بتـــــاريخ : 12/27/2010 11:58:07 PM
الفــــــــئة
  • الرياضيـــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1383 0


    قصة الحلم الأوليمبي

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :
    قصة الحلم الاوليمبي نجاح الرياضة


    جاء ميلاد ويليام “بيلي” بـْين (William Porter “Billy” Payne) في أكتوبر 1947، في ولاية جورجيا الأمريكية، ودرس القانون وعمل في المحاماة، وكان جل خبرته بالرياضة حين لعب في فريق جامعته لكرة القدم الأمريكية. تحديدا في 8 فبراير من عام 1987 هبطت فكرة أوليمبية على بيلي. في هذا اليوم كان بيلي يجلس في الكنيسة التي يتبعها، يحتفل بتسليم مبنى ملحق للكنيسة والذي ساهم بنفسه في جمع الأموال لبنائه. عبر معارفه وأصدقائه، وعبر تحفيز بيلي، بلغت التبرعات مبلغ 2 مليون دولار.
    لكن تكاليف البناء فاقت مبلغ التبرعات، فما كان من بيلي سوى أن اعتمد على دائرة أصدقائه لمزيد من التبرعات، وهو ما حدث مرة أخرى. عندها أخبر بيلي زوجته مارثا: ألن يكون جميلا أن تجرب مدينتنا كلها الشعور الجميل الذي نشعر به الآن؟ ما رأيك في فكرة تجمع كل أهل المدينة معا للعمل على تنفيذها؟ أخذ بيلي يفكر في مشاريع وطنية، توحد الجميع ورائها لتنفيذها، وكان يريد فكرة كبيرة – كبيرة جدا، حتى هداه تفكيره ليجمع ما بين روح الود التي يتمتع بها الجنوب الأمريكي، مع روح الألعاب الأوليمبية والتي كانت تهدف لنشر السلام بين الناس.
    قبلها وتحديدا في عام 1984 استضافت الولايات المتحدة الأمريكية دورة الألعاب الأوليمبية في مدينة لوس آنجليس بولاية كاليفورنيا، ولذا كانت فكرة استضافة دورة أوليمبية جديدة في مدينة أمريكية وبهذه السرعة دربا من دروب المستحيل. فوق ذلك، كانت دورة 1988 محجوزة باسم العاصمة الكورية سيئول وكذلك دورة 1992 التي فازت بها برشلونة في أسبانيا، وكان المتاح دورة 1996 – السنة التي تواكب مرور 100 عام على الألعاب الأوليمبية، وكان التوجه العام اختيار العاصمة اليونانية أثينا، فهي المدينة التي ابتدعت الألعاب الأوليمبية في المقام الأول. كذلك، كانت مدينة تورنتو الكندية تنافس بقوة للفوز بهذا الشرف. أضف لذلك، لم يحدث منذ استئناف الألعاب الأوليمبية بعد توقفها خلال حقبة الحرب العالمية الثانية أن فازت مدينة تتقدم لأول مرة بطلب استضافة الألعاب الأوليمبية.
    باختصار شديد: كان الفكرة صعبة التحقيق، تواجه عقبات أرسخ من الجبال وأعلى منها.
    أما بيلي فقد استلزمه أن يصاب بأزمة قلبية في عام 1982 ليقرر أن يعمل من أجل جلب الخير للناس من حوله، ومن أجل هذا العالم. لم تواز لذة كسب المال أو إدارة الشركات لدى بيلي تلك اللذة التي كان يحصل عليها حين يساعد الناس من حوله، ولذا قرر أن ينفذ فكرته هذه، فهي ستجلب النفع الكبير لأهل أتلانتا، وكذلك الشعور بالفخر والزهو. بعدما اقتنع بالفكرة تماما، جاء وقت جمع فريق يشارك بيلي قناعته هذه، من أجل تحقيق هذا الحلم الأوليمبي.
    على أن زوجة بيلي طلبت منه أن يبدأ بصديق له، وكانت تهدف من وراء ذلك إلى أن يقنع هذا الصديقُ زوجها بالعدول عن فكرته المجنونة هذه، لكن الأمور سارت على غير ما أرادت لها، فهذا الصديق أصابه ما أصاب بيلي من اقتناع شديد، وبدآ معا يفكران في الخطوات اللازمة لتنفيذ هذه الفكرة. حين أصبح قوام فريق الحلم الأوليمبي أربعة أشخاص، قرر بيلي أن يلتزم بشكل أكبر، فقرر الاستقالة من وظيفته، ورهن قطعة أرض يملكها لدى البنك لعول نفسه وأهله، وقرر التفرغ التام لتنفيذ فكرته هذه.
    عبر صديق قديم، وصل بيلي إلى محافظ مدينة أتلانتا، وحين سمع معاونو المحافظ بفكرة بيلي، حاولوا الحيلولة بينه وبين لقاء المحافظ، لعدم اقتناعهم بالفكرة، لكن بيلي دخل مكتب المحافظ مع صديقه، وكان من الواضح أن المحافظ غير مقتنع بالمرة. في منتصف الحوار، قرر بيلي تذكير المحافظ بسجله السابق حين كان المحافظُ يعمل قبلها ضمن الأم المتحدة، ومن قبلها حين كان مناضلا من أجل الحقوق المدنية، ثم شرح له كيف أن النضال والكفاح من أجل استضافة الاوليمبياد لهو الشرف الكبير والفخر العريض، بغض النظر عما إذا وافقت اللجنة الأوليمبية على طلبهم هذا أم رفضته (عملا بمقولة شرف التجربة يكفيك). بعدها عاجل بيلي المحافظ بالضربة القاضية: أخبره أن هذه الفكرة لن تكلف المحافظة الدرهم أو الدينار، فخطته التمويلية تعتمد على المساهمات والتبرعات المالية وبيع حقوق الاستغلال التجارية.
    بعدها بشهور قليلة انضم المحافظ لفريق الحلم الأوليمبي، والذي كان قوامه وقتها تسعة أشخاص، واشتهروا باسم تسعة أتلانتا. لم تختلف الصحافة الأمريكية عن العربية، إذ هاجمت الفكرة ووصفتها بأبشع صفات الغباء والحمق، وجاء رد فعل شركات التسويق والدعاية والإعلان مشابها، إذ وصفوا الفكرة بأنها تأتي من أناس فقدوا عقولهم، حتى أن غرفة التجارة في المدينة عمدت للدبلوماسية، فهي وصفت الفكرة بالجميلة لما لها من نفع تجاري، لكنها لم تكن لتستثمر في فكرة احتمال حدوثها صفر في المئة.
    دعونا نتوقف هنا، ما هذا الذي يقوله هذا الشبايك، هل هناك مقاومة في الغرب للأفكار الجديدة؟ هل أمريكا بلد تحقق الأحلام يعيش فيها متشائمون ومشككون؟ إن أي فكرة يأتي بها أي شخص في أمريكا تتحقق على الفور ويصبح من أصحاب الملايين، لكن المشكلة هي أن الأفكار لا تأتي بسهولة، لا غير. حسنا، عودة إلى الجد، ما أن أعرض قصة نجاح ويكون صاحبها أمريكي أو غربي (وهذا سببه اهتمام هؤلاء الناس بتوثيق حياة وكفاح الناجحين – لا أكثر) ما أن أعرض القصة إلا وأجد تعليقات على شاكلة هؤلاء نجحوا بسبب المجتمع من حولهم فقط، حيث المجتمع هناك يشجع الجميع، وهو افتراض غير صحيح، كما نرى من هذه القصة. نكمل حديثنا.
    بدأ بيلي بأن حرص على ألا يضم إلى فريقه أي متشائم أو متشكك في إمكانية تحقق هذه الفكرة، وحرص على ألا يقترب من أي إنسان سلبي، فهو يقول: لم نكن بحاجة لمن يذكرنا كل حين باستحالة حدوث ما نريده، بل أردنا من يذكرنا بأن ما نريده قابل للتحقيق، وأن العوائق يمكن تخطيها عبر فعل كذا وكذا، والحلول الممكنة هي هذا وتلك. بعدها أصبح بيلي رئيس لجنة أتلانتا للألعاب الأوليمبية، وأخذ يجوب العالم لمقابلة أعضاء اللجنة الأوليمبية، ليشرح لهم فكرته، ويحكي لهم عن قدرات مدينته أتلانتا، حتى أنه كان يسافر أكثر من 20 يوما كل شهر ليحصل – كما يقول هو – على أصدقاء جدد يقتنعون بفكرته ويقدمون له المساندة والمؤازرة، واستمر على هذا المعدل القاتل من الجهد المستمر، حتى جاء يوم 18 سبتمبر من عام 1990 – موعد تحديد اسم المدينة التي ستحتضن دورة الألعاب الأوليمبية.
    تراودني هنا رغبة جامحة في أن أقول فاصل ونواصل، ولكن رغم كل التحديات والصعوبات، وكل الاحتمالات التي لم تصب في مصلحة فكرة الحلم الأوليمبي، اختارت اللجنة الأوليمبية مدينة أتلانتا… لتبدأ الاحتفالات في أمريكا كلها، وتبدأ الصحف تمدح وتتغزل في بيلي، وحين عاد بيلي، وجد المدينة كلها تحمل لافتات تقول: شكرا بيلي.
    لم تنتهِ القصة بل بدأت، إذ توجب على بيلي جمع قرابة مليار ونصف دولار من التبرعات لتحقيق كافة متطلبات إقامة دورة أوليمبية في مدينته، وهذه قصة أخرى يمكن لمن يريد أن يجوجل عنها ويقرأها، فأنا أردت من القصة ضرب المثل، فكل صاحب فكرة عظيمة سيجد مقاومة أعظم، فإذا جئت مثلا وقلت يا شباب، دعونا نفكر في المستقبل البعيد، إن ناسا تخطط لتضع أقمار اتصالات صناعية تدور حول القمر بحلول عام 2015، لتوفر حلول الاتصالات النقالة والجوالة والموبايل لكافة سطح القمر، فماذا لو فكرنا نحن أيضا في شركات يمكن إقامتها على سطح القمر؟ وما الذي يمكن لنا أن نصدره ونستورده من وإلى القمر؟الآن لو طلبت من كل متشائم أو ساخر أو سلبي دفع مبلغ قرش أو فلس، لانتهى اليوم وأنا من أصحاب الملايين.
    نعم، شاب تنظيم دورة أتلانتا العيوب التنظيمية، وهاجمت الصحافة العالمية بيلي لأنه لم يقدم الحلم الجميل الذي وعد به من حسن تنظيم وإدارة، ولكن – لقد حقق المستحيل، والمستحيل يتطلب تضافر جهود الرجال – المتفائلين الإيجابيين المستبشرين، وهؤلاء يحتاجون لمقالات مثل هذه لكي يعلنوا عن نفسهم، ويخرجوا من دائرة المعلقين الصامتين!
    الآن، وبعد قصة طويلة مثل هذه، لو طلبت منك أن تفكر في فكرة عملاقة، تجمع الوطن العربي كله على قلب رجل واحد، ماذا كنت لتقترح علي؟
     
    الآن 2، كم منكم يوافقني على أن التفكير في استغلال القمر تجاريا فكرة سديدة؟ ولماذا؟

    كلمات مفتاحية  :
    قصة الحلم الاوليمبي نجاح الرياضة

    تعليقات الزوار ()