بتـــــاريخ : 12/27/2010 7:17:04 PM
الفــــــــئة
  • التقـنيــــــــــة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1113 0


    ما بين التفاؤل والواقعية

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : شبابيك | المصدر : www.shabayek.com

    كلمات مفتاحية  :

    ذات يوم سألت صحفي انجليزي متخصص في السيارات بخصوص البرنامج التليفزيوني الأشهر: توب جير، والذي يقدمه الثلاثي جيريمي و ريتشارد و جيمس، حين وجدت العجوز المخضرم جيريمي ينزل بالنقد القبيح اللاذع على سيارة شهيرة، ذلك أن هذا البرنامج -عادة- لا يشتري كل سيارة حديثة يعد عنها تقريره، بل يعتمد على مصنعي هذه السيارات ليقدموها للبرنامج طواعية من أجل تجربتها. سؤالي كان كيف لشركة عريقة أن تعير أحدث طراز لها للبرنامج، فيخرج مقدم البرنامج بنقد أقل ما يقال عنه أنه بذيء، ثم تعود الشركة وتعيرهم المزيد والمزيد من السيارات.
    حسنا، واضح أن جيناتي العربية هي التي جعلتني أطرح هذا السؤال، فنحن معاشر العرب – بحكم ميراثنا الطويل – لا نقبل النقد بسهولة، لكن الذي عقد لساني من الدهشة هو رد الصحفي والذي جاء من واقع خبرته كالتالي: هل تظن أن النقد اللاذع هذا يضر بمبيعات مثل هذه السيارة؟ على العكس، إن الإحصائيات تشير إلى أن كل سيارة تنال نقدا لاذعا (=مبالغا فيه) على شاشة هذا البرنامج تحقق مبيعات كبيرة. إن الناس تحب جيريمي كمقدم، وتبغض آرائه، وتعمل على عكس ما يقوله، ما لم يوضح لهم سبب هجومه على أي سيارة ويثبته لهم.
    في عالم الصحافة، المقالة الناجحة هي التي تثير الجدل العلمي المقبول، المترجم في صورة تعليقات ورسائل كثيرة إلى المحرر، وكاتب مثل هذه المقالة يُعتبر من الناجحين. الجدل هنا ليس المقصود به الجدل حول المسلمات مثل بعض الكتبة الذين يطرحون أسئلة عقيمة مثل ومن قال أن الحجاب فريضة لا سنة، بل الجدل العلمي الإيجابي، مثل في حالة لو كنت أدعو شخصا ملحدا ينكر وجود الله، وكان غرضي من الكتابة هدايته لا الهجوم الشخصي عليه، لعنونت المقالة هل الله موجود؟ ثم أبدأ في عرض بعض الحقائق من الحياة والمُسَلم بها والمقبولة، مثل لو لم يكن هناك جهة تنظم هذا الكون، فما الذي يمنعني من قتل بقية الناس؟ سيرد من أخاطبه بأن هناك القانون، فأرد عليه وهل رأيت القانون؟ ولماذا وضعه واضعوه؟ وهكذا حتى أجعل القارئ نفسه يقر بضرورة وجود قوة آلهية تنظم هذا الكون وإلا فسد وخرب. هذا هو الجدل العلمي المنطقي الإيجابي البناء الذي أقصده.
    مقالتي السابقة كانت من هذه الشاكلة، أنا مررت بتجربة واقعية، عرضتها، وعرضت ما خرجت به من نتائج. أنا لم أقل أني أفضل ولا أعلم البشر، ولم أقل أن هذه هي النهاية المحتومة. مجرد تجربة قمت بها، سردتها، وذكرت ما توصلت إليه منها. أنا لم أرفض يوما اقتراحا وجيها أو تصحيحا أو تعديلا من القراء، على العكس، أجاهد دائما لكي أبقى متفتحتا ومتقبلا لآراء الناس. على الجهة الأخرى، أريد من القارئ أن يعود إلى التعليقات في المقالة السابقة ويتمتع بما فيها من معلومات قيمة وردود طيبة، ما يثري القارئ ويجعل لهذه المدونة قيمة، ويكفيني تعليقات كل من أخرجتهم من صمتهم من القراء.
    التفاؤل – من وجهة نظري – يبدأ من النظرة الكاملة الشاملة وغير المزينة للواقع الحالي. أن أتفهم المشكلة بكل جوانبها هو أول خطوة على طريق حلها وعلاجها. أنا أدعو قراء المدونة للتفاؤل، هذا صحيح، لكني لا أدعوهم لإغفال جوانب أساسية من أي مشكلة. التفاؤل هو أن ترى المشكلة بكل وضوح، ثم لا تستجيب لليأس أو الإحباط الذي يهبط عليك بسببها، بل تنظر بعين متفتحة وذهن متسع كيف يمكن معالجة هذا الأمر، وكيف يمكن تحقيق نجاحات صغيرة، ترتكز عليها لكي تحقق نجاحات أكبر وأكثر.
    البعض منكم وجد في قراراتي يأسا وهروبا، ولو كان الأمر كذلك لركزت كل وقتي على المدونة الانجليزية التي بدأت العمل عليها منذ فترة، وبدأت تعطي بشائر إيجابية. لو كان اليأس لما قررت فقط تأجيل طرح كتابي المقبل كاملا بالمجان، بل لقلت لن أطرحه أبدا. حين قلت سأقلل ما أكتبه عن التسويق، فذلك لأني لم أجد من يتحدث بصوت عال عما استفاده من كتاباتي، والصمت يتساوى عندي مع عدم الاستفادة، وبالتالي يوجب علي الانتقال إلى نقطة أخرى تفيد القارئ المتحدث لا الصامت. إذا نظر ناظر في عدد تعليقات مقالاتي، لوجد مقالات النجاح والتفاؤل ذات حظ أوفر، في حين أن مقالات التسويق قليلة الحظ من التفاعل. سكوت الصامتين يعني عندي عدم رضاهم عن الموضوع. (ما أريده من تعليقات ليس على شاكلة مشكور وما قصرت ويسلموووا!).
    غضبي كذلك من منتديات ومجموعات النقل له ما يبرره، ذكرته من قبل وأعيده، إذ نقلت مرة مجموعة أبو ليان مقالة كتبتها، وحدث أن صديق وقريب عزيز علي للغاية مشترك في هذه المجموعة وصلته رسالتها، فأرسل لي نسخة ويقول لي انظر ظهر لك منافس، قلت له بل هذه مقالتي وأنا كتبتها، فنظر لي بعين الشك. أنا لا أكثرت لمثل هذه السرقات، لكن أن تأتي من قريب وعزيز فهذا أمر صعب على النفس. المؤلم أن رسالة بريدية وصلتني من شخص يزعم أنه يتحدث باسم المجموعة يهاجمني فيها ويسألني لماذا ذكرت هذا الأمر على تويتر ولم أرسل لهم أولا ليتحروا الأمر. فجأة أصبحت ظالما لا مظلوما، لكن سؤالي لهذا الشخص ذهب بدون رد، حين قلت له: ماذا سيكون رد فعله إذا عاد إلى بيته فوجده مسروقا بالكامل، وحين طلب الشرطة جاءه السارق مغاضبا، كيف تشتكي ولم تتصل بإدارتنا لنعيد لك ما سرقناه! (المراد هنا هو أن من وقع في الخطأ أولا هو المطالب بالاعتذار، فالبيوت تؤتى من أبوابها).
    على الجانب:
    قام قارئ نبيل بشراء كتابين من كتبي من موقع لولو بالأمس، ولو فعل ذلك دون قراءة مقالتي السابقة فمن فضل الله، وإن كان فعل ذلك بسبب هذه المقالة، فأخشى أن أكون قد وقعت تحت طائلة القاعدة الفقهية: ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام، ولذا إن كان الأمر كذلك فأرجو من القارئ الاتصال بي لتعويضه عما لحق به، ولإبراء ذمتي أمام الله، فأنا لا أريد حمل ذنب مثل هذا.
    حكمة اليوم:
    ما لم تسأل فلن تحصل على شيء. مجرد سؤالك لا يعني أنك ستحصل على هذا الشيء. (اجتهد وأعمل العقل والتفكير حتى تنال ما تريده، لكن أبدا لا تلزم الصمت. أملئ الدنيا ضجيجا، مثلي!)
     
    (الصورة من بي بي سي)

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()