التربية المستقبلية ومعلم الغد
تشير الدراسات التربوية أن العالم سيشهد في العقود المقبلة تقدما علميا وتكنولوجيا مختلفا عما نشهده اليوم، كما أن تراكم المعرفة العلمية ستؤدي إلى تطوير العلوم على نحو لا يقاس عليه ما عرفه تاريخ العلم عبر العصور، وتؤكد هذه الدراسات أن المعرفة هي مصدر القوة الدافعة للتقدم، وأن ازدهار الاقتصاد في الألفية الثالثة للميلاد ستدفعه عجلة المعرفة والمعلومات أكثر من توفر رأس المال والثروات الطبيعية.
إن التقدم الذي أصاب حياة الإنسان بالخلل في جوانب كثيرة أدى إلى تفشي الكثير من الأمراض الاجتماعية وفساد القيم الأخلاقية وجعل من هذا العالم الذي نعيش فيه في حالة غير واضحة من الظلم الاجتماعي والفقر والاستعباد وانتهاكات لحقوق الإنسان.
إن مثل هذه التحديات تحتاج إلى نوعية جديدة من التربية تربية شاملة وكاملة قادرة على تهيئة الأفراد للمشاركة العقلية في عالم يتزايد فيه تأثير العلم والتكنولوجيا وقادرة على تنمية روح التسامح والتعايش على أساس احترام الطبيعة والتعددية الثقافية.
كما يتحتم على التربية المستقبلية أن تساهم في إنشاء قواعد علمية وتكنولوجية وإعداد الكفاءات العلمية والتقنية الكافية من أجل التنمية الاجتماعية.
إن هذا النوع من التربية تلقي أعباء جديدة على المعلم وتغير من أدواره التقليدية ليصبح قادرا على سرعة استيعاب الجديد والتكيف مع الظروف المتغيرة والمتجددة، متمكنا من استخدام تكنولوجيا التعليم ومتقنا للمهارات التدريسية الحديثة.
ويؤكد التربويون على أن يكون معلم المستقبل منظما للمواقف والخبرات التعليمية التي ينشط فيها الطلاب ويأخذون دورا إيجابيا يتفاعلون من خلاله مع بيئتهم تفاعلا يؤدي إلى تطور كليهما (الفرد والبيئة).
إن التطور المعرفي والتكنولوجي المتسارع يستدعي الاعتماد على مبدأ التعلم الذاتي كهدف أساسي في عملية التعلم والاعتماد على العمل الجماعي وتبادل الفكر والتخطيط المشترك والديمقراطية في اتخاذ القرار والتوجه لتشجيع الطلاب على الإبداع والتميز.