بتـــــاريخ : 6/10/2010 8:32:45 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1088 0


    أردوجان.. وانتقاء لغة الخطاب

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : أميرة عبدالرحمن | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :
    اردوجان انتقاء لغة الحوار

    للدبلوماسيةِ تعريفاتٌ عدة، أحدها: فن التواصل بحلو الكلام لتحقيق أهدافك. وعلى مر التاريخ، اشتهر العرب ببراعتهم فى استخدام اللغة، شعراً ونثراً، فلماذا هم أفشل المفاوضين؟

    كثيرون هم من استلبوا قلوب الجماهير، وألهبوها بخطب نارية وكاريزما طاغية. من «ناصر» إلى «نصرالله»، ومن «نجاد» إلى «أردوجان»، وغيرهم ممن قد نتفق حولهم أو نختلف، حظى هؤلاء الرجال، على تباين ألوانهم، بملكة الحضور العالى بكلماتهم الرنانة المؤثرة.

    لكن لكل زمان رجاله. ومن واقع ما ينبض به الرأى العام هذه الأيام، يفرض أردوجان نفسه على الساحة الإقليمية للشرق الأوسط كـ«رجل المنطقة». ظهر ذلك فى حزمه مع شيمون بيريز بعد مجزرة غزة ٢٠٠٨، وتجلى بوضوح فى أزمة السفير التركى، التى انتهت بنجاحه فى انتزاع اعتذار إسرائيلى غير مسبوق.

    ومؤخرا، سحب أردوجان البساط من الزعماء العرب لتُسلط الأضواء على انتقاده اللاذع للحكومة الإسرائيلية، الذى سرعان ما ترجمه إلى إرسال طائرات طبية مجهزة لإسعاف المصابين، رافضا علاجهم بالمستشفيات الإسرائيلية، قبل أن تستجيب الأمم المتحدة لمطلبه الفورى بتشكيل لجنة تحقيق دولية فى الجريمة الإسرائيلية.

    سبق نجاد «الفارسى» أردوجان «العثمانلى» فى الاستحواذ على مشاعر الجماهير «العربية» لكن دون أن يحدث الأثر نفسه بين المواطنين، رغم أن كليهما سد فراغا هائلا خلفته القيادة الغائبة فى الشرق الأوسط، ليفرض النفوذان النجادى والأردوجانى نفسيهما على الساحة، كلٌ بحلفائه، وأدواته الاستراتيجية.

    ورغم أن كليهما يرفض ما تقبله دول عربية من خنوع للقوى الكبرى، يتباين لديهما مفهوم الدبلوماسية وفن الكلام.

    يتحدى نجاد إسرائيل أمام العالم بنبرة ساخرة وسبابة محذرة ووعيد بـ «إزالتها من الخريطة»، فتستشعر الجموع استعادة كرامتها الضائعة، فيصفقون له بحرارة تصمهم عن إدراك واقع لا يتغير منذ سنوات.

    وعلى تواضعه وبساطته، يميل نجاد إلى إشعال الحماسة الشعبية، على حساب تواصله الخطابى مع الغرب، فيسىء إلى قضيته بسوء اختياره لألفاظه. يحدث ذلك فى تطرقه للقضية الفلسطينية عندما يتوعد بـ «محو» إسرائيل، فيخدمها لتصوير نفسها كضحية يهددها برنامج إيران النووى. بالتالى، يفشل عمليا فى تسويق قضيته دوليا، رغم الحماسة التى تثيرها كلماته فى قلوب مؤيديه داخل وخارج إيران.

    على النقيض، يجيد أردوجان انتقاء كلماته ولغته، فخاطب إسرائيل بالتوراة والعبرية، مذكرا إياها بأن «القتل حرام – ألا تفهمون؟». ورغم جذور حزبه الإسلامية، لم يمسك عليه مسؤول إسرائيلى أو غربى تهمة العنصرية أو معاداة السامية، بل فرض الرجل على الجميع احترامه، بقوة منطقه وواقعية تناوله للأمور، فلم يتعارض إسلامه مع قبول دولة إسرائيل كأمر واقع فرضته هزيمة الجيوش العربية عام ١٩٤٨، كما لم يمنعه قبول دولتها على حدود ٤٨ من انتقاد مجازرها فى أراضى ٦٧.

    هكذا يدرك أردوجان، ضمن قليلين، أن الكرامة ليست عنادا لفظيا، وأن الدبلوماسية لم تكن أبدا خنوعا، إنما هما فن تحقيق الممكن، شرط انتقاء لغة الخطاب المناسبة.

    كلمات مفتاحية  :
    اردوجان انتقاء لغة الحوار

    تعليقات الزوار ()