بتـــــاريخ : 6/15/2011 8:10:32 AM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1227 0


    أرض مصر وكيف نحافظ عليها

    الناقل : فراولة الزملكاوية | العمر :37 | الكاتب الأصلى : د‏.‏ م‏.‏ أبوزيد راجح | المصدر : www.egynews.net

    كلمات مفتاحية  :
    أرض مصر نحافظ


    قلم : د‏.‏ م‏.‏ أبوزيد راجح
    رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان سابقا
    الأهرام: 12/10/2008
    كثر الحديث في هذه الأيام إما علي صفحات الجرائد أو علي شاشات التليفزيون عن أراضي مصر وكيف تتعرض لسوء الاستغلال‏.‏ وقد أسهم السادة الكتاب أو المشاركون في البرامج التليفزيونية في إيضاح كيف ان التصرف في مساحات كبيرة من هذه الأراضي قد شابه العديد من السلبيات‏,‏ وأن عدم وجود سياسة واضحة ومتكاملة للتصرف في أراضي الدولة تتسم بالشفافية وتسعي إلي تحقيق المصلحة العامة في الحاضر والمستقبل سوف يكون له آثار خطيرة‏.‏

    أصدرت الدولة عدة قوانين وقرارات جمهورية خاصة باستخدامات الأراضي تقوم بموجبها كل من وزارة الدفاع والانتاج الحربي ثم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي ثم وزارة الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية ثم وزارة السياحة علي التوالي بتحديد ما تحتاجه كل منها من أراض لإقامة مشروعاتها المختلفة عليها‏.‏ وكانت هذه الوزارات تحدد مواقع ومساحات اراضيها منفردة في باديء الأمر ثم أوكل إلي مجلس الوزراء تحديد الأراضي اللازمة لكل وزارة وذلك بناء علي طلبها وأخيرا أنشئ جهاز خاص بتحديد استخدامات أراضي الدولة ليقوم بالتنسيق بين هذه الوزارات وتحديد ما تحتاجه من أراض‏,‏ وبموجب هذه القوانين تنتقل ملكية الأراضي من الدولة إلي الوزارات المعنية‏,‏ وتقوم هذه الوزارات بالتصرف فيها حسب خططها بما في ذلك تخصيصها بالبيع للأفراد والشركات لإقامة مشروعات استثمارية عليها‏.‏

    ومن الواضح ان تحديد استخدامات الأراضي للأنشطة المختلفة يتم حاليا بناء علي طلب الوزارات منفردة وليس طبقا لمخطط تنموي قومي شامل علي كامل الحيز الجغرافي المصري تتحدد فيه محاور التنمية وطبيعة الأنشطة التنموية بكل منها حسب امكاناته الطبيعية الظاهرة والكامنة‏.‏ وقد أظهرت الممارسة العملية في مجال تخصيص الأراضي العديد من التناقض والتشابك بين قرارات الأجهزة الرسمية المختلفة‏.‏ كما أنه قد تبين أن لكل منها سياستها الخاصة بها في تخصيص أراضيها للأفراد والشركات التي تباينت من منح مساحات واسعة بدون مقابل أو بمقابل رمزي إلي اتاحتها إما بالبيع بسعر تكلفة تجهيزها ومدها بالمرافق أو البيع عن طريق المزاد العلني بأعلي سعر يمكن الوصول إليه‏.‏

    ولا شك ان بعض ممارسات تخصيص الأراضي قد حقق أهدافه ولكن البعض الآخر كانت له نتائجه السلبية التي يمكن إيجازها فيما يلي‏:‏

    ـ بعض المساحات التي خصصت بالمجان أو بسعر رمزي تراوح سعر المتر المربع فيها بين جنيه واحد خمسة عشر جنيها قام مالكوها بتغيير النشاط الذي بيعت أصلا من أجله إلي نشاط آخر أكثر وأسرع ربحية مثل النشاط العقاري وعلي الأخص في مجال الإسكان فوق المتوسط والإسكان الفاخر‏.‏

    كما انه في بعض الأحيان قام ملاك هذه المساحات الشاسعة التي تقدر بملايين الأمتار باستغلال نسبة ضئيلة منها تقدر بخمسة بالمائة فقط من مساحتها تاركين الباقي كرصيد ضخم لاستغلالهم الخاص في مستقبل الأيام‏.‏

    -‏ بعض المساحات التي خصصت بسعر يعادل تكلفة مدها بالمرافق وهو نحو ثلاثمائة جنيه للمتر المربع قد قام أصحابها بإعادة بيعها بعد سنوات قليلة بسعر وصل إلي ما يقرب من ثلاثة آلاف جنيه للمتر‏,‏ أي ما يعادل عشرة أمثال سعرها الأصلي دون مجهود يذكر من جانبهم‏.‏

    بعض القطع التي بيعت عن طريق المزاد العلني التي وصل سعر المتر المربع فيها إلي نحو أربعة آلاف جنيه قد أدي بيعها بهذه الوسيلة إلي زيادة مفاجئة وكبيرة في أثمان الأراضي بمناطق المزاد وحولها فاقت كثيرا سعر السوق السائد في هذه المناطق‏.‏

    ويجب الإشارة هنا إلي ظاهرة كثر الحديث عنها وعما تحمله من مثالب وهي ظاهرة وضع اليد علي أراضي الدولة واكتساب مغتصبي هذه الأراضي حقا قارب حق ملكيتها‏,‏ خصوصا حول الطرق الإقليمية السريعة مثل طريق مصر ـ اسكندرية‏,‏ ومصر ـ إسماعيلية وغيرهما‏.‏

    وباختصار يمكن القول إن بعض وسائل التصرف في أراضي الدولة وترك بعضها الآخر غنيمة سهلة لواضعي اليد قد حاد عن تحقيق الهدف الأصلي منها وهو التنمية الاجتماعية الاقتصادية لمصلحة الشعب بشرائحه المختلفة في حاضره ومستقبله إلي أنها صارت وسيلة للمضاربة والتربح السريع لفئة محدودة كسبت من وراء ذلك ما يقدر بعشرات البلايين من الجنيهات‏.‏

    وأتشرف بأن أعرض هنا اقتراحا للتصرف في أراضي الدولة قد يعالج السلبيات التي أشرنا إليها‏.‏ ويتلخص هذا الاقتراح في أن الأراضي خارج الوادي والدلتا في صحراوات مصر وسواحلها وفي إقليم سيناء تبقي ملك المجتمع ولا تباع ولا تشتري‏,‏ إنما يجري تخصيصها بحق الانتفاع لمدة محددة ونظير رسم سنوي معين لإقامة الأنشطة المختلفة الاستثمارية والخدمية عليها‏.‏ وتتوقف مدة حق الانتفاع وقيمة الرسوم علي طبيعة النشاط‏.‏ وتسمح النظم المالية في مصر للمنتفع بأن يقترض من البنوك بضمان حق الانتفاع بالأرض شأنه في ذلك شأن مالكها‏.‏

    وفي مثل هذا الاقتراح سوف تحيد الأراضي ولا تصير وسيلة للمضاربة والتربح السريع وما يتبع ذلك من خلل في السوق العقارية وسوق الإسكان‏.‏ كما انه سوف يقي الأراضي سوء الاستخدام واكتساب حق الملكية بوضع اليد أو غيرها من الوسائل غير المشروعة التي تمارس علي نطاق واسع‏.‏ كما يحقق هذا الاقتراح أمن مصر القومي ويضمن عدم وقوع أراضيها في أيد قد تكون غير أمينة علي مصلحة الوطن وسلامة أراضيه‏.‏

    أي أن أراضي مصر تبقي بعيدة عن أهواء الأفراد وجموحهم الذاتي نحو التربح السريع‏,‏ وتظل تحت رعاية الدولة بما يحقق مصالحها ومصالح أبنائها علي المدي الطويل‏,‏ وتحفظ حق الأجيال القادمة فيها بنفس مقدار حق الجيل الحالي‏.‏

    وقد أخذت العديد من الدول في الشرق والغرب بهذا المبدأ حفاظا علي أراضيها مثل كندا وانجلترا والسويد والسودان وغيرها‏.‏ ويسمح القانون المدني المصري باستخدام نظام حق الانتفاع في التصرف في أراضي الدولة‏.‏ أي أنه ليس هناك ضرورة في إصدار تشريع جديد في حالة تبني هذا الاقتراح‏,‏ بل يستلزم الأمر إجراءات إدارية فقط تقوم بها الجهات الرسمية المعنية‏.‏

     

    كلمات مفتاحية  :
    أرض مصر نحافظ

    تعليقات الزوار ()