خلق الله الكون ثم خلق الإنسان ليعمره وخلق الخير والشر ليدور الصراع بينهما منذ بدء الخليقة وحتى نهاية العالم , ومن الطبيعي أن نجد في الأرض فساداً ومن الطبيعي كذلك أن نرى هناك قوى الخير تحارب هذا الفساد .
أما الشيء الغير طبيعي أن نجد كل من على الأرض تحولو فجأة إلى جنود ومحاربين ضد الفساد الذي تفشى في الأرض , فهذا يخالف المنطق لأنه لو الجميع يحارب الفساد فأين الفاسدين إذاً !؟
لم أرى هذا الشيء سوى في مصر , وهذا ليس تقليلاً من مكانة مصر الرفيعة بكل تأكيد فليس ذنب البلاد أن المعاني تغيرت وتحورت فوق أراضيها وأصبح للفساد أكثر من معنى واتجاه .
فعلى سبيل المثال في الإعلام المصري الرياضي نجد كل إعلامي يقود جبهة منفصلة تماماً ويأخذ موقعه ويجهز أسلحته من أجل مطاردة الفساد , على الرغم من أنه إعلام رياضي في منتهى البساطة وليس إعلام سياسي يتحدث عن دول ومنظمات عالمية بكل ما فيها حتى يكون همه الأول هو محاربة الفساد .
واحد يحارب الفساد الإداري في اتحاد الكرة في الوقت الذي يحارب فيه اتحاد الكرة الفساد الإعلامي ويمنع العاملون به من الظهور على الشاشات الرياضية لممارسة عملهم الإعلامي .. عادي !
وأخر يحارب الفساد الجماهيري في المدرجات في الوقت الذي تحارب فيه الجماهير الفساد الذي تبناه برنامجه وتهتف ضده في ملاعب كرة القدم .. عادي !
وغيرهم يحارب الفساد الإعلامي الأهلاوي والذي يتحيز للفريق الأحمر ضد الأبيض , وفي نفس البلد وفي آن واحد يحارب فيه أخرون الفساد الإعلامي الزملكاوي المتحيز مع الأبيض ضد الأحمر .. عادي !
مرتضى منصور يحارب فساد شوبير , وشوبير يحارب فساد مرتضى منصور في ملعب الجمهورية أمام 80 مليون متفرج وعلى الهواء مباشرة في مناظرات متعددة .. عادي !
وأخر يحارب الفساد التحكيمي الذي أفسد الدوري المصري بسبب انتماءاته وتحيزاته للألوان , والحكام يحاربون الفساد الإعلامي بسبب ألفاظه الخادشة أحياناً .. عادي !
بعض الإعلاميين أطلقوا على أنفسهم لقب محاربو الفساد ونصبوا أنفسهم كأبطال لأنهم يحاربون الفساد , في الوقت الذي يتهمهم فيه الأخرون بأنهم فاسدون ويعملون من أجل الفرقعة "الشو" الإعلامي والمصالح الشخصية .. عادي !
فجأة وبدون أي مقدمات أصبح كل من في الإعلام الرياضي المصري يحارب الفساد , لا يوجد إعلامي فاسد في مصر , لا يوجد شخص يعترف بخطأه في الإعلام الرياضي في مصر , كلهم يحاربون الفساد فقط .
تغييرت المعاني وصار الجدال هو اللغة الرسمية للإعلام الرياضي , وغاب الإعلام عن تأدية رسالته وتفرغ لمحاربة الفساد , الفساد الذي يبدو أنه لا أحد يعرف معناه في مصر .. عادي !