بتـــــاريخ : 4/20/2011 6:45:29 PM
الفــــــــئة
  • التربيــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 846 0


    الأستاذ الجامعي (والبحوث العلمية)

    الناقل : romeo2433 | العمر :36 | الكاتب الأصلى : د. سعيد بن عبود الغامدي | المصدر : www.khayma.com

    كلمات مفتاحية  :
    الأستاذ الجامعي البحوث العلمية

    الأستاذ الجامعي (والبحوث العلمية)

    يعتبر البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي من جامعات ومعاهد عليا متخصصة مطلباً أساسياً للتميز في أي حقل من حقول الدراسة المتخصصة في مجالات العلوم المختلفة ولاسيما العلوم الطبيعية والتطبيقية، ولقد تمكنت كثير من جامعات العالم من تحقيق درجات عالية من التميز والريادة في مجالات محددة من مجالات البحث العلمي، بل وتحرص على استمرار هذا التميز والريادة في تلك المجالات من خلال باحثين متميزين يكون معظمهم من أعضاء هيئة التدريس الباحثين حتى تتحقق الفائدة التبادلية بين التعليم الجامعي والبحث العلمي. ونظراً لأهمية الدور الأساس الذي يمكن لعضو هيئة التدريس الجامعي الباحث القيام به في مجال البحوث المتخصصة ينبغي إيجاد صيغة فاعلة ومناسبة لتقنين عملية تقويم الجهود البحثية كافة وإيجاد الحوافز التي تدفع إلى التميز الحقيقي والريادة والحرص على الاستمرار في عملية البحث العلمي المتواصل والمترابط في مجالات محددة من خلال تخطيط بعيد المدى. لهذا الغرض فإن هذه الورقة تقدم استعراضاً موجزاً لمكونات النشاط البحثي المتعارف عليه حالياً في جامعة من جامعات المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى دراسة بعض وسائل توجيه وتقويم النشاط البحثي وتحليل مدى فاعليتها في تحقيق التميز والريادة المرجوة. ثم تقدم صيغة مقترحة بديلة يرجى من تطبيقها - في توجيه النشاط البحثي للأستاذ الجامعي - تحقيق درجات عليا من التميز والريادة التخصصية الدقيقة في مجالات محددة من البحث العلمي. وتتميز الصيغة المقترحة في هذه الورقة بتأكيدها على استمرار وترابط البحوث العلمية لكل باحث ولكل جماعة بحثية في مؤسسات التعليم العالي والتأكيد على ضرورة إيجاد الحوافز المناسبة لجذب الباحثين المساعدين المتميزين. ومن أجل ضمان تنشيط عملية البحوث العلمية المتميزة واستمرارها تؤكد الورقة على: 1- ضرورة الاستفادة القصوى من الباحثين المساعدين المتميزين بدءاً من تحسين عملية اختيارهم وتطوير قدراتهم البحثية إلى تحسين وتقنين عملية انخراطهم في مجالات بحثية معينة تدعم الجهود البحثية للأساتذة الباحثين من خلال خطة بحثية بعيدة المدى، وإيجاد الآليات التي تضمن استمرار الاستفادة من القدرات البحثية للمتميزين منهم في دعم عملية البحث العلمي. 2- ضرورة تنشيط حركة تأليف الكتب الدراسية وترجمتها من خلال خطة مرحلية تعد بناء على أولويات واحتياجات الأقسام الأكاديمية. 3- ضرورة إنشاء دور نشر علمية متخصصة يكون دورها المبادرة والمساهمة في دفع حركة التأليف والترجمة بحيث يستفاد فيها من الطاقات الإبداعية للأساتذة المتخصصين لتنفيذ مشاريع تأليف وترجمة تكون معتمدة في خطط بعيدة المدى تعدها مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي. 4- نتيجة للنمو المتسارع لحركة العلوم والمعارف الإنسانية في شتى المجالات يلاحظ الدارس لتطوير التعليم العالي في هذا القرن تعدد مسميات وأنشطة مؤسسات هذا التعليم. فمن هذه المؤسسات الجامعات والمعاهد العليا المتخصصة في العلوم والتقنية ومراكز البحوث العلمية المختلفة. ومع هذا التعدد يرجى دائماً أن تكون المحصلة النهائية من أنشطة هذه المؤسسات إثراء المعرفة الإنسانية في المجالات كافة ومنها مجالات العلوم الطبيعية والتطبيقية التي يمكن من خلالها تفعيل عملية الاستغلال الأمثل للبيئة المحيطة أو محاولة التغلب على بعض المشكلات التي تطرأ مثل المشكلات البيئية والصحية، إلا أن تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المؤسسات تستلزم عدة أمور منها: 1- وجود خطط مشاريع بحثية بعيدة المدى. 2- وجود باحثين متميزين. 3- تقديم الدعم اللازم. 4- وجود آليات متابعة وتقويم دقيقة. ونظراً لأهمية الدور الذي ينبغي أن يضطلع به عضو هيئة التدريس الجامعي من أجل تحقيق أهداف مؤسسات التعليم العالي لابد من وجود صيغة واضحة لتحديد القدرات البحثية لكل عضو هيئة تدريس، ومن ثم العمل على الاستفادة المثلى من تلك القدرات وقد يكون ذلك من خلال عمل فردي مستمر ومترابط أو من خلال جماعات بحث متخصصة تعمل لتحقيق نتائج بحثية محددة في إطار زمني معين. إن كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي تطمح إلى التميز فيما تقدمه من معارف والريادة فيما تحققه من نتائج بحثية، ولكن يبقى تحقيق الريادة في مجالات البحوث المتخصصة أمراً عسير المنال في أغلب الأحيان، وذلك لأسباب كثيرة قد يكون في مقدمتها عدم وجود صيغة واضحة للأهداف التي ينبغي لأستاذ الجامعة الباحث تحقيقها بصورة متواصلة يرجى منها تحقيق التميز والريادة، ولذا وبالمقارنة مع بعض مؤسسات التعليم العالي المتميز في العالم، فإن غالبية مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في العالم العربي - وبعد مضي ما يقارب قرناً من بدء النهضة التعليمية - لم تحقق درجات مرضية من التميز أو الريادة البحثية في أي مجال من مجالات العلوم والمعارف الإنسانية وكان دورها في أغلب الأحيان مقصوراً على تحقيق الحد الأدنى من أهداف التعليم العالي من خلال تزويد طلابها بأساسيات المعرفة المتخصصة فقط دون إيجاد الآليات التي يمكن من خلالها تطوير تلك الأساسيات المعرفية لارتياد مجالات بحثية جديدة. ومع التأكيد على أهمية الاستمرار في الجهود المبذولة في عملية تزويد طلاب مؤسسات التعليم العالي بأساسيات المعرفة التخصصية، إلا أن عدم تحديد الأهداف بعيدة المدى لهذا التعليم قد تكون سبباً فاعلاً في انعدام المنفعة المتبادلة بين التعليم الجامعي ونتائج البحوث وانعدام الحافز لارتياد مجالات بحثية جديدة، وبالتالي فإن إمكانية تحقيق التميز والريادة لمؤسسات التعليم والبحث العلمي في حقل من حقول المعرفة المتخصصة قد تكون ضئيلة جداً. إن التميز والريادة الذي تحقق لكثير من مؤسسات التعليم العالي في العالم لم يتم من خلال التميز في عملية نقل العلوم الأساسية والمعارف فقط، بل من خلال التميز أيضاً في إجراء أبحاث محددة الأهداف ومتواصلة في فترات زمنية متعاقبة، ولذا ينبغي تفعيل آلية محددة لتنشيط البحث العلمي المتواصل والمتميز الذي يحقق أهدافاً بحثية يرجى منها تحقيق الريادة المتعارف عليها في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي. ونظراً لأن المحرك الأساس لعملية البحث العلمي هو الأستاذ الجامعي الباحث، ونظراً لتعدد العوامل التي تؤثر في نوعية وأهداف نتاجه البحثي فعلى إدارات البحوث في مؤسسات التعليم العالي التأكيد على أهمية تحقيق التميز والريادة في مجالات البحوث المختلفة وذلك من خلال الاستغلال الأمثل لطاقات الباحثين في الأقسام المختلفة، بحيث يكون ذلك من خلال تحديد جماعات بحثية متخصصة حتى تنسجم طاقات الباحثين مع الأهداف المرسومة لسياسة البحث العلمي في حقول علمية محددة مع الحفاظ على تشكيل المجموعات البحثية لأطول فترة زمنية ممكنة لتحقيق الأهداف المرسومة، وتوفير قاعدة تبادل المعلومات التي تيسر للباحثين التعاون مع نظرائهم في مؤسسات التعليم الأخرى. وبعد تحديد الأهداف الأساسية للبحث العلمي يصبح وجود صيغة دقيقة لتقويم الأنشطة البحثية لأستاذ الجامعة الباحث أمراً ضرورياً ومحركاً فاعلاً لتنشيط البحوث العلمية المتميزة التي ينبغي أن تحقق التميز والريادة لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي. هذه الورقة تهدف إلى تحسين عملية تقويم الأداء البحثي للأستاذ الجامعي الباحث في مؤسسات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية حتى يستطيع الإسهام بصورة فاعلة لتحقيق ما ترجوه هذه المؤسسات من تميز وريادة، ولهذا الغرض فإن الورقة: 1- تعرض بعض الصيغ التي قد اقترحت أو عمل بها سابقاً في تقويم جميع نشاطات الأستاذ الجامعي بما فيها نشاطه البحثي. 2- تقدم عرضاً تحليلياً عن مدى ملاءمة هذه الصيغ لتحقيق التميز والريادة في مجالات البحوث. 3- تخلص إلى تقديم بعض المقترحات التي يرجى من اعتمادها وتطبيقها في توجيه وتقويم النشاط البحثي للأستاذ الجامعي الباحث «في مؤسسات التعليم العالي» تنشيط البحث العلمي المتميز الذي يحقق التميز والريادة للباحثين في حقول علمية دقيقة ومتخصصة تتجاوز الحيز الضيق الذي غالباً ما يحيط بغالبية البحوث التطبيقية التي يتم اعتمادها وتنفيذها من خلال خطط قصيرة المدى. اللائحة الموحدة للبحث العلمي: انطلاقاً من أهمية الدور الذي ينبغي أن تضطلع به مؤسسات التعليم العالي في مجالات التنمية كافة قامت مؤخراً الأمانة العامة لمجلس التعليم العالي بإصدار اللائحة الموحدة للبحث العلمي في الجامعات وبدراسة هذه اللائحة نجد أنها مكونة من تسعة أبواب شملت جميع الجوانب التي تهم البحث العلمي جاءت كما يلي:

     1- أهمية البحث العلمي.

     2- أهداف البحث العلمي.

     3- التنظيم الإداري للبحث العلمي.

     4- أنواع البحوث ومصادر تمويلها، ومكافآت القائمين عليها.

     5- جوائز البحث العلمي.

     6- النشر العلمي.

     7- أخلاقيات البحث العلمي.

     8- المجلات العلمية.

     9- أحكام عامة.

     إن محتويات هذه اللائحة تحمل أهمية بالغة وتعقد عليها آمال عريضة في تنظيم وتفعيل عملية البحث العلمي في شتى صوره، بل والدفع به إلى مجالات أرحب في مجالات البحوث الأساسية والتطبيقية على حد سواء. وحيث إن ما نحن بصدده في هذه الورقة هو محاولة استغلال مواد هذه اللائحة في تطوير صيغة جديدة لتوجيه النشاط البحثي للأستاذ الجامعي الباحث من أجل تحقيق التميز والريادة لمؤسسته في حقل تخصصه. يتضح من هذه المواد أهمية الدور الملقى على عاتق الأستاذ الجامعي الباحث وتعدد الأدوار التي يمكنه أداؤها من أجل تحقيق الأهداف العامة لسياسة البحث العلمي، إلا أن الصيغ المعمول بها في عملية تقويم ما يقوم به من أنشطة بحثية تبقى إلى حد كبير ميداناً واسعاً للاجتهاد حتى أصبح تكرار تبديل وتغيير هذه الصيغ أمراً مألوفاً في فترات زمنية قصيرة لايمكن الحصول منها على نتائج تدلل على فعالية أو عدم فاعلية تلك الصيغ في توجيه البحوث العلمية الأساسية والتطبيقية إلى الأهداف المنشودة في فترة زمنية محددة. ونظراً لأهمية وضوح واستقرار صيغ تقويم الأداء الأكاديمي والبحثي للأستاذ الجامعي نعرض لاحقاً صورتين من صيغ هذا التقويم؛ لكن قبل ذلك، وتمشياً مع أهداف هذه الورقة نقدم بعض الملحوظات حول مضامين هذه المواد. ملحوظات حول بعض مواد اللائحة الموحدة للبحث العلمي: وردت هذه اللائحة في تسع وخمسين مادة تنظيمية، ونرى أن هذه المواد في مجملها حددت الآليات المناسبة لتفعيل مناحي كثيرة من جوانب البحوث العلمية، لكن سنقصر الحديث هنا على المواد التي لها علاقة واضحة ومباشرة بموضوع هذه الورقة. وفيما يلي بعض الملحوظات: 1- يلاحظ أن غالبية فقرات المادة رقم (2) تركز على تحفيز الباحثين على إجراء البحوث الأصيلة والمبتكرة، الساعية إلى إثراء المعرفة المتخصصة، وبالتالي العمل على الارتقاء بالمستوى النوعي للدراسات العليا وتنمية أجيال جديدة من الباحثين المتميزين. وهذه أمور بطبيعة الحال قد تكون كفيلة (على المدى البعيد) بتحقيق التميز والريادة التخصصية. إلا إن احتواء فقرة خصوصاً حول تقديم المشورة العلمية وتطوير الحلول العلمية لحل بعض المشاكل التي تواجه المجتمع قد تدفع بأنشطة البحث العلمي إلى آفاق قد لا تتوافق مع الهدف الأساسي لمؤسسات التعليم العالي كمراكز عليا للبحث العلمي الدقيق المتخصص، حيث قد تصبح السمة الغالبة للبحوث والدراسات الجامعية هي خدمة المجتمع في أمور يمكن معالجتها من خلال مؤسسات أخرى متخصصة لا تضطلع بالمسؤوليات نفسها التي أنيطت بمؤسسات التعليم العالي. كما يلاحظ أيضاً عدم تحديد آلية دقيقة لجذب طلبة الدراسات العليا المتميزين الذين يمثلون العناصر الأساسية لبدء واستمرار البحوث العلمية وتحقيق الأهداف المرجوة من البحوث العلمية. 2- يلاحظ أن المادة رقم (17) وردت موجزة بصورة لا تتناسب مع أهمية البحوث العلمية للأستاذ الجامعي الباحث، ولاسيما أن كثيراً من هذه البحوث هي بحوث أساسية، وقد تكون أفضل السبل التي تدفع بمؤسسات التعليم العالي ومراكز البحوث إلى مراكز التميز والريادة. وهذا قد يوحي بعدم أهمية بعض البحوث التي يقوم بها بعض الباحثين بصورة مستمرة ولا تقع ضمن خطة البحوث المعتمدة. كما يلاحظ أيضاً عدم وضوح صور تقديم الخدمات اللازمة لإنجاز هذه البحوث التي يفترض أن يكون من ضمنها تعيين مساعد باحث أو أكثر للعمل مع كل أستاذ باحث نشط في تخصصه الدقيق من أجل ضمان الاستفادة من قدرات الباحثين ومساعديهم على حد سواء. 3- هناك ترابط وثيق بين عناصر المواد رقم (22، 31، 42) ويلاحظ أنها تحفز إلى الاهتمام بالبحوث الأساسية والمبتكرة، إلا أن عدم احتواء اللائحة على توجيه بضرورة تحديد خطة بحثية يرغب في تحقيقها في فترة زمنية محددة قد يجعل من تفعيل بعض هذه المواد عرضة للاجتهاد من قبل الباحثين والمقيمين، وبالتالي فإن العملية البحثية قد لا تحقق الأهداف المرجوة منها كما ينبغي. 4- يلاحظ في المادة رقم (42) ومن خلال سياق تحديد الإنتاج المترجم إيراد عبارة «ذا جدوى علمية أو تطبيقية ملموسة» وهذا أيضاً قد يكون مجالاً خصباً لاجتهاد المقيمين، بل إن عدم تحديد المجالات التي ينبغي أن تحظى بأولية الدعم في فترة زمنية محددة قد تؤدي إلى وأد كثير من الجهود النافعة في هذا المجال. صيغ تقويم الأستاذ الجامعي الباحث: نظراً لتعدد الأدوار التي يرجى من الأستاذ الجامعي القيام بها في عدة مجالات ومنها: التعليم الجامعي كوسيلة لنقل أساسيات العلوم إلى الأجيال الناشئة. عملية البحوث الأساسية والتطبيقية. خدمة المجتمع. تتعدد أيضاً وسائل التقويم للجهود المبذولة لتحقيق هذه الأدوار. وحيث إن وسائل التقويم لا تخلو من الاجتهاد فيجب أن تخضع هذه الوسائل نفسها لعملية تقويم ودراسة دورية، تهدف إلى معرفة مدى معرفة فعاليتها في تحقيق الأهداف المرسومة «إن كانت محددة سلفاً بصورة جيدة!». ولا يمكن لذلك أن يتحقق إلا من خلال دراسات إحصائية مبنية على استخدام تلك الوسائل بصورة مستمرة لمدة زمنية بعيدة المدى ودون تغيير أو تبديل في المعايير المستخدمة في التقويم. ما يهمنا هنا هو النشاط البحثي للأستاذ الجامعي، وهل تصب نتائجه النهائية على المدى البعيد في إطار خطة بحثية محددة الأهداف تنشد التميز والريادة في حقل معرفي متخصص، أم أن هذا النشاط يخدم أهدافاً محددة في المنظور القريب، وقد تقل أو تنعدم سمة التواصل بين نتائج هذا النشاط، حيث نرى أن ما نشر من أبحاث أساسية -في معظم الجامعات العربية- تغلب عليه سمة عدم التواصل الذي ينبغي أن تتميز به البحوث العلمية، وهذا بلا شك أمر يدعو إلى القلق، ويشكل عائقاً أساسياً كانت محصلته الطبيعية عدم تحقيق معظم هذه الجامعات درجات مرضية من التميز والريادة التي ينبغي تحقيقها في مجالات تخصصاتها. ومع أن سمة عدم التواصل هذه قد تعزى إلى عوامل مختلفة ومتعددة، لكن يمكن القول بأن وجود أهداف واضحة ومحددة للبحوث في فترة زمنية معينة، وكذلك وجود وسائل دقيقة لتقويم النشاط البحثي للأستاذ الجامعي الباحث «وهو المحرك الأساسي لكافة الجهود» كفيل بضمان ذلك التواصل المطلوب. ولأهمية هذه الوسائل نقدم صيغتين لهذا الغرض: إحداهما عمل بها فعلاً في إحدى كليات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن «انظر الشكل رقم 1». والثانية طورت مؤخراً «انظر الشكل رقم 2»، لكنها حسب علم الباحث مازالت تحت الدراسة والتقويم، ويتوقع اعتمادها قريباً في إطار اللائحة الجديدة المنظمة لأنشطة التدريس والبحث وخدمة المجتمع التي يتوقع أن يقوم بها الأستاذ الجامعي. ونظراً لعلاقتها المباشرة بموضوع هذه الورقة نقتصر على عرض لائحة تنظيم النشاط البحثي للأستاذ الجامعي. ونقدم فيها يلي ملحوظات حول هاتين الصيغتين. أولاً: ملحوظات حول الصيغة الموضحة في الشكل رقم (1): لقد عُمل بهذه الصيغة حسب علم الباحث في بعض أقسام كلية العلوم الهندسية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وفيما يلي بعض الملحوظات التي نرى أنها تخدم أهداف موضوع هذه الورقة.

     1- فصلت هذه الصيغة بين تعليم مواد الدراسات العليا والإشراف على بحوث طلاب الدراسات العليا وما ينشره الأستاذ الجامعي وبين مجال البحوث ولا تحتوى على معيار ربط يؤكد أهمية الترابط بين هذه الأنشطة. ونظراً لأهمية الارتباط الوثيق بين هذه الأنشطة وتلازمها مع أهداف أنشطة البحث العلمي فينبغي ضمها في مجموعة واحدة تؤكد أهمية دفعها لحركة البحث العلمي الهادف لتحقيق أهداف بحثية محددة في إطار زمني معين.

     2- هذه الصيغة لا تميز بين الجهود المبذولة في تعليم مواد الدراسات العليا ومواد الدراسات الجامعية، وقد ينتج عن ذلك تساهل بعض الأساتذة الجامعيين في ربط تدريس مواد الدراسات العليا بالحركة المتسارعة للبحوث العلمية أو عدم الرغبة في تعليم تلك المواد ومتابعة الجديد فيها.

     3- هذه الصيغة لا تضع حداً لعدد طلاب الدراسات العليا (مساعدي الباحثين) الذين يسمح للأستاذ الباحث بالإشراف عليهم خلال فترة زمنية محددة، ونظراً لأهمية هذا التحديد من أجل الدفع بالبحوث العلمية فينبغي تقنين توجيه مساعدي الباحثين من خلال تنظيم تتولى تطويره وتنفيذه إدارات البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي التي ترى أن دفع البحث العلمي إلى آفاق أوسع لا يتم إلا من خلال التخطيط الإداري السليم.

     4- هذه الصيغة تغفل الجهود المبذولة في تطوير مقترحات بحثية مازالت تحت التقويم أو المراجعة.

     5- تفتقر هذه الصيغة إلى بعض المعايير التقويمية الدقيقة والأساسية التالية: - مؤشر الأداء. - نسبة النشاط إلى كافة مجموع الأنشطة. - مقياس أولوية النشاط البحثي نسبة إلى بقية الأنشطة الأخرى. - ارتباط مجال البحث العلمي بخطة زمنية بعيدة المدى يعدها الأستاذ الباحث وتكون ضمن تخصصه الدقيق. وسنرى لاحقاً تعريفاً لهذه المعايير وكيفية استخدامها من أجل الحصول على صيغة جديدة لتقويم كافة الأنشطة بصورة عامة والنشاط البحثي بصورة خاصة. ثانياً: ملحوظات حول الصيغة الموضحة في الشكل رقم (2): تقع هذه الصيغة في الإطار العام للائحة المنظمة «المقترحة» لتقويم النشاط العام للأستاذ الجامعي، وقد صدرت عن وكالة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن (الظهران) ومع علم الباحث بأن هذه الصيغة مازالت تحت الدراسة والمراجعة، وربما التعديل، إلا أن إيراد بعض الملحوظات حول محتويات هذه الصيغة يخدم أيضاً أهداف موضوع هذه الورقة، ومن هذه الملحوظات ما يلي: 1- يلاحظ أن هذه الصيغة قسمت مجموعة الأساتذة الجامعيين إلى ثلاثة أقسام: باحثين، غير باحثين، ومجموعة خاصة وتشمل الإداريين والأساتذة القدامى والمتفرغين علمياً. 2- يلاحظ أيضاً تأكيد هذه الصيغة على أهمية نشر البحوث في دورات علمية عالية المستوى وهذا أمر محمود، ولكن لم تحو هذه الصيغة في مجملها ما يؤكد أهمية استمرار وتواصل البحوث في مجالات علمية محددة وضمن سياسة عامة، تهدف إلى دفع البحث العلمي إلى التميز والريادة على المدى البعيد. 3- تفتقر هذه الصيغة إلى بعض المعايير العددية الدقيقة مثل: مؤشرات الأداء، نسبة النشاط إلى كافة مجموع الأنشطة، ومقياس أولوية النشاط البحثي نسبة إلى بقية الأنشطة الأخرى. 4- يلاحظ أيضاً عدم وجود تحديد دقيق لنوعية المشاريع التي تستحق الأولوية في الدعم على غيرها، ولا تحتوي هذه الصيغة على ما يدلل على أهمية إعداد الكتاب الجامعي المناسب بطريقتي التأليف والترجمة. 5- ورد في هذه الصيغة استخدام عبارة «التميز في البحث» ولم تورد هذه الصيغة تعريفاً دقيقاً يدفع بالباحثين إلى الحرص على التميز الحقيقي من خلال أبحاث أساسية تبنى على نتائج سابقة وتنطلق إلى آفاق جديدة. صيغة مقترحة لتنشيط التميز في البحث العلمي: إن كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي تطمح إلى التميز والريادة في كل علم من العلوم التي تختص فيها، إلا أن تحقيق تلك الطموحات قد يكون صعب المنال، حتى عند توفر الإمكانات المادية اللازمة، متى ما غاب تكامل الأمور الأربعة الأساسية التالية: - سياسة بحثية هادفة ومحددة. - أستاذ جامعي باحث متميز. - تنظيم دقيق لعملية دعم عملية البحوث. - وسائل تقويم عددية لتقويم أهداف البحوث الجارية والمقترحة ومدى تحقيق أهدافها في فترة زمنية محددة. ولذا ينبغي وجود التنظيم الإداري الذي يضمن وجود وتكامل هذه الأمور في كل الأوقات من أجل تحقيق الطموحات المرجوة من البحوث العلمية. إن مؤسسات التعليم العالي في عمومها تضطلع بمهام عديدة ومتنوعة يمكن إجمالها في عمليات التعليم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، لكن من المتعارف عليه جيداً في الأوساط العلمية أن تحقيق التميز والريادة لا يكون من خلال التعليم فقط أو من خدمة المجتمع فقط، بل يعتبر النشاط البحثي ونتائجه الموثقة في القنوات المعروفة هي الوسائل والمعايير العالمية الأساسية لهذا الغرض. ومع تعدد مجالات البحوث وتنوع صورها ، إلا أنها لابد أن تكون إما بحوثاً أساسية أو تطبيقية، ونظراً لمحدودية أهداف البحوث التطبيقية فإن البحوث الأساسية ونتائجها الموثقة تبقى أفضل وسيلة لتحقيق التميز والريادة التي يطمح إليها كل باحث، بل وكل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي حتى ولو بعد فترة زمنية غير قصيرة. ولقد ذكرنا فيما سبق أن الصيغ المستخدمة لتقويم الأستاذ الجامعي يمكن أن تسهم بصورة فاعلة في تنشيط جهود الباحثين في كافة المجالات «من بحوث أساسية، تطبيقية، تأليف، ترجمة...إلخ» متى ما وضعت في صورة محددة وموجهة لتحقيق أهداف معينة- بناء على ما يتوفر من إمكانات وخبرات بحثية من خلال أعضاء هيئة التدريس الباحثين- شريطة أن تخضع هذه الصيغ للتقويم والدراسة اعتماداً على النتائج التي تتحقق في فترة زمنية معينة وبدون إغفال المتغيرات أو العوائق التي قد تطرأ. ولكي تكون هذه الصيغ فاعلة فلابد أن تعتمد على معايير تقويمية عددية دقيقة تأخذ في الاعتبار جميع المتغيرات التي قد تؤثر على نشاط الباحث. ولهذا الغرض فإن دراسة الملحوظات التي قدمت حول الصيغتين التقويميتين اللتين تم تطويرهما في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يدلل على ضرورة تبني وسائل جديدة ودقيقة لتنشيط البحث العلمي الأساسي في جميع التخصصات في فروع العلوم الطبيعية والتطبيقية. ونظراً لأهمية استمرار البحوث العلمية في اتجاه معين ومحدد لفترة زمنية متواصلة- تفادياً لما قد يحصل من تنوع البحوث غير المترابطة من باحث واحد- ومن أجل تحقيق التميز والريادة في التخصصات الدقيقة لابد لأي صيغة توضع لتقويم نشاط الباحثين من أن تضع المعايير العددية المناسبة لهذا الغرض. ونقدم فيما يلي وصفاً موجزاً لصيغة عددية مقترحة لهذا الغرض، حيث تعرض الصيغة في جدولين متتاليين (جدول رقم 1، جدول رقم 2) بحيث تستخدم نتائج الجدول الأول في إكمال الجدول الثاني. وبالنظر إلى أهداف هذه الورقة يلاحظ في الجدول (رقم 1) أن هذه الصيغة تهدف إلى تنشيط عملية البحث العلمي المتميز من خلال تقسيم الأنشطة البحثية للأستاذ الجامعي في ثلاث مجموعات أساسية هي :

     1- تدريس طلاب كلية الدراسات العليا والإشراف على بحوث عدد محدد منهم.

     2- البحوث الأساسية.

     3- البحوث التطبيقية والأوراق المقدمة في المؤتمرات العلمية وغيرها. ويلاحظ أيضاً من مكونات هذه الصيغة احتواؤها على تقويم عددي لكل المقومات الأساسية للنشاط البحثي للأستاذ الجامعي، كما احتوت على وسيلة لقياس أهمية النشاط البحثي ودرجة اكتماله ومدى تواصله وارتباطه مع الأنشطة السابقة للباحث؛ لما لهذا التواصل والترابط من أهمية بالغة في تحقيق التميز والريادة لأي جماعة بحثية (يرأسها باحث علمي متخصص) تعمل لتحقيق أهداف بحثية محددة في إطار زمني معين. أما الجدول (رقم 2) فيحتوي على ملخص كامل لتقويم جميع الأنشطة التي يتوقع أن يقوم بها الأستاذ الجامعي ومن ضمنها نشاطه البحثي، ولذا فإن إكمال الجدول (رقم 2) يعتمد على النتائج التي يحصل عليها من الجدول (رقم 1) كما يلاحظ هنا أن هذه الصيغة التقويمية تؤكد ضرورة فصل عملية تقويم النشاط البحثي للأساتذة الباحثين عن بقية الأنشطة الأخرى. ويرجى من هذا الفصل وضوح مجالات التميز والريادة في مجالات البحوث العلمية، وسهولة عملية تقويم درجة التميز من خلال دراسة تحقيق الأهداف التي يحددها الباحثون أنفسهم. خلاصة ومقترحات: انطلاقاًَ من حرص جميع مؤسسات التعليم العالي، ومنها الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحوث، إلى تحقيق التميز والريادة في كافة مجالات تخصصاتها، ونظراً لتعدد الأنشطة التي يتوقع من الأستاذ الجامعي القيام بها، ولكونه هو المحرك الفعلي لحركة البحوث العلمية بجميع أنواعها فإن على الجهات المسؤولة عن تنظيم أنشطة البحوث العلمية ما يلي:

     1- وضع لائحة موحدة ومنظمة لأنشطة الباحثين «كل في مجال تخصصه الدقيق» على أن تحتوي هذه اللائحة على أهداف واضحة يرجى تحقيقها من خلال أنشطة الباحثين في فترة زمنية محددة.

     2- توفير الدعم اللازم لكل باحث وضرورة توليه رئاسة جماعة بحثية في حقل تخصصه الدقيق يكون معظم أعضائها من طلبة الدراسات العليا (باحثين مساعدين متميزين) والعمل على إيجاد آليات جذب للطلبة المتميزين للالتحاق في برامج الدراسات العليا من أجل تحقيق الفائدة الحقيقية من برامج الدراسات العليا. وبالنظر إلى المسؤوليات الرئيسة التي أنيط بمؤسسات التعليم العالي تحقيقها (التدريس، البحوث، خدمة المجتمع) يجب الاعتراف بأن النشاط البحثي المترابط والمتواصل هو العامل الأساسي الذي ينبغي أن تعقد عليه الآمال لتحقيق التميز والريادة لأي جماعة بحثية في هذه المؤسسات. من هذا المنطلق تتضح أهمية استخدام صيغة دقيقة لتقويم نشاط الأستاذ الجامعي بصورة عامة وتقويم النشاط البحثي على وجه الخصوص. ولضمان فعالية هذه الصيغة لخدمة الأهداف المتوخاة من البحث العلمي ينبغي احتواؤها على معايير دقيقة منها: نسبة النشاط في مجموع الأنشطة، مؤشر الأداء، وأولوية النشاط البحثي نسبة إلى بقية الأنشطة الأخرى. وينبغي أيضاً احتواء هذه الصيغة على مؤشر معياري لقياس أهمية النشاط البحثي ودرجة اكتماله وتواصله مع البحوث السابقة للباحث، بل واستمرار اتجاه البحث، حيث إن كل هذه الأمور متطلبات أساسية لتحقيق التميز والريادة البحثية في التخصصات الدقيقة في العلوم الطبيعية والتطبيقية. ولذا عرضت هذه الورقة صيغة مقترحة لتنشيط عملية البحوث العلمية الأساسية التي يرجى منها تحقيق التميز للجماعات البحثية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، لكن ينبغي التأكيد هنا بأن الفائدة المرجوة من اعتماد هذه الصيغة يعتمد على درجة تبني عدة أمور تنظيمية لدعم جميع مقومات عملية البحوث العلمية ومنها:

     1- إيجاد جماعات بحثية في كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي اعتماداً على التخصص الدقيق لكل باحث وخبراته السابقة، بحيث يوكل إلى كل مجموعة تحقيق أهداف بحثية محددة.

     2- تحديد أهداف بعيدة المدى لكل جماعة بحثية والعمل على تحقيق الأهداف في إطار زمني محدد.

     3- دعم أنشطة الجماعات البحثية من خلال تسهيل إجراءات توفير المعدات اللازمة لإكمال أعمالها، وإيجاد آليات جذب للباحثين المساعدين المتميزين، بحيث تسهم كل جماعة بحثية في تطوير هذه الآليات من خلال التعاون مع إدارات (عمادات) البحث العلمي.

     4- تأكيد أهمية استمرار البحوث التي يقوم بها الباحثون وضرورة الترابط بين هذه البحوث، ولهذا الغرض يمكن استخدام نتائج التقويم وصيغة التقويم المقترحة في هذه الورقة لقياس درجة تحقيق الترابط بين البحوث التي تقوم بها كل جماعة بحثية.

     5- تقديم الدعم المعنوي والمادي للأساتذة الباحثين من أجل تكوين الجماعات البحثية (كل في حقل تخصصه الدقيق) ودعمه بعدد من الباحثين المساعدين المتميزين شريطة تطوير خطة بحثية مقترحة خلال فترة زمنية معينة، ووضع جدول زمني لتحقيق الخطة البحثية.

    6- تفعيل دور إدارات البحث العلمي في متابعة مقترحات الجماعات البحثية وإعطائها الدور الإداري الفاعل في تقنين عملية تكوين الجماعات البحثية، وتأكيد أهمية الارتباط الوثيق والتوافق بين الاهتمامات البحثية لكل عضو في الجماعة البحثية مع الأهداف بعيدة المدى لكل جماعة بحثية.

     7- تقويم الصيغ المستخدمة لتقويم أنشطة الأستاذ الجامعي من خلال تحليل النتائج المتحققة من أنشطة الأستاذ الجامعي الباحث، أو من أنشطة الجماعات البحثية في فترة زمنية كافية.

     8- تنشيط حركة تأليف الكتب الدراسية وترجمتها من خلال خطة مرحلية تعد بناء على أولويات واحتياجات الأقسام الأكاديمية، وضرورة إنشاء دور نشر علمية متخصصة يكون دورها المبادرة والمساهمة في دفع حركة التأليف والترجمة من خلال تجنيد أكبر عدد من الأساتذة المتخصصين في تنفيذ مشاريع تأليف وترجمة علمية تكون من ضمن خطط بعيدة المدى تعدها مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي. ومع الاعتراف بأهمية النتائج التي قد تدلل عليها أي صيغة تستخدم لتقويم أنشطة البحوث بناء على ما يتحقق من نتائج، إلا أن المعايير الرقمية المستخدمة في الصيغة المقترحة في هذه الورقة تبقى نسبية، ويمكن استبدالها بما يناسب الخطط البحثية ومجالات التخصص في كل مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي التي تسعى إلى التميز والريادة في حقول تخصصها. ورقة عمل تقدم بها الباحث لندوة تقييم التعليم الهندسي والتقني - الظهران- شعبان 1420هـ.

    كلمات مفتاحية  :
    الأستاذ الجامعي البحوث العلمية

    تعليقات الزوار ()