شبكة النبأ: في الوقت الذي أصبحت ظاهرة العوق منتشرة في المجتمع العراقي نتيجة ظروف الحرب والتلوث البيئي، سوء التغذية، فساد الأدوية، الولادات المشوهة.. أيضا تؤدي إلى إهمال المعاقين وتردي رعايتهم.. علينا أن نعرف إن الطفل المعوق له نفس الحاجات النفسية التي للطفل العادي، وهي أن يكون محبوبا، مرغوبا فيه. ويحتاج مساندة قوية، تشجيع من جميع أفراد الأسرة، الأمر الذي يساعده على التقدم السريع. لكن السؤال المهم هو عن كيفية توفير الرعاية النفسية للطفل المعوق خاصة المتخلف عقليا؟
يعتبر التخلف العقلي نقطة التقاء عدد كبير من الأنظمة والعلوم، فهو حالة معقدة تتطلب قدر كبير من الخدمات الطبية، الاجتماعية، التكنولوجية، التعليمية. هو مشكلة اجتماعية نفسية وعقلية. أطلق عليها المختصون مصطلحات عديدة منها(الضعف العقلي)، (النقص العقلي)، (التخلف الذهني)، (التخلف العقلي) mentel deficency .
ويعرف التخلف العقلي بأنه حالة نقص أو تأخر أو تخلف أو عدم اكتمال النمو العقلي، يولد بها الفرد أو تحدث في سن مبكرة نتيجة لعوامل وراثية، مرضية، بيئية تؤثر على الجهاز العصبي، تؤدي الى نقص الذكاء، تلاحظ قدرة الفرد دون المتوسط. ويقال في المثل الشعبي القريب من الحالة (الطول طول النخلة والعقل عقل الصخله) أي الجسم يستمر بالنمو بينما القدرة العقلية تتوقف.
تدور أسئلة وأسئلة في ذهن كل أم لديها طفلا معوقا، هي تريد الإجابة عما ستفعله تجاه هذه الحالة؟ قد يلاحظ أنه متأخر في بعض النواحي، بينما يبدو في بعض النواحي الأخرى متساويا مع الأطفال الآخرون. صحيح أن المعاق عقليا قد يحقق نموا مناسبا في الوقوف أو السير، لكنه عادة يكون بطيئا في تقدم مهاراته في الكلام أو العكس.. بصفة عامة قادرا على تأدية كل الأمور التي يؤديها الأطفال الآخرون العاديون الذين هم في نفس العمر. ليس من العدل أن نقارنه بالأطفال الأخر، يجب أن نتعلم كيف نجعله يصبح شخصية مستقلة.
إن الأطفال المصابين بالعوق العقلي يتفاوتون في النمو تماما كما يتفاوت الأطفال الطبيعيون، لكنهم دائما متخلفين عمن هم في مثل سنهم من الأطفال الآخرين.
إن دور الآباء، الأمهات، كذلك القائمين برعاية هؤلاء هو اكتشاف أين تكمن نواحي القوة عند الطفل؟
يتبع ذلك إعطاؤه التدريب السليم كي ننمي هذه القوة بدلا من أن نتركه في صراع أوالسير في طريق مسدود لا يكون قادرا عليه مع جماعة من الأطفال أكثر منه ذكاء، وإلا فإن ظاهرة عجزه ستكون أكثر خطورة مما هو عليه في الواقع.
من أهم الواجبات أن يعطى تجارب من أجل النجاح وليس من أجل الفشل، تجارب تمنحه الثقة في نفسه، في مقدرته على أداء الكثير من الأمور.
إن الطفل المعوق عقليا يحتاج الى الإحساس بالأمان، إنه ينتمي الى الآخرين، أن تكون له علاقات طيبة فيما أن تستوفي هذه الحاجات، يصبح الطفل ملما بالعالم المحيط به حتى تظهر في الطفل معرفته عمن يكون هو، بما هو قادر على أدائه.
أهم الحاجات الحيوية التي يحتاجها الطفل المعاق خاصة عقليا إضافة الى الطبية:
1ـ الحاجة الى الاستقلال:
يستطيع الطفل المعوق عقليا، القابل للتدريب أن يتعلم كيف يتصل بالآخرين، أن يساير الأسرة والمجتمع متمتعا بحقوق الملكية ومحترفا إياها، أن يكون غير معتمد على والديه في العناية بنفسه واتباع العادات الصحية، المحافظة على سلامة نفسه، أن يساعد في الأعمال المنزلية البسيطة.
2ـ الحاجة الى الإشراف:
يجب أن يدرك الآباء والمربون أن هذا الطفل لن يصل أبدا الى الاكتفاء الذاتي بحيث يتخذ قرارات هامة، أنه سيظل في حاجة الى الإشراف، الى قدر معين من الرعاية، الى المساندة المالية طوال الحياة.
3ـ الحاجة الى اللعب الحر:
لأنه يزود الطفل بوسيلة التعبير عن نفسه، يجب أن يراقب لعب الطفل المعوق عقليا بدقة للوصول الى معرفة مشكلاته الخاصة لإزالة التوتر عنه. كذلك إتاحة الفرصة للطفل بالتمتع بالنزهات في الحدائق العامة..لتساعده على أن يتعلم كيف يعيش المجتمع مع غيره من الناس من خلال مراقبته لكل ما يحيط به.
4ـ الحاجة الى الصحة الجيدة:
الطفل المعوق الذي يتمتع بصحة جيدة، الممتلئ حيوية ونشاط يستطيع أن يواجه المشكلات اليومية بسهولة، يستطيع أن يقاوم القلق، كما أنه سيتمكن من أداء الواجبات المطلوبة منه، فيشعر بقدرته، بثقته في نفسه، بالتالي يشعر بالطمأنينة، الاستقرار، الهدوء النفسي، فالصحة الجسمية عامل مهم في توفير الصحة النفسية، لنجعله يشتري حاجات بنفسه منها (الموطا) أو بعض اللعب.
5ـ الحاجة الى الجو الأسري المستقر:
الجو العائلي الهانئ الذي تسوده روح المحبة، التفاهم، التعاون بين جميع الأفراد يعطي الطفل شعورا بالأمن والثقة بالنفس، تحميه من القلق وتوقع الخطر.
العلاقة بين الوالدين تكون على وفاق، مبنية على الاحترام، التعاون على مشكلات الحياة حتى يتمكن من مساعدة ابنهما المعوق على النمو في جو هادئ بعيدا عن الصراعات الانفعالية التي تضيف عبئا انفعاليا ونفسيا على الطفل المعوق.
كما أن تدعيم الروابط الأسرية سوف يضيف قوة، قدرة للأسرة ككل على تحمل أعباء الطفل المعوق، لذلك ينبغي على الوالدين إتاحة الفرصة للاهتمام بالأطفال لأنهم يشعرون بحاجتهم الى ذلك، مع توفير الوقت للمرح معهم. ذلك لكي ينمو الشعور بالراحة والاطمئنان في نفوسهم، بذلك لا تظهر علامات الغيرة على الأخوة، فتزداد محبتهم للأخ المعوق، يحاولون مساعدته، يشاركونه في ألعابهم في حدود قدراته، هذا الأمر يزداد قوة بتشجيع من الوالدين على ذلك الأمر الذي يساعد الطفل على النمو النفسي، الاجتماعي، الجسمي بصورة سليمة.
6ـ الحاجة الى الاختلاط بالمجتمع:
إنه يساعد الطفل المعوق على النمو الاجتماعي السليم، التعاون يشعره أنه ينتمي الى مجموعة كبيرة تحميه، هذا يخلق جوا من الحب، المشاركة، عدم الغيرة بينه وبين الأطفال الآخرين. الناس كذلك يتعودون عليه، لا أن يسخروا منه، حيث يطلقون عليهم استخفافا(رعاية).
7ـ الحاجة الى حب الوالدين:
الحب للطفل المعوق كالحب للطفل العادي فهو الغذاء النفسي الذي تنمو عليه شخصيته. الحب الواعي المستنير الذي يقتضي إحاطة الطفل المعوق بجو من الدفء من الوالدين تجاه الطفل أي حنانهما واقبالهما بإعطائه من أنفسهما بسخاء. إن ذلك جدير بأن يملأ نفسه ثقة بهما، من ثمة ثقته بنفسه واطمئنانا الى العالم حوله..هو بأشد الحاجة الى هذه الثقة لكي يستمر في تقدمه في الحياة.
إذا تذوق المعوق هذا الحب المستنير الواعي من الوالدين مع فهم قدراته، حدوده، حاجاته، فإنه في ظل هذا الحب سينمو آمنا مطمئنا، بذلك يزداد شعوره بالثقة، تنمو معه الطمأنينة حتى يكبر ليكون إنسانا متزنا هادئا واثقا من نفسه.