غلاف ملف الدراسات الإستراتيجية الصادرة عن معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب
وديع عواودة-حيفا
قللت دراسة إستراتيجية إسرائيلية من قوة ردع إسرائيل اليوم مقابل المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ورأت أنها مبالغ فيها مقترحة وسائل بديلة لتعزيزها.
الدراسة الصادرة عن معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بعنوان "هل تردع إسرائيل الإرهاب؟" تشير إلى أن 2009 كانت السنة الوحيدة التي لم تتعرض خلالها إسرائيل في العقد الأخير لعملية فلسطينية "انتحارية" واحدة.
وفي الناحية المنهجية توضح الدراسة أن إسرائيل رغم اعتبارها الصواريخ "القوسية الاتجاه" مشكلتها الحارقة مؤخرا, تعتمد بالأساس على قياس عدد العمليات التي تسميها الانتحارية الناجحة ومحاولات تنفيذها كمقياس للنشاط الفلسطيني المقاوم.
وتعتبر أن الانتقال التكتيكي من العمليات "الانتحارية" لإطلاق صواريخ يعكس ردعا تكتيكيا، بمعنى أن الفلسطينيين يعتمدون هذه الوسيلة لا غيرها بغية تحسين احتمالات نجاحها.
في المقابل لا تتوافق الدراسة مع رؤية مسؤولين عسكريين وسياسيين أبرزهم رئيس الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يدلين الذي يرى أن الردع الإسرائيلي يشكل تفسيرا رئيسيا لانعدام العمليات "الانتحارية" الناجحة وتراجع نشاط حماس وحزب الله في الآونة الأخيرة.
أربعة أسباب
وتشير الدراسة إلى أربعة أسباب أخرى -عدا الردع- في تفسير الهدوء الراهن، وتعتبرها أكثر منطقية وهي:
1- تمأسس حماس وحزب الله كحكومة في غزة وحزب مشارك بالسلطة في لبنان.
2- استغلال حركة المقاومة فترة الهدوء للتسلح.
3- تأثير السياسة الداخلية في لبنان ولدى الفلسطينيين قد صرف أنظارها عن الصراع مع إسرائيل.
4- الحاجة إلى الشرعية الدولية التي يضر بها النشاط "الإرهابي".
الوقاية
كما تشير الدراسة إلى دور عمليات الإعاقة والوقاية الإسرائيلية كبناء الجدار وتكثيف نشاط الاحتلال في الضفة الغربية وتعاون السلطة الفلسطينية بهذا المضمار.
وتطرح الدراسة تساؤلا عن إمكانية قياس الردع خاصة إذا تعلق بأحداث لم تقع, إذ ترى أن المعطيات المتوفرة غير مفصلة بما يكفي لاستنتاجات دقيقة عن العلاقة السببية بين كمية العمليات وجدوى الردع.
وبحسب الدراسة تظهر معطيات الشاباك -الذي يفسر تراجع النشاط الفلسطيني المقاوم ببناء الجدار- أن المنظمات الفلسطينية تواصل الضغط على الزناد، ففي عام 2009 أحبطت إسرائيل 36 محاولة تنفيذ عملية استشهادية مقابل 36 محاولة عام 2008، وهذا يفيد برأي الباحث بأن تقديرات إسرائيل حول قوة ردعها مبالغ بها.
وتنبه الدراسة إلى أن الردع يعتمد على خلق تهديد بالرد يستمد من تجارب سابقة ومن عقوبات اقتصادية وضغوط سياسية أيضا.
القوة المفرطة
وبنفس الوقت تحذر الدراسة من عدم جدوى الردع إذا تردت أحوال الطرف الآخر، وتشير إلى صعوبة ردع منظمات لا تملك ما تخسره.
وتلفت إلى أن استخدام القوة المفرطة -كما في حربي لبنان وغزة- لا يقود بالضرورة إلى ردع ثابت وذي مصداقية, حيث تعرضت إسرائيل للضرر نتيجة الإدانات الدولية القاسية بعد عملية "الرصاص المصبوب".
كما تتحدث عن أهمية المحفزات وتحسين حال الفلسطينيين على غرار ما تشهده الضفة الغربية اليوم، من أجل خفض شهية المقاومة على التحرك والحد من قدرتها على تجنيد الناشطين.
وتتوقع الدراسة أن تؤدي هذه المحفزات في المقابل إلى المساس بسياسات إسرائيل ضد حماس -ما عدا منع عمليات "إرهابية"- كالضغوط الاقتصادية والدبلوماسية عليها.
كما يمكن أن يصعّب تحسين الأحوال الفلسطينية على إسرائيل تنفيذ تهديدات الردع جراء ضغوط دبلوماسية خارجية عليها من قبل الدول المانحة خشية ضياع أموالها جراء استهدافها عسكريا.
وتشير إلى أن المحفزات المذكورة تستبطن مخاطر تفسيرها على أنها خنوع "للإرهاب".
وتخلص الدراسة إلى ترجيح فكرة المزج بين تقديم المحفزات للفلسطينيين وتهديدات الردع، وترى أن تحقيق هذه الغاية يمثل تحديا حقيقيا أمام صناع القرار في إسرائيل.
وتختتم بالقول إن قرار إسرائيل تخفيف الحصار على غزة بعد حادثة أسطول "الحرية" في مايو/أيار 2010 من شأنه أن يشكل معيارا أو قضية للدراسة والفحص, وهل أدى تخفيف الحصار على غزة فعلا إلى ردع إسرائيلي أقوى؟
المصدر: الجزيرة