بتـــــاريخ : 7/26/2010 6:34:38 PM
الفــــــــئة
  • الآداب والثقافة
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1274 0


    هل الثورة الإيرانية إسلامية أم مذهبية قومية ؟

    الناقل : SunSet | العمر :36 | الكاتب الأصلى : محمد أسعد بيوض التميمي | المصدر : www.altareekh.com

    كلمات مفتاحية  :

     
    عندما انتصرت الثورة الإيرانية في نهاية عقد السبعينيات من القرن المنصرم استبشر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها خيراً ، وظنوا أن فجر الإسلام قد بزغ من جديد ، وأن تحرير فلسطين أصبح قاب قوسين أو أدنى ، فالتفوا حولها يحفونها بعقولهم وأفئدتهم ومشاعرهم ، حيث إن هذه الثورة كانت ترفع شعارات هي ضمير كل مسلم :
     
    الأول : الإسلام.
    الثاني :عرفت نفسها بأنها ثورة المسلمين المستضعفين في الأرض ضد الشيطان الأكبر أمريكا . 
    الثالث : تحرير فلسطين من اليهود .
    حتى إن كثيراً من علماء السنة وقفوا إلى جانبها ، وبعضهم من السلفيين أصحاب العقيدة الصحيحة التي تتطابق مع القرآن والسنة ، أي مع عقيدة رسول ألله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ، ظانين بها خيراً ، ومنطلقين من عدة منطلقات وهي :
    أولا : أنها تعبرعن حالة جديدة ، بل ثورة في الفكر الشيعي ، حيث إن الشيعة حسب عقيدتهم " محرم عليهم الثورة على الواقع أو الاعتراض على الظلم حتى يأتي الإمام المنتظر المختفي في سرداب في سامراء في العراق ، وكان عمره يومئذ خمس سنوات وهو ( محمد بن حسن العسكري ) ليغير الواقع ، ويملأ الدنيا عدلا بعد أن ملئت جوراً وظلماً ، فمن منطلق هذه العقيده فإن القيام بالثورة على الظلم والجور هو اعتداء على وظيفة الإمام المنتظر صاحب الزمان كما يسمونه ، وعلى رسالته والحكمة من عودته كما يعتقدون " .
    ثانياً : وهذا المنطلق مبني على المنطلق الأول وهو العمل على توحيد المسلمين ، وتجاوز كل تداعيات الفتنة الكبرى التي حصلت في صدر الإسلام الأول بين سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وبين معاوية ، والتي كانت السبب في نشوء المذهب الشيعي ، والعمل على جمع السنة والشيعة على كلمة سواء ، وهي كلمة التوحيد الخالص لرب العالمين ".
     
    ثالثاً: أنه لا يجوز الحكم على هذه الثورة سلفاً قبل أن يتم اختبار مصداقيتها فيما تطرحه من شعارات .    
     
     
    من أجل ذلك عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية وقف معظم المسلمين مع إيران ضد العراق ، معتبرين أن إيران على حق والعراق على باطل ، وأن المستهدف هو الإسلام من خلال استهداف الثورة الإيرانية ، وخصوصاً أن حزب البعث الذي كان يحكم العراق آنذاك كان حزباً علمانياً يعادي الإسلام .     
     
    ولكن وللأسف سرعان ما تبين الكذب والخداع والتضليل ، وأن هذه الشعارات ما هي إلا ذرا للرماد في العيون للتغطية على الصبغة القومية الفارسية ، والمذهبية الصفوية لهذه الثورة ، والتي تبينت فيما بعد من خلال سياساتها الداخلية والخارجية وموقفها من كثير من الأحداث ، فهناك الكثير من الدلائل على هذه السياسات والمواقف التي سنتعرض لبعضها فيما يلي ؛ حتى يكون المسلمون على بينة من أمرهم ، فالذي يجري في العراق على أيدي الإيرانيين الصفويين ضد أهل السنة جد  خطير ، لا يجوز السكوت عليه ، وحتى لا تبقى ايران تستخدم بعض الجهات السنية للتغطية على هذه الجرائم ، ففضح مواقفها هو واجب شرعي ، وجزء من المعركة التي تستهدف عقيدة التوحيد ، فأهل السنة والجماعة في أرض الرافدين يعانون من احتلالين كلاهما أشد وطأة من الآخر (الاحتلال الأمريكي والاحتلال الشيعي الصفوي الإيراني ) .
     
    فأول هذه الدلائل موقف هذه الثورة من السنة الإيرانين حيث استضعفتهم فقمعتهم بقوة ، وحرمت عليهم الانضمام للجيش والحرس الثوري والأجهزة الأمنية ، والمناصب العليا في الدولة ، وحتى المناصب المتوسطة ، واغتالت علماءهم.
    فمنذ أن قامت هذه الثورة لم يعين وزير سني واحد في أية وزارة إيرانية ، حتى ولا سفير ، بل إنها قامت بهدم مسجد السنة الوحيد في العاصمة طهران ، ومن المعلوم بأن السنة يشكلون ما نسبته 40% من الشعب الإيراني ،  فإيران أصلاً كانت سنية حتى مطلع القرن التاسع عشر ، ولكن الصفويين قاموا بتشييعها بالقوة .
    ولأن المنتظري نائب الخميني وشريكه في الثورة كان لديه بعض التسامح مع أهل السنة ، وكان يدعو إلى نوع من التقارب معهم فقد اتهم بأنه متسنن (سني ) ، فحيكت مؤامرة  للاطاحة به بقيادة الخامنئي ، المرشد الحالي للثورة ، وكان حينها رئيساً للجمهورية ، وابن الخميني أحمد ، ورفسنجاني وكان رئيس للبرلمان يومذاك ، وبالفعل قام هذا الثالوث بتحريض الخميني عليه مما جعله يوجه له رساله شديدة اللهجة ، يوبخه بها ، متهماً إياه بالسذاجة والتأمرعلى الثورة ، واستغلاله من قبل أعدائها .
     
    واتهم صهره مهدي هاشمي أحد قادة الحرس الثوري بالتعاون مع(السافاك ) المخابرات الإيرانيه في عهد الشاه ضد الثورة ،  وتم إعدامه كرسالة قوية لمنتظري الذي قام الخميني بعزله من منصبه كنائب له ، وتنزيل مرتبته الدينية من آية الله إلى حجة إسلام ، ووضع تحت الإقامة الجبرية ، وهذا الثالوث الذي تآمر على منتظري أعضاؤه متعصبون قومياً ومذهبيا ًحتى النخاع ، فهم الذين سيطروا على الثورة الإيرانية بعد موت الخميني ، إلا أن ابن الخميني أحمد توفي بعد سنوات قليلة من موت أبيه بمرض غامض أصابه فجأة ، حيث دخل في غيبوبة بدون مقدمات ، والبعض يقول : إنه مات مسموماً .
    وبموت أحمد الخميني انتهت المرحلة الخمينية بالكامل للثورة الإيرانية لتبدا مرحلة الانتهازية السياسية والوصولية ، فسيطر عليها من تسلقوا عليها تسلقاً ، وخصوصا أن الصف الأول من قيادتها تم اغتيالهم في أول سنتين من عمرها ، وفي مقدمتهم( بهشتي) لذلك لم يكن هؤلاء على مستوى قيادة دولة بحجم إيران ، فكان همهم أن يستقروا في السلطة ، فتم ترفيع علي خامنئي خليفة الخميني من مرتبة حجة إسلام وهي مرتبة متدنية دينياً في المذهب الشيعي إلى مرتبة آية الله العظمى ، فكان هذا الترفيع ترفيعاً سياسياً وليس دينياً ؛ لأن المرشد الديني للثورة لا بد أن يكون بمرتبة أية الله ليتناسب مع ولاية الفقيه التي يقوم عليها نظام الحكم في إيران .
    ومن المواقف التي تدل على التعصب القومي لخامنئي ، والتي شهدتها بنفسي وأشهد الله عليها ، ففي عام 1990 وفي الذكرى الأولى لوفاة الخميني اجتمع والدي الشيخ أسعد بيوض التميمي بالخامنئي في طهران ، وكنت مرافقا له ، فطلب والدي رحمه الله من الخامنئي أن يكون الحديث بينهما باللغة العربية وبدون مترجم ، فهي لغة القرآن ، وكلاهما يتقنها ، وتكريما للغة القرآن ، فما كان من الخامنئي إلا أن انتفض وكأنه استفز، وأجاب بحدة أنا لا أتقن العربية ، وهو في الحقيقة يتقنها جيدا .
    وبفضل الله أن والدي ـ رحمه الله ـ افترق مع هذه الثورة فورا عندما اكتشف حقيقتها المذهبية القومية المتعصبة ، وبأنه كان على خطأ عندما ظن بها خيرا ، فكان من أشد أنصارها رغم أنه كان سلفي العقيدة ، فدار حيث يدور الإسلام ، وتم هذا الافتراق بعد جلسة شهدت نقاشا صريحاً وواضحا من قبل والدي مع بعض قيادة الثورة ، وكيف أن ظنه بهذه الثورة قد خاب ، وأن جميع المنطلقات التي انطلق منها في موقفه المؤيد لها قد ثبت فشلها وأنها وهم ، وأنه لن يموت إلا على عقيدته السلفية ،  وحب أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ وكنت شاهدا على هذه الجلسة.
    ومن الدلائل على تعصب هذه الثورة قومياً أن منطقة عربستان في الأهواز في جنوب غرب إيران سكانها معظمهم من أصول وجذورعربية محرم عليهم أن يسموا أبناءهم بأسماء عربية ، أو التحدث باللغة العربية ، فهم مضطهدون على جميع المستويات ، فمحرم عليهم المناصب العليا وغير العليا في الحكومة ، ويعاملون بمنتهى الشك والريبة مع إن غالبيتهم من الشيعة .
    ومما يؤكد على التعصب القومي لهذه الثورة ومن أول يوم رفضها وبعناد إطلاق اسم الخليج العربي على الخليج العربي ، وتمسكها باسم الخليج الفارسي حتى إنها رفضت أن تسميه بالخليج الإسلامي كحل وسط .
    وعندما انتهت الحرب العراقية الإيرانية عام 1988 والتي استمرت ثماني سنوات تبين أن هذه الثورة ما كانت تقاتل صدام حسين وحزب البعث من أجل الإسلام ، ومن أجل تحرير بيت المقدس ، وإنما كانت تهدف من وراء هذه الحرب إلى تحرير العراق من العرب السنة ، ونشر المذهب الشيعي الصفوي ، والأخذ بثأر القادسية الأولى ، والانتقام من أحفاد سعد وخالد وأبي بكر وعمر ، والدليل على ذلك أنه عندما قام صدام حسين بضم الكويت إلى العراق قامت إيران بطعن الجيش العراقي من الخلف أثناء هجوم القوات الصليبية عليه بقيادة أمريكا ، وزجت بعشرات الألوف من الحرس الثوري والمليشيات الشيعية من حزب الدعوة ، وما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في مدن جنوب العراق ، حيث قاموا بارتكاب المذابح ضد أهل السنة ، وقاموا بدفنهم أحياء وفي مقابر جماعية، ادعوا بعد احتلال العراق بأن الذي قام بها صدام حسين .
    ومن الدلائل أيضا على التعصب المذهبي ضد أهل السنة أنه عندما قامت حكومة طالبان السنية في أفغانستان وسيطرت على كابول في عام 1996 جن جنون الثورة الإيرانية ، فقامت بحشد الحشود على حدود أفغانستان ، وأخذت تهدد وتتوعد الطالبان بأنها ستجتاحهم وتقضي عليهم ، هكذا ودون أي سبب ، والذي جعلها تتراجع في حينها هو خوفها فقط من أن تغرق بمستنقع أفغانستان ، ولكن وما إن قررت الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل قوات تحالف صليبية لمهاجمة أفغانستان لإسقاط حكومة طالبان والقضاء عليها بعد أحداث 11/9/2001 كانت القوات الإيرانية في طليعة هذه القوات ، حيث التقى العداء المذهبي الصفوي لأهل السنة والجماعة مع العداء الصليبي .
    وبالفعل كانت القوات الإيرانية طليعة قوات التحالف الصليبية التي دخلت كابول فقامت بارتكاب المجازر بأهل السنة ، وخصوصاً بالمجاهدين العرب ، حيث قتلت إيران منهم الكثير ، وأخذت الكثير منهم أسرى ، ولا زالوا يقبعون في سجونها في ظروف أصعب وأشد وطأة من ظروف معتقل ( غوانتانامو ) ، ولقد صرح رفسنجاني وآخرون من القادة الإيرانيين وبمنتهى التبجح بأنه لولا إيران ما استطاعت أمريكا وقوات التحالف أن تحتل أفغانستان ، وتدخل كابول بهذه السهولة .
    وعندما قررت الولايات المتحدة الأمريكيه شن حرب صليبية جديدة على أمة الاسلام مبتدأة باحتلال العراق أرض الاسلام ، التقى مرة أخرى الحقد القومي الفارسي والمذهبي الصفوي مع الحقد الصليبي الغربي على أهل السنة والجماعة ، فقامت إيران بفتح أجواءها للطيران الأمريكي ، وبالإيعاز لجميع المليشيات الشيعية ، لما يسمى بالمعارضة العراقية ، والتي ترعاها إيران تسليحا وتدريبا وتمويلا بالقتال إلى جانب الأمريكان ، ومن المعروف أن هذه المليشيات تتكون معظمها من أصول فارسية ، وقياداتها ضباط في الحرس الثوري الإيراني ، والباسداران (قوات المتطوعين ).
    فقامت هذه المليشيات بنشر الخراب والدمار والهلاك في أنحاء العراق ، حتى إن هذه المليشيات تفوقت بجرائمها على التتار والمغول ، فأهلكت الزرع والضرع ، وأخذت ونهبت المصانع والمتاحف ، وسرقت السلاح العراقي ، ولطخت وجه عاصمة الرشيد والمأمون والمعتصم الذين يحقد عليهم الصفويون بالسواد ، حيث إنهم أحرقوا بغداد للمرة الثانية في التاريخ ، فالمرة الأولى كانت في القرن السادس عشر ، فها هم يدمرون مدن السنة كالفالوجة والرمادي وجميع مدن محافظة الأنبارالمجاهدة ، ويرتكبون فيها المجازر والمذابح .
    وكذلك يقومون وبمساندة فرق من المخابرات الإيرانية بعمليات اغتيال وتصفيات بين أبناء السنة في مدن الجنوب ، وخصوصا مدينة البصرة التي يشكل السنة ما نسبته 50% من عدد سكانها ، وذلك لإجبارهم على الرحيل ، وإحلال مكانهم ملايين الإيرانيين من أجل إقامة دولة شيعية صفوية في جنوب العراق ، كما يعلن الصفوي ( عبد العزيز الحكيم الطبطبائي ) وها هم أيضا يطاردون ضباط الجيش العراقي السابق والعلماء وأستاذة الجامعة من أهل السنة ويقتلونهم ، ويقتلون كل من يحمل اسم عمر.
     
    وأول من اعترف باحتلال أمريكا للعراق كانت إيران ، فوزير خارجيتها كان أول وزير خارجية في العالم ـ وحتى قبل وزير الخارجية الأمريكي ـ يذهب إلى بغداد ليبارك الاحتلال الأمريكي لعاصمة الرشيد ، عاصمة الإسلام لمدة سبعمائة عام    .
     
    وها هي المرجعيات الصفوية الغامضة ذات الوجوه التي عليها غبرة ، ترهقها قترة ، والسوداء كقطع الليل المظلم ، والتي تقبع في الزوايا المظلمة في النجف ، والتي تستغفل عقول الدهماء من الشيعة تفتي بشرعية احتلال العراق ، والتعامل السياسي معه ، وبعدم جواز مقاومته ، بل إن هذه المرجعيات اعتبرت أن الاحتلال الأمريكي للعراق قد صحح وضعا تاريخيا استمر 1400 عام ، أي منذ عهد أبي بكر وعمر ، أي أن العراق قد تحرر من أهل السنة.
    أما موقف إيران من قضايا المسلمين الأخرى فهي لم تقف يوماً إلى جانب المستضعفين من المسلمين ، حسب ما كانت تدعي بأنها ثورة المستضعفين في الارض ، فعندما كان المسلمون المستضعفون في البوسنة والهرسك يذبحون على أيدي الصرب الحاقدين كانت تقف موقف المتفرج الذي لايرى ولا يسمع ، وكأن الأمر لا يعنيها ، فلم تقدم أي دعم مادي أو معنوي لهم ، بل إنها قد أصدرت بعض التصريحات السياسية على خجل حول هذه المذابح ، ومن باب رفع العتب .
    وكذلك عندما كان المسلمون الشيشان يذبحون نساءً ورجالاً وأطفالاً وشيوخاً ، وتدمر بيوتهم على رؤوسهم ، وتنتهك أعراضهم على أيدي الروس الحاقدين كان الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني يعقد صفقات تجارية مع الروس بقيمة 20 مليار دولار ؛ مكافأة ودعماً لهم على ذبح أهل السنة في الشيشان ، ولم يتعرض لهذه المذابح ولو بكلمة عابرة ، بل والأنكى من كل ذلك أن وزير الخارجية الإيراني خرازي ذهب إلى روسيا في عام 1999 على رأس وفد مما يسمى بالمؤتمر الإسلامي الذي كانت إيران ترأسه في ذلك الوقت ، وصرح من موسكو بأن ما يجري في الشيشان هو شأن روسي داخلي ، ومن حق روسيا أن تحافظ على أمنها القومي ، وهو بذلك شجع روسيا ، وشد على يدها للاستمرار بذبح المسلمين من أهل السنة والجماعة من أحفاد أبي بكر وعمر وعثمان ، وباسم المؤتمر الإسلامي .
    وعندما اندلعت في بداية التسعينات الحرب بين الأرمن والمسلمين في أذربيجان فإن الإيرانيين قد دعموا الأرمن ضد المسلمين .
    أما بالنسبة لموقفهم من قضية فلسطين فهو موقف كله خداع وكذب وتضليل وتدجيل وإنكار للجميل ، فهم لم يقدموا للشعب الفلسطيني غير التصريحات السياسية الفارغة والمؤتمرات التي يعقدونها كل عام باسم دعم القضية الفلسطينية ، وماهي في الحقيقة إلا لذر الرماد في العيون ، فلم تقدم هذه المؤتمرات للشعب الفلسطيني غير السراب والكلام الفارغ والخطابات ، رغم إن الفلسطينيين من خلال حركة فتح قاموا بتقديم كل دعم ممكن للثورة الإيرانية قبل أن تنجح ، من دعم مالي ، ومن دعم عسكري ، وتدريب للحرس الثوري ، وتوفير الحماية لبعض قادة الثورة عندما كانوا مطاردين من قبل مخابرات الشاه ، إلا أن الإيرانيين تنكروا لحركة فتح ، ولياسرعرفات الذي وقف إلى جانبهم ، ومنعوه من دخول إيران ..
    وقد يقول البعض : إن ايران قد دفعت 50 مليون دولار لحكومة حماس ، والحقيقة أن هذا المبلغ تعهدت به إيران لرفع الحرج عنها أمام مطالبة قادة حركة حماس بدعمها ، وللآن لم يدفع هذا المبلغ ، بل إن الحكومة الإيرانية صرحت بعد ذلك بأن دفع هذا المبلغ يحتاج إلى موافقة مجلس الشورى الإيراني ، وللآن لم تأت هذه الموافقة ، ولن تأتي ؛ لأن دعم أهل السنة لديهم يعتبر كفر ومن الكبائر ، ولا يجوز شرعاً ، فهم لا يعترفون بقدسية القدس ، ولا المسجد الاقصى ، فهم يعتبرون أن المسجد الأقصى قد بناه الأمويون ، وأن القدس قد فتحها ألد أعدائهم عمر بن الخطاب ـ رضوان الله عليه ـ  وأن الذي حررها من الصليبيين صلاح الدين الأيوبي بعد أن سلمها الفاطميون الشيعة لهم ، فإنهم يعتبرونه مجرما ؛ لذلك فإن دعمهم للشعب الفلسطيني وقضيته المقدسة لا يتعدى الدعاية والإعلان ، وذرا للرماد في العيون .
    وقد يقول قائل بأن الإيرانيين يدعمون ما يسمى بحزب الله اللبناني ، فإننا نقول : إن (حزب الله ) ليس له علاقة بفلسطين وتحرير فلسطين ، فهو حزب شيعي طائفي خالص ، وصنعته إيران ليكون لها ذراعا قوية في لبنان ، وليحول الطائفة الشيعية من أضعف طائفة إلى أقوى طائفهة ، وذلك من خلال الصدام مع الكيان اليهودي للتغطية على الهدف الحقيقي ، وعندما كانت حركة أمل الشيعية ترتكب المذابح ضد المخيمات الفلسطينية في لبنان بين أعوام ( 1984 -1987 ) فيما عرف بحرب المخيمات كانت إيران تغض الطرف عن ذلك ، وكان حزب الله يقف موقف المتفرج الصامت  ، أي أنه كان موافقا على الذي يجري ؛ لأن السكوت علامة الرضا ..
    كما والأنكى من ذلك أن سفاح مجازر صبرا وشاتيلا ( المجرم ايلي حبيقه ) كان يترشح على قائمة حزب الله في الانتخابات البرلمانيه ، ولأكثر من دوره ، وموقف حزب الله من الاحتلال الأمريكي للعراق يوضح طبيعته المذهبية المتعصبة ،  حيث إنه لا يذكر المجاهدين العراقيين من أهل السنة في العراق بكلمة خير أوتأييد ، بل إنه يهاجمهم بشكل غير مباشر ، بحجة مهاجمة الإرهابيين ، حيث إن أمريكا تطلق على المجاهدين في العراق وصف الإرهابيين ، وهو أيضاً يحرم مقاتلة من يتعاونون مع الأمريكيين من الجيش والشرطة ،  فكيف إذاً كان يقتل من كانوا يتعاونون مع الكيان اليهودي من قوات لحد ، بالإضافة إلى ذلك فإن حزب الله كان يمارس المقاومة في جنوب لبنان بموجب تفاهمات نيسان الموقعة مع الكيان اليهودي وأمريكا والحكومة اللبنانية.
    إن حزب الله ما هو إلا جزء لايتجزأ من الجهاز الأمني الإيراني ، عمل بكل قوة بالتعاون مع بعض القوى الإقليميه لإضعاف أهل السنة في لبنان .
    ومن المواقف التي توضح التعصب القومي والمذهبي للثورة الإيرانية وقادتها عندما ذهب الرئيس الإيراني السابق رفسنجاني إلى المدينة المنورة قبل عدة سنوات فوقف في المسجد النبوي أمام قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ ليشتم أعز وأقرب أصحابه إليه أبي بكر وعمر ، فما كان من إمام المسجد النبوي إلا أن غضب فهاج وماج وطرد رفسنجاني من المسجد النبوي ، وكادت أن تحصل أزمة سياسية كبيرة بين السعودية وإيران بسبب هذه الجريمه التي يقف لها شعر رأس كل مسلم موحد لله رب العالمين .
    ومن الأمور التي توضح حقد هؤلاء الفرس المذهبيين الصفويين على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم أنه يوجد لديهم مقام في إيران ، قريب من (قم) لأبي لؤلؤة المجوسي الذي طعن عمر بن الخطاب غدرا بخنجره المنقوع بالحقد الفارسي على المسلمين ، وذلك انتقاماً لهزيمة الفرس في معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص ، خال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يزورونه ويحتفلون به كل عام .
    وهاهم الذين يدعون بأنهم ثورة إسلامية يمولون الكثير من الفضائيات المذهبية التي ظهرت كالنبت الشيطاني بعد الاحتلال الصليبي للعراق ، والتي تحرف كلام الله عن مواضعه ، وتاتي بعمائم سوداء تعلوا رؤوساً كأنها طلع الشياطين ، تحرف كلام الله على هواها ؛ ليتلائم مع مذهبهم الصفوي القائم على الشرك ،  والعياذ بالله " قاتلهم الله أنى يؤفكون " وهي تبث سمومها على مدار الساعة ضد أهل السنة والجماعة ، وضد الصحابة ، بداية من أبي بكر وعمر ، وضد أمهات المؤمنين ، ويتطاولون على تاريخ المسلمين ، وعلى القادة الفاتحين الذين نشروا الإسلام في الأرض بداية من سعد وخالد وأبوعبيدة وشرحبيل والمثنى ، ويلعنون جميع خلفاء بني أمية ، وبني العباس ، وبني عثمان (الخلافة العثمانية ) ويقومون باستحضار الفتنة الكبرى مختصرين تاريخ الإسلام بها ، وبجريمة مقتل الحسين  ـ سلام الله عليه ـ فلا حديث لهذه الفضائيات إلا عن هاتين الحادثتين حتى لا تنطفيء الفتنه ، وتبقى مشتعلة ..
     
    " تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون "(141 البقرة)  فلو كانوا صادقين حقاً بإسلامهم لاقتدوا بهذه الآية الكريمة ،  ولكنهم جعلوا من العراق مندبة وملطمة ، وملؤوها نواحاً وعويلاً بحجة حزنهم على الحسين ـ سلام الله عليه وعلى أهل البيت الذين يدعون أنهم يحبونهم ، والله إنهم لكاذبون ، فنحن أحباء أهل البيت ، ونحن الذين نحب الحسن والحسين وأبيهما وأمهما فاطمة الزهراء ـ  سلام الله عليهم أجمعين ـ أما الذين يجعلون منهم آلهة فما هم إلا مجرمين مشركين بالله رب العالمين ، وآل البيت منهم براء .
     
    فأول من تخلى عن الحسين هم من ادعوا أنهم من شيعته ، فكيف يكون من أهل التوحيد من يحقد على من حملوا راية التوحيد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن اصطفاه الله ليكون صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة المنورة التي قال الله عنه في كتابه العزيز : " إذ يقول لصاحبه لاتحزن إن الله معنا " فهل ممكن لمن كان يؤمن بالله ورسوله ، وما أنزل عليه أن يحقد أو يهاجم أو يكفر أو يكون ضد من كان الله معه ، ومن شرفه الله بأن يكون صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم " أم لهم كتاب فيه يدرسون " فهم يعترفون بأن لديهم كتابا غير القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم يسمونه قرآن ومصحف فاطمة ، وهو غير قرآننا ومصحفنا ، فيزعمون أن جبريل ـ عليه السلام ـ نزل به على فاطمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ليسليها ، ففاطمة ـ سلام الله عليها ـ حبيبة رسول الله وحبيبتنا بريئة مما يدعون .
    إن الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان فضح حقيقة هذه الثورة ، وحقيقة المذهب التي تعتنقه ، وبأنه دين غير دين الإسلام ، وإنما هو من صناعة عبد الله بن سبأ اليهودي ، ومن صناعة أحفاده من الفاطميين والصفويين ، فهذا الدين له طقوس ومناسك وعبادات ، وأماكن مقدسة غير التي ذكرت بالقرآن والسنة ، فالحج الأكبر في دينهم هو إلى كربلاء والنجف التي يسمونها بالأشرف ، أي أشرف من مكة والمدينه .
     
    أما الحج إلى مكة فهو الحج الأصغر ، وهم لا يعتبرون تاريخ الإسلام تاريخهم ، فتاريخ الإسلام عندهم هو فقط ما حصل في الفتنة الكبرى ، ومقتل الحسين ـ عليه السلام ـ الذي نحن أهل السنة والجماعة نعتبره هو وأخوه الحسن سيدي شباب أهل الجنة ، ولكنهما ليسا إلهين ، أومعصومين كما يعتبروهما هؤلاء في مذهبهم ودينهم ، حيث يطلبون من الحسين الغوث والنصر والرزق والعون ، فهذه الأمور من يطلبها من غير الله فقد أشرك ـ والله يغفر الذنوب جميعاً إلا أن يشرك به ـ  فهذا دين ومذهب قائم على الشرك ، فمحمد صلى الله عليه وسلم يقول له الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم : " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما الهكم إله واحد ، فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ".
     
    ويقول الله سبحانه وتعالى للرسول الكريم في آية أخرى " ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم "  قل لا أملك لنفسي ضراً ولانفعًا إلا ما شاء الله"( 49 يونس ) فكيف إذا بأحفاده الذين يستمدون شرفهم ومقامهم الرفيع عند المسلمين من شرف الانتساب اليه!! .
    فعلى أتباع المذهب الصفوي ومن يتبعهم من شيعة عبد الله بن سبأ أن يعلموا علم اليقين بأن العراق أرض الرافدين أرض الإسلام ، لم يحكمها منذ أن أصبحت موحدة لله رب العالمين في عهد أبي بكر وعمر إلا أهل السنة والجماعة من أهل التوحيد ، ولن يحكمها إلى يوم الدين إلا أهل السنة والجماعة الموحدين التوحيد الخالص لرب العالمين ، وأن الفرس الصفويين لن يحكموا العرق مرة أخرى مهما عاثوا في الأرض الفساد.
    فالحمد لله رب العالمين الذي بعث في أرض الرافدين ومن رحم أمة التوحيد من يرفع راية التوحيد ، ويجاهد في سبيل الله ؛ لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الكفار والذين أشركوا هي السفلى ، فوالله لولم يبعث الله هؤلاء المجاهدين الموحدين التوحيد الخالص لرب العالمين لعم الظلام ، وساد الشرك وأهله ، وانطفئ نور الإسلام ، ولكن الله تكفل بحفظ دينه ، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
    والحمد لله رب العالمين
    المصدر : موقع التاريخ

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()