بتـــــاريخ : 6/14/2011 1:03:41 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1362 0


    هل عقيدتنا صناعية أم اصطناعية؟

    الناقل : SunSet | العمر :37 | الكاتب الأصلى : أحمد الكردى | المصدر : kenanaonline.com

    كلمات مفتاحية  :

    لقد عُدنا اليوم كما الماضي البعيد  نُعجب بالشيء فنظن فيه الخير كل الخير فإذا هو مجرد سراب خادع..

    لقد أعجِبَ العرب في الماضي بالتمر وحلاوته فصنعوا منه الأصنام .... وتفننوا في ذكر مدائحها ومحاسنها ثم ما لبثوا إن رموه ورموها..

    أعجبوا بالحجر الأبيض النادر فنقلوه عبر دوابهم من مسافات بعيدة  وخَروا      له ركعاً سجداً ثم ما لبثوا أن أهملوه.

    وإذا رأوا  حجراً عملت فيه الطبيعة فعلها حتى جعلت منه شكلاً بهياً  جميلاً يشبه الإنسان أو الحيوان كانوا له أكثر قداسة وأحرّ عبادة، وكانوا يهدون إليه الهدايا القيمة ويقربون له القرابين، ويعقرون عنده.. ثم ما لبثوا أن أداروا له ظَهر المجن ورموه..

    عبدوا الشياه البيضاوات..

    عبدوا يغوث ويغنوت،والعُزى واللات واُسافة  ونائلة.

    عبدوا النجوم كالشمس والمشترى والقمر..

    ونسجوا حول آلهتهم أساطير في منتهى الخصب في الخيال..

    ثم هم أعجبوا بالمرآة فلم يؤلهوها لأن ذلك منقصة في حقهم، وتنزيلاً من مقاماتهم..

    فصنعوا لها شعراً فاخراً فعيونها  "دعجاء" ووجهها وردي، وترائبها مصقولة            (كالسجنجل)، وجيدها كجيد الريم، وفرعها كقنو النخلة الشامخة" وكَشْحُها" كالٌجديل وساقها كأنبوب السُقى، وهي تمشي ألهوينا كما يمشي ألوجى الوجل، ووجهها كأن الشمس ألقت رداءها عليه، وأسنانها كالأقحوان... ثم لا شيء يُرجى من روحها بعد ذلك...

    وها هي دنيانا محلياً وإقليمياً ودوليا تعود سيرتها الأولى، وصارت أحلى عبادتنا  الملق والتملق والٌتزلف إلى أصحاب النفوذ والشان ولكل "خليفة" وأمير وشيخ قبيلة

    فهم أقمار العباده، وهم الشموس التي سطعت لتحرر المستضعفين من جور الأقوياء والمستبدين، وهم الأسود في شجاعتهم.. والقادة المبرزين والمبشرين بالجنة ،اما ما يصيب الناس والعباد والمسحوقين من ظلم على أيديهم، فقد ضاع كله من قروش معدودة تعطى لهم منة..

    لقد أتتنا هذه " الآلهة المزعومة" بمسوخٍ من الألفاظ والتركيبات والتعببيرات فبات دهيماء القوم وقوم تُبعّ إلا من رحم ربك – يرددونها كالببغاوات..

    وأطلقت صفارات الطاعة العمياء في كل منتجعاتنا  إبتهاجاً وفرحاً...

     وقد يسأل سائل.. ولم يحدث لنا هذا ونحن نملك عقيدة ومعنا القرآن هداية ونوراً، ومعنا حضارة عريقة...؟

    وللإجابة على ذلك لا نحتاج إلى مجالس علماء ومجمعات فقهية..

    فامتنا والحمد لله عدد الحصى في تعدادها فإذا عددت، وجدتها أصفارا .... دينها مصطنع وعقيدتها  صناعية ولا بركة في ما بأيديها..

    *هل تعرفون الفرق بين الحرير الطبيعي والحرير الصناعي؟

    *هل تعرفون الفرق بين الأسد وصورة  الأسد؟

    *هل تعرفون الفرق بين الدنيا في الخارج والدنيا على الخريطة؟

    *هل تعرفون الفرق بين عملكم في اليقظة وعملكم في المنام؟

     

    *وهل تعرفون الفرق بين النار أمامكم وهي تلتهم الأخضر واليابس وتأتي على كل ما يقدم لها من وقود وبين النطق بكلمة النار وهي تجري على اللسان فلا تمسه بسوء؟

     

    *وهل تعرفون الفرق بين إنسان يسعى في الحياة وبين إنسان من جبس وضع في متجر لتعرض عليه الملابس؟

    *وهل تعرفون الفرق بين النائحة الثكلى والنائحة المستأجرة، وبين التكحل في العينين والكحَل؟

    *وهل تعرفون الفرق بين السيف يمسكه المحارب على الثغور  وبين السيف الخشبي يمسكه الخطيب يوم الجمعه؟

    *وهل تعرفون الفرق بين الصوت والصدى، وبين الناس في الحياة والحياة على الشاشة البيضاء؟

    ان عرفنا هذه الحقائق فهو بعينه الفرق بين الدين والتدين، بين العقيدة الراسخه في القلوب وبين الدين والعقيدة الصناعية، والأخيرة كانت من وراء تراجعنا الحضاري، وانضباعنا بصورة غيرنا الذين هم في حقيقة الأمر ضباع مفترسه؟

    لقد جدّ واجتهد المؤرخون والباحثون في تقليب صحفهم ووثائقهم فذكروا  أن المسلمين الأوائل لماّ جاءوا إلى الدنيا قلبوا الموازين ففتحوا وسادوا، وصاروا ذؤابة الزمان وأتوا العجائب، والمسلمين اليوم أتوا أيضا بالعجائب والغرائب ولكن في طريق الذل والاستكانة والعبودية، والقرآن هو نفس القرآن، ولا إله إلا الله هي لا إله الا الله.

     

    فما الذي حدث؟

    لا أرى إلا سبباً واحداً هو الفرق بين عقيدة تسري في الدماء ، وبين اعتقاد صناعي فالعقيدة الصناعية مجرد حركات،  مجرد ألفاظ، ولا شيء وراء ذلك والعقيدة الراسخه ثورة على الطغيان، وروح نابضة وقلب وحرارة..

    ولقد أضحت صلاتنا في زمن الدين الصناعي، العاب رياضية، وكل مظاهر التعبد أضحت أعمال مسرحية وأشكال بهلوانية طريفة.. ومعها أضحت الأمة بلا رأسٍ، بلا عينٍ... بلا قلب، وأطفأنا المآذن والأهله..

    ولقد أضحت لا إله إلا الله التي هي في الدين الحق ثورة على عبادة السلطان وعّباد المال والشهوات، قول لطيف جميل لا مدلول فيه في الاعتقاد الصناعي، ومع الدين الصناعي تذهب مع الرياح، ولكنها في الدين الحق تزلزل الجبال..

    فلا عجب بعد ذلك أن أناساً من بني جلدتنا ذهبوا في معتقدهم ليدافعوا عن التماثيل والأشكال..

    كل ذلك يحدث لنا وأكثر منه سيحدث ما دمنا نضع الدين الحقيقي جانباً والذي هو باختصار:

    * الدواء الذي نتعاطى منه قليلاً فيذهب بكل سموم الحياة..

    * هو العنصر الكيماوي الذي تمزج به الشعائر التعبدية فتطير بك الى الملكوت، وتمزج به الأعمال الدينوية فتذلل العقبات مهما صعبت..

    * هو الذي وجَدَه كل من أفلح ونجح، وهو الذي فقده كل من خاب وخسر

    * هو الكهرباء الذي يتصل فيسير العمل ويجعلنا منتجين... وينقطع فلا حياة ولا حركة بل ذبول وهمود.

    *  وهو امتزاج بالروح والدم، وغضبةٌ للحق وما سواه عمامةٌ كبيرة..

    قباء يلمع..  وفرجية واسعة الأكمام  وإعراب جملة غير مفيدة وتخريج  وليّ نصوص وشرح حاشية واستدرار رزق  وتحصيل مغنم... وعبودية من نوع جديد، ودفاع عن الباطل بإسم الواقعية..

    ولا سبيل للخروج من أزمة العبودية الجديدة إلا بما صلح بع الأولون، الذين كان أمرهم مع العقيدة شأن العشق، ما أتى على بارد الا جعل فيه حرارة، وما أتى على خامل إلا ونبهة... ولا أتى على شيء إلا والهبة ولا مواتا إلا أحياه..

    فمن لي بمن يأخذنا إلى تلك الواحة الفيحاء حتى يعود شكلنا لشكلنا, وحتى نجد أيدينا الضائعة

     ولي كبد مقروحة من يبيعني

     بها كبداً ليست بذات قروح..

     

    لي قلب اصطناعي فمن يهبني قلباً حقيقياً من غير علل؟

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()