أبوظبي (رويترز) - يرصد الشاعر العراقي حميد قاسم أجيالا من الشعراء في الامارات منذ بداية القرن العشرين وصولا الى شعراء الجيل الحالي الذين يكتبون قصيدة النثر قائلا ان هذا الشعر استطاع أن يتجاوز المحلية ويصل الى القارئ العربي رغم غياب المتابعة النقدية.
ويقول ان جيل الرواد يمثله شعراء منهم سالم بن علي العويس (1887-1959) و(خلف بن مصبح (1923-1946) وسلطان بن علي العويس (1925-2000) ولكن التطور الابرز ظهر في الستينيات والسبعينيات وأثر في تجارب تالية لحبيب الصايغ وظبية خميس وعبد العزيز جاسم وميسون صقر ونجوم الغانم وعبد العزيز جاسم وصالحة غابش وابراهيم الملا ومحمد المزروعي وغيرهم ممن تواصلوا مع المشهد الشعري العربي.
ويضيف في مقدمة مختارات للشعر الاماراتي الحديث أن هذه التجارب الشعرية لم ترافقها "أي مقاربات نقدية لكنها مع ذلك كله استطاعت اختراق حاجز المحلية وصعوباته الى العالم العربي.. لتشكل ظاهرة مميزة ببيئتها وعلاقتها مع المكان وانكبابها على البحث في جوهر التحولات التي عصفت بالمنطقة عموما" في السنوات الاخيرة.
والمختارات التي تقع في 95 صفحة متوسطة القطع تشمل قصائد 25 شاعرا وشاعرة وجاءت تحت عنوان (تركت نظرتي في البئر) وهي من اختيار وتقديم قاسم وصدرت في سلسلة (اداب) عن مؤسسة (شرق غرب- ديوان المسار للنشر) ومقرها بغداد وبرلين.
وينشغل كثير من قصائد الديوان بقضايا وجودية ويصعب على القارئ أن يعرف أن هذه القصائد تنتمي الى هذه المنطقة أو تلك كما في قصيدة (وميض الصاعقة عشر) التي يقول عبد الله محمد السبب في سطورها الاولى..
"في لحظة ما-كدت أنساني وأشياء جميلة لا تذكر-في لحظة ما كدت أقع.. ثملا-محنطا-في فم خديعة. في لحظة ما كدت أتساقط-رذاذ جمر مهترئ".
أما ميسون صقر فتقول في قصيدة (لا يمكن أن أكون أيقونة)..
"لا يمكن أن أكون أيقونة-وأنت تعلم أن دمي أهدر في الصدمات والضحك-لا يمكن أن أكون لك- أنا للجميع.. وأنت تعلم أن يدي وحدها تدل على انتهاك أكتاف الاخرين بالربت عليها. لا يمكن أن أكون امرأة فقط-لانني لم أذق يوما معنى أن أكون مجرد هكذا. امرأة فقط. أذكر مرة كنت شخصا يحب-أذكر مرة واحدة أمسكت يده. خرجنا الى شوارع صديقة-فأمسك المارة يدي وقطعوها من يده. كلما رأيت يدي المقطوعة التي بلا كف-أدركت أنني لن أضعها على أكتاف المارة القساة-ولا على قلبي حين يدق ثانية.. ولن تكون سلك كهرباء تقف عليه الطيور".
ويقول قاسم في المقدمة ان غالبية شعراء الجيل الحالي يكتبون قصيدة النثر "في قطيعة حادة مع قصيدة التفعيلة التي لم ترسخ كثيرا في الامارات" وان الشاعر في القصيدة الجديدة يهرب "من مكانه الراهن وعمارة الزجاج والاسمنت التي تفتقر الى الروح الى مكانه الاول المتمثل في البيت المصنوع من سعف النخيل وجريده."
ويرى أن الشاعر الاماراتي رغم هذا الحنين الشعري ليس ضائقا بالمنجز الحديث في حياته ولكنه يرثي ذاتا وحيدة تزداد عزلة ووحشة.