتقداتك الداخلية.
إنّ ما تقوله وما تفعله، وما تتخذه من اختيارات – لاسيما تحت الضغط – هو أدق تعبير عن قيمك الحقيقيّة، بغض النظر عمّا تدّعيه.

..........................................
الدكتور مصطفى أبو سعد