بتـــــاريخ : 5/5/2011 7:30:28 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1291 0


    تعريف التعريف

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : خالد ذهني | المصدر : www.shorouknews.com

    كلمات مفتاحية  :
    تعريف التعريف

    -

     المراقب لمصر اليوم يجد أن ما تمر به البلاد من أزمات وقلاقل انما يعود بالأساس للتغيب القصري للتعريف ، والذي هو سمت من حكم مصر قرابة الستين عاماً غُيبت فيها قيم الإجتهاد والإخلاص والتفاني وتسيدت الفهلوة والإنتهازية والمحسوبية.ليس هذا تبسيطاً للأمور ولا حتي من باب الفكاهة والتندر لكنه التشخيص الدقيق لهذه الحالة الفريدة.

    يولد الوليد كالصفحة البيضاء ، بلا تعريفات مسبقة، و ما ان يبدأ في البكاء حتي يهتدي لأول تعريف له في الحياة: الصوت. ثم يأتي التعريف الوظيفي لهذا الصوت: هو أداة لإستدعاء من بيده تلبيه رغبات الوليد. وبمرور الوقت و تكرار التجربة مع كل المحيطين، يدرك الوليد أن أداة الإستدعاء هذه مرتبطة إرتباطاً أصيلاً بشخص أمه ، فيبدأ في تعريف هذا الشخص علي انه الشخص الذي يستجيب للآداة ، فلما تهمس الام امامه بانها ” أمي” يدرك الوليد تعريف هذه الكلمة الجديدة، وهكذا تتسع دائرة معرفة الوليد ويستمر علي ذلك المنوال بالغاً وكهلاً حتي نهاية العمر.

    و مصرنا اليوم هي ذاك الوليد، فهي تبحث في وجوه أولادها تبحث عن من ينطبق عليه تعريفات كثيرة، فيرتد إليها البصر خاسئاً من سوء ما رأي. أنظر معي الي الساحة المصرية في هذه الأيام، هل لك ان تقول لي من العالم ومن الجاهل؟ من العامل ومن الخامل؟ من رجل الدين و من الدجال؟ من حامل المسك ومن نافخ الكير؟ إختلط الحابل بالنابل الا من رحم ربي. و من العجب أن تري المصريين وهم مُغَيبون ومُغيبون و غائبون عن أصل النوائب. كنا نسمع عن غياب التعريف فيما مضي فنهتف مستنكرين “كيف؟” أما اليوم، فلم نعد نتكلف حتي الاندهاش.

    أنظر الي إختيار المسئولين في بلادنا ، وقل لي ما هو القاسم المشترك بين لواء الشرطة وأستاذ الهندسة وقاضي العدالة كي يتم إختيارهم حكاماً للأقاليم؟ وهنا تبرز إشكالية التعريف: تعريف وظيفة حاكم الأقليم، ما هي طبيعة الوظيفة، و ما هي متطلباتها و ما نوع التأهيل الذي يحتاجه من يعهد اليه بهذا المنصب؟

    ثم أنظر للمعلم في مدارسنا، وقل لي كيف يمضي الطالب في كلية التربية عمراً يؤهل فيه للتدريس وإذا به يفاجأ بتفضيل خريج الهندسة و الطب والعلوم عليه؟ وتعود إشكالية تعريف المعلم، هل هو من يملك العلم أم هو القادر علي إيصال المعلومة؟

    ثم مربط الفرس ، رجال الدين ، قاطرة السمو بالمجتمعات ورسل الهداية للإنسان. مقرئ صوته جميل، سرعان ما يلقب بالشيخ، يقرأ كتابين ، فيصبح مولانا ، ويسلم له منبر فيمتلك ناصية العقول و يلتف حوله المريدين والحواريين و يغدو وريث الأنبياء والناطق بالحق. ها نحن نعود لإشكالية التعريف، ما هو تعريف رجل الدين، أهو ذاك الرجل الذي أنهي دراسته في مجال الأعلام إو التجارة أو الألسن ثم إختلف الي مجلس ديني فأكرمه الله بحفظ كتابه ثم أتبعه بحضور الدروس و قراءة الكتب حتي صار يُحدث عن من حضر له وبحول الله ينقلب الرجل الي فضيلة العالم الجليل و حامل مفاتح الهداية وطريق الجنة ، بل ويسرف فنجده يتطاول علي قامة شيوخ أجلاء من خريجي منارة الاسلام في العالم جامعة الأزهر؟

    قد يجادل المرء بالقول أن العلماء فيما مضي كانوا يختلفون الي مجالس العلماء حتي ينالوا الإجازة في ذلك العلم، وبعيداً عن الجدل العقيم، أسألك وأنا أعلم الجواب: هل لو قدر لك اليوم أن تخضع لجراحة دقيقة، أتضع نفسك تحت مشرط من لا يملك أي إجازة أو شهادة في الطب مهما قيل لك عن علمه أم تجد في البحث عن أمهر المتخصصين وأكثرهم حوزة لأجازات وشهادات في التخصص؟ فكيف إذاً نمنع أجسادنا الفانية عن غير ذي التخصص ونترك أرواحنا الخالدة مستباحه ومغلولة بأصفاد مدعي العلم الإلهي ممن ركن إلي عامودِ بأحد المساجد فسمع كلمتين وربما غفل عن باقي الدرس فوقف علمه عند هاتين الكلمتين؟

    حكي لي أبي رحمة الله عليه، عن رجل مثل أمامه يوماً حينما كان وكيلاً للنائب العام في إحدي قري دلتا مصر بتهمة ضرب أفضي لعاهة مستديمة ، وتبين من التحقيق أن الرجل فقأ عين مقيم الشعائر بمسجد إحدي القري، فلما سأل أبي المتهم عن السبب باغته بسؤال: هل جماع الرجل لزوجته بالنهار حرام؟ فإندهش أبي فقال له المتهم أن شيخ الزاوية قال ان الجماع حرام أثناء النهار، فإستدعي أبي المجني عليه وسأله فتنحنح الرجل ثم حمد الله كثيراً وصلي علي الحبيب المصطفي صل الله عليه وسلم ثم أجاب بالإيجاب. وتبين بعد تحقيق مطول أن مقيم الشعائر هذا كان خادماً لأحد المساجد في البندر قبل أن يتولي مقاليد أحد المساجد الأهلية في القرية النائية و كان إذا ما انتهي من عمله في خدمه مسجد البندر، جلس يسمع دروس إمامه، وسمع منه ذات يوم عن الجماع وأدابه و نواهيه، وأثناء الدرس ذهب الرجل في غفوة ، فلما أفاق سمع الشيخ يقول أن الجماع في النهار حرام، وحقيقة الامر أن الشيخ كان يتحدث عن مواقيت يحرم فيها الجماع يقصد نهار شهر رمضان!

    نحن نحتاج لإعادة تعريف التعريف لكل أوجه حياتنا، وعلينا أن نعيد عجلة عقولنا للدوران، لا يُسيئك ولا يسئ من يتعامل معك أن يسألك عن مؤهلاتك و تسأله عن مؤهلاته، فنقابة الأطباء علي سبيل المثال تلزم الطبيب أن بيرز للمريض إجازاته ومؤهلاته العلمية، وياليتنا نحتذي بحذوها فنسأل كل من يتصدي لمهمة أن يثبت لنا ما هي مؤهلاته التي تجيزه لأن يتصدي لهذه المهمة وإلا سيأتي اليوم الذي نجد فيه رئيس أركان الجيش المصري هو “صلاح رش” أمهر صائد عصافير في حينا

    كلمات مفتاحية  :
    تعريف التعريف

    تعليقات الزوار ()