بتـــــاريخ : 5/8/2010 4:22:16 PM
الفــــــــئة
  • الأخبـــــــــــار
  • التعليقات المشاهدات التقييمات
    0 1538 0


    الفوضى قادمة

    الناقل : elmasry | العمر :42 | الكاتب الأصلى : د.طارق عباس | المصدر : www.almasry-alyoum.com

    كلمات مفتاحية  :
    مقالات اراء الفوضي قادمة خبر

    من المفترض ونحن على أبواب انتخابات تشريعية جديدة، أن يسعى الحزب الوطنى حكومة وقيادات ونواباً، لتصحيح صورته التى شوهها نواب النقوط والقروض والكيف والقمار والرصاص.. إلخ، ويحاول رفع المعاناة عن الناس، باتخاذ حزمة من الإجراءات والقرارات التى تعطيهم بصيص أمل فى إمكانية إحداث أى انفراجة وتحفزهم على مؤازرة الحزب ودعمه بأصواتهم يوم لا تنفع إلا صناديق الاقتراع.
    والسؤال الآن: كيف استعد الحزب الوطنى ورجاله لهذه المعركة الانتخابية؟ وما حزمة القرارات والإجراءات التى اتخذها للاستحواذ على أصوات الناخبين وتخفيف المعاناة عنهم؟ والإجابة يمكن استنباطها بسهولة من تجاهل الحزب لكل ما يعكر صفو الحياة، بل رعايته لأزمات كثيرة متتالية بغض الطرف عنها، كأزمة أنفلونزا الخنازير وأزمة بنزين ٨٠ وأزمة أنابيب البوتاجاز وأزمة السولار، وأخيراً وليس بآخر أزمة ارتفاعات الأسعار فى جميع السلع الأساسية وغير الأساسية، وليست اللحوم الحمراء فقط كما يحلو للبعض أن يسوق، فقد ارتفعت رسوم فواتير الغاز والمياه والكهرباء والتليفونات،
    كما ارتفعت أسعار مواد البناء والمواصلات والمواد التموينية، وترك مثل هذه الأزمات تفترس الناس، يفتح أبواب الشكوك على مصراعيها، فيما إذا كانت هناك نية حقيقية فى انتخابات نزيهة وليست مزورة كما اعتدنا، فإذا كانت الانتخابات المقبلة نزيهة، فلماذا يُضرب هكذا بمشاعر الناس عرض الحائط، وتواجه تظاهراتهم بمنتهى العنف والقسوة؟!
    ولماذا يتركون السوق بلا ضوابط ولمحتكرين مصاصى أرزاق ولأزمات ليست حقيقية، وإنما هى بفعل فاعل؟ أليست أصوات الناخبين هى الضمانة الوحيدة لاستمرار الحزب المبجل فى حكم المحروسة؟ أليس من المفترض أن يلتصق الحزب الوطنى ـ وهو الرأس - مع القاعدة - وهى الشعب - حتى لا يصبح فى مهب الريح؟ وإذا لم يكن الوصول لقبة البرلمان عن طريق الناخبين، فعلى أى شىء يراهن إذاً؟
    كل الدلائل تؤكد أنه لا توجد هناك مطلقاً أى نية لوجود انتخابات برلمانية نزيهة، وأن بعض طباخى وترزية ومخرجى التمثيليات السياسية داخل الحزب، يريدون الانتخابات القادمة صورة طبق الأصل من الانتخابات السابقة، يريدون أوراق اللعبة هذه المرة هى نفسها التى كانت مستعملة فى السابق، ويتصورون أن المقدمات هذه المرة قد تؤدى لنفس النتائج التى كانت مرجوة فى السابق، ومثل هذه الرؤى الساذجة الضيقة المحدودة هى ضد التاريخ وتعكس جهلاً عظيماً بدروسه،
    فما كان يمكن حدوثه بالأمس قد يكون مستحيلاً اليوم، والأفكار التى كانت تطبق بنجاح بالأمس، قد تصبح نوعاً من الجهل اليوم، فعجلة الزمن تمر دائماً بمحطات لكل منها طابعها الخاص وأفكارها ومناهجها الخاصة، وسر الأزمة التى نعيشها اليوم يكمن فى الفارق بين سرعة الزمن وسرعة التعاطى الفكرى معه، وهو ما أوجد الفجوة الكبيرة بين الشعارات والإنجازات، وبين ما نحن فيه وما كان يجب أن نكون فيه، وعندما يشعر المصريون بأن ما يقال يجافى الواقع وأن حصاد الإنجازات معاكس لطموحاتهم وتطلعاتهم، فطبيعى أن يتحول صبرهم على القهر والظلم والإحباطات إلى تمرد واحتجاجات واعتصامات ومظاهرات فى كل مكان: فى وسط القاهرة وأمام وزارة الزراعة بالدقى وبالقرب من نقابة الأطباء وعلى رصيف مجلسى الشعب والشورى وأمام رئاسة مجلس الوزراء...إلخ،
    وطبيعى أن يثور العمال والفلاحون والأطباء والصحفيون والمحامون، لذلك فتوهم الإتيان بمجالس تشريعية جاهزة أو مصنوعة قد يواجه هذه المرة بقوة وشراسة غير معتادة، لأن تكرار سيناريوهات الفشل سيقود للمزيد من الفشل، والتعمد فى خنق المصريين أمنياً سيؤدى حتماً للانفجار، والتعامل مع الحاضر بعقليات الماضى سيخلق تنافراً بين السلطة والأمة، أضف إلى ذلك أن عجز الحزب الوطنى عن إدارة البلاد وإهداره المستمر لثرواتها قلل من فرصه فى الاستمرار آمناً -إذا كانت لا تزال له فرص - وأشعر الناس بأن النظام كله يحتضر، وربما هو الآن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ولابد من الإجهاز عليه قبل فوات الأوان، تماماً مثلما تم الإجهاز على النظام الملكى قبل ٥٨ سنة، خاصة أن الظروف هى نفسها الظروف، والملابسات هى نفسها الملابسات، والنظام الملكى فى آخر أيامه رمى بكل أوراق اللعبة فى يد الإنجليز، خوفاً على العرش والنفوذ، واستقواءً على الأحزاب الوطنية التى كانت موجودة كحزب «الوفد» صاحب الفضل الأول فى إطلاق شرارة الكفاح الوطنى ضد الاحتلال فى قناة السويس،
    والنظام الحالى فتح باب التنازلات للأمريكيين كى يحظى بحمايتهم إذا انتهك حقوق الإنسان أو تجاوز الدستور أو سعى للتوريث أو فكر فى الهروب إذا خربت مالطا، النظام الملكى فى آخر أيامه بلغ من الفساد منتهاه، ومن الضعف والترهل غايته، ومن الولاء للاستعمار وتأييده ما فرض على الجماهير القيام بمظاهرات عاتية وأيقظ الأحزاب من سباتها العميق، وأجبر النظام الملكى على استخدام القوة والبطش فى قمع المظاهرات، وهو ما أظنه يحدث اليوم ضد كل الجماعات المعارضة للنظام، لكن الفارق الوحيد بين الحقبتين فى البشر،
    فالمصريون فى العصر الملكى كانوا محصنين بإرث محترم من القيم، وكراهية كل أشكال التبعية يعرفون عدوهم جيداً ومتحدين عليه، ومستعدين لخوض أى معارك ضد الظلم مهما كانت التضحيات، على عكس المصريين حالياً المغلوبين على أمرهم، الحائرين فى معرفة عدوهم، المشغولين بلقمة عيشهم عن كل ما ينتشلهم من وحل الجمود،
    والسؤال: إذا كانت المقدمات فى العصر الملكى قد أدت إلى ثورة، فهل ستؤدى المقدمات الموجودة حالياً إلى نفس النتيجة؟ أعتقد أنه إذا لم يتدارك النظام بسرعة خطورة الأوضاع القائمة ويسعى للتغيير والإصلاح، ويقبل بالديمقراطية منهجاً للحكم، ويلغى القوانين الاستثنائية، فليقرأ على نفسه وعلى استقرار مصر الفاتحة، لأن الانفجار غير المنظم، واختلاف الناس حول الوسيلة والهدف، سيغتالان الاستقرار، وسيجعلان الفوضى هى القادمة.

    كلمات مفتاحية  :
    مقالات اراء الفوضي قادمة خبر

    تعليقات الزوار ()