وزير الدفاع الامريكي في العراق يصدر اوامره لقواته لتنفيذ عمليات عسكرية انفرادية ضد المدنيين في العراق متجاهلا ومستخفا بسيادة العراق
شنت اذاعة صوت العراق ، هجوما قويا على النواب والسياسيين والاعلاميين المؤيدين لبقاء قوات الاحتلال في العراق بذرائع ومبررات وصفتها بانها " واهية " .
واستغرب تعليق اذاعة "صوت العراق " التي تبث من بغداد على الموجتين المتوسطة والاف ام ، صمت الحكومة العراقية على الجرائم اليومية التي ينفذها الاحتلال في عملياته العسكرية في المدن العراقية هذه الايام والتي ادت الى استشهاد وجرح العشرات من المواطنين واعتقال جمع منهم في عمليات مداهمة وقصف يومي شهدته المحافظات والمدن العراقية مؤخرا مثل العمارة والديوانية وقضاء بلد .
واستغربت اذاعة " صوت العراق " عدم التفات الحكومة العراقية وسكوتها على " التدخل " اليومي الذي يباشره السفير الامريكي في العراق ، حتى وصفه بعض المراقبين بانه هو الحاكم الفعلي للعراق .
وفيما نص تعليق " اذاعة صوت العراق " :
ان الجهود الكبيرة التي تبذلها الولايات المتحدة للضغط على الحكومة العراقية وعلى الكتل السياسية والنواب ، لتمرير مشروع بقاء قوات الاحتلال في العراق ، باتت ترقى الى درجة التدخل السافر في شؤون العراق الداخلية ، وممارسة دور " القوة المحتلة الغاشمة " للبلاد .
ان عشرات الوفود الامريكية السياسية والعسكرية والامنية التي تزور العراق تباعا هذه الايام ، والتي لايعلن الا عن القليل منها ، تشكل دلالة كبيرة على ان الولايات المتحدة ، تسعى جاهدة لفرض اجندتها الامنية والعسكرية في العراق ، شاء من شاء ، وابى من أبى .
المطلعون على السياسة الامريكية والمقربون منها ، مثل التحالف الكردستاني ، لايترددون من الاعلان عن ان اساس رغبة امريكا للبقاء في العراق ، يعود الى رغبتها في تحويل العراق منطلقا لتهديد ايران والتصدي من الارض العراقية ، كما اشار الى ذلك النائب محمود عثمان بكل صراجة ووضوح.
اخرون في مجلس النواب ، يذهبون الى ابعد من ذللك فيؤكدون ان اصرار واشنطن للبقاء في العراق انما هو استجابة لضغوط اسرائيلية وسعودية ، فالاولى اي اسرائيل ، تريد ان تكون القوات الامريكية في العراق ، جزءا من المنظومة الامنية المدافعة عنها ، من خلال المشاركة في التصدي الى اية صواريخ بعيدة المدى قد تطلقها ايران ضد اهداف في اسرائيل ردا على اي هجوم قد تتعرض له المنشئات النووية الايرانية من قبل اسرائيل او الولايات المتحدة . حيث اكد مراقبون عسكريون غربيون ان الولايات المتحدة وضعت برامج لنشر صورايخ مضادة للصواريخ الايرانية بمقدورها اعتراض بعض الصواريخ التي تطلقها ايران ضد الكيان الاسرائيلي ، في سماء العراق ، قبل وصولها لاهدافها في فلسطين المحتلة، في حال نشوب مواجهة .
اما الضغوط السعودية على الامريكيين للابقاء على قواتهم في العراق ، فمرده ، خشية السعودية ان يشكل لها العراق تحديا امنيا ، خاصة وان الرياض تعتبر ، ان السلطة في العراق حاليا، هي بيد الشيعة ، وانها قد تتعرض الى مخاطر استراتيجية من العراق اذا خرجت الولايات المتحدة من العراق ، خاصة وان السعودية متورطة في تنفيذ اعمال ارهابية في العراق اما بتمويل الجماعات الارهابية او من خلال دعم كتل واحزب سياسية معظمها تنظيمات سنية طائفية وقليل منها شيعية ، وتخشى ان تفتح عليها هذه الملفات في المستقبل المنظور ، بل تخشى ان تتصاعد الاصوات المطالبة بالرد على عمليات القمع التي تمارسها السعودية ضد الشعب البجريني الى ردود فعل شعبية او رسمية للرد على السعودية من خلال الحدود المشتركة ، ولعل الدعوة التي مازالت مطروحة للقيام بزحف بشري عراقي نحو الحدود مع السعودية ، وحدها تشكل قلقا للرياض ، لانها دعوة لو طبقت فسيتجه الملايين نحو الحدود السعودية .
ان العمليات الاخيرة التي نفذتها قوات الاحتلال الامريكي ضد مدنيين في كل من" الكوت" و"الديوانية " و"الناصرية" و" بلد" و"العمارة" و"البصرة" و" بابل" ، دليل على ان القوات الامريكية تمارس دور قوة الاحتلال في المدن العراقية ، فهي لاتعير ادنى اهمية للسلطات في الحكومة المركزية ، او السلطات المحلية في المحافظات العراقية ، ونفذت حلال الاسبوع الماضي نحو 25عملية دهم ومهاجمة اهداف في هذه المحافظات ، ادت الى استشهاد وجرح العشرات ، واعتقال العشرات أثرعمليات دهم تمت من قبل القوات الامريكية لوحدها في تلك المحافظات والمدن ، دون اشراك قوات حكومية عراقية او اطلاع الجهات الامنية المحلية على هذه العمليات المسلحة ، والتي جاءت تنفيذا لتهديدات وزير الدفاع الامريكي " بانيتا " الذي زار العراق بشكل مفاجئ ودون اطلاع اي مسؤول عراقي في خرق فاضح لسيادة العراق ، معلنا وهو في العراق ، ان قواته "ستقوم بتنفيذ عمليات عسكرية انفرادية ضد المقاومة العراقية دون اشراك القوات الحكومية العراقية ".
والذي زاد في ريبة المواطنين من المخطط المقبل للولايات المتحدة في العراق وزاد في شكوكهم باستمرار هذه العمليات دون اي اعتراض رسمي عليها ، هو التزام المسؤولين في الحكومة العراقية ، الصمت تجاه تلك التصريحات الاستفزازية لوزير الدفاع الامريكي ، والصمت تجاه تطبيق قوات الاحتلال الامريكي لتصريحات الوزير " بانيتا " ، وكأن الجميع هم راضخون للتهديد الامريكي ، وهذا ما يحمل للعراق وللعراقيين ، نذر شؤم للقادم من الايام في تورط قوى الاحتلال بمزيد من عمليات القتل السافرة التي تستهدف المواطنين الامنين المسالمين .
ولعل الجريمة التي اقترفتها قوات الاحتلال الامريكي في قضاء" بلد " باستهداف مدنيين مسالمين يستعدون لاحياء شهر رمضان المبارك ، وقتل 9 اشخاص من عائلة واحدة من عشيرة : العريفات " في ذلك الهجوم ، دليل صارخ على ان ثمة : هستيريا " تطبع تصرفات القوات الامريكية في العراق لمواجهة ظاهرة ازدياد عمليات المقاومة الناجحة وخاصة عمليات كتائب حزب الله التي بدات توجه ضربات نوعية للقوات الامريكية .
وزاد من هذا الاعتقاد ماقامت به قوات الاحتلال مؤخرا من عمليات قصف ومداهمة واعتقال في الديوانية ، وماحدث في العمارة من قتل واستهداف للمدنيين وكذلك في الناصرية ، كل ذلك يدلل على ان قوات الاحتلال الامريكي باتت تتجاهل متعمدة اي حق من حقوق السيادة للعراق ، بل انها لاتقر بالسيادة للحكومة العراقية فوق اراضيها ، وهذه مرحلة خطرة للغاية من مراحل الاحتلال الامريكي للعراق ، تعيد خلط الاوراق في التعامل السياسي والدبلوماسي بين العراق والولايات المتحدة ، فلا الاخيرة ، هي التي تقبل باحترام سيادة العراق ، ولاهي تخشى من تنفيذ عمليات دموية في المدن العراقية ، كما في عمليات " بلد " وعمليات " العمارة " وعمليات " الناصرية " ، ولا الحكومة العراقية تقدم على تقديم تحذير شديد اللهجة للحكومة الامريكية احتجاجا على جرائم قواتها ضد المواطنين العراقيين ، كما حدث في الجريمة المروعة التي نفذها الاحتلال ضد مدنيين امنين وقتل 9 من افراد اسرة واحدة من ابناء عشيرات " الرفيعات ".
ان الحكومة العراقية امام مسؤولية تاريخية ، في مجال الدفاع عن مواطنيها ، والعمل على اعادة استلام الملف الامني - عمليا - من القوات الامريكية في المحافظات التي شهدت عمليات عسكرية للقوات الامريكية في المحافظات المذكورة والتي باتت القوات الامريكية تصول فيها وتجول دون ان يتمكن اي مسؤول محلي او مسؤول في الحكومة المركزية : " كفوا عدوانكم عن هذه المدن " ، بل حدث العكس ان قام احد النواب المسؤولين عن الملف الامني بالاشادة بعمليات قوات الاحتلال في العمارة ضد المدنيين الامنين مؤخرا .
كما ان " الحكومة العراقية " امام مسؤولية تاريخية في ضرورة اطلاق صرخة مدوية وصريحة اذا كات صادقة في دعواها انها ضد بقاء القوات الامريكية في العراق ، فحواها : " لالوجود الاحتلال الامريكي في العراق في مدن العراق كلها وليس فقط في الديوانية والعمارة والبصرة".
والحكومة العراقية مدعوة ايضا الى تقديم تفسير للشعب ، للنشاط " المشبوه " الذي يقوم به السفير الامريكي في بغداد " جبفري جيمس " بشكل يومي في العراق ، حتى وصفه بعض المراقبين بانه " الحاكم الفعلي للعراق " وخاصة اتصالاته اليومية بالنواب بهدف تمرير اتفاقية تمديد بقاء القوات المحتلة في العراق ، او من خلال نشاطه اليومي في الاتصالات مع المسؤولين العسكريين والامنيين والسياسيين ، اومن خلال الاتصال بوسائل اعلام عراقية مختلفة من قنوات فضائية واذاعات وصحافة بهدف خلق اجواء اعلامية ضاغطة باتجاه صناعة " راي عام" يقبل باستمرار وجود قوات الاحتلال في العراق، حت صارت "معزوفة " يكررها كل مريد لبقاء قوات الاحتلال وهو ماصار شائعا في تكراره في وسائل اعلام مقربة من الاحتلال وهو ما يعرف بـ " حاجة العراق الى قوة تدافع عنه ضد العدوان الخارحي " وصارت هذه " المعزوفة " واحدة من وسائل تبرير وجود القوات الامريكية لدى نواب وسياسيين واعلاميين ، وهذا ماعبر عنه النائب السابق وائل عبد اللطيف صراحة ، وما ساقه ايضا النائب جواد البولاني عضو قائمة " العراقية " حيث برر لبقاء القوات الامريكية في العراق ، عندما تحدث عن بقائها في العراق قائلا : " العراق ليس بمقدوره الدفاع ضد اي عدوان خارجي بقوات المسلحة الحالية " وتناسى البولاني الاجابة على سؤال هام : " من الذي يقصده بشن العدوان الخارجي على العراق ؟ هل ايران ام اسرائيل ام تركيا ام السعودية ام الكويت ام الاردن ام سوريا ؟
فايران تسعى لتامين افضل العلاقات مع العراق وتسعى لتطوير العلاقات الاقتصادية معه ، كي تصل بها الى حد تحقق تعاون استراتيجي كما في مشروع نقل الغاز الايراني الى سوريا ولبنان عبر الاراضي العراقية ، الذي سيدر على العراق ايرادات سنوية بعشرات الملايين من الدولارات وكذلك تسعة ايران الى تطوير علاقاتها الاقتصادية والثقافية مع العراق من خلال "السياحة الدينية" التي تدر على العراق عشرات الملايين من الدولارات ايضا كل عام .
اذن فهذه الدولة الجارة ليست مرشحة لشن عدوان خارجي على العراق، واما سوريا فهي في شغل شاغل وادركت اخيرا انها ايضا ضحية الارهاب الوهابي السلفي المدعوم من السعودية والامارات وحتى من الولايات المتحدة وفرنسا ، اما الاردن فليس بوارد ان يفكر يوما في بلعدوان على العراق لانه اصغر من ان يرتكب مثل هذا العمل .
وكذلك تركيا اثبتت انها حريصة على اقامة افضل العلاقات مع العراق وليس هناك من اسباب تدفعها للعدوان على العراق ، اما الكويت فانها كانت في كل الاوقات تخشى ان تتعرض هي لهجوم من العراق ، وهي لن تفكر في يوم من الايام لشن هجوم على العراق لاسباب عديدة .
اذن ، بقيت السعودية المجاورة للعراق ، فهي يكفيها ما بها من " اوجاع" داخلية وخارجية ومتورطة في اليمن والبحرين الى حد كبير، ولن تجرؤ في يوم من الايام لارتكاب مثل هذه الغلطة ضد العراق ، التي ستكلفها الكثير لانها ستفتح عليها ملفات عديدة متورطة فيها السعودية ضد العراق ومنها ، دعمها للتنظيمات الوهابية السلفية ودعمها لبقايا ازلام البعث واصدارها فتاوى تكفيرية ضد العراق ، وكل هذه الملفات اذا فتحت سيكون وبالا على السعودية التي لن تتجرأ للتورط بالعدوان على العراق .
بقي ان نذكر البولاني ووائل عبد اللطيف ونواب اخرين ، الذين يبررون لبقاء القوات الامريكية لصد العدوان الخارجي الذي قد يتعرض له العراق ، هل ستقوم القوات الامريكية باستخدام قدراتها القتالية لصد اي عدوان قد بتعرض له العراق من الكيان الاسرائيلي ؟ فاذا كان الجواب بالايجاب ، فان ذلك اكبر اكذوبة لن ينخدع بها العراقيون ، لان يدركون ان وجود القوات الامريكية هو لخدمة امن اسرائيل وللبقاء بالقرب منها لتامين اية حماية قد تحتاجها اذا اندلعت الحرب في المنطقة بينها وبين ايران او حزب الله او سوريا ، وليست هنا في العراق لمواجهة اي عدوان اسرائيلي؟
اذن فلماذا هذا التسويق الذي يقوم به برلمانيون وقنوات فضائية لبقاء القوات الامريكية في العراق بذريعة حاجة العراق لها لصد اي عدوان خارجي .؟
الجواب واضح وجليي ، وهو ان المسوقين لبقاء قوات الاحتلال في العراق لايمتلكون اية ذريعة تبرر وقوفهم الى جانب قوات الاحتلال الا بهذه التبريرات الواهية ، متناسين جرائم هذه القوات اليومية ضد المواطنين العراقيين في المدن العراقية المختلفة ، ومتناسين جرائمها السابقة ، التي ستبقيها صفحات التاريخ للاجيال القادة ولشعوب العالم تذكرها بجرائم الاحتلال الامريكي بحق الشعب العراقي كما هي الان صور عمليات الابادة والقتل التي مارستها هذه القوات بحق الشعبين الفيتنامي والياباني التي تذكر العالم كل يوم بهولها وفظاعتها ووحشيتها .
والذي سيتحقق في النهاية في العراق ، هي ارادة الشعب العراقي الذي سيكون هو الاقدر على تطهير العراق من قوات الاحتلال كما راينا في المهرجانات التي اقامتها العشائر العراقية خلال الايام الماضية ، وكما شاهدناها في سلسلة المقابلات والتحقيقات على قناة الانوار 2 الفضائية خلال هذا الشهر ، التي توعدت خلالها العشائر ورجال الدين بحرب تحرير شعبية ضد قوات الاحتلال الامريكي اذا لم تخرج من العراق في نهاية عام 2011 ، بالاضافة الى المقاومة العراقية التي توعدت بتوجيه ضربات قاتلة لقوات الاحتلال اذا لم تخرج من العراق في الوقت المحدد لخروجها ، وعند ذاك سيجد البرلمانيون والاعلاميون والسياسيون المسوقون لبقاء قوات الاحتلال في العراق ، ان الشعب العراقي قد صنفهم "اصدقاء" لقوة الاحتلال في العراق ، وعندها سيجدون هذا العراق الكبير قد ضاق عليهم وضاق بهم ، ولم يعد يتسع لهم اذا لم يتراجعوا عن موقفهم هذا .ولعل في تجارب المؤيدين للاحتلال الامريكي في فيتنام وكوريا ودول اخرى مايثبت ذلك وفيها دروس وعبر جديرة بالتامل فيها والاتعاظ بها .