بتـــــاريخ : 1/1/2011 2:19:45 AM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1265 0


    من خيرات طيبة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :
    خيرات طبية رسالة المحلات رائج

    منذ قرابة العام، وصلتني رسالة تطلب رأيي في الاختيار ما بين توزيع التمور على المحلات الصغيرة والكثيرة، أو الاكتفاء بالتوزيع على المحلات الكبيرة والقليلة، فألهمني الله الرد بشرح مزايا وعيوب كل طريقة توزيع منها، ثم كان أن نصحت السائل بالتركيز على الانتشار في السوق، وتقديم شيء ليس موجودا عند غيره، وألا يفكر في دخول حرب أسعار وتقديم أرخص منتج، وأن يبحث عن التميز، وأن يدرك أن نتائج هذه النصائح ذات مدى زمني طويل، مثل أشجار الفاكهة، تثمر بعد سنين.
    ثم شاء الله أن يقتنع صاحب الرسالة بكلامي، وبدأ يطبقه ويتابع ما أكتبه في المدونة من ملخصات وشروحات، وأرسل لي منذ أيام رسالة يشرح لي فيها ما حدث معه من ساعتها، وهي حتما من الرسائل الجميلة التي تثلج الصدر وتشرحه، التي تستحق الحديث عنها في المدونة. يقول أحمد من اليمن:

    الحمد لله، طبقت الكثير مما تكتبه، رغم أن هذا العمل التجاري هو تجربتي الأولى بالسوق، فأنا دراستي بكالوريوس علوم حاسوب، وبعدما سألتك هل أوزع التمور لتجار الجملة أم أوزعها بنفسي للمحلات، وأنت أشرت علي بأن أوزعها بنفسي، رغم ما سألاقيه من تعب، وتوكلت على الله وبدأت التوزيع بنفسي. أول شيء طبقته هو
    قوانين التسويق، فأنا بحثت عن مجال أكون الأول فيه، أو أتميز في أمور ما، بحيث أنه عندما يذكر الناس هذه الأمور فهم يتذكرون منتجي.
    بحثت إلى أن وجدت أن الكل يعاني من الأتربة التي تأتي مع التمر، ويتضايقون منها كثيرا، فكانت هذه شرارة البداية، وبدأت أعزف على هذا الوتر وأنا متأكد من نظافة منتجي، وأخبرت الجميع أن التمر الذي أبيعه نظيف جدا، وإن وجد أي عميل لي ترابا في تمري، ولو حتى شيئا قليلا أو حتى بعدما استخدم نصف العلبة، فتعال وخذ غيرها جديدة دون مقابل. أصحاب المحلات أعجبوا بهذه الثقة، خاصة وأنهم لن يخسروا عملائهم، طالما كان المنتج نظيفا ويتمتع بقابلية تغييره دون مقابل أو خسارة لهم، في حال وجدوا شكوى من أي زبون.
    نعم، تعبت كثير في البداية، لأنها مرحلة تأسيس مع وجود الكثير من الهوامير (كلمة تعني التاجر الكبير جدا وذا الميزانية الهائلة) في عالم التمور، والفارق أن منتجي أغلى من الجميع، كذلك بحثت عن نقاط أخرى أتميز فيها لأنني لا أريد دخول السوق مثل البقية (أفضل أحسن أرخص) وكالمعتاد. وعليه وجدت أن التمر الأكثر انتشارا هو نوع واحد  إماراتي لأنه رخيص، وهناك أنواع أخرى سعودية. وأنا – من وجهة نظري – أرى التمر السعودي أفضل بمراحل، وهنا بدأت مرحلة التعمق لأني وجدت منافسي الحقيقي.
    نقطة ثانية ركزنا عليها وهي أن صناديق التمر السعودي كان كل ما يكتب عليها فقط “تمر سعودي” ومنتجنا نكتب عليه نوع التمر (سكري، خلاص، برحي، صفري …). نقطة ثالثة، المنتج السعودي الشبيه بمنتجنا يكون بدون ملصق، يعني بدون هوية، ومنتجنا يحوي ملصقا نكتب عليه اسم الشركة ونوع التمر وعنواننا بالسعودية. بعد هذه النقاط دخلت السوق خطوة بخطوة. هذا الكلام كان قبل رمضان بشهرين.
    لما اقترب رمضان، نزلت في مدونتك ملخص كتاب المعادلة الفضلى لتحقيقي أعلى ربح، وكان من ضمنها تقديم كوب إضافي، ولذا بدأت أفكر في الكوب الثاني، لان الأوضاع والحمد لله كانت طيبة والأمور في تقدم، لذا فكرت في إضافة جديدة وتكون فعلياً جديدة لزيادة الحصة بالسوق. وجدت أن الشركة التي أوزع لها لديها نوع فاخر من التمر وهو رطب سكري. عرضت على الشركة فكرة التعامل في هذا التمر، وفي البداية رفضوا لأن هذا النوع من التمر يجب أن يحفظ شبه مجمد، وإلا خرب وتلف، ويحتاج مبردات / فريزرات.
    أخبرتهم أني أملك واحدة بالبيت وطلبت منهم أن نجرب، والحمد لله وافقوا في الشركة، وبدأت أعرضه وهو أغلى الأنواع، وبدأت إدخاله في أماكن محددة فقط حسب الشريحة نيش. في البداية، كان الناس يحسبوه مجرد تمر وأني ربما أضحك عليهم، لكن أول ما جربوه، أعجبهم. هل تصدق أنه رائج، ولله الحمد فهو يبيع أكثر من كل الأنواع الأخرى – رغم أنه الأغلى.
    وأخيرا  لم أنسى الدعاية والإعلان، بدأتها على سيارتي بوضع ملصق دعائي، ثم قمت بتصميم وطباعة منشور / بروشور بسيط، وطبقت قاعدة الإعلان التي تكلمت عنها: عنوان كبير يشد القارئ ليقرأ، ثم عنوان لتجبره على القراءة وهكذا، والحمد لله كان إعلانا ناجحا، ثم بدأت بالعينات المجانية لمن يشك، وخاصة في المحلات، والكل أكد على أن تمورنا طيبة جدا. ثم في العمل وزعت للبعض، ثم نشرت قصة التسويق بالمديح، وبدأت أعطي بعض الزميلات في العمل تمرا بسعر الجملة مقابل عمل دعاية أثناء جلوسهن في مجالس النساء بأن يتحدثن عن وجود منتج جديد ذي طعم فريد وهكذا.
    الآن – وبفضل الله – معظم المحلات يثقون في أيما ثقة، ولو بعت لهم أي منتج فهم مستعدون لتجربته، وأيضاً لو عرضت تمورا رخيصة بما يتناسب مع السوق، فبإذن الله أتوقع أن أنافس التجار الكبار ولله الحمد. قبل نزولي للسوق كنت قرأت بمدونتك عن الخطة التسويقية ببساطة، وكيفية البحث عن شريحة العملاء المحددة – من أين تشتري وما العامل المؤثر على قرارهم بالشراء، وبما أن منتجي سعره مرتفع عما في السوق، فوجدت أن الفئة المستهدفة هي متوسطي ومرتفعي الدخل.
    بفضل الله وجدت صديقا لي يعمل مدير توزيع لإحدى الشركات الكبرى، فطلبت منه قائمة بالمحلات الموجودة في السوق، والحمد لله قدم لي صديقي معلومات أكثر مما كنت أتمنى، وقمت بتحديد المحلات الكبيرة وخاصة السوبر ماركت، ومن ثم زرت كل محل منها، وبدأت بملاحظة شكل المحل هل يبيع منتجات غالية الثمن – أم أنها جميعها أصناف استهلاكية – وبعد ذلك بدأت بعرض منتجي عليهم، والحمد لله الأغلبية وافقت على عرضي عليهم، والبعض كان ردهم قاسيا وأعود خائبا، لأقرأ وقود الحياة وأعيد شحن بطارية الهمة من جديد، والحمد لله سارت الأمور على ما يرام، حتى أن الذين رفضوا عروضي بدأوا بالاتصال بي ويطلبون مني أن أعطيهم منتجاتي ليجربوها. وهنا حيث انتهى كلام أحمد.
    نسيت إخباركم أن أحمد موظف حكومي، وراتبه (مثلنا جميعا) بالكاد يكفيه. الصباح في دوام العمل، والعصرية متفرغ لعمله، وهو أحب التسويق بشكل رهيب، حتى أنه أخذ دبلوم مصغر لمدة ثلاثة أشهر، ويفكر جدياً في دراسة دبلوم سنتين أو حتى بكالوريوس تسويق لو سنحت له الفرصة. إذا لم تخني الذاكرة فأحمد من المدينة المنورة، يسكن أحمد مدينة عدن في اليمن السعيد، وهو كان من الكرم بحيث أرسل لي عدة أطباق من أفضل نوعية التمور التي يتعامل فيها، ولا أبالغ حين أقول أنها من أجمل التمور التي ذقتها.
    كنت أود اقتراح بعض الأفكار على أحمد، لكن وحتى تعم الفائدة، سأطرحها هنا، ولربما كان لك عزيزي القارئ أفكارا أفضل من تلك فلا تحرمنا من قرائتها ضمن تعليقك على هذه القصة الجميلة. بداية، أخذت طبق التمر ومررت به على زملائي في العمل لأقدم لهم تمرات يذوقونها، ولمست في عدد كبير منهم تناول تمرة واحدة، ثم العودة طلبا للمزيد، لكني حين قلت لهم أن هذا من تمور المدينة، لم يحركوا ساكنا، ولذا أرى أنه لو قام أحمد بوضع ملصق يحكي عن أنواع التمور المختلفة، ويوضح أهمية تمور المدينة ويحكي سبب شهرتها وحلاوة طعمها، فهذا سيعطي المشتري صورة واضحة عن القيمة التي سيحصل عليها نتيجة شراء هذه التمور بعينها.
    كذلك، عانيت بشدة من أجل فتح أول طبق بلاستيكي، ذلك أنه كان محكم الإغلاق، ولو بحث أحمد في الأمر حتى يتوصل إلى وسيلة تغليف محكمة تمنع تلف محتوى الطبق، لكنها في ذات الوقت طريقة سهلة الفتح عند الشراء، فهذه ستكون من العوامل الإيجابية التي قد تجعل ربة منزل تختار منتجه بدلا من غيره. أخيرا، كلي ثقة أن أحمد أهل العلم ويعرف أهمية امتلاك موقع على انترنت يتكلم عن الشركة وعن أصحابها وعن سياستها وهدفها وخططها، وطرق الاتصال بها، وأن مثل هذا الموقع سيساعده على الانتشار بشكل أفضل وزيادة مبيعاته.
    الطريف في الأمر أن هدية أحمد جعلت نفسي تفكر: متى ستصلني رسالة مماثلة من وكيل سيارات فاخرة أو مدير تسويق مشاريع عقارية سياحية؟!

    كلمات مفتاحية  :
    خيرات طبية رسالة المحلات رائج

    تعليقات الزوار ()