بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ ظهور الاجيال الاولي للكومبيوتر اصبحت هذه الاجهزة تحتل مكانة بارزة في مختلف المجالات العلميه و التطبيقيه الا ان حقبة الثمانينات شهدت تطورا ضخما بظهور اجهزة الكومبيوتر الشخصي Personal computers التي امكن ان تكون صغيرة الحجم متعددة الامكانيات ورخيصة الثمن في نفس الوقت.
وببلوغ تكنولوجيا اجهزة الكومبيوتر عامها الاربعين اوشكت ان تصل الي سن النضج و استطاعت في هذه الفترة القصيرة نسبيا ان تحقق درجة عاليه جدا من التطور التكنولوجي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الانجازات البشرية.
وقد ساهم هذا التطور في انتشار اجهزة الكومبيوتر بصورة كبيرة جدا. وفي الفترة الاخيرة بدات اعراض غريبه تظهر علي تلك الاجهزة وزادت الشكوي منها وتحدث الناس لاول مرة عن فيروس الكومبيوتر .
كانت اول معرفة مباشرة لي بفيروس الكومبيوتر عندما كنت اعمل علي الجهاز الخاص بي (PC) علي احد البرامج عندما ظهرت علي شاشة الجهاز كرة صغيرة اخذت تقفز علي الشاشة وتظهر وتختفي وفي اول الامر لم يحدث اكثر من ذلك ولكن في مرات تاليه عندما كنت اطبع بعض التقارير ظهرت اخطاء في الطباعة صاحبها ظهور هذه الكرة الصغيرة مرة اخري.
وكان الفيروس الذي تعاملت معه هو الكرة النطاطة Bouncing ball .
بالطبع كنت اعرف بعض المعلومات القليله المتناثرة عن موضوع الفيروس ولعلنا ما زلنا نذكر الحادثة المشهورة التي لفتت انظار الناس للموضوع علي نطاق واسع.
في منتصف الثمانينات تناقلت وكالات الانباء ما نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" عن قيام طالب امريكي في جامعة "كورنيل" بنيويورك اسمه روبرت موريس وعمره 23 عاما بزرع فيروس وبائي في شبكة المعلومات القومية المختزنه في انظمة الكومبيوتر واجتاح هذا الفيروس 16 الف شبكة كومبيوتر في كل انحاء امريكا مما اصابها بالخلل.
ووصفت هذه الحادثه بانها جريمة العصر
و اعترف الطالب بانه زرع الفيروس و انه اعده بصورة يتعذر معها عمليا تتبع مصدره ولكنه كشف عن نفسه عندما اخبر احد اصدقائه بان البرنامج الذي عطل الالاف من اجهزة الكومبيوتر في كافة انحاء البلاد كان من اعداده هو.
و كان الفيروس الذي زرعه من النوع الذي يسمي بالفيروس النائم Sleeping virus الذي ينشط في وقت محدد و في وجود شروط معينه فينتشر في شبكات الكومبيوتر ويخرب البرنامج الاصلي ويفسد ما تحتويه هذه الشبكات من معلومات.
وقد وصف الخبراء هذا الفيروس بانه " خلية خبيثة " تم بثها في الكومبيوتر فاصابت الانظمة المتصلة به بالخلل الذي بدأ يظهر علي 60 الف شاشة و في 550 مؤسسة ومعهد علمي.
وبعد مرور يوم كامل تم تشخيص الفيروس المخرب و العثور علي الدواء و تسبب هذا الفيروس في احداث فوضي كبيرة ولكن لحسن الحظ لم يصاحبها فقدان لاي برنامج هام او الوصول الي اي معلومات حساسة - في مراكز البحث العلمي التابعة لوزارة الدفاع الامريكيه " البنتاجون" و المصالح الحكومية والجامعات ووكالة الفضاء الامريكيه " ناسا " - انما اقتصر الامر علي افساد بعض البرامج التي لا تتمتع بقدر كبير من الحماية .
ولكن هذا لا يمنع ان الخسائر التي سببتها لعبة " موريس " الفيروسية - وفقا للاحصائيات - ادت الي تاخير الابحاث الاف الساعات واعادة البرمجة بتكاليف تصل الي عدة ملايين من الدولارات ( قدرتها بعض المصادر بما لا يقل عن 100 مليون دولار ) .
وقد كشفت هذه الحادثة عن كارثة حقيقية وخطر يهدد مستقبل اجهزة الكومبيوتر و بالتالي يهدد بناء المجتمع الحديث ذاته حيث لا يمكن تصور مجتمع حديث بدون اجهزة الكومبيوتر.
كما اظهرت هذه الحادثه مدي ضعف الانظمة المستخدمة في شبكات الكومبيوتر وسهولة اختراقها ليس فقط من قبل المحترفين بل دخل الهواه ايضا في هذا المجال و اكثر هؤلاء سئ النية و اقلهم حسني النية وعدد هؤلاء الهواة - الذين يسعون الي اثبات قدرتهم بابتكار انواع جديدة من الفيروسات قادرة علي اختراق اشد نظم الكومبيوتر حماية ومناعة - في ازدياد مستمر.
و لفتت هذه الحادثة نظري الي الموضوع كما حدث مع كل المهتمين بعلم الكومبيوتر و اخذ اهتمامي يتزايد بعد تجربتي الشخصية مع الفيروس وخاصة بعد ان اكتشفت ان الكثير من المتعاملين مع الكومبيوتر ليست لديهم فكرة واضحة عن هذا العدو الغامض المسمي بفيروس الكومبيوتر بل اكثر من ذلك فهناك من لديه الكثير من المفاهيم الخاطئة عن هذا الموضوع.
و لما كانت الخطوة الاولي في مواجهة اي مشكلة هي التعرف علي جوانبها المختلفة كانت فكرة هذه المشاركة مجرد محاولة لالقاء الضوء علي الجوانب الاساسية في هذا الموضوع.
و لتحقيق هذا الغرض فقد كان لزاما علي ان ابدا بفكرة مختصرة عن الكومبيوتر . تركيبه وكيفية عمله حتي يكون هذا مدخلا صحيحا لفهم موضوع الفيروس.
ويمكن لمن يريد الاستزادة من المعلومات ان يرجع الي الكثير من الكتب و المراجع التي تتناول تكوين الكومبيوتر و عمله ونظم تشغيله.