ونحن نتهلف للتسونامي الذي قال جاك وارنير نائب رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم ورئيس منطقة الكونكاكاف أنه سيضرب الفيفا، عندما يجهر للجنة الأخلاقيات التي استدعته للإستماع إليه على مدار يوم ، بحقائق مدوية ستحدث رجة عنيفة، إذا بالإعصار يأتينا من محمد بن همام يدك الحصون ويجرف معه كل قدرة على الفهم، فقد قرر الرجل الإنسحاب من السباق نحو رئاسة الفيفا، وهو الذي كان بحماسة غير مسبوقة للإطاحة بالديناصور جوزيف بلاتير.
ولكل من يسأل عن وجه العلاقة بين تسونامي وارنير وإعصار بن همام، فإن جاك وارنير وقد قلت عنه دائما أنه أقوى جوكير يملكه بلاتير وقد ورثه بمطلق الوفاء ومنتهى الولاء عن الرئيس الأسبق جواو هافلانج، وجد نفسه محورا لوشاية قدمت إلى الفيفا، تقول بأنه بمعية بعض أعضاء إتحاده القاري «الكوناكاكاف» تلقى رشاوى من بن همام، على خلفية دعوة كان قد وجهها الأخير لأعضاء عن ذات الإتحاد، واعترف أنه هو من تكفل بالنقل وبالإعاشة، وبناء على ذات الوشاية طلب من لجنة الأخلاقيات استدعاء بن همام وجاك وارنير وعضوين آخرين داخل إتحاد الكوناكاكاف للإستماع لهم على مدى يوم الأحد كاملا، قال بلاغ صادر عن الإتحاد الدولي لكرة القدم أنه سيتم من خلال جلسة مطبوعة بالشفافية وسيعلم العالم كله بتفاصيلها.
وعندما تسارع لجنة الأخلاقيات لطلب مثول عضوين بارزين داخل المكتب التنفيذي للإتحاد الدولي لكرة القدم أمامها للبحث والتقصي في واقعة صورت على أنها محاولة للرشوة، وتفعل ذلك قبل ثلاثة أيام من يوم الإنتخابات، فإن هناك ما يقول بوجود مخطط سري يذهب لما هو أبعد من التشويش على بن همام، مخطط مصمم بدقة متناهية من بلاتير الذي لم يهتز ولو للحظة لطلب مثوله أيضا أمام لجنة الأخلاقيات بتهمة التستر على فعل الإرشاء.. v لماذا سحب بن همام ترشيحه لرئاسة الفيفا؟
نستطيع أن نجد لهذا السؤال الكبير والعريض إجابات كثيرة غير تلك التي إختارها بن همام بدقة لتبرير موقفه..
يقول بن همام أن المعركة حادت عن كل القيم الشريفة وزاغت عن سكة المنافسة التي يجب أن تطبع سباقا كونيا من أجل حيازة شرف الجلوس على عرش الفيفا، ويقول أيضا أنه لا يبدي أدنى استعداد لتمريغ إسمه في الوحل بخاصة بعد أن سخرت جهات بعينها من أجل التشهير بمحمد بن همام عندما وصفت إجتماعا عقده مع أعضاء الكوناكاكاف الذي يقوده داهية من طينة أخرى إسمه جاك وارنير بهدف حشد التأييد بأنه كان مناسبة لتقديم هدايا نقدية بقيمة 40 ألف دولار إلى كل عضو من الأعضاء الممثلين للإتحادات المنضوية تحت لواء هذه الهيئة القارية..
ولا يريد بن همام إطلاقا وهو يتحدث بمرارة ظاهرة من خلال الكلمات المنتقاة لصياغة بلاغ الإنسحاب أن يربط هذا الإنسحاب بالمؤامرة التي قال أن الذين أزعجهم أن يتقدم للمنافسة على رئاسة الفيفا صاغوها بكامل الحقارة والوضاعة في وقت حرج..
تلك كانت الأسباب الوجيهة التي قال بن همام أنها حرضت على الإنسحاب من السباق، أما ما نفكر فيه نحن مجتمعين، من كان مع جرأة بن همام في مصاقرة الديناصور بلاتير ومن كان ضدها ومن إعتبرها مقدمة لويلات كثيرة، فهو مختلف تماما..
في انسحاب بن همام وهو أمر لم يحدث لغاية الأسف مع السويدي بوهانسن الذي نافس بلاتير على أول ولاية ومع الكامروني عيسى حياتو الذي نافسه على ثاني ولاية، ما يقول أولا بأن بن همام إختار توقيتا سيئا لمقارعة بلاتير وهو أعلم الأعضاء بأن الصقر السويسري يضع مخالب حادة جدا على عرش الفيفا، ولا يبدي أي إستعداد للرحيل، وما يقول ثانيا بأن بن همام كان على درجة عالية من الذكاء ليقيس حجمه الكروي وحدود جرأته وجسارته وصبره ليخوض معركة قلت قبل أسابيع أنها ستكون ضارية وعنيفة ومفتوحة على كل الإحتمالات، بل وإن أسلحة ستوظف فيها قد لا تقيم وزنا لما هو محظور قانونا وأخلاقيا، لأن الأمر قد يصل إلى درجة الفتك بالأعراض والتشهير والنيل من السمعة.
وعندما قلت أنني مع بن همام مع أن ليس لي شخصيا صوتا أعطيه إياه عندما تقرع أجراس الإنتخابات، فقد قلته ليقيني التام من أن بن همام حسب جيدا الخطوة التي خطاها في ظرفية زمنية دقيقة جدا، كان يعرف أنه سيوجه صفعة قوية لبلاتير وأنه سيكسر عظمه ويهدده في منصب لا يبدي أي استعداد لتركه، لذلك أجد في قراره بالإنسحاب من السباق ما يقول بوجود إكراهات فوق العادة تحفظ عليها بن همام ولربما أفرج عنها ذات وقت عندما لا تصبح لبلاتير سيادة مطلقة على جهاز الفيفا، أجد في هذا القرار ما يدعم كثيرا ما ذهب إليه باحثون ونقاد وإعلاميون أوروبيون من أن الفيفا مطبخ تفوح منه رائحة الفساد، وقد يحمل "تسونامي" وارنير إذا ما صدق وعده، وأنا من يعرف حربائيته بعضا من مظاهر هذا الفساد..
في مستوى ثالث أجد في انسحاب بن همام تحت تأثير قنابل موقوتة ثم تصنيعها لغرض نسف كل من يجرؤ على معاكسة الصقر بلاتير، ما يؤكد على ضرورة أن تحدث داخل الإتحاد الدولي لكرة القدم ثورة تأتي بشفافية حقيقية عوض هذه الشفافية المصطنعة التي يتبجح بها بلاتير، ثورة تبدأ بتغيير القوانين الأساسية لهذه المنظمة الكونية، ثورة تقلص كثيرا من سلطات رئيس الفيفا عندما يكون في السباق نحو تجديد الرئاسة، إذ كيف يسمح بلاتير لنفسه أن يوجه المساعدات تحت ذرائع كثيرة لهذا الإتحاد أو ذاك مستغلا هامش التحرك والمبادرة التي يسمح بها منصبه، كيف يسمح لنفسه أن يجتمع بلا حسيب وبلا رقيب مع هذا الإتحاد القاري أو ذاك، ويتبجح بمساندة من هذا الإتحاد أو ذاك ويعترض على أن يفعل الشيء ذاته منافسه على الرئاسة؟
كيف يسمح بلاتير لنفسه أن يتعرض أعضاء داخل مكتب تنفيذي يترأسه للإهانات المقصودة والمغرضة في هذه الظرفية بالذات؟
بعد زلزال بن همام والذي ستكون له من دون شك ردات إهتزازية فظيعة، لم يعد تسونامي وارنير يعنينا في شيء، أولا لأن ما هو مؤكد أن الفيفا المؤسسة الكونية التي لم تمس الأزمة الإقتصادية شعرة واحدة فيها أصبحت وكرا للدسائس، وثانيا لأن وارنير الذي وعدنا بالتسوماني هو أصلا إعصار ظل على مدار 20 سنة يتحرك بتوجيه من صناع القرار داخل الفيفا لضرب الأعناق.