بتـــــاريخ : 12/27/2010 11:55:51 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 653 0


    القناعة قبل الشهادة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :

     

    تعلمون جميعا أن غالبية ما أدونه هنا من مقالات ذات علاقة بالتجارة إنما هي تخاطب من يفكر في بدء نشاطه التجاري، أو من بدأه منذ قليل ويفكر في كيفية التوسع والانتشار، وبالتالي فلا أتوقع مثلا أن تأتي شركة بيبسي وترفع سعر بيع مشروباتها وفق تدوينتي لا تبع رخيصا، ذلك أنها شركة عملاقة، تخضع لآليات عمل خارج نطاق ما نتحدث عنه هنا. عندما تركب سيارتك وتدير مفتاحها، فما يحدث فعليا هو أنك تشغل محركا كهربائيا صغيرا، يقوم بمحاولة إدارة محرك البخاري الإحتراق الداخلي الكبير السريع، يسمونه الباديء / مارش / ستارتر. هذه المدونة مثلها مثل هذا المحرك الكهربي الصغير.
    بعد هذه المقدمة، أعود للتأكيد على أن ما ستقرئه في هذه المدونة يصلح فقط لقطاع الأعمال الناشئة والصغيرة وربما المتوسطة، خارج هذا النطاق يحتاج المقام إلى كلام جديد. بعدما أوضحت هذه النقطة، أشارككم بعضا مما قرأته في الكتاب الرائع كيف يفكر العملاء.
    أجريت تجربة عملية في عيادة أسنان، يعمل فيها لفيف من أطباء الأسنان. بدأت التجربة بأن عرضت على طاقم أطباء الأسنان العامل في العيادة نوعا جديدا من الدواء المخفف للألم. لضمان انسجام العينة، اختار الفريق المراقب لهذه التجربة مرضى يعانون أعراضا متشابهة. أخبر القائمون على التجربة نصف الأطباء في هذه العيادة أن هذا الدواء وهمي لا يقدم أو يؤخر، وهو كذلك فعلا، بينما بقي النصف الآخر على قناعتهم بأن هذا الدواء الجديد يخفف ألم الأسنان فعلا أثناء تنظيفها والتعامل معها.
    جاءت نتيجة البحث مستحقة للانتباه. اشتكى جميع المرضى الذين وقعوا تحت أيدي نصف فريق الأطباء الذين علموا بأن الدواء وهمي من عدم الراحة والألم، بينما جاءت نسبة الشكوى في الفريق الآخر وفق النسبة المعتادة عند استعمال مسكن آلام فعلي.
    قبل أن نسرع في الحكم، دعونا نأخذ الدراسة الثانية.
    قبلت مؤسسة كبيرة إجراء تجربة على فريق المبيعات لديها. ركز القائمون على التجربة على مراقبة أداء كل عضو في فريق المبيعات، ووجدوا أن هناك ارتباط واضح بين أرقام مبيعات كل عضو في الفريق، وبين مدى اقتناع هذا العضو بالشيء / المنتج الذي يبيعه. الاقتناع ليس مقصودا به أنه بائع مجتهد برمج عقله على أن مضطر للبيع وإلا خسر وظيفته. الاقتناع هنا مقصود به أنه جرب بنفسه ما يبيعه ووجده مفيدا يقدم خدمة جديرة بالشراء.
    خلصت التجربة الثانية إلى أن اقتناع فريق المبيعات بأهمية وفائدة وجدوى ووظيفة الشيء الذي يبيعه ينعكس في صورة مبيعات أعلى وأزيد وأكبر.
    قبل أن تبدأ في تحليل هاتين التجربتين، ما رأيك لو أخذت من الفقرة السابقة كلمة مبيعات ووضعت بدلا منها تسويق؟
    ما رأيك لو حذفت كلمة مبيعات وتسويق وتركت كلمة موظف في شركتك؟
    دعنا نبدأ التحليل. باختصار، يرى مؤلف الكتاب أن اقتناع شخص بشيء ما، ينعكس إيجابا على نفسية هذا الشخص، وعلى التصرفات اللا إرادية له، ويظهر كل ذلك في صورة نتائج إيجابية لم يقصدها أو يفكر فيها هذا الشخص.
    حين اقتنع أطباء الأسنان بأن الدواء الجديد مسكن للألم، ظهر ذلك على سلوكهم، وظهر أثر ذلك السلوك على المرضى. حين اقتنع فريق المبيعات بأن ما يبيعونه مفيد ويقدم النفع والخدمة، انعكس ذلك على سلوكهم اللا إرادي، وظهر أثر ذلك على العملاء.
    حين تبحث عن موظفين تضمهم إلى فريقك وإلى شركتك، لا تبحث أولا عن الشهادات العلمية من الجامعات المرموقة. قبل كل شيء، هل من يؤكد لك أنه الشخص المناسب كي توظفه، هل هذا المرشح مقتنع فعلا بما سيبيعه عندك؟ هل يستطيع أن يحكي لك عن فوائد جديدة واستخدامات فريدة لم تعرفها من قبل؟ هل تشعر في وجهه بجذوة الاقتناع بالمنتج / الخدمة – أم بالرغبة العارمة في الحصول على الوظيفة مهما كلف الأمر؟
    إجابة هذا السؤال ستخبرك لماذا تفشل الشركات العملاقة التي وظفت ملوك الأناقة وحاملي أعلى الشهادات من أعرق الجامعات. الاقتناع بما تبيعه شركتك يجب أن يأتي في المقام الأول، يليه الشهادات والخبرات، وليس العكس. قد تظنها نصيحة بسيطة، معروفة، ليست بجديدة، قرأتها من قبل… كل هذا لا يهم، ما يهم هو أن يعمل بها مؤسس الشركة الجديدة الناشئة. لا تضم إلى فريقك عضوا غير مقتنع بقوة وبشدة بما تبيعه أو تقدمه!
    قبل أن أختم، أود مشاركتكم بأمر أظنه على قدر كبير من الأهمية، فحين وضعت تدوينتي السابقة، كنت أنوي نشر تدوينتي هذه بعدها بيوم على الأكثر. ما حدث لي بعدها أمر عجيب، سلسلة متواصلة من المشاكل البسيطة، لكن كافية لتجبرني على ألا أجلس إلى حاسوبي لأكتب هذه التدوينة. هذه المشاكل اختفت اليوم كما ظهرت. هذا الأمر دفعني للنظر للأمر على أنه توجب على

    التدوينة السابقة أن تبقى أول تدوينة يراها الزائر لفترة من الزمن، كي يستفيد منها قارئ ما، وأرجو أن يكون قد فعل!

     

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()