بتـــــاريخ : 1/1/2011 3:29:47 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 419 0


    غيرُ مجدٍ في ملّتـي واعتقـادي

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :

    كنت أود الحديث عن غزة بعدما تهدأ الأقلام وتجف الحناجر، لكن التعليقات وكثرتها والهجمات علي أبت إلا أن تدفعني لذلك. نعم، تنشطر القلوب حزنا مما ترى وتسمع في غزة وفلسطين، ومن قبلها في لبنان، والعراق، وأفغانستان، والشيشان، والبوسنة والهرسك، وفي كل مكان، بغض النظر عن دين الميت أو جنسيته أو آرائه، لا لشيء سوى لأن كل بشر يسير على هذه الأرض هو من صنع الله، خلقه الله لسبب وحكمة، وحين خلق الله الدنيا، وقدر فيها أقواتها، كان من الكرم بحيث كفل حلال الرزق وكريم العيش لكل الخلق، لكن الخلق أبوا وعصوا وتنازعوا وتقاتلوا…

    نعم، يحدث ما يحدث، تآمر المسلم على المسلم، وأغلق المسلم الطريق على المسلم، وسب المسلم أخاه المسلم، لكن ماذا بعد؟ ليست هذه أول ولا آخر مصيبة تنزل بالمسلمين، وما لم نضع أيدينا على سبب المصيبة فلن تتوقف عن التكرار، ولا أجد سوى أن العيب فينا جميعا، وفي طريقة تفكيرنا، وفي طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض، وفي طريقة اختلافنا في الرأي، وتسرعنا في الحكم على بعض.. وليست هذه بالتي تجد الحل سريعا، وأنا سئمت من كلمات الحزن والرثاء،  ومشاهد مصرع المسلمين، وأريد تغيير ذلك، بشيء جديد. إن منا من لا يمل من تكرار أفعال من سبقوه دون النظر إلى نتائج هذه الأفعال، فكم من المرات سببنا بعضنا، وكم شجبنا، وكم بكينا، وكم تظاهرنا وحرقنا وصرخنا، فماذا حدث بعدها وماذا كسبنا منها؟
    لليوم، لا أزال أجد تساؤلات ممن نظنهم أهلا للعلم والثقافة، لماذا ترجمت كتاب فن الحرب، يبدو أنك محب للحرب… لم يكلف الرجل نفسه سوى قراءة كلمتين في عنوان للحكم على كتاب كامل، بل وحكم علي معها. عمل قضيت فيه خمس سنوات يحكم عليه هو في خمس ثواني. من كتاب فن الحرب تعلمت أن أرفض دخول معركة يحدد عدوي زمنها، بل يجب أن أفرض أنا على العدو زمن ومكان المعركة، وأن أستعد لها جيدا، وألا أسعى للحرب، لكن إذا كان لا بد منها فبها ونعم.
    يرى البعض أن الجهاد هو حمل السيف وركوب الفرس ومواجهة العدو - فقط - وإذا قبلنا ذلك، فكيف نأتي بالسيف؟ هل نسرقه؟ هذا مرفوض في الإسلام. هل ندفع ثمنه؟ وماذا يفعل من لم يملك ثمنه؟ يسقط عنه الجهاد؟ أم يعمل ويتاجر حتى يكسب ثمن هذا السيف؟ وماذا يفعل من ملك الثمن ولم يجد السيف؟ هل يتعلم ويجتهد حتى يصنعه بنفسه، أم يقول سقط الجهاد عني؟ حتى في معمعة الحرب، لا بد من توصيل الطعام والشراب والذخيرة للمقاتلين، فمن لها؟ وفوق كل هذا، من ينفق على مطالب بيوت أولئك المقاتلين الذين رحلوا وتركوا عائلات وديون ورائهم؟
    يتفق الكثيرون على أن الله خلقنا للعبادة فقط، حسنا، وما العبادة؟ صلاة في جوامع؟ حسنا، وما هي أول شروط الصلاة؟ الطهارة، الغسل بالماء الطاهر أو التيمم حال غاب الماء، جميل وكيف نصل للماء؟ بالحفر في الأرض، أي أرض أم أرض محددة بعينها؟ وكيف نصل خطوط الماء الطاهر من الأنهار إلى الجوامع والمساجد؟ لا بد من تعلم عِلم الجغرافيا وعِلم الهندسة ومنه إلى عِلم حركة السوائل، ثم المال لشراء لوازم تطبيق هذا العلم …
    إن كل جزئية من عبادة الله تتطلب أمورا كثيرا، ودراسات مستفيضة، وفوق كل هذا وذاك، لماذا أمر الله عز وجل جميع المسلمين القادرين بإخراج الزكاة؟ نعم تطهير للمال، لكن ماذا بعد ذلك؟ للإنفاق على غير القادرين وفي مصارف الزكاة، لماذا؟ ليعيشوا حياة كريمة ولا يضطروا للجريمة… أي لحفظ دورة الاقتصاد… أي أنك لكي تعبد الله على أكمل وجه، فأنت تغازل علم الاقتصاد من قريب أو بعيد… وماذا أفعل أنا هنا في المدونة؟ هل أغني على ليلى زوّجها أبوها قريبا لها؟ هل أحكي عن مشاكلي اليومية؟ هل أنظم الشعر في الرثاء والبكاء على الأطلال؟
    أرفض القول بأن دور المقاتل في الصف الأمامي أكثر أهمية أو شجاعة من عامل الاتصالات الجالس في مركز القيادة ينقل أخبار القتال، فالله جعل هذا يحتاج ذاك، والله جعل نجاح هذا مربوط بعمل ذاك، والله جعل البشر بحاجة إلى قائد يقودهم، وخادم يخدمهم، وطاهٍ يطهو لهم الطعام، وساقي يسقي لهم الماء، ومفكر يفكر لهم فيما يجب عمله أو تركه، وما بين تقسيم الأدوار، على كل منا أن يبحث عن دوره في الحياة ثم يجتهد فيه، ولا يزايد على غيره ولا يغتر بنفسه…
    إننا ننسى أنفسنا فنحب الكلام ونتكاسل عن الأفعال، ونبكي على القتلى وننسى آية وقل اعملوا فسيرى الله عملكم. من يقرأ في التاريخ، ويبحث في أسباب قيام الإمبراطوريات، وأسباب زوالها، سيجد دائما عوامل ثلاثة مجتمعة: مورد روحي، ومورد مالي، ومورد علمي، (سأكتفي بهذه الثلاثة للتبسيط فلا تزايد على هذه النقطة) ونحن المسلمون نملك المورد الروحي الديني، لكننا لا نملك المالي، ومن يتكلف تشغيل عقله مثلما يفعل مع لسانه، لوجد أن النفط وحده لا يكفي، وحين ارتفع ثمن النفط بشدة أفلسنا جميعا، نفطيون وغير نفطيين، أي أننا لم نهيئ لا أنفسنا ولا الساحة الاقتصادية العالمية لدورنا بعد. إننا بحاجة لصنع اقتصاد عربي راسخ، وقاعدة علمية قوية، ودورة تجارية حرة، تسمح بالابتكار، وحصاد أرباح هذا الابتكار. إن صنع الاقتصاد القوي لا يأتي بسب الحكومات واتهامها بالتقصير، بل بالتجارة والتوسع فيها ورفض عبودية الوظيفة. إن اليد العليا تبقى أفضل من السفلى.
    هل فكر أحد ممن اتشحوا بالسواد على شهداء غزة، كيف يمكن تصميم نظام توجيه لصواريخ المقاومة فلا تضل سبيلها؟ هل فكر أحد في صنع شبكة معدنية قوية، يمكن شدها فوق البيوت، حتى إذا نزل عليها صاروخ العدو من السماء، أجبرت هذه الشبكة الصاروخ على الانفجار قبل الآوان وجعلته يضل هدفه؟ هل فكر أحد في ابتكار نظام إنذار بدائي لكن فعال، ينبه أهل غزة لاقتراب الطائرات المعادية؟ هل فكر أحد في طريقة علمية تضلل الصواريخ المعادية والطائرات وهي تبحث عن أهدافها؟ هل بحث أحد كيف يمكن تضليل أنظمة تحديد المواقع عالميا (GPS) بدخان مثلما فعل العراقيون؟ إن كل اختراع عظيم نستعمله اليوم بدأ بفكرة خطرت على عقل مفكر، وتبعها العمل الدءوب، فمن لها؟
    هل فكر أحد في مساعدة أهلينا في غزة، بشيء غير الكلام والأحزان والصراخ والعويل ولطم الخدود، واتهام كل من لا ينوح مثلهم بالخيانة والعمالة والسفاهة؟ (جمع التبرعات – مالية وعينية – جميل، لكنه غير كاف، كما أنه يأتي فقط عقب حدوث المصائب). أما أنا، فبدأت من هنا عبر تيسير علوم الاقتصاد والتسويق والنجاح، أملا في خلق قاعدة اقتصادية قوية، فمن لا يملك قوته، لا يملك حريته، ولن ينجح في تحرير ما سلبه منه غيره! هذا، وأرى أني أضعت الثمين من الوقت، ولذا هذه نهاية كلامي عن غزة وغيرها، وسألزم ما خرجت لألتزم به.
    رجاء أخير لبعض المُعلقين: إذا كنت تراني عارا على العرب، سفيها، تافها، مجرد مترجم، أليس من الحكمة ألا تضيع وقتك معي، وأن تحلق مع مكافئين لك؟ إذا أردت لي النصيحة، فاجعلها بالتي هي أحسن، لا بسيء الأقوال.

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()