تحت حراسة أمنية مشددة، توافد حوالى ستة آلاف يهودى، بينهم ١٥٠٠ إسرائيلى، و٢ من مصر، إلى جزيرة «جربة» التونسية، لأداء مناسك حجهم بمعبد الغريبة. يأتى حج هذا العام تزامنا مع احتفال الكيان الصهيونى بالذكرى الـ٦٠ لتأسيسه، وأمام رفض وشجب الحزب الديمقراطى التقدمى التونسى زيارة إسرائيليين إلى معبد الغريبة، حيث طالب الحزب المعارض المعترف به، الحكومة التونسية بوقف تنظيم زيارات سنوية لمسؤولين وإعلاميين إسرائيليين إلى جربة التونسية، بدعوى تأدية الشعائر الدينية.
ويحج اليهود، وبينهم إسرائيليون، إلى المعبد يوم ١٤ نيسان قمرى من كل عام، وهو ما وافق هذا العام يوم الجمعة ٣٠ أبريل. وبشكل استثنائى، توقف الحج يوم السبت غرة مايو، ليس لأنه عيد الشغالين، ولكن لأنه السبت، اليوم الذى يتعطل فيه العمل وحتى الكلام بين اليهود.
ورغم ما تنعم به «جربة» من طبيعة خلابة جعلتها تنفرد بـ«فصل خامس» إضافى للشتاء والخريف والربيع والصيف، فإنه تعكر صفوها، كل عام، مراسم الحج السنوية التى تحولها إلى ثكنة عسكرية، لاسيما مع توافد إسرائيليين إليها إلى جانب اليهود القادمين من شتى بقاع العالم ومن تونس نفسها.
وتعود تسمية معبد «الغريبة» إلى كلمة الغربة أو الشتات اليهودى «دياسبوراه». وهناك رأى آخر أن التسمية أطلقها أهل «جربة» على معبد بدا لهم غريبا فى شكله وناسه. ويقول بيريز الطرابلسى، رئيس الجالية اليهودية بجزيرة «جربة»، رئيس معبد الغريبة منذ سنة ١٩٦٤، إن «أعداد الحجاج وصلت إلى حوالى ٦ آلاف، بينهم ١٥٠٠ يهودى من إسرائيل جاءوا عبر رحلات غير مباشرة، وكم كنا نتمنى أن تسمح السلطات التونسية بفتح جسر جوى مباشر بين جربة وتل أبيب ليتمكن آلاف الحجاج من زيارة الغريبة، إنهم يموتون شوقا لزيارة جربة، لكن كبر سنهم يمنعهم من الرحلات الشاقة، ولو توفر الطيران المباشر لوصل إليها ٢٠ ألف حاج، هذه السنة».
وكانت تونس قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل منذ عدة سنوات، ورغم المطالب الكثيرة التى تقدمت بها تل أبيب لإقامة علاقات دبلوماسية مع تونس فإن الحكومة التونسية لم تستجب.
وفى المعبد مغارة، يتبرك بها الزائرون. وعنها يقول حامل مفتاح الغريبة، خذير حنية: «على مدار السنوات الماضية استقبلت المغارة زوجات رؤساء وسفراء ومسؤولين كباراً وأناساً عاديين يهوداً ومسلمين، جميعهم زاروها، طامعين فى بركاتها ولم تخيب آمالهم قط».
حاجة يهودية قادمة من باريس تدعى سيلفى، جلست فى ركن المعبد تضرب قدميها وأساورها الذهبية الكثيرة تعزف لها إيقاعا وهى تنتحب «آه يا غريبة». بسؤالها ردت: «لو كانت فعلا المغارة مباركة فلتظهر لنا معجزاتها الآن. أصبحنا محاصرين فى أى بلد نزوره، نحن بحاجة للأمن. لقد حاصرونا ولم نعد حتى قادرين على الخروج لشراء الباقات (الخبز)».
هكذا جسدت سيلفى دون قصد حالة الشتات فى قلب معبد «دياسبوراه»، فى وقت تمضى فيه حكومة الكيان الصهيونى قدما فى احتفالاتها بـ«عيد الاستقلال»، غير عابئة بأحزان فلسطينيى ٤٨ الذين يحيون ذكرى النكبة، ملقية بظلال ممارستها العنصرية على يهود ومسيحيى ومسلمى العالم أجمع.