بتـــــاريخ : 7/29/2010 3:01:04 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 687 0


    الـمــــشـهـد الــثالـث.

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : Jarjo | المصدر : www.olympic13.com

    كلمات مفتاحية  :
    الـمــــشـهـد الــثالـث هاملت مسرحيه
    الـمــــشـهـد الــثالـث.
    الاشخاص : جلجامش- أنكيدو- نانا- جنود - الكهل- جمهور من المدينة.‏
    الزمان : اليوم التالي للمشهد السابق .‏
    (الكهل ونانا يتكلمان مع أنكيدو ..... موسيقا... يدخل جنود... بعض الناس... ثم يتزايدون بعد دخول جلجامش) (ترقب).‏
    (يتقدم أنكيدو نحو جلجامش).‏
    أنكيدو : هل جئت للتحدى مرة أخرى أيها الملك...؟‏
    جلجامش : لا... (فترة صمت يتمشى خلالها جلجامش وكأنه أهين ثم يقرر) ما جئت لأتحداك يا أنكيدو... بل كي أعلن أنك أقوى الرجال... وأنك يا أنكيدو بطل فوق كل الأبطال... وها هو ساعدى أمده إليك ليعانق ساعدك ولنكن أصدقاء مدى الدهر.‏
    انكيدو : لا أنكر يا جلجامش أنك أشجع الشجعان وأنك أعظم المحاربين وشرف لي أن أكون صديقا لمن يحمل هذه الصفات... ولكن كيف أمد ساعدى إلى الساعد الذي يفتك بالرجال والنساء والأطفال... كيف أمد ساعدى إلى الساعد الذي يدمر أوروك... ويستعبد أهلها... وينتهك عرض عذاراها...‏
    جلجامش : جئت يا أنكيدو لنكون أصدقاء.. ولن يحول حائل دون هذا... فاطلب ولن أرد لك طلبا في هذا السبيل... اطلب ما شئت فاحققه لك في سبيل ان نكون أصدقاء ...‏
    أنكيدو : هل تتصور أني أطلب شيئا لنفسي... لا.. بل أطلب من أجل هذه المدينة التي روعتها... من أجل الرجال الذين شردتهم... أطلب من أجل الأطفال الذين لا يعرفون الابتسامة...‏
    جلجامش : أطلب يا أنكيدو ولنكن أصدقاء...‏
    أنكيدو : أطلب أن تقيم العدل في هذه المدينة...‏
    جلجامش : ليكن ذلك... ليكن ما تريد يا أنكيدو... وإذا شئت فأشرف بنفسك على تنفيذ ذلك... هل من شيء آخر يا أنكيدو...؟‏
    انكيدو : لا شيء...‏
    جلجامش : إذن ها هو ساعدي أمده إليك ثانية ....‏
    (يتقدم أنكيدو ويصافح جلجامش) إني في قمة سعادتي وأنا أصافحك وأقيم معك هذه الصداقة (يلتفت إلى الجنود والناس) دعونا وحدنا...‏
    (نانا تتلكأ)...‏
    انكيدو : أرجوك يا نانا... دعينا... (تدخل نانا إلى المنزل) (فترة من الصمت ثم) لم أكن أتصور أن صداقتي تهمك إلى هذه الدرجة... لذلك لا تلمني إذا كنت أشك في أن تكون هذه خدعة...‏
    جلجامش : لا تكمل أرجوك... لا تجرح صداقتنا في لحظاتها الأولى... نعم... نعم كانت الخديعة تملأ نفسي... ولكن عندما تذكرت صراعنا تذكرت طفولتي تذكرت ضجري المستمر لأني لم أجد ندا لي يستحق احترامي أو صديقا يكون كفوا لي أحمله أحلامي وطموحاتي. نعم كنت أنوى خداعك.... لكني تصورت ماذا يمكن أن نفعل لو إلتحمت قوانا وعندها قررت أن تكون صديقا لي لا ندا... يا أنكيدو لأنك قوى مثلي... وأنت الوحيد الذي يستطيع فهم طموحاتي... أنت الوحيد الذي يستطيع أن يفهم ما معنى أن تكون لدى الإنسان الرغبة في تحدي كل شيء...‏
    أنكيدو : أي شيء تريدني أن أفهمه يا جلجامش... هل نوحد قوانا كي نقهر اوروك أكثر ونستعبد شعبها أكثر... هل تريد أن تجرني في طريق جبروتك المرعب... بدل أن تعمر اوروك وتحمي شعبها.....‏
    جلجامش : لا يا أنكيدو... لا... لم أقصد هذا. لنعمر اوروك... لننشر العدل فيها ولكني يا أنكيدو أريد... أريد أن أكون... لا أعرف كيف أعبر... أريد أن أتحدى كل شيء... الموت... الحياة... الآلهة... كل شيء... كل الأسرار... أريد... اريد... اشياء كثيرة أريد... اريد... كل شيء... كل شيء... أنظر إلى قوتك يا أنكيدو. من بين البشر يستطيع قهرك.... أنظر إلى قوتي من من بين البشر يستطيع قهري.. أنا وأنت يا أنكيدو نستطيع إذا اتحدت قوانا أن نفعل كل شيء... ندخل غابة الأرز ونقتل حارسها الالهي خمبابا.... نستطيع قتل ثور السماء الإلهي... نستطيع الوصول إلى منابع المياه حيث سر الحياة والموت نستطيع... ؟‏
    أنكيدو : إنني معك يا جلجامش... معك لكن كل هذا مرهون بتنفيذ الاتفاق بيننا.... أن ننشرالعدل والسلام في اوروك... أن نعمرها من جديد....‏
    جلجامش : إذن اتفقنا... ولا يمكنك الان تصور مدى سعادتي لذلك. لنمض إلى القصر كي نحتفل بقيام صداقتنا بإتحاد قوتينا..هيا يا أنيكدو... هيا لنمضِ...‏
    أنكيدو : أعذرني لا أستطيع فلا بد أن أبقى اليوم مع أبي لأطمئن عليه...‏
    جلجامش : إذن أنتظرك غدا... أليس كذلك...؟‏
    أنكيدو : ليكن ذلك... سآتي...‏
    جلجامش : وداعا أيها الصديق...‏
    أنكيدو : وداعا يا جلجامش...‏
    (يودعه وينصرف... تدخل نانا فورا ويبدو أنها كانت تسمع) (بعد أن تنظر في عيني أنكيدو فترة من الزمن) إذن أصبح جلجامش صديقا...‏
    أنكيدو : هل سمعت حديثنا...؟‏
    نانا : نعم سمعت...‏
    أنكيدو : هل يجوز هذا يا نانا...؟‏
    نانا : هل هي جريمة أن أسمع..؟ هل تخجل مما سمعت يا أنكيدو.... إنه حقي وواجبي أن أسمع.. وان أرى حتى أعرف.. حتى أعرف إلى أين يقودنا الأقوياء.... إنني أرفض أن أكون شاة يجرها الرعاة إلى أي مرعى..... أو إلى أي مذبح...(تنظر في عينيه أثناء الكلمات الأخيرة بعمق)‏
    أنكيدو : (فترة صمت) نانا بماذا تفكرين...؟‏
    نانا : (بهدوء وهي تنظر في عينيه) أفكر بالطريقة التي سيفترسك بها هذا الصديق الوحش...‏
    أنكيدو : (يبتسم بثقة) لا تنسي أني ترعرعت في الغابة وأني أخبر الناس بالوحوش....‏
    نانا : لكنك لم تعش ولم تَخْبَرْ وحشا من هذا النوع... الوحوش التي عشت معها واضحة وصريحة... تكشر عن أنيابها فتعرف أنها ستهاجمك أو تتراجع فتعلم أنها خائفة منك... أما هذا الوحش...‏
    أنكيدو : لا تخافي سأكون حذرا معه إلى أبعد الحدود .‏
    نانا : ما معنى هذا ...؟ إذن لماذا قبلت بصداقته..؟ ما معنى أن تصادق أنسانا وأنت تخشى غدره وكيده...‏
    أنكيدو : لا أريد حربا لأجل الحرب...مادام أنه يقبل بأن ينشر العدل في المدينة فإني سأقبل بصداقته وسأسير معه حتى النهاية.... إني أشعر أنه يعاني من شيء ما... ويجب أن نساعده ....‏
    نانا : نعم إنه يعاني من مشكلة... مشكلته الكبرى أنه لا يعرف من هو... ومن أين أتى... إنه بلا جذور تشده إلى أي شيء ولكنك لا تستطيع أن تساعده لأنه لا يريد أن يعرف الحقيقة. إن أي شيء براق ومغر يشده أكثر إلى الحقيقة...‏
    أنكيدو : قد يكون هذا صحيحا ... ولكن لا بد من مساعدته...‏
    نانا : وهذه هي مشكلتك أنت... إنك دائما تريد ان تجرب ولكني واثقة أنك ستكون هذه المرة ضحية هذه التجربة... مشكلتك أنك لا تأخذ القرارات المناسبة في الأوقات المناسبة وعندما يتعلق الأمر بالمصير يجب ألا نجرب... يجب ألا نتردد وأن تكون قراراتنا حاسمة... أقتله.... أقتله.... وأقتل من حوله... قد يكون طيبا ويعاني من مشكلة في داخله.... لكنه لعبة في أيدي من يريدون الشر لاوروك....‏
    أنكيدو : إذن لماذا أقتله هو ...؟‏
    نانا : لأنك لن تستطيع الوصول إلى الأعداء الحقيقيين إلا بعد قتله....‏
    أنكيدو : لماذا... لماذا.....؟‏
    نانا : لأنه يحميهم... إنه بطبعه ميال إلى كذبهم أكثر من ميله إلى صدقك.... إنه مغرور... ويظن أنه الأوحد... وكذبهم براق لذلك يميل إليهم... أما صدقك فجاف يفقده تميزه... أقتله...‏
    أنكيدو : لن أفعل... بل أني غير قادر على ذلك حتى لو كان كل ما قلتِة صحيحا... لا طرق مسدودة في وجه من يريد الخير... إنه مريض.... وأفضل دواء لمرضه هو أن نحبه... الحب هو الذي يعيد للإنسان توازنه... إنه يطلب صداقتي لذلك سأمنحه إياها...مادام أنه يحقق السعادة لأوروك وهذا هو قراري الأخير....‏
    نانا : أيها المجنون... أيها المجنون... إنك تنصر الشر، إنك تسرق من الخير فرصته الذهبية... تسد الطريق في وجهه فإقتله أرجوك.... إنها فرصة نادرة....‏
    انكيدو : (بقوة) لن أفعل... لقد قلت لك قراري الأخير...‏
    نانا : (بقوة) لا أتعجب... فأنت لم تعانِ كما عانينا... هكذا كنا... كنا نتوقع الخير في كل مرة ولكننا اكتشفنا أننا يجب أن نحقق الخير بأيدينا نحن.. لا أتعجب فأنت أيضا لا تعرف...‏
    انكيدو : (بانفعال) كفاك توزيعا لمعرفتك يا ربة المعرفة.. جلجامش لا يعرف.. وأنا لا أعرف.... وأبوك لا يعرف... وأهل أوروك لا يعرفون ..فقط أنت يا ربة المعرفة تعرفين.... ولكن دعينا نر ماذا فعلت.... دعينا نر منك غير الكلام فقط تتكلمين... فقط تنتقدين.... دون أي عمل... فماذا بعد ذلك...؟ قولي... أم أنك لا تعرفين يا ربة المعرفة...؟‏
    نانا : ها هو جرح جديد... ولكن ممن... جرحني الناس... جرحتني المدينة... جرحني أبوك... ولكن أنت ...؟ أنت يا أنكيدو... كم أحببتك... كم أحبك..... ولكني غدا لن أبكيك... أحبك ولكني سأقتلع عيني من محجريهما قبل أن تسقط منهما دمعة واحدة من أجلك (تصرخ بجنون) أيتها المدينة المجنونة أيتها المدينة المجنونة.. إلى أين تذهبين أيتها المدينة المجنونة؟ لم تتركي زاوية من زوايا قلبي إلا وغرست بها خنجرا من خناجرك المسمومة... أيتها المدينة التي تعشق الجهل.... أيتها المدينة المفعمة بالرذيلة كم أحببتك... ولكني الآن اكشف عن خطئي الكبير. كنت أحلم أن تتغير طباع الناس فيك... وبذلت وقتي ودمي من أجل ذلك... ثم تسألينني ماذا فعلت.. ولكني اعترف أنني مخطئة (تصرخ أقوى) أيها الناس أعترف بأنني مخطئة... اعترف بأنني مخطئة لأني حلمت يوما أنكم يمكن أن تتجددوا. كان يجب أن أعرف أن القديم كلما مر عليه يوم آخر يزداد قدما... يزداد عفونة وقذارة أما الجديد فإنه ينمو ويكبر... ويرسم أحلاما جديدة فأين أطفالك أيتها المدينة؟ أين أطفالك؟ أيتها المدينة دعيني أسكن في قلوبهم النظيفة... (تبكي بقوة وجنون) .‏
    انكيدو : نانا... إهدأي ودعينا نتفاهم...‏
    نانا : إبتعد عني.. لا تفاهم بعد اليوم... فأنت كالآخرين لا تحمل إلا قيما قديمة عفنة مهترئة... وأنا منذ هذه اللحظة أرفض التعامل إلا مع الجديد.... مهما يكن هذا الجديد... فأين أطفالك أيتها المدينة... أيها الأطفال... أيها الأطفال خذوني معكم... خذوني... خذوني... ..(تخرج)....‏
    إظلام‏

    __________________


    نحن نصنع من أرواحنا خبزاً يأكله الجميع ؛ وبقايا الأيام نقتسمها معاً!!.

    كلمات مفتاحية  :
    الـمــــشـهـد الــثالـث هاملت مسرحيه

    تعليقات الزوار ()