لم يخيّب فريق الوحدات آمال جماهيره الغفيرة ، فهو أنجز المهمة وكرر الانجاز.. توج بلقب كأس الأردن لكرة القدم للمرة الثالثة على التوالي وللمرة التاسعة في تاريخه، وحقق الانجاز الأكبر في تسجيل رباعية الألقاب المحلية عن جدارة واستحقاق.. لتعيش جماهيره فرحة عارمة بانجاز تاريخي لا أحلى ولا أجمل، ليثبت الوحدات بانه فريق مثالي يتمتع بكامل الاوصاف فنيا واداريا، وبأنه يمتلك القدرة على مواصلة مسيرة الانجازات في المواسم المقبلة في حال تواصلت هذه النهضة الملحوظة على صعيد فريق كرة القدم.
مهمة تنتهي.. الوحدات فاز على فريق منشية بني حسن في المشهد النهائي (3-1) معلنا اكتمال عقد الالقاب.. ومهمة تبدأ حينما يتفرغ فريق الوحدات لخوض مباراته أمام شورتان الأوزبكي بالدور الثاني لكأس الاتحاد الاسيوي في مباراة تقام يوم الأربعاء المقبل.. وهنا يتطلع الوحدات بكل ما أوتي من امكانات وقدرات الى التتويج بأول لقب قاري، وتبدو الأحلام ممكنة، فالفريق يعيش في أفضل حالاته ويملك كوكبة من اللاعبين المميزين والمتجانسين ويقوده مدرب محترف أثبت قدراته الفنية والتدريبية بشكل لافت وهو الكرواتي دراغان.
الليلة قبل الماضية.. كنا نطمح الى ان نتمتع بمباراة عامرة بالمشاهد الفنية، والروح الرياضية، كنا نطمع برؤية البطل يتوج بطريقة تليق بحجم انجازه.. لكن الفوضى العارمة والشغب كان عنوانا رئيسيا لليلة التتويج، وهو ما يفرض على الجميع اعادة الحسابات، ومعالجة كافة الثغرات التي حدثت في المباراة حيث كادت الامور أن تتفاقم لولا تدخل العقلاء والجهات المعنية.
قراءة فنية
ومن خلال العودة الى مجريات المواجهة التي جمعت الوحدات مع فريق منشية بني حسن، فإننا نجد بأن المعطيات الفنية لم ترتق للمستوى المطلوب، حيث غابت مشاهد الخطورة على المرميين لمدة ليست بالقصيرة، ويبدو أن الهدف المبكر الذي سجله الوحدات في الدقيقة الرابعة عبر ضربة الجزاء التي نفذها رأفت علي بنجاح كان له مردود سلبي على أداء الفريقين، فالوحدات شعر بأن حسم المواجهة لن يحتاج لجهود كبيرة، وفريق منشية بني حسن لم يكن يتوقع أن ينجح الوحدات في الوصول الى شباك حارسه محمود المزايدة بهذه السرعة، بل أن الوحدات سرعان ما جاء وعبر ذات اللاعب بالهدف الثاني، وفي الوقت الذي توقعنا فيه أن ينتفض المنشية بحثا عن التعديل كانت الالعاب تميل الى الهدوء حيث انخفض الرتم الهجومي لدى الفريقين طويلا قبل أن ينجح المنشية ومن خلال ضربة جزاء عبر نبيل ابو علي في ادارك الهدف الاول في الدقيقة (40).
الوحدات حسم موقف الفوز، كون عامل الخبرة صب لمصلحة نجومه، حيث نجح الثلاثي رأفت علي واسامة ابو طعيمة ومحمود شلباية في صناعة الفارق عبر تنويع الخيارات الهجومية والتي تحققت من خلالها أهداف الوحدات، ولعل تمريرة شلباية التي كشفت وهن دفاع المنشية وقادت رأفت علي الى تسجيل هدفه الثاني، وتمريرة محمد الدميري التي جعلت كشكش ينفرد بمرمى المزايدة دون مضايقة ويسجل هدف الحسم كانت تؤكد بان دفاع المنشية عانى كثيرا من ضعف في الرقابة وضعف آخر في التغطية، ولو أن المنشية نجح في بناء سواتر دفاعية متينة لربما نجح في تأجيل الحسم وربما نجح في قيادة فريق الوحدات الى الاحتكام لركلات الحظ لتحديد هوية البطل، لكن الوحدات عرف من أين تؤكل الكتف حينما استغل الثغرات في دفاع المنشية واستثمرها عبر احراز الاهداف.
فريق منشية بني حسن، قدم أداء جيدا، ونجح على فترات المباراة بفرض نفسه على منطقة العمليات عبر التحركات الناضجة التي كان يحدثها حسام شديفات، لكن الفريق عانى ايضا من ضعف الفاعلية الهجومية لتبقى شباك قنديل بمنأى عن الخطر باستثناء رأسية قويدر والتي احتسب من خلالها الحكم ضربة الجزاء بعدما ارتطمت الكرة بيد مدافع الوحدات البهداري.
اذن نتفق على أن المواجهة لم ترتق للمستوى الفني المطلوب رغم غزارة الاهداف، ونستطيع القول بأن خبرة نجوم الوحدات تغلبت على طموح فريق المنشية الذي كان يمني النفس لتحقيق انجاز يدخله التاريخ.
أحداث مؤسفة
في الوقت الذي كانت فيه معطيات المباراة تميل إلى الهدوء.. كانت الحياة على المدرجات تختلف كليا.. فالشتائم والهتفات المسيئة والكراسي المتطايرة فوق الرؤوس وقذف الحجارة والزجاجات الفارغة على اللاعبين والمنصة الرئيسية ومنصة الصحفيين، كانت عنوان خاتمة البطولات المحلية.. فالختام لم يكن مسكا للغاية بل كان مؤسفا للغاية حتى أن حفل التتويج أقيم بصورة مختصرة تفاديا لاشكالات قد تحدث وخصوصا من جمهور الفريق الخاسر.
اخطاء كثيرة حدثت في المشهد النهائي.. فحكم اللقاء كان مطالبا بايقاف اللعب في الشوط الاول في اكثر من مرة بعدما ترددت الهتفات المسيئة لكنه للاسف لم يحرك ساكنا وظهر وكأنه كان بعيدا كل البعد عما يدور داخل المدرجات، والمنصة الرئيسية شهدت تلاسنات ومحاولات للتهجم بين الجالسين في أكثر من مرة.. ومنصة الصحفيين لم تسلم هي الأخرى من الحجارة وهو ما أدى الى حدوث ارباك في عمل الصحفيين المتواجدين، وما زاد الطين بلة بأن ستاد عمان الدولي الذي أعلن عن فتح ابوابه مؤخرا لم يكن مزودا بخدمة الانترنت وهو ما صعب مهمة الصحفيين في القيام بواجباتهم.
غاب التنظيم.. وغاب التنسيق.. في نهائي الموسم الكروي.. فجاءت الصورة قاتمة.. لم يتمناها الكثيرون مما حضروا المباراة.. حتى أن بعض العائلات التي جاءت لتحضر المباراة اضطرت الى مغادرة الملعب بعد اطلاق الهتفات المسيئة، وربما (طلقت) هذه العائلات المدرجات دون رجعة، في وقت كنا نتمنى فيه أن تعود العائلات والجماهير الى المدرجات وخصوصا أن كرة القدم الأردنية تسير من تطور الى تطور.
لا نسرد ما سبق من باب النقد، وإنما نسرده وبصورة مختصرة وبقمة الموضوعية، والهدف هو حث الجهات المعنية وخصوصا اتحاد كرة القدم والقائمين على ستاد عمان الدولي بضرورة تحمل المسؤولية ووضع خطط مسبقة ومنسقة تضمن اقامة المباريات بعيدا عن أي اعمال شغب متوقعة، لأن التنسيق مطلوب في هكذا مباريات ويجب ان يكون التنسيق على سوية عالية، فليس من المقبول أو المعقول أن تكون المنصة الرئيسية مليئة ومكتظة بهذا الشكل وبصورة ساهمت في شحن الاجواء وحدوث التلاسنات والمشاجرات، وما الغاية من عقد اجتماعات تنسيقية تسبق تلك اللقاءات دون أن يكون هنالك خطوات عملية وتطبيقية فوق أرض الميدان؟، نقول ذلك لأن التنسيق كان مغيبا تماما عن هذه المباراة والدليل ما حدثت في هذه المباراة، كما يجب علينا العمل على ايجاد آليات جديدة تسهم في ضبط سلوك الجماهير وتضبط ما يجري على المنصة الرسمية التي يجب ان تقتصر على راعي المباراة ورئيس الناديين فقط.
عموما، انتهى الموسم، الوحدات استحق الالقاب الأربعة.. وفريق المنشية استحق التحية، باعتباره قدم لقاءات قوية ببطولة الدوري وتوج وصيفا لكأس الأردن، لكن كرة القدم يبقى عنوانها الروح الرياضية والتشجيع المثالي والنظيف، وإذا غابت الروح الرياضة عن ملاعبنا فليس بوسعنا سوى القول (على الرياضة السلام).