سجلت أسعار الذهب مستويات قياسية أشعلت بريقه في الأسواق العالمية وبخاصة السوق المصري، حيث شهد الجرام الواحد من المعدن الأصفر ارتفاعا بلغ 30 جنيها خلال نحو الشهر، مما انعكس بالسلب على إقبال المستهلكين للقيام بعمليات شراء بصورة أدت إلى حدوث موجة من الركود، وهو ما خلق نوعا من الرواج على "الذهب الصيني" بوصفه يحتوى على نفس اللون ويتطابق في نفس الملمس والتصميمات المختلفة بالإضافة إلى الميزة الأفضل إلا وهي رخص ثمنه.
ومع اقتراب سعر جرام الذهب عيار 21 من مستوى الـ 200 جنيها مصريا تسبب في حدوث أزمات للشباب المقبل على الزواج خاصة وأن العادات والتقاليد الاجتماعية تحتم على الزوج أن يشتري لعروسه "شبكة ذهبية" بآلاف الجنيهات.
وحول تلك الأزمة قامت شبكة الأخبار العربية "محيط" باستطلاع أراء المسئولين وتجار الذهب حول تأثير تنامي ظهور ما يطلق عليه "الذهب الصيني" وعلى سوق المعدن الأصفر في مصر.
في البداية قال خالد مأمون عمارة ـ "صاحب محل مصوغات ذهبية" ـ إنه لا يعلم ما هي الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر جرام الذهب في الوقت الحالي إلى مستويات قياسية وحتى تلك اللحظة لا يعرف لماذا يرتفع السعر ثم يهبط ثم يرتفع مرة أخرى وهكذا حتى أصبح الموضوع لغزًا كبيرًا وللآسف كل تلك الأمور تجعل الزبائن يهربون من نار الأسعار ويقبلون على شراء الذهب الصيني الذي يباع بـ"تراب الفلوس.
وأكد أمير أشرف ـ "بائع ذهب" ـ أن تجار المصوغات الذهبية يواجهون أزمة حقيقة منذ عام ونصف وتحديدًا منذ الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم في أواخر عام 2008 حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير ما أدى إلى عزوف الناس عن الشراء وحدوث حالة من الركود في السوق على الرغم من أن الذهب لا يستخدم للزينة فقط بل يعد أيضًا مخزون اقتصادي للأسرة المصرية يمكن الاعتماد عليه كصمام آمان عند مواجهة الصعوبات المادية في المستقبل .
فيما أشار محب باسيلي ـ "صاحب محل ذهب" ـ إلى أن هناك علاقة عكسية بين الأسعار والمبيعات فكلما ارتفع سعر جرام الذهب قلت المبيعات وعندما يتعدى ثمن الجرام في الوقت الحالي 200 جنيه فإن المشكلة ليست في عدد الجرامات التي سيشتريها المستهلك وإنما تكمن في "هل سيُقبل المستهلك على الشراء من الأساس ؟! بالطبع لا.. وبالتالي يتسبب ذلك في خسائر جسيمة للعاملين في ذلك المجال الحيوي موضحًا أن أي "لعبة" على الساحة العالمية في مجالات السياسة أو الاقتصاد أو البترول تلقى بظلالها على بورصة الذهب.
ويرى أحمد المشد ـ "صاحب محل ذهب" ـ أن الركود لا يقتصر على سوق الذهب بعينه وإنما يمتد إلى كافة الأسواق الأخرى ومنها الأقمشة والملابس والأدوات المنزلية والكهربائية وغيرها مرجعًا ذلك إلى أسباب أخرى غير ارتفاع الأسعار ومنها أن شراء الذهب يقتصر في أغلب الأحيان على المناسبات الاجتماعية كالزفاف والخطوبة وهذا لا يحدث في موسم الامتحانات الذي يستمر على مدار شهري مايو ويونيو.
أما مينا محب ـ "بائع ذهب" ـ فقد فتح النار على محلات الذهب الصيني التي جذبت أعدادًا هائلة من المستهلكين وسحبت البساط من تحت أقدام المعدن الأصفر مؤكدًا أن ما يُطلق عليه اسم "الذهب الصيني" ليس ذهبًا في الأساس وإنما مجرد معدن غير معلوم المصدر إلى جانب استحالة بيعيه لتدني أسعار بصورة كبيرة كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصبح بديلا للذهب لأنها في المقام الأول عملية نفسية لدى المستهلك الذي يشعر بقيمة الذهب حتى لو كان قليلاً إلى جانب أن 90 % من الفتيات المقبلات على الزواج لا يقبلن شراء تلك المشغولات الصينية رخيصة الثمن وأشار إلى أن أي دولة تعانى من خلل اقتصادي تجعل مخزونها الاستراتيجي من الذهب ومع زيادة الطلب وقلة المعروض يرتفع سعره.
وأكد محمد المصري رئيس اتحاد الغرف التجارية أن السبب في ارتفاع سعر الذهب إلى أعلى مستويات له يعود إلى الأزمة التي تمر بها دول منطقة اليورو في الوقت الراهن جراء العجز المالي الضخم الذي أصاب اليونان بسبب الديون والخوف من مخاطر امتداد تلك الأزمة إلى عددًا من الدول الأوربية الأخرى وعلى رأسها البرتغال وإسبانيا وهو ما يشكل تهديدًا حقيقيا لمستقبل الاتحاد الأوروبي الذي يواجه شبح الانهيار كما تأثرت عملته الموحدة "اليورو" بكل هذا الأحداث لتتراجع قيمتها بصورة ملحوظة أمام الدولار لتسجل في الأيام السابقة أدنى مستوى لها أمام العملة الأمريكية منذ أربع سنوات حتى أن هناك توقعات تشير إلى أن اليورو سوف يتراجع إلى قيمته التي كان عليها عام 2002 وذلك في غضون 12 شهرًا فقط ليتساوى مع الدولار.
وأشار إلى أن التقارير التحليلية التي أوردتها عددًا من الصحف الاقتصادية وأكدت على أن الذهب سيواصل مؤشره الصعودي ولن يتراجع بشكل ملحوظ فيما بعد لا تعدو عن أنها مجرد تكهنات والدليل على ذلك أنه عندما هبط سعر برميل النفط دون مستوى 70 دولارا أدى ذلك إلى تراجع جميع البورصات العالمية والعربية للأوراق المالية وكذلك بورصات السلع حيث انخفض سعر الجرام من المعدن النفيس في يوم واحد بواقع ثلاث جنيهات لكل عيار.
وأوضح المصري أن إعلان الولايات المتحدة شراء أطنان كبيرة من الذهب الذي يعد سلعة رائجة وثيقة الارتباط بالدولار وعملة معترف بها دوليا ودائما ما يكون مؤشرها السعري في الاتجاه التصاعدي أدى إلى قلة المعروض في الأسواق من الذهب مما أسهم في زيادة أسعاره وذلك يؤدى إلى عدم الإقبال عليه من قبل المستهلكين الذي يفصلون أيضًا في الوقت نفسه عدم بيع مشغولاتهم انتظارا لارتفاع الأسعار إلى أقصى حد ومن ثم يضمنون أفضل استفادة مادية من بيع مصوغاتهم.
وأكد أعضاء مجلس إدارة الشعبة العامة للمصوغات والمجوهرات في الاتحاد العام للغرف التجارية أن السوق المحلي تأثر سلبا بشكل كبير بسبب تكدس الأسواق بالمنتجات الصينية والتي تعرف باسم "الدهب الصيني" موضحا أن الموجود في الأسواق ليس ذهبا بأي حال من الأحوال وإنما هو مجرد إكسسوار تحمل اسم "الدهب الصيني"، وطالبوا بعدم انخداع المستهلك لأن هناك دهب صيني حقيقي بالفعل ففي الصين الذهب لا يقل عن عيار 21 وهو ليس له علاقة بالموجود بالأسواق المصرية من مجرد إكسسوار.