بتـــــاريخ : 12/27/2010 7:20:44 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 884 0


    النجاح في المغرب – ج1

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :

    تتميز المغرب بطابعها الخاص في كل شيء، وبأن نجاح الأعمال التجارية الخاصة فيها تحتاج لجهد إضافي. فوق ذلك، تتميز المغرب بقارئ لمدونتي يتمتع بأسلوب سرد جميل، ولو قرر إطلاق مدونته لنافس هذا الذي يسمونه شبايك بدون جهد زائد منه. هذا القارئ كان من الكرم بحيث وافق على نشر قصة نجاحه عبر مدونته، وبأسلوب عربي جميل، ستشاركونني الإعجاب به بعد قليل. لأن قصته جزلة، ذات اهتمام بالتفاصيل، سأنشرها تباعا، كل يوم جزء، حتى النهاية، ولنا وقفة بعد نهايتها. أترك المايكروفون له الآن:
    محدثكم السملالي عندال، من مواليد سنة 1977 بمدينة العيون في جنوب المغرب. نشأت في عائلة فقيرة، أبي جندي لا يقرأ ولا يكتب، أما والدتي فهي أحسن حالا، إذ أنها درست في الكـُتاب.أنا الثالث في الترتيب، وأول الذكور. نزحت عائلتي إلى مدينة بوجدور سنة 1981، تلك المدينة الساحلية جنوب مدينة العيون، مدينة لا تتوفر فيها حينذاك ما يدعو إلى تسميتها مدينة… درست فيها كل المراحل الدراسية حتى الثانوية، كان الطابع العام لسيرتي الدراسية التفوق الذي كان سمة بارزة لعائلتنا، وكان توجهنا في الغالب علميا.

    ولجت إلى مركز تكوين المعلمين والمعلمات سنة 1996، وتخرجت منه مدرسا بالمدرسة الابتدائية بعد سنتين، ووجدت نفسي أتنقل حتى استقر بي المقام في مدينة طانطان ( شمال العيون، وتبعد 300 كيلومتر) منذ 10 سنوات، ولازلت بها. الوظيفة كانت في حينها قرارا صائبا وحكيما، لكنها انقلبت إلى مطب في نهاية الأمر… إنها مقتل الإبداع، ومقتل التوكل. لطالما قلت في نفسي: هؤلاء العمال والبناة أقوى منا توكلا على الله، يغدون بلا شيء واثقين من أن أرزاقهم تنتظرهم أن يقوموا بأسبابها، ويروحون وهي معهم، كالطير تغدو خماصا وتروح بطانا، غير أنها لا تبقى في أعشاشها.
    قل لي بربك، من هو هذا الموظف الذي يتحمل فكرة أن تتوقف أجرته شهرا واحدا، كيف أعيش ؟ كيف أسدد كراء (إيجار) المنزل وفواتير الماء والكهرباء ؟ وحفاظات الطفل الصغير. لو كنا نعيش بما لدينا لكنا من أغنى الناس، لكن المشكلة أن الوظيفة تدعوك إلى الإنفاق مما سيأتي في الشهور القادمة، والسنوات التالية بحجة أنها مضمونة… بل من الناس من ينفق سلفا ما سيأخذه بقية عمره، إن كان في عمره بقية…
    لقد وجدت نفسي غارقا في بحر من الديون، ليس بسبب البنوك بحمد الله، ولكن بسبب الكثير من المشاريع التي كانت تنتهي نهاية مؤسفة… تحملت تبعاتها لسنوات. منذ أن أصبحت موظفا فكرت في الكثير والكثير من المشاريع الجميلة… لكن نتائجها لم تكن كذلك. دعنى أسرد عليك بعض الأمثلة:
    في إحدى السنوات فكرت في مشروع مطعم، المطعم يعد حساء شعبيا معروفا عندنا نسمية “الحريرة” كان القرار سريعا، وصاحبني فيه أحد أصدقائي الذي نال نصيبه غير منقوص من الخسارة التي أتت سريعة وسرعان ما تكشفت لنا الأخطاء التالية فانسحبنا سريعا، أولا : المطعم من حيث المكان غير مناسب لأنه في حي تكثر به العائلات، ليس هناك مسافرون ولا عمال. ثانيا : من حيث الزمان، من المعروف عندنا أن الحريرة تكون رسميا في شهر رمضان، ونحن فتحنا مطعمنا في شهر شعبان. ثالثا: بسبب السرعة وافقنا على دفع كراء (إيجار) المطعم غاليا، فارتفع أسعار الكراء في ذلك الشارع بسببنا، لكنه كان صعودا وهميا، سرعان ما عاد إلى طبيعته بعد خروجنا. رابعا : لم تكن شروطنا مع المستخدم واضحة مما أثر على وضعنا، لا على وضعه هو.
    بعت الأحذية، العسل، بدأت تربية الأرانب والدجاج… وغير ذلك لكن النتيجة كانت كارثية… هل استسلمت؟ أبدا… طيلة 12 عاما كنت أواجه تهكما وسخرية من الكثيرين الذين يناقشونني… ولكنني كنت أنظر إليهم على أنهم أشخاص قاصرين في التفكير… وأخيرا فكرت في فكرة ظننت أنها طوق النجاة… وكانت أكبر كارثة بالنسبة لي… ولأول مرة في حياتي استسلم استسلاما نهائيا… وكانت فيها عبر كثيرة…
    وصلت إلى قناعة راسخة من أن لدي حسا قياديا، فخلال دراستي الثانوية حققت حلما كان في وقته كبيرا، وهو إصدار مجلة… كان شعورا رائعا أن ترى فكرة تخامرك لسنين وهي تخرج إلى النور… حين صدر العدد الأول منها ـ رغم الصعاب ـ ازداد عدد الزملاء الراغبين في الانخراط في ذلك العمل، وصرت “مشهووووووورا” في الثانوية… مراهق.. من أبسط الأمور التي يفكر فيها مراهق أن يصبح كذلك… وإن كان الأمر في حدود ضيقة. اخترنا للمجلة اسما غريبا، لكنه معروفا في لهجة سكان الجنوب عندنا “اللهجة الحَسَّانية”، سميناها مجلة ” آفـْـزو“… وهو نبات صحراوي، كناية عن الصبر وشدة التحمل…
    وحينما كنت في مركز تكوين المعلمين والمعلمات، كنت ولوعا بالشطرنج، ومن شدة ولعي به نظمت مباريات كثيرة بين طلاب المركز، وأخذت أعلم مبادئه لكثير من الطلاب… هذا الحس القيادي لو تم استثماره في نشاط مدر للدخل لكان أمرا حسنا، وفي ذلك الاتجاه سرت… كنت أحض الزملاء والأقارب على التعاون والتكتل لخلق شركة. كنت أقنعهم في البداية بسهولة، لكنني كنت أفشل في الاحتفاظ بهم والسير على الخط المرسوم.
    الأسباب عديدة: أهمها عدم التوازن المالي بالنسبة لي… وأيضا انعدام الخبرة والمعرفة في المجالات التي أقودهم إليها… وفي صيف 2008، تمكنت عمليا من التعاون مع زملاء لي لانجاز مشاريع مدرة للدخل، وكنت المسير… ويا لها من مهمة صعبة… الجرأة لم تنقصني يوما، ولا الخوف من الخسارة، ولذلك أقدمت… جمعنا المساهمات واتفقنا على أنها ستستمر لسنة كاملة، وبدأنا…
     
    فاصل ثم نواصل…

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()