السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
يعتبر رمضان فرصة كبيرة لتنمية الجانب الأخلاقي لدى الطفل من مساعدة الآخرين، والإحساس بالفقراء، والتخلي عن الكذب، والبعد عن الغضب، وقراءة القرآن، والتوجه للمساجد، وقبل هذا تعلم الصيام وفضيلته.
في البلاد العربية تتنوع العادات التي تهدف إلي تشجيع الأطفال علي الصيام, ومساعدتهم علي تحمل الجوع والعطش. وتنتشر فكرة تعويد الأطفال علي البدء بصيام جزء فقط من النهار ثم يزداد تدريجيا ليصل إلي النهار كله.
وتنتشر الفكرة في العديد من الدول العربية مع اختلاف في الطريقة والمسميات، ففي بلاد الشام يطلقون عليها "صوم العصفورة", أو "درجات المئذنة"، لأن الطفل يتعود علي الصيام تدريجيا كما لو كان يصعد المئذنة درجة درجة. فيبدأ الأطفال الذين في عمر خمس سنوات أو أكثر بالصيام إلي الظهر, وإذا وجد الأهل لدي الطفل المقدرة علي تحمل الجوع والعطش تتم زيادة فترة الصيام إلي العصر ومن ثم إلي المغرب، حسب ما ورد بصحيفة "الأهرام" المصرية.
وعندما يتمكن الطفل من صيام يوم كامل تقيم له العائلة ما يطلق عليه "فطورية" حيث يشتري له الأهل جميع الحلويات التي يحبها ويقدمونها له قبل الإفطار ويخبروه أنه سيتمكن من تناولها بعد المغرب, فتعطيه دفعة معنوية هائلة تمكنه من الصبر علي فترة قبل الإفطار الصعبة. وعند الإفطار يقيمون له احتفالا صغيرا.
أما في العراق فيسمون هذه الطريقة في الصوم غزالة سن المدرسة, والذين يرغبون في الصيام, حيث يقول لهم الأهل صوموا ولكن عند الظهر ستأتي الغزالة ومعها طعام لكم ولا بد أن تأكلوا, وإلا( ستزعل) منكم...!! والغزال حيوان لطيف ومحبوب من قبل الأطفال.
وفي تونس يتبعون مع الأطفال طريقة مختلفة قليلا. حيث يصوم الطفل في اليوم الأول إلي منتصف النهار, ثم في الثاني يصوم من منتصف النهار إلي المغرب و يقولون له هكذا اتخيط لك اليومان الناقصان ليصبحا يوما كاملا.
وفي المغرب يشجعون الأطفال علي الصوم بجعلهم يصومون يوم 26, ثم بعد الإفطار يرتدي الأطفال الزي المغربي التقليدي ويتزينون, ويذهبون مع أهلهم للنزهة, حيث تكون هناك احتفالات بليلة 27 في الأسواق الرئيسية بكل مدينة مع العديد من الفعاليات الخاصة بالأطفال, وفي الرباط يأخذون الأطفال ليلة 27 إلي صومعة حسان وهي مكان أثري معروف.
ويبدأ الأطفال في السودان الصيام في عمر متأخر نسبيا بسبب المشقة التي يجدها الصائم لحرارة الجو هناك, وعدم توافر وسائل التكييف بكثرة, فيبدأ الأطفال بصيام أجزاء من النهار في عمر سبع سنوات تقريبا, ليتمكنوا من صيام الشهر كاملا مع بلوغهم الثالثة عشرة.
ويفضل الأهل طريقة صيام جزء من النهار، لأنها تشجع الطفل علي الصدق فهو ليس مطالبا بصيام اليوم كاملا, وهكذا عندما يشعر بالتعب الشديد و خاصة العطش يستطيع أن ينهي صيامه و يشرب أمام الجميع, وذلك بدلا من أن يتظاهر بالصيام بينما هو يأكل و يشرب في الخفاء.
ويتبع الأهل مع الأطفال وسائل للتشجيع, منها شراء أدوات طعام خاصة بهم من إبريق وأكواب وصحون بأحجام صغيرة, ليتناولوا فيها طعام الإفطار ويفرحوا بها, فتكون عاملا محفزا لهم علي الصيام.
قد يتطلب تعويد الطفل على الصيام فترة زمنية طويلة بحيث تنجز المهمة خلال عدة سنوات وليس سنه واحدة، ويراعى عدم إجبار الطفل أو ضربه أو معاداته عند عدم مقدرته على إكمال الصيام أو ملاحظة تهاونه فيه ويجب أن تكون الدافعية والرغبة نابعة منه في ظل تشجيع من الوالدين والأخوان مع اختلاق الأعذار للطفل عند إفطاره قبل الموعد والثناء على الفترة التي قضاها بالصيام. ويقدم لك الخبراء العديد من النصائح حتى تصلين بطفلك إلى تعلم الصيام:
- تجنبي كل ما يقود إلى إفطار الطفل سراً.. أمنعي إدخال الحلويات والشوكولاته والمشروبات المغرية خلال النهار، أشعري الطفل أن الكثير من الأطفال لا يستطيعون إكمال الصيام إلى الليل.
- ابتعدي عن مقارنة الطفل بالأطفال الآخرين خاصة عند وجود بعض القصور في أدائه وحاولي إهمال ذلك التقصير والتركيز على جوانب القوة والجوانب الإيجابية لديه.
- يمكن للطفل أن يقضي جزءاً من النهار في النوم (إلى الظهر مثلاًّ) خاصة عند عدم وجود المدارس في الإجازات حيث يستيقظ الطفل للصلاة وقد مضى ما يزيد على نصف النهار مما يشجعه ويدفعه لإكمال الصيام.
- أوقفي ممارسة الطفل لكرة القدم أو الانشطة الرياضية المجهدة أثناء النهار ويمكن للطفل ممارسة السباحة والمشي والأنشطة الرياضية الخفيفة والذهنية وهو صائم وتأجيل الرياضة المستهلكة للطاقة إلى الليل.
- يجب إشغال الطفل وصرفه عن التفكير في الإفطار، يمكن إلحاقه بحلقة تحفيظ القرآن أو تشجيعه على الحفظ داخل المنزل، حاولي تكليفه ببعض الأعمال المنزلية البسيطة وشجعيه على متابعة البرامج التلفزيونية المفيدة ومتابعة برامج الأطفال حتى يحين موعد أذان المغرب، قد يتطلب الأمر بعض الاشرطة والألعاب الإلكترونية لقطع الوقت.
- يمنع صيام الطفل المريض بفقر الدم أو الهزال أو السكري أو أمراض الكلى وما شابهها، وعند التفكير في تكليف هذا الطفل بالصيام فيجب أن يكون ذلك تحت إشراف الطبيب.. إياكي أن تتهاوني في هذا الأمر ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
- يراعى أن تحتوي وجبة الطفل على كافة العناصر الغذائية المفيدة والمتوازنة بحيث تشمل المجموعات الغذائية الأربع، أحذري أن يصوم الطفل ثم يفطر على وجبة خاوية لا تلبي احتياجات الجسم من العناصر الغذائية، تأكدي أن لدى الطفل قائمته من الحلويات والتي جمعها أثناء النهار لتناولها عند الإفطار. يمكن للطفل تناول ذلك وعدم حرمانه ولكن بعد تناول الوجبة الرئيسية.