كم كنت أتمنى أن أكون لاعب كرة قدم ... كنت بالفعل محترفًا للغاية .. كانوا دائما ما يلقبونني بكابتن الفريق ... لكن كل من حولي أمى .. أبي ... أصدقائي ضغطوا عليّ وقال لي "خليك في مذاكرتك ومستقبلك .. الكرة مش هتنفعك وسيبك من لعب العيال ده" .. وها أنا ذا في كلية لا أطيقها والسنة بخدها في سنتين .. لم أعد أطيق نفسي ولا المجتمع من حولي
كم واحد منا حاله مثل هذا المثال السابق .. كم واحد منا كان في داخله حلم أحبه ووجد نفسه فيه، لكن المجتمع لم يعيروا لهذا الحلم اهتمامًا بدعوى أنه ليس ذا أهمية وأن هناك الكثير من الأمور التي يجب أن تركز مستقبلك عليها ومن ثم ترك حلم عمره ... كثيرون أليس كذلك .... لكن السؤال ما هو شعورك بعد أن تخليت عن هذا الحلم وتركته وراء ظهرك لمجرد أنك شككت في عدم قدرتك على تحقيقه أو أنه بعيد المنال ... شعور مؤلم ...لا أكثر ... نادم ... نعم نادم للغاية لسان حالي يقول ليتني تمسكت به وسعيت إليه وتجاهلت كلامهم .. ما الذي أخذته من كلامهم الآن ....
في بعض الأحيان نجد أنفسنا مضطرين إلى أن نقوم بأشياء لا نحبها .. نقوم بها لمجرد أنها مسئولية ملقاة على عاتقنا ( كالمذاكرة مثلا عند كثير من الطلبة) .. أنا هنا لا أقول أن أتخلى عن شيء مهم وحيوي بالنسبة لي كي أحقق أحلامى .. إنما أقول طالما أنت تستطيع أن تقوم بشيء لا تحبه ولا تستغيه فلا أجدر بك أن تتمسك بما تحبه وتجد نفسك فيه ... ليس واجبًا عليك أن تبلور أحلامك على مقاس كليتك أو تخصصك .. إنما يجب أن تستغل الموهبة التي أعطاك الله إياها دونًا عن كثير من الناس كي تكون وسيلة لنجاحك وليس فشلك.....
يقول خليل جبران " إنك غالبًا ما يوجد بداخلك معترك يدخل فيه العقل في صراع مع عاطفتك ورغبتك" ... لماذا ندفن عواطفنا ورغباتنا وكأنها شيئًا خطرًا؟ علينا أن نقاومه ونحاربه .. لماذا لا نعمل على أن نجعل العقل والعاطفة يعملان معًا كي يكونوا قوة حامية في حياتنا.... أنت لست مضطرًا أن تكون طبيبًا عندما لا تريد ذلك .. لست مضطرًا أن تكون مهندسًا وأنت لا تحب ذلك ... حتى لو كان هذا الأمر لا مفر منه فلا تجعله أبدا يحبطك بل يجب أن توظف الظروف كى تحقق ما كنت تحلم به ....
كانت هناك سيدة كانت تحلم من طفولتها أن تكون ممثلة ( بصرف النظر عن كون التمثيل حلال أو حرام فهذا ليس ما أتحدث عنه الآن) كانت تحب التمثيل كثيرا لكنها كانت تشعر بالتوتر الشديد كلما خطر على بالها التمثيل أمام الجمهور .. ونتج عن ذلك أنها تركت فكرة مواجهة الجمهور نهائيًا لأن الشك ساورها في عواطفها ورغباتها الدفينة، آثرت أن تركز على مستقبل مهني كمديرة مبيعات ... الآن هي في منتصف العمر ونادمة على أنها تخلت عن حلمها وتتسائل ماذا يحدث لو كنت اتبعت ما أريده أن أكونه؟؟...... هل فهمت ما أعنيه
إنك بذلك تضع نفسك في سجن من صنعك أنت باختيارك أنت ... لماذا تحكر على مواهبك ورغبتك وتخفيها دائما وكأنها ستكون في يوم من الآيام سبب فشلك ... بالعكس عندما يحب الإنسان ما يفعله يجد نفسه يبدع ويبتكر ويبحث ويطور من نفسه ... يكتسب مهارات عالية لأنه يؤدي شيئًا عن حب واقتناع ... أنا لا أقول أن تجعل عاطفتك هي التي تقودك ...
فمثلا أنا لا أحب المذاكرة إذا لا أذاكر ... هنا أنت تجعل عواطفك ومشاعرك هي التي تقودك دون عقلك .. إنما يجب أن تعمل العقل والعاطفة معًا كي تصل إلى ما تريده ....
حاول أن تؤدى هذه الاعمال ليس من واقع أنها مفروضة عليك وأنه لا مفر منها ... إنما بعقلية أنها سوف تنمي مواهبي وقدراتي العقلية وتكون عاملاً مهمًا يساعدني أن أحقق هدفي ... وبذلك تكون قد حققت المعادلة بأنك فعلت ما يتوجب عليك فعله وفي نفس الوقت لن تقضي عمرك نادمًا أنك تخليت عن حلمك في يوم من الأيام
سارة حسن المغازى