بتـــــاريخ : 5/24/2010 4:41:57 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1077 0


    موازنة الصحة.. إذلال للفقراء واستهانة بالأطباء

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د. طارق الغزالى حرب | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :

    فى بدايات شهر مايو من كل عام تنشغل كواليس المجلس، الذى يلتصق اسمه بالشعب زوراً وبهتاناً، بحشد الأعضاء الذين يمثلون دور الأغلبية فى المسرحية الهزلية المسماة بالديمقراطية المصرية التى لها خصوصياتها وتقاليدها التى لا يعرفها العالم كله شرقه وغربه..

    ويقوم الرجل الصنديد محتكر الحديد باعتباره المخرج المنفذ للعمل المسرحى، وباعتباره أيضاً رئيساً لما يسمى فى المسرحية لجنة الخطة والموازنة، بتوزيع الأدوار بين مؤيد وآخر يظهر فى صورة معارض ولكنه يمتثل للالتزام الحزبى، وثالث يتولى مقاطعة المعارضين بالهتاف والتصفيق وغير ذلك من الأدوار حتى تنتهى الجلسة المسرحية برفع الأيادى بالموافقة على ميزانية العام القادم، كما أعدها سدنة النظام وحماة فساده، ويتوجهوا بعد ذلك بدم بارد لأكل ما لذ وطاب مما يدعوهم إليه المخرج الملياردير، وليتحمل الشعب البائس الفقير مصاريف دروس تعليم أبنائه تعليماً متخلفاً، وعلاج أفراده علاجاً متدنياً، من قوت يومه أضعاف ما خصصته حكومته لهذين البندين، من نقوده التى تحصل عليها الدولة سواء من نتاج عرق عملهم أو بقوانين الضرائب الجائرة عليهم.. وحجتهم الكاذبة الشريرة المخادعة التى تلوكها ألسنة أقطابهم «هانجيبلكوا منين؟!»..

    وهى حجة يمكن قبولها فى حالة واحدة وهى أن تكون ميزانيات جميع قطاعات الدولة مطروحة للنقاش بشفافية كاملة، وألا يكون هناك ما يسمى الميزانيات السرية التى لا تعرفها دولة واحدة محترمة، والتى تشمل فى مصر المحروسة مثلا- وياللعجب- ميزانية الهيئة القومية لاتحاد الإذاعة والتليفزيون الكاملة!! لقد أقر المجلس الموقر موازنة العام المالى القادم لقطاع الصحة بتخصيص ما يمثل ٤.٦% من إجمالى الإنفاق العام له، وهو ما يعادل ١.٤% من الناتج المحلى، فى الوقت الذى أوصى فيه إعلان قمة الألفية للأمم المتحدة بألا يقل الإنفاق على الصحة عن ١٥% من إجمالى الإنفاق الحكومى، تقديرا لأهمية صحة البشر وحقهم فى العلاج من الأمراض،

    وبذلك فإن ما تفعله حكومتنا غير الرشيدة هو تجاهل ما وقعت عليه سابقا، باعتبار أن صحة هذا الشعب، خاصة الفقراء منه، لا تمثل لهم هدفاً ولا هماً.. وهكذا ففى الوقت الذى استحكمت فيه أزمة علاج المواطنين الفقراء ومحدودى الدخل، وتزاحم المرضى على أبواب المستشفيات طلبا للعلاج من أمراض وإصابات، بعد أن أوصدت الأبواب أمامهم بسبب نظام فاسد للعلاج على نفقة الدولة، لا ذنب لهم فى اختراعه ولا فى تأخر الحكومة فى التنبه لمفاسده إلا بعد أن «خربت مالطة»..

    وفى الوقت الذى لا تتلقى فيه مستشفيات الدولة العون المادى المطلوب لأداء مهامها حتى فى أبسط صورها.. فقد كان من المتصور أن يتم فى الموازنة القادمة رصد مبالغ واقعية لتدعيم عمل المستشفيات لأداء خدمة العلاج المجانية للفقراء والمحتاجين، بتوفير أسرّة مجانية لهم بكل ما تحتاجه من خدمات تشخيصية وعلاجية وحد أدنى من الإقامة الإنسانية.. ولكن للأسف الشديد فإن شيئا من ذلك لم يتحقق، ورفع أعضاء الحزب إياه أياديهم بالموافقة على الموازنة كما هى!!

    وفى الوقت الذى ارتفعت فيه أصوات الأطباء، وبالأخص شبابهم، على مدى العامين الماضيين، بمطالب عادلة لتعديل رواتبهم وتحديد حد أدنى لأجورهم، حكمت المحكمة الإدارية العليا بأكثر منه كأقل أجر لعامل فى مصر.. وفى الوقت الذى تغلى فيه صدور غالبية الأطباء وهيئات التمريض بالغضب من حالهم الذى صارت فيه رواتب العديد منهم تقل عن رواتب عمال النظافة فى أماكن عملهم..

    وعلى الرغم من إيضاح كل الحقائق أمام هذا المجلس بواسطة نقيب الأطباء، الذى هو عضو بارز فى المجلس والحزب، فإن تغييرا حقيقيا لم يحدث، ووجدنا الأيدى ترتفع بالموافقة على الموازنة بعد ترقيع يحدث كل عام بإضافة بضعة ملايين من ضرائب السجائر لا قيمة لها، ويسمونها لـ«تحسين دخول الأطباء»، وبمنطق «زكى أفندى.. اديله حاجة»!!

    إن المطلوب واضح وصريح لا لبس فيه ولا غموض. فأولا وقبل كل شىء فإن الموازنة المخصصة للصحة يجب أن تتضاعف مرة واحدة على الأقل لتقترب من ١٠% من إجمالى الإنفاق العام، وذلك يتطلب إعادة توزيع الدخل القومى والكشف عن تفاصيل الميزانيات السرية، ليكون للتعليم والصحة الأولوية عن كل ما عداهما، فدولة بلا تعليم جيد ولا صحة لا أمن لها ولا أمان.

    وثانياً فإن تغييراً جذرياً يجب أن يطال ميزانية وزارة الصحة التى يلتهم معظمها أجور أجهزة إدارية بيروقراطية لا لزوم لها على حساب خدمات الرعاية الصحية الأولية ومستوى أداء الخدمات بالمستشفيات خاصة للفقراء ومحدودى الدخل.

    لا يختلف اثنان من أصحاب الرؤى والرأى على أن التعليم والبحث العلمى والصحة هى الأساس الذى تقوم عليه التنمية فى أى مجتمع، وهى عصب أمنه القومى .. ولا أعتقد أن كبار هذه الحكومة المعنيين بإعداد ميزانية هذه الدولة البائسة لا يعرفون ذلك، ولكن أحداً منهم لا يفتح الله عليه بكلمة عن ميزانيات الدولة السرية ومحظوراتها حفاظاً على مناصبهم، ويكتفون بتعبيرهم المستفز «هانجيبلكوا منين؟!».. فماذا يمكن أن يقول أمثالنا من المهمومين بمستقبل أبناء هذا الشعب لهؤلاء المسؤولين المتغافلين غير.. حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم أجمعين!!

    كلمات مفتاحية  :

    تعليقات الزوار ()