فالجهد المبذول للجمعية العمومية من أجل سحب الثقة من مجلس الإدارة ترجمة طبيعية لفشل أو تعمد سمير زاهر ورفاقه عدم الوفاء بكل تعهداته التي حملها من مدينة إلي أخري خلال ندواته سعيا وراء الفوز بقائمته بإدارة اتحاد الكرة ونيل الأصوات والحصول علي الأغلبية.. وتلك هي البداية وعنصر من عناصر الدعوة لرحيل زاهر ورفاقه.. فما وعدوا به لم يكن له مكان علي أرض الواقع منذ نوفمبر2008 وإلي الآن.
خطيئة الإشراف علي اللجان
إهدار إدارة الجمعية العمومية.. وضرب بقراراتها عرض الحائط من الخطايا التي عرفها مجلس إدارة اتحاد الكرة منذ توليه مسئولية الجبلاية في نوفمبر2008 وترتب عليها عدم تنفيذ تعهد انتخابي وهو المشاركة وعدم مخالفة قرارات الجمعية العمومية.
ويعد ملف إشراف أعضاء المجلس الحالي علي اللجان الخاصة بالاتحاد هو الملف الأساسي والأخطر في الصراع الدائر بين مجلس زاهر والجمعية العمومية بعد تجاهل الأول تنفيذ قرار للجمعية العمومية قبل نحو عامين يلزم المجلس بعدم الإشراف علي اللجان.. بالرغم من صدور هذا القرار, إلا أنه لم يجد تطبيقا علي أرض الواقع من جانب سمير زاهر.. فهو منح مجدي عبدالغني الإشراف علي لجنة شئون اللاعبين ومنح أيمن يونس الإشراف علي لجنة المسابقات ومحمود طاهر الإشراف علي لجنة التسويق والرعاية بصورة معلنة ومنح حازم الهواري الإشراف سرا علي لجنة الحكام وعلنا علي الكرة الخماسية.. وعندما واجه ضغوطا اضطر لإجراء تعديل غريب في لجنة شئون اللاعبين, كما استقال أيمن يونس ومحمود طاهر, وكلها لجان كانت الجمعية العمومية ترفض وصاية مجلس الإدارة عليها والاكتفاء بوضع السياسات العامة لها خاصة لجان ترتبط بإدارة شئون المسابقات الكروية مثل لجنتي المسابقات والحكام, وأخري لفض نزاعات الأندية واللاعبين وهي لجنة شئون اللاعبين.
والمثير أن سمير زاهر لم يتحرك يوما للدفاع عن قرارات الجمعية العمومية والتمسك بها عندما حاول إلحاق المسئولية إلي أعضاء المجلس.. وظل يبارك هذا الإشراف في إطار تحقيق التوازن بين القوي في مجلس الإدارة وأهمل بندا مهما في برنامجه الانتخابي, وهو احترام إرادة الجمعية العمومية والمشاركة معها في رسم سياسات واستراتيجيات العمل في اتحاد الكرة.
حرب أهلية
لم يشهد تاريخ مجالس إدارات توالت علي اتحاد الكرة خلافات واستقالات واعتذارات مثلما حدث في عهد سمير زاهر ومجلسه الذي بدأ عهده في نوفمبر2008 ويقترب من فصوله الأخيرة حاليا.. المثير في الأمر أن الخلافات تزامنت مع حقيقة لا تقبل الشك وهي اختيار أعضاء الجمعية العمومية لهذا المجلس بنظام القائمة الواحدة, حيث انتخب زاهر رئيسا ومعه هاني أبو ريدة وحازم الهواري وأيمن يونس ومجدي عبدالغني ومحمود الشامي في العضوية, وهي القائمة التي ظهرت في الدعاية الانتخابية.
وكان زاهر يدعو للاستقرار علي قائمة واحدة حفاظا علي الجبلاية وبسبب هذا لم توفق أسماء أخري لها ثقل مثل محمود بكر, العضو السابق في الاتحاد, وفاروق عاشور رئيس نادي سوهاج السابق, وكرم كردي رئيس نادي الأوليمبي السابق.
وبدأ المجلس مشواره بخلافات طاحنة لأيمن يونس من جهة, وزاهر من جهة ثانية, لشعور يونس بحدوث خيانة جرت في الانتخابات أدت إلي امتلاكه للمركز الثالث وليس الوصيف بعد هاني أبو ريدة في سباق العضوية. وبعدها بأشهر قليلة تقدم هاني أبو ريدة باستقالته من منصبه اعتراضا علي انفراد زاهر بالقرارات المصيرية قبل أن يعود بعد تدخل شخصيات عديدة مثل اللواء حرب الدهشوري رئيس الاتحاد السابق وحسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة.
وبعدها بأشهر قليلة تقدم مجدي عبدالغني باستقالة أخري واتهم الاتحاد بالفساد قبل عدوله عنها عقد جلسة له مع زاهر ووسطاء لرأب الصدع.
وتقدم محمود طاهر عضو المجلس بالتعيين باستقالة مسببة بعد إلغاء المزايدة الخاصة ببيع الحقوق الإعلامية الخاصة بالاتحاد وانتهت صداقته بزاهر. وأخيرا استقال عضوان من المجلس جري انتخابهما هما أيمن يونس ومحمود الشامي ورفضا العودة بعد وصول الخلافات مع زاهر إلي طريق مسدود حول العديد من القضايا والملفات, بالإضافة إلي الخلافات المباشرة من حين إلي آخر بين مجدي عبدالغني وحازم الهواري أو هاني أبوريدة وأيمن يونس, وكذلك صدام الرباعي معا مع سمير زاهر.. ليتحول الاتحاد علي مدار30 شهرا لقنبلة موقوتة جاهزة للانفجار من حين إلي آخر.
وهم إلعب كورة
إلعب كورة عنوان قصير قدمه سمير زاهر خلال حملة الانتخابات مع رجاله قبل موقعة نوفمبر2008 لأعضاء الجمعية العمومية ضمن برنامجه.. وعندما سألوه في الندوات عن مفهوم ـ إلعب كورة ـ أجاب بالقول إن مجلسه لو أعيد انتخابه سيدعم خزائن الأندية من موارد الاتحاد, خاصة الأندية الفقيرة من أجل مساعدتها علي توفير التكاليف المالية لنشاطها الكروي.
وفيما يخص الدعم المالي.. نجد إدانة حقيقية لممارسات زاهر ورفاقه في مجلس الإدارة.. فالدعم المالي الذي كان يجري تقديمه إلي الأندية لم يظهر سوي قبل الجمعيات العمومية ولم يكن يزيد قيمة الشيك علي80 ألف جنيه سنويا وهو رقم زهيد للغاية ولكن في المقابل كان الهدف من الشيكات هو الحصول علي دعم تلك الاندية في اجتماعات الجمعية العمومية حال اكتمال نصابها خشية من لوبي المعارضة الداعي باستمرار إلي محاسبة زاهر ورفاقه علي البنود المالية التي ينفقها الاتحاد من واقع خزينته. وخلال عهد سمير زاهر وشعاره الوهمي العب كورة عانت أندية من الافلاس وفشل الجبلاية في تنفيذ وعوده لها مثل طنطا والاوليمبي السكندري خلال وجودها في مسابقة الدوري الممتاز أو بعد هبوطها إلي القسم الثاني وبرفقتها فرق الواسطي وشبان قنا ومغاغة والمراغة وكفر الشيخ وغيرها من الاندية الجماهيرية التي تلعب في منافسات القسمين الثاني والثالث والذي يعود تأخرها كرويا حاليا إلي وجود أزمات مالية طاحنة ولم تحصل علي ترجمة حقيقية لشعار زاهر.
وهناك ظاهرة خطيرة ترتبط بعهد سمير زاهر وهي افتقاد مسابقة الدوري الممتاز لبند ـ الاغلبية الجماهيرية ـ وهيمنة فرق الشركات والمؤسسات التي لاتملك قاعدة جماهيرية علي بطاقات اللعب في الدوري.. ويعد الموسم الحالي خير مثال حيث لاتوجد سوي خمسة فرق جماهيرية هي الاهلي والزمالك والاسماعيلي والاتحاد السكندري والمصري البورسعيدي بعد اختفاء فرق غزل المحلة والمنصورة والاوليمبي وطنطا عن المشهد في المسابقة الكبري وعجز فرق أخري لها جماهيرية طاغية مثل السويس وأسوان والمنيا بسبب غياب الدعم المالي.
صفر كبير في البث
تنمية موارد الاتحاد وبالتبعية موارد الاندية من خلال ملف البث الفضائي.. كان من أهم وعود سمير زاهر التي لم تترجم إلي أرض الواقع وفقا للأرقام المالية التي أطلقها مع رجاله خلال الحملة الدعائية له لدي الجمعية العمومية قبل انتخابات2008.
فالمعروف حاليا ان عائد البث الفضائي من وراء بيع الحقوق لست قنوات لايزيد علي50 مليون جنيه توزع علي الاندية الستة عشر المشاركة في بطولة الدوري الممتاز لهذا الموسم.. وقبلها كان العائد في الموسم الماضي ـ بداية التعاقد ـ لايزيد علي35 مليون جنيه ـ وكلاهما لم يتم الاستقرار علي نسب التوزيع الخاصة بالاندية ـ أي ان الاجمالي لم يزد علي90 مليون جنيه خلال عامين تحصد منها اتحاد الكرة نسبة15%.
وخلال الدعاية الانتخابية وعد سمير زاهر بالوصول إلي حقوق بيع بث مباريات الدوري الممتاز بحد أدني100 مليون جنيه في الموسم الواحد.. ووقتها كان الرقم المطروح من جانبه سببا في تشكيل لجنة سباعية وتحالف الاندية معه للحصول علي العائد الذي يتيح لها الوفاء بالتزامات كرة القدم.
وعندما جاءت لحظة الحسم في صيف عام2009 مع نهاية العقد الفضائي الاول وبدء طرح الحقوق لم ينجح زاهر في الوفاء بما التزم به مع مجلسه وفوجئت الاندية بعوائق قانونية أبرزها حقوق الدولة وغيرها من البنود المنصوص عليها في القانون وتمنع احتكار السلعة كما كان يخطط سمير زاهر وبيعت في النهاية بأرقام أقل بكثير مما تلقت الاندية وعدا بها.
في المقابل لم تجن فرق القسم الثاني عائدا ماليا من حقوق بث مبارياتها بصورة رسمية بسبب عدم تفعيل زاهر ورفاقه لاعلان تشكيل لجنة العشرة الخاصة بإدارة ملف بث القسم الثاني.. وباتت الاندية هي من تتولي البيع بالقطعة لمباريات وملخصات لعدد محدود للغاية لقنوات خاصة ولاتزيد عن بضعة ألوف من الجنيهات سنويا.
ضياع حلم المونديال
بالرغم من مرور17 شهرا علي فشل المنتخب الوطني في حصد تأشيرة التأهيل إلي نهائيات كأس العالم الاخيرة في جنوب أفريقيا والتي جرت منافساتها صيف العام الماضي إلا أن سمير زاهر ورفاقه في مجلس الادارة لم يتقدموا باستقالات من مناصبهم.
والاستقالة كانت رد الفعل الطبيعي الذي لابد ان تناله الجمعية العمومية من زاهر ورفاقه خاصة وانهم وعدوا عند حملاتهم الانتخابية بقيادة الفراعنة إلي بطولة كأس العالم.. وهناك مقولة شهيرة رددها زاهر في كل ندواته بأكتوبر ونوفمبر2008 قبل الانتخابات قال فيها: تصفيات كأس العالم ستبدأ في مارس2009 ولدينا منتخب جاهز للصعود إلي المونديال وهو لايحتاج سوي للاستقرار الاداري, وبلاشك سنوات عملنا مع حسن شحاتة وجهازه الفني صنعت هذا الاستقرار واعادة انتخابنا ضرورة لإسعاد الشعب المصري حتي لانفرض تغييرات تضر بالمنتخب الوطني.. وأتعهد بتأهل المنتخب إلي كأس العالم وفي هذا مكاسب مالية لاتحاد الكرة تتخطي الـ30 مليون جنيه.
وانتهت كلمات سمير زاهر التي دعمها وجود حسن شحاتة معه في مؤتمرات انتخابية دون إلقاء كلمة صريحة وكانت لها تأثير كبير في ترجيح كفة سمير زاهر علي حساب الدكتور كمال درويش ومنافسيه في سباق رئاسة اتحاد الكرة بالاضافة إلي أعضاء جبهته من مرشحي سباق العضوية.. وبالفعل لعب الحلم المونديالي دورا في حسم الانتخابات لمصلحة سمير زاهر ورجاله.
وبدأت التصفيات في مارس2009 بصدمة التعادل مع منتخب زامبيا بهدف لكل منهما وضياع نقطتين غاليتين في القاهرة. ووقتها كان طبيعيا أن يسقط المنتخب بعد الهوجة التي شهدها معسكره في الاسكندرية الذي أداره سمير زاهر وشهد اقتحام الجماهير من طلبة الاكاديميات لارض الملعب خلال المران وانتهت التصفيات في نوفمبر2009 بالخروج الفني والاداري.. بعد الهزيمة أمام الجزائر بهدف مقابل لاشيء في اللقاء الفاصل بالخرطوم وهي الدولة التي اختارها زاهر ومجلسه في القرعة.. وأيضا تعرض سمعة مصر للاهانة بعد الاعتداء علي أوتوبيس المنتخب الجزائري في القاهرة وصدور قرارات تأديبية ضد مصر من قبل الاتحاد الدولي فيفا وكذلك توتر العلاقات بين شعبي مصر والجزائر في أعقاب الحملة الاعلامية الشرسة والاتهامات الباطلة التي صدرت من جانب سمير زاهر ضد الجزائريين ولم يثبت منها شيء أمام الفيفا خلال التحقيقات.
|