بتـــــاريخ : 5/7/2011 3:16:53 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 472 0

    موضوعات متعلقة

    حلم الصيف

    الرطوبةُ والصيفُ والبيداءُ تعرفني !!

    الناقل : romeo2433 | العمر :35 | الكاتب الأصلى : الدكتورة | المصدر : www.ktaby.com

    كلمات مفتاحية  :
    الرطوبة الصيف البيداء تعرفني

     

    لا يختلف عاقلان على أن قائل البيت (الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني .. والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ) هو الشاعر العظيم أبو الطيّب المتنبي والمعروف بقوة شعره وجزالة معانيه التي تنم عن شخصيته القوية فيما يكتب خاصة في هذه القصيدة الشهيرة
     

    ولكني في عنوان هذا المقال تجاوزت الخطوط الأدبية الحمراء لتَزُود (المِيانَه) وأَمُون على المتنبي وأضع بعض البهارات على شطر بيته الأول ويصبح ما قرأتم, وأنا ولله الحمد بكامل أهليّتي الشرعية وقواي العقلية والجسدية، ولكن لأجسّد حال كثير منّا في هذا الوقت بالذات الذي أصبح فيه منافس آخر لما قاله المتنبي بل وينطبق عليه تماما ألا وهو (المكيّف) قائل عنوان هذا المقال, هذا الجهاز الذي شلّ الكثير من حركاتنا في أجواء هذه الأيام وأصبحنا نتعذر عن الكثير من الأعمال بحجة شدة حرارة الجو والرطوبة والغبار واللجوء إليه, ولا نخرج إلا في الشدائد كالذهاب إلى العمل والمسجد والمستشفى, ولو فكر بعضنا في الخروج لزيارة بعض الأقارب أو النزهة وتذكر حالة الجو لعدل عن قراره وعاد (ليتسدح ويتبطح) في المنزل, حتى أنّ أحد أصحابي قال لي مرة (أعطيك واحدا من عيالي بس لا تحطني بدون مكيف)!!
    لا أحد ينكر الفائدة العظيمة لهذا الجهاز وأولهم أنا, ولكن الكثيرين منا خصوصا في هذا الوقت تعطلت أغلب أعمالنا بحجة الجو وتقلباته وحرارته وغباره . فكثير من العبارات مثل (وين نطلع بهالحر) أو (هالسنة ذبحتنا الرطوبة) تتردد على مسامعنا وكأننا في هذا الوقت من السنوات الماضية كنا نعيش أجواء ربيعيّة كأجواء النمسا وسويسرا وأورلاندو وجزر الكناري وحدث الاختلاف فقط في هذه السنة، وكل عام تتردد نفس هذه العبارات وكل عام أيضا (تنسلخ جلودنا) من الحر والرطوبة ولكن الحمد لله ما شفنا إلا العافية وربنا هو الحافظ سبحانه.
    نعم قد نكون (في المنطقة الشرقية) من أكثر مناطق المملكة في شدة الحرارة والرطوبة ولكن هل إلى درجة أننا نتذمر ونشتكي لنوقف أعمالنا ونشطاتنا ونتصنّم عند المكيفات ولا نرضى مفارقتها في أي مكان حتى لو كنا نمارس الرياضة ؟ هل لهذا الحد وصلنا أما أننا نبالغ في ذلك؟
    كيف كانت حياة الناس من قبل في هذه المنطقة ؟ ألم يكن لديهم نفس هذه الأجواء والحرارة والرطوبة بحكم جغرافية موقعها وكانوا يعملون في كثير من الأنشطة خارج المنازل كالزراعة وصيد الأسماك والبناء والبيع في الأسواق وبذل الكثير من الجهد البدني دون وجود المكيفات ولا المياه الباردة للشرب مثل ما لدينا الآن وكانوا أكثر منا نشاطا وقوة وصحة,أم أننا تعودنا على الرفاهية حتى ظننا أن عدم وجودها أصبح مصيبة ووضع لا يُحتمل وقد تتوقف الحياة بذلك. الكثيرون تذمروا من موجة الغبار التي مرّت علينا خلال الأيام الماضية التي ظلت متواصلة لما يقارب الأسبوعين ووصفوا حالنا بأنه لا يُطاق ولا يُحتمل, ولكن لو فكرنا قليلا في حال كثير من الدول وحياة الناس التي يعيشونها هناك فهل سنردد عباراتنا المعتادة السنوية أم نقول : إننا في نعمة عظيمة ونسأل الله أن لا يغيّر الحال علينا ؟
    ماذا لو كنا نعيش حياة الناس في بعض مناطق باكستان وأفغانستان في فصل الشتاء التي قد يصل البرد القارس فيها إلى أكثر من 15 درجة تحت الصفر, أو معظم دول أوروبا الشرقية التي تصل درجة الحرارة في الشتاء عندهم إلى أكثر من 30 درجة تحت الصفر، وقد لا يكون عند بعضهم غير ما يرتديه من ملابس تستر جسده, وأطفال ونساء وشيوخ يموتون تحت الثلوج؟ ماذا لو كنا نعيش حياة الذين يعيشون في جزر الفلبين أو أندونيسيا وتأتي الأعاصير التي تقتلع الأخضر واليابس . فكثير منهم يغادرون منازلهم فيرجعون ولا يجدونها حتى أصبح الكثير منهم يبني منزلا من (العش) حتى لا يتكبد الكثير من الخسائر؟ ماذا لو كنا نعيش حال بعض دول جنوب شرق آسيا حين تطفح من الفياضانات ويسكن الناس فوق الجبال ويتنقلون بالقوارب وجذوع الأشجار؟
    أكرر القول: إنني من الناس الذين يتصنمون عند المكيف ويحبون الجلوس في الأماكن الباردة في هذا الوقت بالذات في المنزل والمكتب والسيارة والمسجد وكل مكان, ولكن يجب ألا نجعل من حرارة الجو أو رطوبته عائقا أمام ما يجب أن نمارسه ونفعله كل يوم ولنتذكر دائما أننا أفضل من الكثيرين غيرنا وأننا نتذمر من أشياء تعتبر نعمةٌ يحلم بها غيرنا،
    فالحمد لله على كل حال.

    كلمات مفتاحية  :
    الرطوبة الصيف البيداء تعرفني

    تعليقات الزوار ()