بتـــــاريخ : 8/7/2008 7:01:52 AM
الفــــــــئة
  • الأســـــــــــرة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 976 0


    حبيب قلبي

    الناقل : heba | العمر :43 | المصدر : www.amrkhaled.net

    كلمات مفتاحية  :
    رجل امراة الشباب الفتاة

    - اعدل قامتك يا محمد

    - لا أستطيع... هو ظهري هكذا.

    وأحنى ظهره أكثر وتظاهر بالعجز والضعف..

    زممت شفتي وقلت له:

    - عليك إذن أن تشرب الحليب وتعود لممارسة الرياضة... لماذا توقفت عن لعب الرياضة؟

    قال وهو يتأمل نفسه في المرآة ويفرد قامته الطويلة ويمد ذراعيه جابنا ثم يحركهما عاليا فيما يشبه التسخين للعب الرياضة:

    - لا أعلم حقا.. لم أعد أجد وقتا.

    تأملت شعره الكثيف المبعثر..

    - لماذا لم تسرحه يا محمد؟

    أخذ يخلل أصابعه في شعره وهو يتأمل وجهه في المرآة، ويحاول جذب خصلة منه لتتدلى على جبينه بطريقة لعلها الموضة هذا العصر، أو بالأحرى هذه الأيام، فالموضة الآن صارت تتغير كل بضعة أيام....

    -  ألا يعجبك هكذا يا امي؟..

    تأملت شعره ثانية ثم وجهه.... ثم شاربه الذي بدأت تزداد كثافته، والشعرات الأربع التي نبتت تحت ذقنه، والتي كان ما يفتأ يمطها ويفتلها ويتحسسها، وكأنه بهذا يستعجل نمو لحيته...

    لقد بلغ عامه الخامس عشر... وبدأ يستعيد وسامته...

    أذكر كم كان جميلا كطفل، يثير إعجاب كل من يراه ويحظى بمحبتهم، ثم بدأت تتغير ملامحه في نهاية المرحلة الابتدائية مع استمرار نموه، فتارة ينمو أنفه قبل أن تنمو بقية قسمات وجهه، فيصبح أقرب للدمامة، وتارة تعتدل قسماته ثانية... وهكذا...

    والآن بدا لي وسيما جدا....

    ترى هل سيبقى بهذه الوسامة عندما يصبح شابا، ويحين الوقت لأخطب له...

    هو متفوق في دراسته بحمد الله، ويبدو أنه مهيأ نفسيا لاقتفاء خطا والده في الالتحاق بكلية الطب... فلن تكون ثمة مشكلة من هذه الناحية... فلقب دكتور لقب رنان وله وزنه الاجتماعي الكبير...ومع وسامته ..... لن نجد مشكلة...

    كنت أتمنى فقط لو ختم القرآن... كم كنت سأكون فخورة وقتها وأنا أخطب لابني الدكتور حافظ كتاب الله....

    لكنه بكل أسف لم ينه إلا أقل من نصف المصحف.. .. ومع ازدياد وطأة الدراسة، وفرص اللهو، وتهربه من سيطرتي وتملصه من أوامري وقوانيني الذي يزداد يوما بعد يوم، لم أعد أرى أملا في تحقيق ذلك الحلم، إلا أن يكرمه الله فيقذف في قلبه حبا وعشقا لكتاب الله بسبب ما، فيندفع ذاتيا للحفظ.

    كم كان الحفظ سهلا عليه وهو صغير... هذا اللئيم...

    كان إذا أراد الذهاب لمنزل جده للعب مع أبناء عمومته، وانتهزت الفرصة واشترطت عليه أن يحفظ ثلاث صفحات قبل الذهاب، ينجزها في أقل من ساعة..

    لكن لعبة الاشتراطات هذه مقابل تنفيذ رغباتهم كشفوها وعرفوا خباياها ولم تعد تنطلي عليهم...

    -  لا يجوز هكذا يا أمي... لا توجد أم في الدنيا تشترط على أبنائها أن ينجزوا شيئا مقابل أن تسمح لهم بما يريدون... لا عمتي ولا زوجة عمي ولا أصحابنا... لماذا أنت هكذا؟...

    لقد أتم حفظ سورة البقرة وربطها وهو في التاسعة من عمره، وتوقعت بناء على ذلك أن يختم القرآن قبل أن ينتقل للإعدادية، أو على الأقل قبل المرحلة الثانوية...

    ليتني بذلت جهدا مضاعفا في تلك الأيام الخوالي وضغطت عليه أكثر.... كان الآن قد ختم القرآن، وكنت سأطمئن عليه عندها، أينما كان ومهما حصل، فهذا حافظ لكتاب الله، وشاب نشأ في طاعة الله، فسيحفظه الله ويرعاه... لكن.... يستحيل أن نعيد عجلة الزمن إلى الوراء، وما فرطنا فيه أنى يستعاد؟؟... 

    ترى هل يصلح أن أقول: ابني الدكتور الحافظ لنصف القرآن؟؟... مع وسامته وهيئته الجميلة وقوامه الرشيق..

    ويبدو أنه علت ثغري ابتسامة وأنا أمعن النظر في ملامحه، وبادرت أتمتم بقل أعوذ برب الفلق خوفا عليه من عيني...

    - ماما .. ماما... بم تتمتمين؟.... ألا تسمعينني؟؟!!... أقول لك ادعي لي فعندي اختبار فيزياء غدا.

    - واستيقظت على صوته من أحلام يقظتي.... يا لغبائي.... أفكر في الخطبة لفتى لا يزال في الخامسة عشرة من عمره، وأطوي الزمان طيا، ومن ستكون العروس يا ترى؟؟... لا شك أنها الآن طفلة في العاشرة أو التاسعة من عمرها، تلعب في مكان ما من هذه الأرض، ولعلها تعاند أمها الآن حتى لاتتناول العشاء أو حتى لا تأوي لفراشها مبكرة...

    - مااااااااااااااااااااماااااااااااااااااااااا.... هل سمعت ما قلت لك؟

    - وفقك الله يا ابني وحفظك ورعاك وفتح عليك فتوح العارفين...

    والتفت ورائي لأتأكد أنني لم أفعل كالصبي الراعي الذي كسر جرة السمن بعصاه وهو مسترسل في أحلامه...

    لا سمن ولا جرة مكسورة.... الحمد لله...

    وأمسكت بالورقة والقلم لأسجل هذه الخاطرة الغريبة وأنا أبتسم...

    كلمات مفتاحية  :
    رجل امراة الشباب الفتاة

    تعليقات الزوار ()